نص كلمة في زيارة للجنة الدروس الدينية بالمطيرفي
بسم الله الرحمن الرحيم
وصلى الله على اشرف المرسلين حبيب اله العالمين ابي القاسم محمد وآله الطيبين الطاهرين واللعن الدائم المؤبد على أعدائهم أعداء الدين
﴿رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي * وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي * وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسَانِي * يَفْقَهُوا قَوْلِي﴾[1]
اللهم وفقنا للعلم والعمل الصالح واجعل نيتنا خالصة لوجهك الكريم يا رب العالمين
ورد في الحديث الشريف عن النبي (ص) أنه قال: «تناكحوا تناسلوا أباهي بكم الأمم يوم القيامة»[2]
اهتمام الآباء والأمهات بالأبناء
كلما يصير عندنا من أولاد أو من بنات تصوروا أن النبي (ص) يأتي يوم القيامة يتباهى بكم، لأنكم من أمته، فإذا ما أراد شخص أن يتباهى به والده ماذا يفعل؟ هل يكون هادئ ومهذب وطيب، أم يكون شرير مؤذي؟! نحن نريد ان نتكلم بشكل مختصر عن بعض الأمور: الأمر الأول؛ أنتم كلكم وبحمد الله من بيوتات طيبة وكل واحد منكم عنده أب وأم، الأب والأم يعملون ويتعبون طوال النهار، الاب يعمل تحت الشمس والتي تصهر فيه حتى يأتي بمقدار من المال ليشتري لنا وسائل ويكسونا ويطعمنا ويرتب اوضاعنا، كذلك الأم تعمل ليل نهار؛ تطبخ وتنظف وتهتم بنا وحتى اذا خرجنا من البيت يبقى قلبها يرف ويخفض الى حين عودتنا، فهي تفكر وتقول في نفسها متى يعود ولدي؟ اين ذهب ولدي؟ مع من ذهب ولدي؟ مع من يجلس ولدي و ... واذا علمت الام أن ولدها في الدرس أو في الحسينية مع اخوانه واصدقائه الطيبين مثله أصحاب النفوس الطيبة الذين لا يعرفون الا ذكر الله والصلاة على محمد وآل محمد (ص) هنا الأم ترتاح وتنبسط، لأنها مطمئنة بأن ولدها سوف يرجع لها، لان اصحابه طيبين، لان الذي يجلس في مجالسهم ناس اكابر يعرفون طريقة الحياة ويتعلمون منها.
الابناء مرآة الأسرة
ما هو دور البيت في سلوكنا؟ يربينا، يعطينا الدروس في التربية، اولادي واحبائي: أي شخص يتصرف خارج البيت فسلوكه لا يحسب عليه فقط، يعني الناس لا يقولون ان هذا الشخص تصرف تصرف خاطئ وإنما يقولون أن أهل هذا الشخص لم يربوه تربية صحيحة! لأنكم انتم بمثابة مرآة لما يجري في البيت من العلاقة والمحبة بين الآباء والابناء، فإذا انت كنت هادئ في الشارع يقولون أن اهله هذا أيضاً هادئين، اذا كنت طيبا في الشارع يقولون اهله طيبيون، اما اذا لم يكن لديه الا المشاكل مع اصدقائه ومع الناس فهذا يكشف عن حالة عدم استقرار في البيت، وان الاب والام امورهم ليست طيبة مع أبناءهم، ولديهم مشاكل، فأي واحد منكم يصدر منه تصرف غلط فان ذلك سينعكس سلبا على أهله وفي هذه الحالة هو لم يراعي تعب أهله ويضيع ذلك التعب، اما اذا كانت اخلاقه طيبة وسلوكه طيب، فهذا يعني أنه أتى بأخلاق الام والأب من البيت وجعلها درسا تمشي معه في الشارع ويتعلم منها الآخرون.
أهمية الاهتمام بالمساجد باعتبارها بيوت الله سبحانه وتعالى
عندما نأتي الى المسجد، علينا ان نعرف بأن المسجد ليس هو غرفة في البيت ولا صالة ولا تهوية البيت، وإنما المسجد هو بيت الله! هل يرضى شخص منكم أن تكون تصرفاته غير سليمة في بيته وابوه موجود؟ حتما لا! اذن كيف والمسجد الذي هو بيت الله، الله الذي يعلم بكل شيء حتى الذي في قلوبنا والذي يجري في مخيلتنا الله سبحانه وتعالى يعلمه، فلابد أن نكون في المسجد بمنتهى الادب، يعني اذا كان الادب مطلوب من عندنا تسعين في المائة في مكان ما، ففي المسجد نحن مطلوبين به مائة في المائة.
التعاطي الطيب مع الأساتذة
سلوكنا مع اساتذتنا هؤلاء الاساتذة البعض منهم يرغب ان يذهب ويجلس ويرتاح ولكن عندما يأتون لخدمتكم كي يغرسوا فيكم مبادئ الاخلاق ويوضحوا لكم اصول العقيدة التي تربطنا بمحمد وآل محمد (ص) فهذا الجهد الذي يبذلونه هو نعمة كبيرة من الله فلابد ان نشكر الله عليها وإلا هؤلاء الاستاذة أيضا عندهم أهل وعندهم أطفال وبودهم أن يجلسوا معهم ولكنهم يعتبروكم عيالهم، لانكم من ايتام آل محمد (ص)، وايتام آل محمد الله كفل العلماء برعايتهم، واليوم رجال الدين بحمد الله تعالى ممن نذروا انفسهم من اجلكم وانا اقول لكم شيء انتم اليوم مغبوطين، لأن الذين عاشوا قبلكم لم يحصل لهم مثل الذي يحصل لكم اليوم، بحيث ان رجال دين يتبسطون معكم في الزمن السابق ما كان يسمح للذين كانوا من أعماركم من دخول حتى المجالس! لكن اليوم بحمد الله صارت الامور طيبة وأصبح رجال الدين هم الذين يقتربون منكم يتحببوا اليكم وهذه نعمة.
توطيد العلاقة مع العلماء وعدم نسيانهم
والذي أنهي به حديثي هو أنكم كلكم في العام الماضي كان موجودا في هذه الدورات وهذه السنة يتهيأ لكي يرتقي الى مرحلة ثانية، سؤال: هذه السنة التي قضيتموها من شهر رمضان العام الفائت والى شهر رمضان هذه السنة، هل التقيتم بأستاذكم طول السنة؟ هل سألتم عنهم طول السنة؟ هل اتصلتم بهم تليفونيا طول السنة؟ هل قلتم لآبائكم بلغوا سلامنا لهم؟ نحن لابد ان تكون لنا علاقة مع رجال الدين الذين هم كواكب ومصابيح، هؤلاء أيضا آبائنا، لان عندنا أب يولدنا وأب الذي يعلمنا وهؤلاء العلماء هم الذين يأخذون بأيدينا الى الجنة، وبهؤلاء وامثالهم نعرف اصول العقيدة، ونعرف مَن ربنا، ومَن نبينا، وما هو ديننا، وما هي قبلتنا، وما هو كتابنا، ومن هم ائمتنا، ومن هو الامام المفترض الطاعة علينا وهو الخلف الباقي من آل محمد صاحب الزمان، كل الائمة عليهم السلام هم ائمتنا، لكن الامام الذي يراقبنا ويتابعنا ومسؤول عنا اليوم في الدنيا هو الامام المهدي (ع).
قصة وعبرة
أنقل لكم قصة قصيرة نأخذ منها درس وهو عدم الاستعجال في اصدار الحكم، نحن علينا ان لا نستعجل في احكامنا علينا ان ننتبه، هذه القصة يذكرها الدكتور عبدالله الطيان في كتابه يقول: هناك شخص كان يدرس في الثانوية في يوم من الأيام قال له ابوه اذا نجحت هذه السنة سوف اشتري لك سيارة، فالولد فرح كثيرا وعزم على النجاح، فترك اللعب والخروج مع الاصدقاء وضغط على نفسه في الدراسة والمذاكرة وصار يذهب الى الاستاذ كي يستفهم منه الدرس وضبط الامور تماما، وآخر السنة صاروا يعلنون النتائج، في ذلك الزمان النتائج كانت تعلن في الجرائد أو من الاذاعة؛ نتائج المتوسط والثانوية فكان الشباب يسهرون ويتابعون الاذاعة من أجل ان يسمعوا اسماء الطلبة الناجحين، فهذا الولد بعد الامتحان لم يهتم بإعلان النتائج وذهب مع الشباب حتى يعوض الفترة الذي قضاها فقط في الدراسة، وقد أعلنوا الاسماء والاب سمع بان ابنه نجح ونجح بامتياز فذهب واشترى له سيارة، لكن قال انا سوف اعمل له مفاجئة، وهي ليست بالكيفية التي هو يتصورها اريد أن اربطه بمبدئه، فجاء بالقرآن الكريم ووضعه في غلاف جميل ووضع مفتاح السيارة تحت القرآن الكريم، بعد قليل جاء الولد دخل ولم يعلم بنجاحه، فبعدما علم بنجاحه قال لأبيه جاء الآن موعد الوفاء بعهدك وشراء السيارة، فقال أبيه نعم السيارة جاهرة بهذه النتيجة الطيبة أنت تستاهل السيارة، قام وجاء بالظرف الذي فيه القرآن وقدمه للولد، الولد تصور أن اباه يريد ان يخدعه اعطاه نسخة من القرآن حتى يسكته، فاخذ الولد العلبة التي فيها القرآن ولاحها على الارض! وخرج من الباب وهرب.. طبعا الأب انصدم وهذه الصدمة استوجبت ان يأخذوه الى المستشفى، الولد بعد أيام رجع إلى البيت وإذا بالأمور مضطربة وهناك صياح ونياح، فعلم ان أباه قد مات، ورأى أمه في تلك الحالة في البيت، العلبة التي كان فيها القرآن ومفتاح السيارة كانت على حالها فقدمت الام العلبة مع مفتاح السيارة للأبن... لكن هل ان أباه سيرجع؟!!
فيجب ان لا تستعجلوا في الحكم على اصدقائكم وعلى اصحابكم وعلى اهلكم، تريثوا في كل مسائلكم قبل ان تقدموا على شيء، أسال من الله سبحانه وتعالى ان يحفظكم وان يوفقكم لكي تحققوا الامتيازات في المدارس ان شاء الله وتصبحوا متفوقين ومن اصحاب الشرف ان شاء الله، زينوا مجلسنا واجتماعنا هذا بالصلاة على محمد وآل محمد.