وجه من وجوه الإيمان في محلة العتبان
أما محيطه الاجتماعي فقد كان يعج بعلامات الهدوء والسكينة والصفاء, حيث كانت محلة العتبان قد حضيت بكوكبة من رجالات العلم والصلاح منذ أيامها الأولى, وكم كان لسماحة العلامة الحجة السيد محمد الناصر الكبير والد العلامة السيد علي الناصر من آثر مباشر في رسم معالم هذا الحي من حيث المحبة والالتزام حتى قيل " إذا أردت الأمن والإيمان فعندك فريج العتبان", ومما لا شك فيه أن صلاح العالم يشكل قاعدة صلبة للبناء الشامخ المتعدد الأدوار .
شق الملا علي المهيني طريقه في الحياة وسط أجواء مادية قاسية حيث النفط لما يُستخرج فما من شئ سوى حياة قوامها الفلاحة والبناء وبعض الحرف المصاحبة, أخذ شطراً من معارفه في القراءة التقليدية على أيدي الكتاتيب ثم استكمل آليات معارفه التي على أساس منها استفاد في رسم معالم منبره الحسيني الذي عُرف بالهدوء والموعظة والتاريخ.
ولما كان يتمتع به من روح خلاقة ونفسية صافية طُبعت بموروث إيماني وتاريخي واجتماعي تحركت في داخله شاعرية طيبة أسهمت في فتح الباب أمامه كي يكون أحد فرسان الساحة الأدبية في المنطقة حينها, حيث كان العلامة الحجة الشيخ صالح الخليفة يرفد المشهد ويرصده من روحه المقدسة وثروته المباركة وأدبه الرفيع, وقد كان الملا علي أحد رواد مجلسه الأدبي الذي كان يضم جميع أبناء الأحساء الأدباء من الشيعة والسنة, حيث كانت تقام المساجلات والمسابقات وتُعطى الإجازات والجوائز.
وساقت الأقدار الأيام كي تتيح له فرصة دخول عالم الأضواء الأدبية من خلال مثوله بين يدي الملك سعود ملك البلاد في وقته أثناء زيارته للأحساء, وقد كان لها صدى وسمعة طيبة في الوسطين الرسمي والجماهيري, كان بين أبناء مجتمعه كالشمس في رابعة النهار فما تكاد تُذكر هذه المفرة " المهيني" إلا فرض وجوده والعكس صحيح, وما كان يحصل مثل ذلك لولا ما قدمه من عطاء فرض وجوده من خلاله, أدباً وخطابة ً وأخلاقاً.
وإذا كان الشاعر في الأغلب يختص بلون من ألوان الآدب فإن الملا علي استطاع أن يحلق في لونين من أهم ألوانه: الشعر العربي الفصيح وبين يديك هذه القصيدة العامرة بروح الشاعر الأحسائي والتي نظمها بمناسبة قدوم سماحة آية الله العظمى المقدس السيد ناصر السلمان إلى الأحساء.
بدا النور من وجه الحبيب إلى هجر
فأشـرقـت الآفـــاق بـاسـمـة الـثـغـر وأعلنت الأمـلاك فـي أفـق السمـاء إلى الواحد القهـار بالحمـد والشكـر وســـرت جـمـيـع المؤمـنـيـن بـأنــه أتـاهــا ولـــي خــصــه الله بـالـفـخـر حــبــاه إلـــــه الـعـالـمـيـن بـتـحـفــة تضمنت الأحكام من غامـض السـر وتـوجـه تــاج مــن الـعــز والإبـــاء وشـرفــه فـهــو الـمـؤيــد بـالـنـصـر لـه تلعـات المـجـد شامـخـة الــذرى على الناس طرا فهو كالكوكب الدر أقـــول لـــه والـقـلـب مـنــي مـتـيــم وإني من الأشواق منشـرح الصـدر تـبـاركـت يـامــولاي عـــزا وهـيـبـة ووفقـت مـا ترجـو إلـى آخـر الدهـر ونـلـت مــن المـجـد العظـيـم مرتـقـا بـه فاقـت الأيـام فـي قـالـب العـصـر ســررت جمـيـع المسلمـيـن بنـظـرة وسرت بك الأطيار في مهمـة القفـر وبعـد الـذي قـد قلـتـه فــي مدائـحـي بحضرتكم يا ذا الندى فاقبلوا عذري نـشـرت مقـالـي بالـمـديـح مـقـصـرا ولكنني أرجو السماحـة فـي نشـري لأن قريـض الشعـر بالنحـو والذكـى وليـس إلـى مثلـي خلـي مـن الفـكـر تكلمت في الأشعار مـن غيـر فطنـة بمـدح كـرام مـن لــؤي ومــن فـهـر وصلوا على المختار ماهبت الصبـا وما ناحت الأطيار فـي البـر والبحر
|
كما له قصائد في الشعر الشعبي الذي كان وما يزال صوت الإيمان الثابت والجهة الصادقة وهذه بعض الأبيات من قصيدته القافية
وبعد عمر طافح بعبادة الله وخدمة أهل البيت ومحبة أبناء جيله ومجتمعه رحل رحمه الله عن الدنيا في مدينة المبرز التي أبصر النور فيها ودفن في مقبرتها عام 1425هـ. وقد نظمت هذه المرثية في الفقيد الراحل وهي بعنوان " تغريدة الوفاء"