نص كلمة: في رحاب أهل البيت (ع)

نص كلمة: في رحاب أهل البيت (ع)

عدد الزوار: 1027

2018-01-10

ليلة الثلاثاء 1439/4/7 هـ في مسجد العباس بالمطيرفي

 

بسم الله الرحمن الرحيم

صلى الله وسلم على اشرف انبيائه ورسله حبيب اله العالمين ابي القاسم محمد، صلى الله عليه وآله الطيبين الطاهرين ثم اللعن الدائم المؤبد على اعدائهم اعداء الدين

﴿رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي * وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي * وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسَانِي * يَفْقَهُوا قَوْلِي﴾[1]

اللهم وفقنا للعلم والعمل الصالح واجعل نيتنا خالصة لوجهك الكريم يا رب العالمين

في رحاب مناسبات أهل البيت عليهم السلام

قال الله العزيز في كتابه الكريم ﴿إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ﴾[2]

جاء في الحديث الشريف عن النبي الاعظم محمد (ص) انه قال: «فاطمة بضعةٌ مني»[3]

1ـ الزهراء؛ الكوثر الذي لا نهاية لفيضه

بتنا على أبواب مناسباتٌ ثلاث؛ المناسبة الأولى ذكرى شهادة السيدة الزهراء سلام الله عليها، المظلومة المقهورة الملطومة، كما سمعناه كثيراً في الحديث وقرأنا عنه كثيراً، لكن الزهراء سلام الله عليها لا تختصر في جانب من جوانب حياتها وما جرى عليها، لأن الزهراء سلام الله عليها عاشت الرسالة والرسالة كانت في مهدها وتماشت معها حتى أن اختار الله سبحانه وتعالى حبيبه المصطفى إلى جواره، ثم سرعان ما لحقت بأبيها، صعوباتٌ اعترضت الرسالة في مكة، كان النبي الأعظم (ص) يتحملها يتجرع غصصها، الزهراء كانت إلى جانبه، الزهراء سلام الله عليها كانت تضمد جراحه وتجفف عرقه المقدس الطاهر، الزهراء سلام الله عليها عاشت أمها وهي تحتضر وتودع الدنيا لتخلفها وراءها يتيمةً لولا ظل النبوة، الزهراء سلام الله عليها أبصرت عمَّها رضوان الله تعالى عليه في الشعب وهو أيضاً يغادر الدنيا، الزهراء سلام الله عليها كانت عندما كان النبي (ص) في عوالم عروجه لملكوت أعلى تعيش المسيرة لحظةً بلحظة، كل التغيرات، كل التحولات، كل الأحداث كانت بمرأى ومسمع من الزهراء بنت النبي سلام الله عليه، حتى غاب النبي عن هذا العالم الشهودي، دارت الدنيا تقلبت الأحوال تقدم رجال تأخر آخرون وجدت نفسها سلام الله عليها بين الحائط والباب مع حوادث جمة مرعبة مخيفة خطيرة قاتلة، بالنتيجة انتقلت إلى جوار ربها في ركب الحبيب المصطفى أيام قليلة بين ذكرى وفات النبي وشهادة الزهراء وفي هذا مؤشر بان الرحلة لم تكن طبيعية وإنما كان يكتنفها الكثير من الآلام والمصاعب والمخاطر والأحداث والتناقضات هذا في اقل ما يمكن أن يقال وإلا الأمر أكثر من ذلك، لكن ضيق العبارة عن نقل المعنى هو الذي يجعلنا نقف عند هذا الحد.

الزهراء المرآة الصافية لمعطيات الوحي واشراقات الرسالة

لكن الزهراء يمكن أن تقرء في جهادها، في صبرها، في تحملها، في عبادتها، في علمها، في كون الزهراء المرآة الصافية لمعطيات الوحي واشراقات الرسالة لكون الأمين جبرائيل يحط رحله في بيتها في بيت أبيها، أول من يسمع القرآن عليٌ وفاطمة بعد أن تخاطب السماء النبي الأعظم محمد (ص) بآيات القرآن الحكيم، هذا المقام ليس بالهين ليس بالسهل أن الأمين يحدث النبي، أن الأمين يأتي بالذكر بعدها يقرأه النبي (ص)، أول سامع من الرجال عليٌ، أول مستمع من النساء فاطمة هذا الحال في المدينة وأواخر الأيام في مكة إذا كان مشرب العلم هو الوحي كرافد أول ومشرب العلم هو السنة المطهرة من صاحبها دون واسطة ما عسى أن تكون تلك المرأة في مقامها العلمي! عصمةٌ في نفسها، عصمة في أبيها، عصمة في بعلها عصمةٌ في بنيها، موردها الأول في استسقاء المعرفة والمعلومة والحكمة هي السماء، جبرائيل محمد (ص)، الجهة الثانية؛ النبي فاطمة، الجهة الثالثة؛ عليٌ فاطمة مثل هكذا مورد لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، لان الطريقة معصومة ليس فيه من يحتمل الخطأ والاشتباه والتردد والتباس الأمر، عصمة نبوة وعصمة إمامة تلتقي في من؟ في الزهراء سلام الله عليها التي هي بما هي هي عصمة.

2ـ فاطمة المعصومة؛ فيض من الكوثر

المناسبة الثانية ذكرى وفات السيد الجليلة كريمة اهل البيت السيدة المعصومة هذه المرأة التي تمثل انموذجاً مصغراً للزهراء يحكي الكثير من جوانب شخصيتها، شابهتها اسماً وعمراً ومصاباً وكرامةً، ونحن عندما نقرء هذه الآية الشريفة: ﴿إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ﴾ واحدة من ثمار ذلك الكوثر الذي هو فاطمة، هي السيدة فاطمة المعصومة بنت الإمام الكاظم عليهما السلام، شرفنا الله وإياكم للوصول إلى عتبتها الطاهرة هذه السيدة العالمة والكريمة والعابدة والصابرة، مع الأسف التاريخ لم يسلط كما ينبغي على ما جرى عليها من المصائب التي تحملتها والمشاق التي ذللتها والعقبات المتراكمة بعضاً على بعض والتي تخطتها، هذه المعصومة عابدة وبيت النور الذي هو على مقربة من مرقدها الطاهر شاهدٌ على عبادتها، فاطمة المعصومة سلام الله عليها كما يقول موسى الاشعري شيخ الاشعريين في قم انها نزلت عندنا ولم تقضي ليلها إلا في عبادة ونهارها إلا في صوم وقد أخذت العلة منها مأخذها، لذلك كل ما تراه اليوم من بركات فهو من فيوضاتها؛ حوزة علمية كبرى بفضل وجودها، مراجع، أعلام، مؤلفون، مفسرون، فلاسفة، متكلمون، سالكون و... بفضل واحدة من إشراقات السيدة فاطمة المعصومة عليها السلام.

3ـ الإمام العسكري (ع) وتوطيده للإمام الحجة (ع)

المناسبة الثالثة ذكرى ميلاد الإمام العسكري (ع) هذا الإمام غنيٌ بطبيعة الحال عن التعريف هو الإمام، ابن الإمام، أب الإمام آثاره التي خلفها وراءه في مساحة العلم وبالأخص في باب التفسير، يعني العناية بالقرآن الكريم هي من الأمور التي تفرض واقعها على المشهد العلمي عبر تقلبات القرون، الإمام الحسن العسكري (ع) أنيطت به مهمة ضخمة وصعبة جداً ألا وهي الحفاظ على الخلف الباقي من آل محمد صلوات الله وسلامه عليهم اجمعين، أتباع مدرسة أهل البيت عليهم السلام لم يألفوا ولم يأنسوا أن يغيب عنهم الإمام المفترض الطاعة عليهم عن أوساطهم وإنما كان معهم، يحضرون مجلسه ويحضر مجلسهم، يسألون منه ويجيبهم ويحل لهم المسائل، لكن الآن أصبح أتباع المدرسة على مفرق طرق ونقلة سوف تحدث وتحصل مفادها أن الإمام المفترض الطاعة سيغيب ولن يكون بين ظهرانيهم، ليس من السهل الوصول إليه والأخذ عنه بالمباشرة هذا الأمر يحتاج إلى توطئة وتهيئة أسباب، بمثال بسيط نقربه؛ الإنسان عندما يريد احد منا ان يغادر في سفر ما والفترة تكون طويلة لا يمكن أن يخطو خطوته الأولى ما لم يجعل متقدمة عليها تهيئة الأسباب في العائلة، مثل ترتيب الأمور المالية للعائلة، لابد ان يجعل شخص يدير الأمور يهيئ الأسباب وبعد أن يطمئن يسافر وهو مرتاح البال في غير ذلك ستصعب الأمور وتتخلخل، هذه قضية بسيطة كيف بإمام الأمة وسيد البشر في اصله لابد وان تهيأ الأسباب، هذه التراكمات من القرون والتقلب بين أيدي الأئمة الواحد تلوى الآخر عليهم الصلاة والسلام يحتاج إلى توطئة انيطت بالإمام العسكري (ع)، مهمته الأولى أساساً بعد الإمامة المفترضة سيراً أن يكون هنالك تهيئة لذلك اختص الخاصة من شيعة أهل البيت واتباع مدرسة أهل البيت وهيأهم وصقلهم ليكونوا الواسطة بينه وبين جهة الفيض المهدوي، انتقلت الأمور بعد شهادة الإمام العسكري بهذه الطريقة.

الطرق الموصولة الى الامام الحجة (ع) وكيفية التعاطي معها

نحن مسؤوليتنا في زمن الغيبة ان نتعلق بصاحب الغيبة على أي نحو؟ القرآن احد الطرق الموصولة للإمام المهدي (ع) فما حالنا معه؟ ثم روايات أهل البيت عليهم السلام في مقامات الأئمة في رتبهم أيضا من الطرق الموصلة إليه في غيبته، لكن ما هو حالنا معها؟ التردد على مراقد المعصومين أيضا هو أحد الأبواب المفتوحة أمامنا، لكن كيف حالنا معها؟ بعض الناس يتصور ان الزيارة فقط تختص بالإمام الحسين (ع) فإما ان يذهب الى العراق أو الى إيران لزيارة الامام الرضا (ع) للزيارة أو لا تقبل منه أي زيارة اخرى! في حين عنده سيد البشر من آدم حتى نهاية الكون، بين يديه الزهراء البضعة الطاهرة، بين يديه أربعة من الأئمة المعصومين عليهم السلام، هلا سألت كيف حالك معهم؟ لكن لكثرة ما استغرقنا فيه بتنا لا نعتقد الزيارة إلا أن نزور الامام الحسين ولا نثاب حتى نزور الحسين ولا نجاة لنا من جهنم حتى نزور الحسين (ع)! أهل البيت عليهم السلام كلهم سفن نجاة، بل حتى العباس باب نجاة، السيدة زينب باب نجاة، السيدة المعصومة التي تحدثنا عنها باب نجاة، هذه عقيدتنا ولا يستطيع احدٌ أن يزحزحنا عنها قيد أنملة هم شفعاؤنا، هم وسطاؤنا، بهم نتمسك وفي محلهم نحط رحالنا وفي ميزانهم نضع أعمالنا ان قصرت ثقلوها، بماذا؟ بالصلاة على محمد وآل محمد. فمن كان شفعاؤه هؤلاء لا يخاف شيئا، اللهم عليه أن يصحح العلاقة إذا كان هناك تقصير معهم لا يخرج من الدنيا وهو في حالة التقصير، بالنتيجة التقصير موجود لكن المهم ان لا اخرج من الدنيا وأنا في حالة التقصير، اليوم مع شديد الأسف في بعض الأماكن عندما يذكر أهل البيت تحصل حالة‌ عدم ارتياح لماذا؟ أنت محسوب عليهم، تصوروا بعضهم عندما يأتي ذكر لمحمد وآل محمد وتعتلي الأصوات بالصلاة على محمد وآل محمد تنقبض نفسه والعياذ بالله. أتدرون لماذا؟ القرآن يقول: ﴿كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ[4] وهذا لا يحدث فقط في العمل و... بل في حصاد السنتهم، بأفعالهم، بقطيعة أرحامهم، بمحاربة المؤمنين، بقطع الطرق على من أراد الهداية والإصلاح وما الى ذلك.. رحم الله من غاب عنا وعنكم وعجل الله فرج ولي أمرنا والحمد لله رب العالمين.