نص كلمة: علاقة الإمام علي (ع) بالنبي (ص)

نص كلمة: علاقة الإمام علي (ع) بالنبي (ص)

عدد الزوار: 1008

2017-10-13

ليلة الثلاثاء 1438/12/21 في مسجد العباس بالمطيرفي

بسم الله الرحمن الرحيم

وصلى الله على محمد آله الطاهرين واللعن الدائم المؤبد على أعدائهم أعداء الدين

﴿رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي * وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي * وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسَانِي * يَفْقَهُوا قَوْلِي﴾[1]

اللهم وفقنا للعلم والعمل الصالح واجعل نيتنا خالصة لوجهك الكريم يا رب العالمين

قال رسول الله (ص): «اعلموا أن عليا منى بمنزلة هارون من موسى، إلا أنه لا نبي بعدي»[2].

علي (ع) مع النبي (ص) منذ الولادة

جميع صفات الأنبياء تجسدت في علي (ع) من نوح مروراً بإبراهيم وموسى وعيسى والنبي الأعظم محمد (ص)، كل ذلك جعل من المولى علي (ع) أيقونة تلفت الأنظار من حولها، قرون متعاقبة مرت وبقي علي (ع) مشرقاً كالشمس في رابعة النهار وكالبدر في ليلة تمامه وكماله، ولا غرابة في ذلك ابداً حيث اصطفاه الله بين الأولياء والأوصياء وأمّره عليهم جميعاً، عليٌ (ع) شرّف الكعبة بمولده فيها لا كما يتوهم البعض، عليٌ (ع) هو أول من تعبّد الله الى جانب النبي (ص)، ولم يقف أحدٌ الى جانب النبي متعبداً بعبادته متقربا الى الله وقتها الا هو، الامام عليٌ (ع) كان للنبي (ص) الزم من ظله، لذلك نال القدح المعلى من نمير عطاء النبي ونمير عطاءه يعني عطاء السماء، فالوحي الذي يباشر قلب النبي يلامس سمع علي، عليٌ (ع) اعبدهم واتقاهم واورعهم واعلمهم واقضاهم كما جاء عن النبي الأعظم محمد (ص).

علي (ع) والنبي (ص) في الحروب

وانتهى الفصل الأول في مكة ليبدأ فصلا آخر في المدينة، حروبٌ طاحنة هددت مكون الاسلام في اول ايامه بعد الهجرة، وما حصل في أحد مثّل نذير خطر، لولا عليٌ (ع) والثلة التي ثبتت من حول النبي لقتل النبي وذهب الاسلام ادراج رياح وكان عليٌ (ع) في الصف الاول، يقذف نفسه في لهوات الحرب، واخذ مؤشر البوصلة اتجاهه الطبيعي في صالح المسلمين بسيف علي، بقدرات علي، بثبات علي، بتضحيات علي (ع)، الامام علي الذي كان يتد في الارض قدمه ويعر الله جمجمته ويرمي ببصره طرف القوم في الوقت الذي احجم من احجم وانكفأ من انكفأ وتراجع من تراجع ولاذ بالهرب من لاذ وبقي عليٌ وكتبت صفحات الاسلام المشرقة، ثبات علي وهدي النبي، وهمّ النبي الاعظم بحجة الوداع وعاد الى موطنه الاول المدينة المحببة الى قلبه مكة، التي لم يخرج منها رغبة وانما أملت الظروف ما أملته مما اجبره على ان يترك المدينة المحببة لقلبه الى المدينة التي ما كانت لتتبوأ مقامها بين المدن على وجه الارض لولا ان النبي (ص) قد شرفها باشراقة وجهه المنير، وحج النبي وانهى نسكه والمسلمون من حوله ووصل الى غدير خم على مقربة من رابغ المدينة الحاضرة اليوم ونادى في المسلمين الصلاة جماعة واصطف المسلمون، خطب فيهم وعظهم وجههم، كانت الخطبة في معظم فواصلها تصب في دائرة الامامة وما يترتب عليها من الآثار ايجاباً كما هو المؤمل او سلباً فيما لو اخذ المسلمون منحاً آخر، صعد علي (ع) الى جانب النبي (ص) بعد ان امسكه بيده، ايها الاحبة! النبي يصعد علياً في موطنان: موطنٌ في مكة عندما دخلها النبي فاتحاً واراد ان يطهر الكعبة من الاصنام فاصعد النبي علياً على ظهر الكعبة والقى الاصنام من فوقها، ويأتي بعد قرون من يأتي يناقش في هل ان هذا يمثل فضيلة لعلي او لا يمثلها! وشتان بين مشرق ومغرب:

فحسبكـم هـذا التفـاوت بيننـا *** وكل إناء بالـذي فيـه ينضـح

علي (ع) والنبي (ص) في غدير خم

ذاك يومٌ ويومٌ آخر في غدير خم عندما اصعد النبي علياً على منبره الذي اتخذ له من احداج الابل وجذوع النخل ممسكاً بيد علي رافعا لها حتى بان بياض ابطيهما اشارة تحمل معنى التشريف، ابصر المسلمون المشهد، بكى من بكى، اجهش من اجهش، النبي (ص) يخاطبهم: «ألست أولى بكم من أنفسكم؟ قالوا: بلى، قال: فمن كنت مولاه فعلى مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه»[3] ... وهناك الكثير من الروايات التي يرويها الصحابة وتضمنتها الصحاح من الكتب في مدرسة الحديث عند الفريقين خاصةً وعامة بأسانيد قطعية الصدور، بل يمكن ان يدعى في حقها التواتر ولا اقل من الاستفاضة واصحاب الفن يعرفون ما معنى الاستفاضة في علم الحديث، بايع المسلمون وبخبخوا وتبادلوا التهاني فيما بينهم.

علي (ع) بعد رحيل النبي (ص)

 وايام قليلة والنبي يغادر عالم الارض ليلتحق بالرفيق الاعلى مخلفا الامة امام امتحان صعب هل تفي الأمة بالعهد والميثاق؟ ام تنقلب على عقبيها كما حذر القرآن قبل ذلك حيث قال: ﴿وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ﴾[4]، الاول لم يتحقق بشهادة التاريخ بغثه وسمينه وتحقق الثاني وما هي الا ايام والمبايع له، والمبخبخ له، والمتبادل التهاني من اجله يقاد كما يقاد الجمل المخشوش، واذا بالبيت الذي كان يقف عليه النبي (ص) مسلّماً في كل صباح يتصاعد منه دخان ينبئ عن بأساة وانتكاسة في وسط الامة، واذا بصدى اضلاع تتخشخش خلف الباب، واذا بعلي يدفع ويشتم حتى يوقف به في مسجد الرسول (ص) ويجبر على ما اجبر عليه، هو ذا علي؟ وقتها لنسأل من انفسنا ايها الاحبة: عليٌ لا يستجدي منا دموعاً وانما يستدعي فينا حالة من الايمان الصادق والوفاء بالعهد، علينا ان نلتزم بعلي نهجاً وفكراً وعطاءاً وصبرا وعلما وعبادةً وتضحية، علي الذي ينتظرنا في المحشر ليسقينا من حوضه بيده يطلب منا أمراً واحداً، علينا ان نساعده على تحصيله «أعينوني بورع واجتهاد، وعقة وسداد»[5] الورع عن محارم الله والاجتهاد في عبادة الله، هذا ما ينادينا به علي وينتدبنا له، عليٌ لا يختصر في كلمة ولا يختصر في كتاب ولا يختصر في موسوعة ولا يختصر في دراسة، عليٌ يستعصي على الباحثين ان يفكوا شفرة خلوده وعظمته، جمعنا الله واياكم على ولاية علي دنيا وآخرة واخذ بأيدينا وايديكم، وفقنا الله واياكم لزيارته في الدنيا وشفاعته في الآخرة انه ولي ذلك، والسلام عليكم ورحمه الله وبركاته.