نص كلمة مجريات الأحداث بعد وفاة الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم

نص كلمة مجريات الأحداث بعد وفاة الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم

عدد الزوار: 2968

2015-12-20

كلمة سماحته بمسجد العباس بالمطيرفي 1437/3/3

بسم الله الرحمن الرحيم

وصلى الله على نبينا الأمين محمد وآله الطيبين الطاهرين ثم اللعن الدائم المؤبد على أعدائهم أعداء الدين

﴿رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي * وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي * وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسَانِي * يَفْقَهُوا قَوْلِي﴾[1]

اللهم وفقنا للعلم والعمل الصالح واجعل نيتنا خالصة لوجهك الكريم يا رب العالمين

قال رسول الله (ص): «إن فاطمة بضعة مني، وهي روحي التي بين جنبي ... وأن الله يغضب لغضبها، ويرضى لرضاها»[2]

جهود الرسول الكريم (ص) ومعاناته والتاريخ المشوّه

أيام قليلة فصلتنا عن ذكرى شهادة النبي الأعظم (ص) والتي عشناها بوجداننا، وعشناها من خلال حضورنا ومشاركاتنا، كلٌ بحسبه، النبي (ص) ما انفك يبذل جهوده من أجل نجاة الأمة وقد رسم لها الطريق ووضع لها العلامات المرشدة التي من سلك الطريق وأخذ بالعلامات وصل إلى حيث الهدف، ومن أبى إلا تنكباً للطريق وإعراضا عن العلامات ضل وهوى، جهوده في مكة واضحةٌ بيّنة، كانت المقدمة والبداية الإنذار للأقربين، ثم اتسعت الدائرة ودخل في الدين من دخل، عن وعي وإرادة جادة، لذلك واكبوا المسيرة إلى أيام الهجرة وفي الهجرة ناصروه (ص) وضحوا بالغالي والنفيس، فكان منهم من شرّف بتاج الشهادة ومنهم من لم يكتب له ذلك، ولكن بقي على الجادة، لكن هناك من كبت به بطنته وانحرف في مساره، النبي الأعظم (ص) ليس كما يصوره لنا التاريخ المشوه كان يتخذ من العريش مكانا له كمقر قيادة ثم يزج بالمسلمين صغارا وكبارا في لهوات الحرب، كلا، وإلا لما صح للامام علي (ع): ان يقول: «كنا إذا اشتد البأس اتقينا برسول اللهّ (ص) فكان أقربنا إلى العدو»[3] او تلك النصوص الصحيحة التي تقول ان النبي ما عقد لواء حرب إلا ولبس لامة الحرب، لا يمكن ان يكون هذا الموقف منه استعراضياً وإنما كان الموقف فعليا واقعيا، التاريخ لم يقدم لنا الكثير وطمس الكثير من الحقائق ولا غرابة في ذلك لانه لم يكتب من خلال الأيادي النظيفة والنفسيات النقية والأقلام التي جرت بحبر صافي، وإنما كانت في أبعادها الثلاثة رهينة اتجاه وموقف معين، والتاريخ يبين لنا الكثير الكثير مما يقض المضاجع ويستوجب السهر الدائم، لكن الأمة التي لا ترغب لنفسها إلا هذا فهي التي اختطت مصيرها.

التنكب والانقلاب بعد رحيل الرسول الاعظم (ص)

النبي الأعظم (ص) في آخر لحظات حياته لم يطلب شيئا عسيراً وإنما طلب أمراً سهل في متناول اليد ليس فيه من المشقة شيء، لكن الأمة بخلت على نفسها قبل ان تبخل عن النبي (ص) عندما طلب النبي (ص) منهم ان ياتوا له بدوات كي يكتب لهم كتابا لن يظلوا بعده ابدا، اي يكتب لهم وثيقة وعهد، الأمة لم تقبل، بل نعتت النبي (ص) بنعت صعب مُرّ، البعض يتذوق الحلاوة والمرورة في الأشياء المادية فقط مثل المأكولات والمحسوسات ولا يتذوقها في المعاني، الكلمة التي تفوه بها الرجل كانت مر المذاق، سمٌ زعافٌ،[4] لذلك إلى اليوم الأمة لم تصحوا من سكرتها ولن تصحوا إلا على يدي صاحب الأمر، حينها سوف تستقيم الأمور وتتضح المعالم والآيات تأخذ مسارها إلى التطبيق، والروايات تأخذ طريقها إلى الواقعية والتطبيق، هذه العبارة جرت الويلات منذ الأيام الأولى يعني هذه الأيام الثلاثة التي تعقبت وفاة النبي (ص) هي من أشد الأيام على أهل البيت عليهم السلام.

المصائب التي جرت بعد رحيل النبي الاعظم (ص)

 صحيح ان واقعة كربلاء كانت عظيمة، صحيح ان ما جرى على الإمام علي (ع) عظيم، أو ما جرى على الإمام الحسن (ع)، أو فقد النبي (ص) بمنتهى وأوج العظمة لأنه يشتمل على خسارة عظمى لأهل الأرض وأهل السماء، لكن هذه الأيام الثلاثة في منتهى الصعوبة، الزهراء سلام الله عليها والنبي (ص) لما يقبر بعد ممدد، الروايات تقول بان النبي (ص) بقي ثلاثة أيام تصلي عليه الملائكة والمسلمون، وما ان دفن النبي (ص) جرى ما جرى في حدود المبنى المعين وهجموا على باب علي وفاطمة، يقول احدهم دخلت إلى المدينة في ضحى اليوم الثالث وإذا بجلبة عند مسجد رسول الله، قومٌ يحملون سيوفهم والسياط في أيدي البعض منهم! يقول فأنكرت الموقف وقلت في نفسي اذا كان هناك حرب فلابد ان يكون سيف! السوط ليس له محل، كذلك الأسير في الإسلام يكرّم لا يقرع بالسوط، لذلك القرع بالسياط ابتدعه الأمويون في كربلاء عندما لعبت السياط على متون العلويات الهاشميات الفاطميات، فهؤلاء الناس في هذا الاتجاه يبحثون عن ماذا؟ يقول فأصابني ذهول، وإذا أنا برجل يقاد كما يقاد الجمل المخشوش سألت عنه وقلت من هذا الرجل الذي يقاد هكذا؟ قالوا هذا علي (ص)! قلت سبحان الله هذا علي؟ هذا قاتل مرحب، هذا قالع باب خيبر، هذا صاحب ليلة المبيت، هذا من ناصف الملائكة والمسلمين القتلى في بدر...

أسباب الانقلاب

لكن كيف انقلبت الموازين؟ انقلبت من الكلمة، لانه قد كلمة واحدة تقلب موازين، لذلك على الإنسان ان يكون حريصا عندما يريد ان يتفوه في مجلس أو في مجتمع أو في مكان عليه ان يكون حريصا مسؤولا عن كلامه، انتقائيا لمفرداته، فالإمام علي يجر بحمائل سيفه!! يقول وفي هذه الأثناء التفت ما وراء القوم وإذا بامرأة تتعثر في ذيلها قد وضعت يدها على صدرها والى جانبيها طفلان سألت عنها، قيل هذه فاطمة وهذا الحسن والحسين وهي تنادي خلو ابن عمي.. (حتى هذا لم يلبى) ما جرى على الامام علي (ع) نطوي عنه كشحا، لان الناس لا تتحمل والعقول لا تتحمل هكذا وصى النبي (ص) بهم، وهكذا عُمل بعد وفاة النبي (ص)، الزهراء سلام الله عليها خلف الباب تعصر عينها تلطم متنها... يرجع إليها قنفذ بأمر الرجل يضربها بالسوط على متنها حتى اسود متنها!! سلام الله عليها وألقت جنينها المحسن، الدنيا كم هي جميلة بالحسن والحسين عليهما السلام كيف لو كان المحسن إلى جانبهما! هنا الخسارة تتضح، نسال من الله سبحانه وتعالى ان يشفّع فينا الزهراء، وان يعجل في فرج آل محمد كي يأخذ بظلامتها ممن ظلمها، نسال من الله سبحانه وتعالى ان يكتب لنا ولكم التوفيق والسداد والزيارة والشفاعة على يديها انه ولي ذلك، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.