نص كلمة في ذكرى ميلاد الإمام الحسن المجتبى عليه السلام
بسم الله الرحمن الرحيم
وصلى الله على اشرف المرسلين حبيب اله العالمين ابي القاسم محمد وآله الطيبين الطاهرين واللعن الدائم المؤبد على أعدائهم أعداء الدين.
﴿رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي * وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي * وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسَانِي * يَفْقَهُوا قَوْلِي﴾[1]
اللهم وفقنا للعلم والعمل الصالح واجعل نيتنا خالصة لوجهك الكريم يا رب العالمين
اسعد الله ايامنا وايامکم بهذه المناسبة العظيمة، ذكرى ميلاد الامام الحسن المجتبى سبط النبي الاعظم محمد (ص). الامام الحسن (ع) قصة زمن، ابتدأت مع مولده ولم تنتهي الى يومنا هذا، بل انتهاؤها عندما يخرج ابن الحسن.
روي عن اسامة ابن زيد الصحابي المعروف وامير الجيش أنه قال: «طرقت النبي (ص) ذات ليلة لبعض الحاجة فخرج النبي (ص) وهو مشتمل على شيء لا أدري ما هو فلما فرغت من حاجتي قلت: ما هذا الذي أنت مشتمل عليه؟ فكشفه فإذا حسن وحسين على وركيه فقال: هذان ابناي وابنا ابنتي، اللهم انك تعلم اني أحبهما فاحبهما وأحب من يحبهما»[2]. اللهم اجعلنا من المحبين لهم المسلمين بامامتهم
شذرات من حياة الامام الحسن المجتبى (ع)
الامام الحسن (ع) ولد في المدينة وتوفي فيها، ستون ربيعاً هي تلك الفترة التي قضاها، هذه الفترة فيها دروسٌ وعبر، فيها نورٌ واشراق، فيها تقديم للمصلحة العامة هو ذلكم الامام الحسن ثاني ائمة اهل البيت عليهم السلام، تولى خلافة المسلمين لسبعة اشهر، لذلك يقال عنه الخليفة الراشد الخامس عند من انصف منهم، ابوه المرتضى وكفى، امه الزهراء، اخوه سيد الشهداء، وجده اشرف من شرّف الوجود بوجوده واشراقة نوره ألا وهو النبي الاعظم محمد (ص)، حضر بيعة الرضوان، احد الوجوه المشرقة يوم المباهلة، احد اركان أصحاب الكساء الخمسة؛ محمد وعلي والزهراء والحسن والحسين، كلهم نورٌ واحد اولنا محمدٌ اوسطنا محمد وآخرنا محمد[3]. عينه الخليفة الثاني في شورى الخلافة وطمست معالم هذه الفقرة لما لها من الدلالة الخاصة وما ترتب عليها من الاثر، شارك في بعض فتوحات المسلمين وهذه قضيةٌ اعيد فيها الجدل من جديد هذه الايام، حافظ على حياة الخليفة الثالث وهو الذي كان يوصل الماء الى بيته، رغم ذلك يأتي من انحرفت يده في كتابة التاريخ ليتهم الامام علي (ع) فيها، في حين ان الامام علي (ع) هو الذي دفع بالحسن والحسين عليهما السلام للحفاظ على حياة الخليفة وهو من تكفل بايصال الماء والطعام على خلاف ما قام به اجداد البعض في شعب ابي طالب. اهل البيت عليهم السلام ما هم الا الرحمة وما هم الا السلام وما هم الا المصداقية وما هم الا النورانية التي يمتد حبلها في السماء، الامام الحسن (ع) احد القادة في حروب الامام علي (ع) حيث شارك في الجمل وصفين رغم ذلك ايضا لا تجد مساحة في التاريخ كافية تكشف لنا النقاب عما قام به من دور كبير ومؤثر في سير تلك المعارك وما ترتب عليها من حفظ دم المسلمين العام.
أهمية العلم والفكر عند الامام الحسن المجتبى (ع)
ايها الاحبة نحن اليوم لسنا في زمن ليس فيه الا النوم والاكل والشرب وانما هو زمن العلم والعمل والجد والاجتهاد قدر الامكان، الامام الحسن (ع) مدرسة وحريٌ بنا بقدر ما نحتفل بذكراه ان ننهل من علومه ومعارفه وعطاءاته، يقول (ع) وهو يحثنا للفكر والتفكر: «عليكم بالفكر فإنه حياة قلب البصير ومفاتيح أبواب الحكمة»[4]، كلنا لدينا قلوب، ولكن من يحرك عقله وفكره حينها ستتحول هذه الكتلة من الدم والعصب الى حالة من النورانية المشرقة، بعدها تكشف له دلاهم الظلمة من حوله وستكون بمثابة مفاتيح لابواب الحكمة، وورد أيضا في الحديث النبوي الشريف: «من أخلص العبادة لله أربعين صباحا ظهرت ينابيع الحكمة من قلبه على لسانه»[5]، الامام الحسن (ع) يخاطب الجيل من حوله ويمتد الخطاب ليومنا يقول (ع): «إنكم صغار قوم، وتوشكون أن تكونوا كبار قوم آخرين، فتعلموا العلم، فمن لم يستطع منكم يرويه أو يحفظه، فليكتبه وليجعله في بيته»[6] أنا ومن هذه المنصة كنت قد كررت واكدت كثيرا واعيد ذلك ولن أمل، لانني اسكنتكم يا ابنائي ويا اخواتي في قلبي ولاني احمل همكم كما احمل هم ابنائي الصلبيين، ايها الاحبة، ايها الابناء، ايها الذين يصفكم الامام (ع) «كبار قوم آخرين» خذوا العلم من مضانه، اصرفوا الاوقات في سبيل تحصيله، لا تدعوا الفرص تذهب من بين ايديكم، يقول (ع) «إنكم صغار قوم، وتوشكون أن تكونوا كبار قوم آخرين، فتعلموا العلم، فمن لم يستطع منكم يرويه أو يحفظه، فليكتبه وليجعله في بيته» ايها الاحبة! التفكر امرٌ مهم وهو الدرس الذي نريد ان نأخذه من هذه المناسبة يقول (ع) في اهمية ذلك: «عجب لمن يتفكر في مأكوله كيف لا يتفكر في معقوله فيجنب بطنه ما يؤذيه ويودع صدره ما يزكيه»[7] يعني دائما يفكر ما هو الفطور وما هو السحور في شهر رمضان وما هو الغداء والعشاء في ايام الفطر ـ بلغنا الله واياكم وعموم الأمة الاسلامية العيد ان شاء الله ـ لا نطيل عليكم بارك الله لنا ولكم، اعاد الله المناسبة علينا وعليكم، تقبل الله منا ومنكم، جعلنا الله واياكم من المحسوبين على صاحب المناسبة في الدنيا والآخرة، أوكد امراً طرقت بابه في ذكرى الاربعين في شهر صفر او قبلها بقليل؛ الله الله في السبط الاول، الله الله في السبط الحسن، الله الله في هذا الامام العظيم، الله الله في الحسن بن علي المظلوم صاحب القبر المهدوم، ان لم نلتحم به ونكرر التردد على ضريحه فنحن الذين نعيش الخسران المبين وقتها، الامام يشملنا بلطفه فعلينا ان نتعاطاه عن قرب وفقنا الله واياكم جميعا لكل خير والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.