نص كلمة: مكمن السر في حياة فاطمة عليها السلام
بسم الله الرحمن الرحيم
وصلى الله وسلم على اشرف أنبيائه ورسله حبيب اله العالمين أبي القاسم محمد وآله الطاهرين ثم اللعن الدائم المؤبد على أعدائهم أعداء الدين.
﴿رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي * وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي * وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسَانِي * يَفْقَهُوا قَوْلِي﴾
اللهم وفقنا للعلم والعمل الصالح واجعل نيتنا خالصة لوجهك الكريم يا رب العالمين
اللهم إني أسألك بالزهراء وأبيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها
روي عن امامنا الصادق (ع) انه قال: «إنما سميت فاطمة، لان الخلق فطموا عن معرفتها»
فاطمة؛ السر المستتر
حياة الزهراء سلام الله عليها طابعها العام في مكنون السر، اسرارها لازمتها منذ التكوين الاول حيث عالم الأنوار التي لا يحيط بمعرفتها الا الواحد الجبار ومن اصطفاهم من انبياء ورسل واولياء، في عالم الذر ايضا عناية خاصة سفرها الاسرار، ايضا لا يعرفها الا هو جلت قدرته ومن اصطفاه من عباده المخلصين، في عالم الوجود عالم الشهود عالم البشرية ايضا الزهراء سلام الله عليها لازم حياتها الشيء الكثير من السرية، ما بدا منه لا يشكل رقماً كبيرا، السر في ذلك او ما يقف وراء ذلك هو عبارة عن مجموعة من العوامل قد تشترك فيما بينها وقد تفترق، لكن كينونة فاطمة، ذات فاطمة، روح فاطمة، نسمة فاطمة لها خاصيتها، من كتب عن الزهراء أو من تحدث عن الزهراء لامس السور الأول ولم يستطع ان يتجاوز ذلك، لان قوة الجذب الفاطمي تجعل حالةً من السرية المنطوية على الذات ما يحجب او يشكل مانعاً دون التخطي، النبي (ص) يقول «فاطمة بضعة مني»، بضعةٌ في ماذا؟ في اصل التكوين والوجود وايضا لكونها مكمن السر من النبي (ص).
الناس فطموا عن معرفة فاطمة
يقول الكاتب والباحث المصري «توفيق ابو علم» في كتابه اهل البيت: «كان [النبي (ص)] إذا دخلت عليه فاطمة قام إليها فأخذ بيدها وقبلها وأجلسها مجلسه، وكان إذا دخل عليها قامت إليه فأخذت بيده وقبلته وأجلسته في مجلسها»، مقامات الزهراء عند الله لا تحصى لذاك اختصها بسورة من كتابه وهي سورة «الكوثر» واشركها في الكثير من آياته وتمثل حجر اساس في البناء لسورة آل محمد الدهر (الانسان). نسأل من الذي اجرى عامل الفطم دون التعرف على كينونتها واسرارها وحتى لطفها، هل الفطم مباشر من الله وكفى، يعني مندرجٌ تحت الولاية التكوينية؟ ام ما صدر عن اهل البيت عليهم السلام لم يكن شاملا لجميع الجوانب في حيات الزهراء سلام الله عليها ومكونها المقدس، عوامل عدم تسليط الضوء ما هي؟ هذا ايضا مثار للبحث والجدل، ام عدم قابلية الناس عامة في معرفة او الوقوف على تلك الجوانب من سريتها، اصلا حال الزهراء في الظاهر ناهيك عن السر ايضا يلبس ثوب السر ولو ان الناس وقفوا على تمام مظاهر الظاهر بما يعني كشف ما وراء ذلك لما حصل ما حصل، لا من مبغضيها ولا من محبيها، نحن نأتي الى الزهراء ونقف عند عتبة حياتها لا نطالب بكشف السر والوقوف على احقيته وحقانيته وانما نحن مطالبون ان نتمثل حياتها وسيرتها في ما هو الممكن ليس فقط في الجانب النسوي يعني ليست فقط المرأة هي المحتاجة لحيات الزهراء وسير الزهراء وهدي الزهراء وعلم الزهراء وتضحيات الزهراء، الرجال ايضا في مسيس الحاجة لذلك، لان الزهراء عندما ندلف الى مدينة عطائها ندلف اليها على انها المعصومة التي في قولها وفعلها وتقريرها ثوب الحجية في اروع صوره نحن ننشغل بجزء من جوانبها ثم نعرض عن الكثير.
وقفة قصيرة عند «فدك»
من تلك الجوانب مسألة فدك، فدك ورقة لا ينبغي ان تسحب من مساحة الناس للتداول والبحث وتجديد القراءات لما في ذلك من المصلحة العامة والخاصة، النبي (ص) في إحدى غزواته بعد ان اعد الجيش في الليل ايقظ علياً حتى اخذ عليٌ ورده ـ يعني صلاة الليل ـ ثم قال له تباغت هؤلاء ـ أي اليهود ـ وتعلي الأذان قبيل طلوع الفجر من على سورهم، اليهود فوجئوا ان صوت علي (ع) يصك مسامعهم ويخترق غرفهم، علموا ان علي (ع) هو الذي يرفع الأذان، الأذان ايها الأحبة حالة من الحركية، حالة من البعث، حالة من الارتقاء، حالة من الوصول الى عوالم أخر لمن يعي معطيات الأذان، الأذان ليس مجرد كلمات نرددها ثم لا ندرك ما وراءها، هي تشريع والتشريع عندما يشرع له قيمته، روافده، بواعثه وما يترتب عليه، اليهود جاؤوا (ما شئت فعبر: طائعين، خاضعين، خائفين، مستسلمين...) بالنتيجة هذا الامام علي (ع)، عليٌ اذا تحرك هو بمثابة جيش لا يحتاج لميمنة ولا ميسرة هو الجيش في حد ذاته، نزل القرآن ليجعل فدك من الانفال المدفوعة للنبي (ص) لان فدك لم يوجف عليها بخيل ولا ركاب، صبح المسلمون منتصرون بأذان علي (ع) فوق السور ولو وجد الأذان الحركي الذي جرى على لسان علي اليوم لما بقي لليهود هذه السلطة وهذه القدرة من العبث في الاوراق وتدنيس المقدسات كالمسجد الاقصى، اليوم الملايين يرفعون الأذان لكنه لا يحكي أذان علي (ع)، ارتفع صوت علي بالأذان في مواطن ثلاثة كل منها فيه العظمة والشرف: أولا في مسجد الكوفة ليلة القدر عندما أصيب الامام علي (ع)، لم يبقى بيتٌ الا واخترقه صوت علي (ع) وهذه النصوص تنقلها كتب العامة والخاصة، الموطن الثاني حينما دخل مكة النبي (ص) فاتحا، اما الموطن الثالث فكان في فدك، النبي (ص) دفع فدك لفاطمة، كوتب اهلها على ان يعمل فيها... (السيناريو طويل عريض) حصلت تقلبات سياسية عسكرية دينية وامور كثيرة جاء النص: «نحن معاشر الانبياء لا نورث» اذا كانت الزهراء مكمن السر للنبي وان النبي يودعها السر يفترض ان تكون هي اول من وقف على هذا، لان القضية تعنيها، قضية فدك تعني الزهراء وضع يده عليها واليد دلالة الملكية كما يقول العلماء في مواطن بحثهم، توفي النبي (ص) استلبت فدك! لماذا؟ حتى يضعف موقف الامام علي (ع)، لأنه بالتالي أي قيادة، أي مرجعية، أي مؤسسة، أي جهة سواء كانت خيرية أو غير خيرية ما لم يكن الرافد المالي موجود لا يمكن ان تخطو الى الامام، لا تدور عجلات حركته او عربته حتى دعوة النبي (ص) مال خديجة كان احد الاركان الاربعة لقيام الدعوة النبوية، توفيت الزهراء وفدك لم تكن تحت يدها جراء القرار الذي صدر، آلت الامور الى الخليفة الثالث دفعها لمروان ابن الحكم! تسأل بأي حق وأي مستحق؟ لماذا لم ترجع لأولاد الزهراء، جاء عمر ابن عبدالعزيز الخليفة الاموي ارجعها لآل علي من ولد الحسن والحسين، انتهت القضية استعاد الامويون بعض امرهم اخذوها مرة ثانية الى ان جاء المأمون، قضية المأمون طويلة عريضة ... لكن بالنتيجة الى يومك هذا لا تسأل عن فدك، فدك ليست مسألة ارض، فدك ليست مسألة ضيعة طويلة عريضة ما كان من خيرات الامام علي (ع) في ينبع اكثر مما كان في فدك، اذاً لماذا فدك؟ لأنها قضية فيها روح الرمزية، تحرك ملف فاطمة من جميع جوانبه، تبعثر الأوراق، ويفترض لنا ان لا نفرط في هذه القضية، نسال الله سبحانه وتعالى بالزهراء وابيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها ان يبلغنا ايام الامام المهدي المنتظر لنقف على حقيقة السر، لان ملف السرية في يد الامام الغائب (ع)، وفقنا الله وإياكم لزيارتها في الدنيا ولشفاعتها في الآخرة انه ولي ذلك، غفر الله لنا ولكم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.