نص كلمة:ماهو الدين؟

نص كلمة:ماهو الدين؟

عدد الزوار: 990

2017-08-24

كلمة في مسجد العباس بالمطيرفي ليلة الثلاثاء 1438/11/22هـ

بسم الله الرحمن الرحيم

وصلى الله على اشرف المرسلين حبيب اله العالمين ابي القاسم محمد وآله الطيبين الطاهرين واللعن الدائم المؤبد على أعدائهم أعداء الدين

﴿رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي * وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي * وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسَانِي * يَفْقَهُوا قَوْلِي﴾[1]

اللهم وفقنا للعلم والعمل الصالح واجعل نيتنا خالصة لوجهك الكريم يا رب العالمين

في بيان معنى الدين

في الاسبوع المنصرم عشنا ذكرى ميلاد الامام الثامن الضامن، هذا الامام العظيم الذي خلّف وراءه مدرسةً عظيمة لا زالت تحتاج للكثير من البحث والاستكشاف لمعالمها وما اكتنز فيها من المعاني العظيمة، البعض يتصور ان الدين عبادة فقط وفقط وذلك لقول الله سبحانه وتعالى ﴿و ما خَلَقتُ الجِنَّ و الاِنسَ اِلّا لِيَعبُدون﴾[2]، حال ان العلماء ابحروا في ما هو المراد من كلمة عبادة التي وظفت في هذه الآية الشريفة، ذهب جمعٌ منهم الى ان المراد هو العلم، فإذا حصل العلم انحلت عنه العبادة واستكشفت معالمها، صححت احكامها، وعلى العكس من ذلك العبادة الجوفاء التي لا تكون مبتنية على علم ومعرفة ناهيك عن عدم تحقق ما هو المراد منها ربما تكون على حساب ما هو الاهم. العلم والمعرفة ايضا يحتاج الى مجموعة من العناصر المساعدة للوصول الى الغاية القصوى فيه، ونحن في هذه الليلة نعيش ذكرى رحيل واحد من اعلام هذه المنطقة (الاحساء) علمٌ عيلم في علمه، في سلوكه، في ادبه، في عطاءه، في معتقده، كان ثابت القدم، راسخ الولاء، ألا وهو الشيخ احمد بن زين الدين الاحسائي رضوان الله تعالى عليه، هذا الشيخ العظيم هو ممن جاور مشهد الامام الرضا (ع) لفترة من الزمن واستفاد من فيوضاته، كل امام من الائمة (ع) هو بمثابة اشراقة النور الاول، اذا وجدت حالة من الظرفية الصالحة انعكس عليها ذلك الاشعاع، اذا تم ابصرت، تنورت، تكون العوالم من حولها نيرة واضحة كوضوح الشمس، على العكس من ذلك تماما عندما لا يكون الانسان مهيأً أي مهيئاً لنفسه لاستقطاب ذلك الفيض، الامام الرضا (ع) ايضا يطرح لنا مجموعة من العناصر المساعدة لوصول الانسان الى الغاية الى الهدف.

غاية الانسان الدنيوية والأخروية

 انا وانت لنا غاياتنا واهدافنا وهي تنقسم الى قسمين قسمٌ منها دنيوية وهو شرعٌ لي ولك وللآخر، ان يسعى في سبيل تحصيل مقامه ومكانه ومكتسباته في هذه الدنيا، هذا من حقه ان يحسّن من وضعه الوظيفي، من وضعه الاداري، من وضعه الاجتماعي من جهة الوجاهة هذا من حقه المشروع، لكل انسان حق في ان يتقدم ويتطور لكن ثمة شيء اهم من هذا ألا وهو ما يتعلق بالمكاسب الاخروية، لان ما في الدنيا لا يتعدى ادوار حدود المادة او المعاني المنتهية الى قوالب مادية في نهاية المطاف فقد يحسن الانسان الجامها فلا تجمح به فيكون في السليم وقد لا يتأتى والعياذ بالله له ذلك فيكون في العكس من ذلك تماما، اما فيما يتعلق بالآخرة كأن يكون الانسان لله سبحانه وتعالى عبدا مطيعا فيما امر، منتهيا عما نهى، الرغبة ما هي؟ الرغبة في الآخرة هي الفوز العظيم، الفوز العظيم ما هو؟ هل ان الحور العين هو الفوز العظيم، هل ان الولدان المخلدون هو الفوز العظيم؟! ام ان هناك شيء آخر هو رضوان من الله: ﴿و رِضو‌ٰنٌ مِنَ الله اَكبَرُ ذ‌ٰلك هُوَ الفَوزُ العَظيم﴾[3] من هذه وتلك ما ينتظر الانسان المؤمن في عالم الآخرة لم يخطر على ذهن بشر ما تتصور ما هو المنتظر في ذلك العالم عقلك دون ادراك ادنى مراتبه، طرح مسألة الحور العين والولدان المخلدين هذا ذكر لتقريب المعنى، لان نحن لم نباشر من ملذاتنا في الدنيا الا النساء وخدمة الابناء، اكثر من هذا لا يوجد شيء، لكن ما هو وراء ذاك العالم هو في علم الله، وهذا الحق ايضا مفتوح للجميع، لكل الناس، لكل من آمن بالله رباً، ثم امتثل للأوامر المترتبة على هذا الايمان الاول بالتالي الآخرة تنتظره من اوسع ابوابها، لم ينصب عليها حرس أو شرطة، حارسك أو شرطيك هو عملك في الدنيا، الوثيقة التي تخرج منها من دار الدنيا هي المفتاح الذي يفتح لك الابواب في عالم الآخرة غير هذا لا يوجد شيء آخر، نعم شفاعة اهل البيت (عليهم السلام) أيضا موجودة للقاصرين، وهذا شرف عظيم محفوظ ينبغي ان يحتفظ به المؤمن ويتكئ عليه، لكن ينبغي ان يسعى ان يكون في الطليعة وهذا الأمر هم يطالبوننا به، ان نكون متقدمين، ان نكون اكثر الناس امتثالا للأوامر، اكثر الناس ابتعادا عن مساحات النهي، هذه مطالبهم هم غير عاجزين ان يدخلوننا الى الجنة لكن بعض الأمور راجعة لي ولك.

اتخاذ الأخ المؤمن وما يترتب عليه من آثار

من الامور المساعدة اتخاذ الاخ ولا اقصد من الاخ هو الشقيق من الاب والام او من احدهما بل الاخ المؤمن الذي يعينك على تحصيل مراتب العلم التي تتفتح على اساس منها ابواب العبادة الحقيقية الصحيحة، الامام الرضا (ع) يقول: «من استفاد أخا في الله فقد استفاد بيتا في الجنة»[4]، يعني ان اتخذ اخ في الله، اصحبه، اقدم العون له، اناصره انتصر به الملاك الاول في ذلك ونقطة الارتكاز ان يكون كل ذلك في الله، اذا تم هذا الامر هذا، فان هذا الاخ، هو البيت الذي استفاد في الجنة.

اقسام الأخوة والاخوان

قسم منهم تحت عنوان الاخوة الصحيحة لكن فقط في ساعة الرخاء، لكن في ساعة الشدة فبينك وبينه بون شاسع، وعلى هذا هناك شواهد كثيرة من النصوص ومن القصص والآثار والشعر لكن المقام لا يسع للتفصيل.

وهناك أيضا اخوة المكاشرة وتقطيع الوقت فقط، يعني يجب ان نجلس في اليوم ونضيع اربعة أو خمس ساعات بدون اي فائدة مجرد ان نقول ان فلان جاء وفلان ذهب، فلان طلق وفلان تزوج، أو فلان مريض، وبالتأكيد سيموت!! من اين جئت بهذا قد يكون كما يقال:

فكم من صحيح مات من غير علَّة *** وكم من عليل عاش دهرا إلى دهر[5]

وقد تكون اخوة فعلا مضرب مثل ليوم الدين كأخوة من سمي هذا المسجد الشريف باسمه الشريف العباس لأخيه الامام الحسين (ع)، ما أعظم هذه الاخوة، كل القوالب تجمعت لكن العباس هو العباس، ارادوا ان يؤمروه على الجيش اذا ما تخلى عن الامام الحسين (ع) لكن لم يتخلى، أرادوا ان يتفاوضوا معه لم يقبل بذلك...

التعاطي الايجابي مع الاخوان

 فالأخوة في الله مهمة اذا لم تكن لدي قدرة على اكتساب الاخوان الذي كل واحد اكسبه في الله يعتبر مستفاد لي بيت في الجنة، وبالتالي تتعدد هناك البيوت، على الأقل لا نفرط فيما هو في يدي، لا اخلق كل يوم مشكلة مع فلان وفلان، لماذا دخلت المجلس الفلاني، أو لابد ان تذهب الى الحسينية الفلانية، أو المزرعة الفلانية او المقبرة الفلانية او المدرسة الفلانية او... ما ذا حصل في الدنيا لماذا كل هذا الضيق في النفوس، نعم قد نختلف في الفكر لا ينبغي ان نجبر احد على فكر ورأي خاص، لك فكرك ورأيك ولي فكري ورأيي انا احترم فكرك ورأيك وانت احترم رأيي وفكري ودع الامور تسير بشكل طبيعي، السماء تخاطب النبي (ص) وتقول له ﴿لَستَ عَلَيهِم بِمُصَيطِر﴾[6]؛ ﴿قُل كُلٌّ يَعمَلُ عَلىٰ شاكِلَتِهِ﴾[7]، انظر الى الرسول الكريم كيف كان يتعامل مع ذلك اليهودي الذي كان يضرب النبي (ص) بالحجارة، كان يتخفى ويضرب النبي (ص) بالحجارة، وكان يطرح الشوك في طريقه، لكن بعدما مرض اليهودي، افتقده النبي (ص) ثلاث ذهب لعيادته، لكن سؤال واحد سأله اليهودي من النبي (ص): من امرك بذلك؟ فقال النبي (ص): امرني بذلك ربي، واذا باليهودي يصبح بعد ذلك من اقرب المقربين للنبي (ص)، فانا اقول اذا لم نقدر على ان نجمع الاخوان على الاقل علينا ان لا نشتتهم، لاننا سوف نحتاجهم في يوم من الايام، تأتي الساعة التي تحتاج الى من يقف معك ومن يساعدك، انت قد تتصور ان اقرب الناس اليك الذي يأكل ويشرب معك ويذهب ويجيء معك هو هذا الذي يقف معك في حين تراه ينفض يده منك واذا بك ترى ذلك الشخص البعيد الذي لم يخطر على بالك والذي قد تطرح الشوك امامه أو قد تكون أصبته بحجارة اللسان التي هي أشد قسوة من حجارة الحجر والعياذ بالله هو الذي يساعدك! جعلنا الله واياكم من الممتثلين لأمر محمد وآل محمد،‌ والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.