نص كلمةبعنوان :أوثق عرى الإيمان الحب و البغض في الله‎

نص كلمةبعنوان :أوثق عرى الإيمان الحب و البغض في الله‎

عدد الزوار: 2179

2016-03-03

 كلمة في مسجد الإمام الحسن بالشهارين. ليلة الثلاثاء 1437/5/14 هـ

بسم الله الرحمن الرحيم

وصلى الله وسلم على اشرف الأنبياء والمرسلين حبيب اله العالمين ابي القاسم محمد وآله الطيبين الطاهرين ثم اللعن الدائم المؤبد على اعدائهم اعداء الدين

﴿رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي * وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي * وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسَانِي * يَفْقَهُوا قَوْلِي﴾[1]

اللهم وفقنا للعلم والعمل الصالح واجعل نيتنا خالصة لوجهك الكريم يا رب العالمين

 أوثق عرى الايمان

جاء في الحديث الشريف عن أبي عبد الله (ع) قال: «قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) لأصحابه: أي عرى الايمان أوثق؟ فقالوا: الله ورسوله أعلم، وقال بعضهم: الصلاة وقال بعضهم: الزكاة وقال بعضهم: الصيام وقال بعضهم: الحج والعمرة وقال بعضهم: الجهاد، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): لكل ما قلتم فضل وليس به ولكن أوثق عرى الايمان الحب في الله والبغض في الله وتوالي أولياء الله والتبري من أعداء الله».[2]

هذه الرواية يرويها الشيخ محمد بن يعقوب الكليني عن الامام الصادق (ع) عن آبائه عليهم الصلاة والسلام عن جده رسول الله (ص) قال لأصحابه: أي عرى الايمان أوثق، يسأل (ص) أي عروة، أي ركن، أي وصل، أي سبب هو الأوثق ربطا بين الانسان وربه، فقالوا: الله ورسوله أعلم، وقال بعضهم: الصلاة، طبعا الصحابة يتفاوتون فيما بينهم من حيث المقام ومن حيث التقوى ومن حيث التسليم، هذه ملكات يمن الله سبحانه وتعالى على عباده، البعض ينميها، البعض يفعلها، لكن البعض يهدرها وهذا الناس فيه شرع سواء يعني لا فرق بين زيد وعمر ولا بين خالد وبكر، غاية ما في الامر على الانسان ان يستفيد من دروس من تقدمه، واذا كانت الطبقة الاولى التي عاشت مع النبي (ص) يعني عصر التشريع عندما كان ينزل الوحي على النبي (ص) والنبي (ص) كان يخاطب اصحابه، هذا المقام ليس من المقامات السهلة والبسيطة، والايمان نعمة يمتحن بها الانسان، اما ان يشكر واما ان يكفر والعياذ بالله، ويختلف من يقف الى جانب الحق ومن يقف في طريق الحق، والآثار المترتبة على الموقفين واضحة وبينة، التاريخ ينقل لنا الكثير من المواقف التي ربما يستغربها البعض، لكن اذا رجعت الى اصلها فلا غرابة في البين، لأن الفرع يتبع اصله، الثمر وليد الشجر الذي يتكون بواسطته، فالبعض كان يسلّم لله ويسلّم للنبي (ص) تسليما، لأنه لا يوجد بد غير ذلك.

الابتعاد عن الدخول في دائرة الافتاء بغير علم

البعض الآخر يدخل في دائرة الاجتهاد ودائرة الاستنباط وما اكثر هذه المواقف التي نشاهدها اليوم في كثير من مجالات حياتنا، في مجالس استراحاتنا وفي جلساتنا وفي دائرة العمل وفي... فعندما تطرح مسألة معينة ترى الكل يصبح مجتهدا والكل يكون مرجعا يستنبط الاحكام وهو جالس على كرسي العمل، يستنبط الاحكام وهو ممدد رجليه في الاستراحة! كيف يكون هذا الامر، علينا ان نسلّم لمراجعنا، اذا ما صدر منهم رأي في مسالة، واذا ما كنا ندعي التقليد والرجوع لهم علينا ان نسلّم بها لأننا نجهل الكثير من الامور، نحن نجهل ما يكمن وراء تلك الامور، علينا ان نسلّم تسليما ونتعبد للحكم الشرعي، وهذا لا يعني اننا نلغي عقولنا في هذه المساحة، لان هذا المورد ليس هو مورد فكر مجنح فضاءه، هذا فضاءه محدود ومسيج، وعمل الانسان بغير تكليف ولا تقليد ولا احتياط باطل، بالنسبة للاجتهاد فهذا امر شاق لا يجتهد الا القليل من الناس، الاحتياط ايضا فيه مشقة على الناس، يبقى معنا فقط التقليد، فعندما نأخذ بهذا الطريق اي طريق التقليد لا ينبغي ان نتهاون ونسير بما تهوى انفسنا، وانما علينا ان نتمسك به، لان المرجع هو واسطة بيننا وبين المعصوم في زمن غيبته، وهو الان الخلف الباقي من آل محمد صلوات الله عليهم اجمعين وهو واسطة بيننا وبين الله سبحانه وتعالى، وهذا هو منهج اهل البيت وطريقتهم عليهم السلام.

أهمية التعبد لأحكام الله

وقال بعضهم: الصلاة، يعني الصلاة هي اوثق عرى الايمان، نعم الصلاة لا يقلل من قدرها، لأنه اول شيء يدخل مع الانسان في قبره من الاعمال هي الصلاة، الصلاة تفرغ نفسها للكبائر هذا شيء مسلّم به، وقال بعضهم: الزكاة، هناك ملاحظة وهي ما ذكرت الصلاة الا وذكرت الزكاة الى جانبها الا في موارد محدودة جدا، والزكاة عبادة مالية فيها تقرب الى الله سبحانه وتعالى، البعض يقول لماذا بارت الاراضي وغاب الغرس وما الى ذلك... فتش ما وراء ذلك، في فترة من الزمن كان الفلاح قبل ان يجهد فيما يتحصل عليه من نتاج زرعه كان اشد حرصه منصب على كيفية التخلص من العهد المالي بينه وبين الله سبحانه وتعالى فيما يسمى بالزكاة هم لم يكونوا مثقفين بل في المعظم كانوا اميين لكن كانت قلوبهم نظيفة، نفسياتهم طاهرة، يعيشون الله من خلال اهل البيت عليهم السلام، يستنيرون بهدي العلماء فيما بينهم في اغلب الاحيان في تلك الازمنة العلماء لم يكونوا كثيرون خصوصا في منطقتنا واذا ما استثنينا الطبقة الاولى البقية هم اشبه ما كانوا بالخطباء غاية ما في الامر يتعلمون المسائل الشرعية من اهل الفن والمعرفة ويتنقلون بين القرى والارياف والناس تسمع وتسلم وتتفاعل معهم.

الحب في الله والبغض في الله هي اوثق عرى الايمان

وقال بعضهم: الصيام، باعتبار ان الصيام كما يقول الحديث الشريف «الصوم لي وانا أجزي به»[3] وقال بعضهم: الحج والعمرة، لأنه صحيح ان الصوم صعب لكن البعض كانوا يقولون بان الحج والعمرة اصعب لأنه لن يبلغوه الا بشق الانفس، وقال بعضهم: الجهاد، لأنه ما وراء الجهاد شيء باعتبار ان الجهاد فيه مفارقة الاهل والاحبة ومفارقة الاموال والبنون وهما زينة الحياة الدنيا،‌ اضافة لذلك ان التضحية في سبيل الله والتي لا يريد منها جزاءا ولا شكورا هي اقصى ما يمكن ان يصل اليه الانسان والجود بالنفس اقصى غاية الجود، بعدها قال رسول الله (ص)... واذا تلاحظون منظومة الاحاديث الصادرة عن الرسول الاكرم (ص) ترون بان الرسول (ص) تارة كان هو يبتدئ القوم في السؤال وتارة يصغي للسائل واخرى يجيب ثم يستدرج السائل ويقربه اليه ليستفرغ ما في نفسه، فالنبي (ص) في منتهى العظمة بعد ما سمع من عندهم قال لا لكل ما قلتم فضل وليس به، يعني ليس هو هذا اشد العرى في وثاقة الايمان، صحيح ان كل هذه الامور لها قيمتها عند الله سبحانه وتعالى ولها اثر لكن ليس هي اوثق العرى، اذن ما هو يا رسول (ص) قال: ولكن أوثق عرى الايمان الحب في الله والبغض في الله، يعني يحب في الله لا من اجل مصلحة مثلا كي يتوسط لك في امر ما، او يقرضه مقدار من المال كي يتقدم بالزواج من ابنته، أو ينجز لك مهمة ويصطف معك في قضية ولو في باطل من أجل ... قال ولكن أوثق عرى الايمان الحب في الله والبغض في الله، وتوالي أولياء الله، الذين هم محمد وآل محمد (ص)، والتبري من اعداء الله، اي ان الانسان يضع نفسه في قبالة الله سبحانه وتعالى، ربما يستغرب الانسان من فرعون كيف كان يقول ﴿أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى﴾[4] في حين ان اليوم كم هناك من الفراعنة الذين يلبسون عباءة فرعون ويضعون على رؤوسهم تاجهم ويقولون للناس نحن اربابكم، هؤلاء موجودين، الذي يطلق يده في دماء المؤمنون، الذي يصادر اموالهم، الذي يقطع طريقهم ويسلبهم و... هؤلاء في نهجهم هذا تمردوا على الله، جعلوا من انفسهم آلهة من دون الله، والتاريخ يحدثنا بذلك بل كم منهم فاقوا فرعون في طغيانهم وما يجري على ايديهم ..

جوانب من مآسي الزهراء سلام الله عليها

في مثل هذه الليالي تصادف ذكرى شهادة الزهراء سلام الله عليها هذه الانسانة الكاملة المظلومة المقهورة المغصوبة، الزهراء سلام الله عليها ما هو ذنبها حتى يجري عليها ما جرى؟ ما الذي اعددته؟ ما الذي جاءت به وكان لا يتوافق مع كتاب الله وسنة نبيه حتى مثلا تعصر بين الحائط والباب، تضرب على متونها حتى تسود وتلطم على عينها حتى تحمر والمسمار ينبت في صدرها! هذه مصيبة، يقولون للرجل فاطمة في الدار، لا ينفع، يقولون له الحسن والحسين في الدار لا ينفع،‌ يقولون له علي في الدار لا ينفع، هذه مشكلة وطامة كبرى، لاحظوا كل ما جرى على الزهراء كان هيناً عليها حتى سقط الجنين لكن ان يأخذ الامام علي (ع) بتلك الحالة كان صعب على الزهراء، لذلك قامت الزهراء متثاقلة لان ما جرى عليها هد ركنها حتى طلبت المساعدة من اسماء وقيل من فضة، بعدها صارت تخطو الخطوات لعلها تدرك علي (ع) والقوم يدفعون علي (ع) كما يدفع البعير! جعل الله الزهراء سلام الله عليها شفيعتنا في يوم القيامة وان تتقبلنا في ضمن من تنتقيهم يوم القيامة سلام الله عليها ليدخل الجنة بشفاعتها، ان يجعلنا واياكم ممن يحيي ذكرى شهادتها، ان يجعلنا واياكم ممن يتردد على الروضة الشريفة التي فيها الاحتمال الاكبر ان تكون هي المساحة التي قبرت فيها الزهراء سلام الله عليها على المختلف بين الروايات، غفر الله لنا ولكم، لأرواح الشهداء سيما الشهداء الذين سقطوا مؤخرا ولأرواح المؤمنين والمؤمنات كافة،‌ ولحفظ العتبات العاليات سيما عتبة السيدة زينب سلام الله عليها الفاتحة مع الصلوات.