نص كلمة:علاقتنا بالإمام علي عليه السلام

نص كلمة:علاقتنا بالإمام علي عليه السلام

عدد الزوار: 1452

2016-10-08

ليلة الثلاثاء 1437/12/25هـ في مسجد العباس بالمطيرفي

بسم الله الرحمن الرحيم

وصلى الله على اشرف المرسلين حبيب اله العالمين ابي قاسم محمد صلى الله عليه وآله الطيبين الطاهرين ثم اللعن الدائم المؤبد على أعدائهم أعداء الدين

رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي * وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي * وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسَانِي * يَفْقَهُوا قَوْلِي﴾[1]

اللهم وفقنا للعلم والعمل الصالح واجعل نيتنا خالصة لوجهك الكريم يا رب العالمين

قال رسول (ص) لعلي (ع) «انت مني بمنزلة هارون من موسى الا انه لا نبي بعدي»[2]

جوانب الامام علي (ع) المشرقة التي لا تعد ولا تحصى

اكثر من الف واربعمائة سنة تفصلنا عن حيات الامام علي (ع) وعن ادواره، ولكن لا زلنا في مسيس الحاجة لكي نقترب من تلك الحيات ومن تلك الأدوار، لان حيات الامام علي (ع) بمساحة الدنيا بكل ما تحمله الكلمة من معنى، الامام عليٌ (ع) هبة السماء لأهل الأرض، وعطية الله للنبي الأعظم محمد (ص) لكثرة ما في حياته من الجوانب المشرقة وكلها مشرقة يحار المتحدث من ايها يبدأ! هل يبدأ من ميلاده المتميز؟ أم يبدأ من مساحة الكفالة الطيبة من على يد النبي الأعظم (ص)، أم يبدأ من اسلامه وبعبارة ادق من اعلانه لإسلامه، لأنه لم يتعبد مع النبي (ص) من الرجال بادئ ذي بدء الا الامام علي (ع) حينها ستكون في كلمة «اسلم عليٌ» الشيء الكثير من التسامح، فعليٌ (ع) لم يولد مشركا ولا كافرا حتى يسلم! وانما ولد على فطرة الاسلام والحنفية الابراهيمية، الإمام علي (ع) عندما تريد ان تذهب معه في جهاده سترى الابواب مشرعة امامك، من ايها شئت ترد، بل وهل حسمت حربٌ خاضها النبي (ص) الا بسيف علي (ع)؟ام تتعامل مع الامام علي (ع) على اساس من علمه وهو باب المدينة الكبرى، باب مدينة علم الرسول (ص).

كتاب نهج البلاغة الشريف وكيفية التعامل معه

ولعلي اتوقف هنا هنيئة، اقول: خلّف الامام علي (ع) وراءه مجموعة من الخطب والبيانات والرسائل والكتب والتوقيعات جمعت تحت عنوان «نهج البلاغة» من حقنا ان نسال ونحن الموالون لعلي (ع) المعتقدون بإمامته والملتزمون بنهجه: هل في كل بيت من بيوتنا يوجد كتاب نهج البلاغة الشريف حتى نقرأ عليا (ع) من خلال ما كتب، من خلال ما عبّر، من خلال ما وصف، من خلال ما قدّم ومن خلال ما رسم؟ أم أننا لو فتشنا في بيوتنا عن ذلك لما اهتدينا سبيلاً، وهنا الكارثة وهنا الطامة الكبرى ربما نعيش علياً (ع) من خلال مجلس عزاء عابر أو في ذكرى مولده مصادفة، أو في ذكرى شهادته من اللابد ولكن ما عسى ان يكون وقت يقضى في ثلاث أو اربع ساعات ان يسلط الضوء على جانب من جوانب حيات الامام علي (ع) ناهيك من ان تكون الحيات مكشوفة أمامنا بالمطلق، إذا كان كتاب نهج البلاغة لا يحظى بمساحة صغيرة في بيوتنا فعن أي ولاء نتحدث! عن الولاء اللفظي! متى تندك في المعشوق؟ اليس بعد ان تتعرف على جميع أبعاده ومكامن عظمة ذاته؟ وهل يدلنا على الامام علي (ع) إلا ما تكلّم به عليٌ (ع) عن نفسه، أو ما أفاضه النبي (ص) عن علي (ع)، او ما تكفلته السماء في آيات محكمة، مثل: ﴿عَمَّ يَتَساءَلون * عَنِ النَّبَاِ العَظيم﴾.[3]

عليٌ (ع) رمز العدالة والمحبة والسلام

عليٌ (ع) خير من يقدم نفسه للبشرية كرمز عدالة ومحبة وسلام وحنان، الإمام علي (ع) في أشد ساعات الحرب في لهواتها عند اصطكاك الأسنة لا يغفل عن ذكر الله، الإمام علي (ع) لم يعهد عنه انه تعقب هاربا قط، الامام عليٌ (ع) لم يعرف عنه انه أجهز على جريح قط، إلا في موطن واحد استثناءا لان الرجل لم يمهله كي تكون الضربة قد أخذت موقعها الطبيعي منه في قضية الخندق، الإمام علي (ع) في علمه في أخلاقه في سلوكه اسوة كاملة، صدقوني لا زال الامام عليٌ (ع) غريبا في أوساط محبيه، ونحن السبب في ذلك، لأننا نكتفي بالدموع التي نذرفها في مصابه، والتي من الأحرى ان نذرفها على أنفسنا، لأننا لم نعرف الامام علي (ع) كما ينبغي، لأننا لم نقرأ عليا (ع) كما ينبغي، لأننا لم نترك مساحةً لأنفسنا كي ندلف من خلالها لعلي (ع).

لابدية قراءة الامام علي (ع) من خلال نهجه الشريف

نهج البلاغة في باب العدل، نهج البلاغة في باب التوحيد، نهج البلاغة في باب النبوة، نهج البلاغة في باب الإمامة، نهج البلاغة في باب المعاد، نهج البلاغة في باب العلوم والمعارف، نهج البلاغة في باب السلوك والتربية، نهج البلاغة في باب التفسير والبيان، نهج البلاغة في اللغة وتشقيقاتها، نهج البلاغة والحوار...، الامام عليٌ (ع) حتى عندما يريد ان يحاور خصمه اللدود في الشام لم يسمح لنفسه ان يتجاوز حدود ما اختطته السماء، بل حتى مع الخوارج الأشداء الألداء الأكثر خصومة للعدالة وللسلم وللمحبة وشواهدها اليوم كثيرة، الامام عليٌ (ع) لم تجمح نفسه، لان العصمة فيه، عليٌ (ع) عندما يسأل عنهم (اي عن الخوارج) يقول: « هم إخواننا بغوا علينا»[4] يعبر عنهم بالأخوة، في حين ان السيف كان قد وقع والدماء قد سالت، لكن الامام علي (ع) يأبى ان يطرد هؤلاء من حظيرة ما يجمع فيما هو المشترك! في حين نحن لا يتحمل الجار جاره ولا الصديق صديقه ولا العامل رفيقه وربما حتى الزوج زوجته ولا الوالد ولده والعكس صحيح، أين نحن ذاهبون! الإمام علي (ع) الذي يتفقد ذلك المسيحي، الإمام علي (ع) الذي يسأل عن احد أتباع الخوارج عندما تأخر عن أخذ عطائه من بيت المال! هذا هو الامام علي (ع)، علي (ع) السمو، الصفاء، الطهر، النقاء، الثبات هذا هو علي، إذا أردنا ان نعيش علياً (ع) فما علينا إلا ان نعود لعلي (ع) ولا يرجعنا إلى دائرته إلا نهجه، فعلى كل واحد منا ان يراجع الحسابات ليقرأ علي (ع) من خلال كلامه، لانه خير مرشد وخير دليل وخير كاشف وموضح.

وحدة النفس بين النبي (ص) وعلي (ع)

في هذا اليوم مناسباتٌ كلها لعلي (ع) تدلل على ما لعلي (ع) من المقام والسمو والرفعة والقرآن يختصرها في جملة واحدة بل مفردة: ﴿وانفسنا﴾[5]! وحدة النفس بين النبي (ص) وعلي (ع)، فمن كان النبي (ص) قدوته فعليٌ (ع) هو القدوة له ومن كان النبي (ص) قبلته فعليٌ (ع) كذلك، أسأل من الله سبحانه وتعالى ان يجعلنا وإياكم من المتمسكين بولاية أمير المؤمنين، المتعرفين لحقيقة ذاته، السائرين على نهجه، الثابتين على الولاء والمحبة له وممن ينالون الشفاعة على يديه ويكرمون لشرف الوصول إلى عتبته انه ولي ذلك والحمد لله رب العالمين.