نص كلمة :عظمة السيدة زينب عليها السلام
بسم الله الرحمن الرحيم
صلى الله وسلم على اشرف انبيائه ورسله حبيب اله العالمين ابي القاسم محمد، صلى الله عليه وآله الطيبين الطاهرين ثم اللعن الدائم المؤبد على اعدائهم اعداء الدين
﴿رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي * وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي * وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسَانِي * يَفْقَهُوا قَوْلِي﴾[1]
اللهم وفقنا للعلم والعمل الصالح واجعل نيتنا خالصة لوجهك الكريم يا رب العالمين
قال الامام زين العابدين (ع) مخاطباً عمته زينب سلام الله عليها: «أنت بحمد الله عالمة غير معلمة، فهمة غير مفهمة»[2]
اسعد الله أيامنا وأيامكم بذكرى ميلاد عقيلة الطالبيين الصديقة الصغرى زينب الكبرى عليها السلام رزقنا الله وإياكم شرف الوصول لحضرتها المقدسة عاجلاً وشفاعتها يوم القيامة.
محطات من حياة زينب سلام الله عليها
زينب سلام الله عليها أيقونة من نوع خاص تحفظ ولا يقاس عليها، يصدق مع علو شأنها قول قائلهم: ولو أن النساء كمثل هذي *** لفضلت النساء على الرجال
زينب العالمة غير المعلمة والفهمة غير االمفهمة
زينبٌ سلام الله عليها الفرع الثالث من شجرة علي وفاطمة، بنت النبي محمد (ص)، زينبٌ سلام الله عليها في المدينة الطفلة الصغيرة المدللة التي تتنقل بين حجر علي ومحمد وترتمي في أحضان الزهراء البتول، لا تحتاج لشهادة من أحد ممن تقدم أو ممن يأتي بعد ان شهد في حقها الإمام المعصوم السجاد (ع) بعد ان قدم الحمد بين يدي الله «انت عالمةٌ غير معلَّمة» كيف لا وهي في كنف الوحي وفي ظل النبوة وفي حجر الإمامة وفي طهر الزهراء.
زينب في عبادتها
زينبٌ سلام الله عليها عبادةٌ وتبتل أما في علم ومعرفة، زينب عندما تقوم في محرابها تعرف بين يدي من تقف، وعندما تنحني راكعةً تعرف لمن تنحني، وعندما تهوي ساجدةً تعرف أنها باتت في أكثر المواطن قرباً من العرش في السموات العُلى، زينبٌ سلام الله عليها لم تشعلها المصائب والمحن عن عبادتها، بل كانت تذللها لتقف بين يدي ربها خاشعةً متبتلة ولا غرابة في ذلك فأمها الزهراء التي كانت تسرج الليل بالعبادة والزهراء وزينب وزينب والزهراء.
زينب في بلاغتها وفصاحتها
أما فصاحتها وبلاغتها فقد شهد العدو بذلك قبل المحب والمريد، ودونك كتب التاريخ بقضِّها وقَضِيضها، من شرقها إلى غربها، من ماضيها إلى حاضرها، تنثني أقلامهم عندما تقترب من قداسة الحروف التي تركب منها اسم «زينب»، لأنها لا تعني تلك الحروف الصماء التي تكتب في حبر مادي وإنما هي حروف مقدسة فكلنا يعلم ان تسميتها لم تأتي الا من السماء.
زينب وتسميتها من الرب
ولدت زينب لعلي وفاطمة والنبي في إحدى غزواته، فقيل للمولى علي (ع) ما اسمها؟ فقال ما كنت لأسبق فيها أخي وابن عمي رسول الله في ذلك، فلما عاد الرسول (ص) طلبوا منه تسميتها فقال ما كنت لأسبق في ذلك ربي، وقتها هبط الأمين جبرائيل مخاطبا للنبي (ص) ان سمها «زينب»[3] وزينب تعني فيما تعنيه؛ زينة النساء المرأة الكاملة في تكوينها الجسدي ومكونها الروحي، زينبٌ سلام الله عليها في مساحتها أبانت شطرا من الجوانب المتعلقة بحاجات الأمة وضرورياتها، كان لها في الكوفة موقف وفي الشام موقف ولما عادت إلى المدينة ختمت المطاف بموقف، كل واحدةً من تلك المفردات في مواقفها الثلاثة تعني فيما تعنيه وثيقةً تاريخية من خلالها يمكن ان نقرأ من هي زينب.
زينب وصبرها وشجاعتها
أما شجاعتها وصبرها وفدائها فحدث ولا حرج، في كربلاء عندما كان يسقط الشهداء من آل بيت النبي، من آل علي، من أبناء الحسن والحسين كانت زينب سلام الله عليها هي التي تتلقاهم بساعديها، هي التي تحتضنهم وتمددهم وتمسح التراب والدم عن صفحات وجوههم، إنها زينب، زينب التي لم تضعف أبدا الا أننا أبينا إلا ان نقدمها المرأة الضعيفة المرأة التي لا حرس لها إلا البكاء، زينب سلام الله عليها على الخلاف من ذلك تماما، صحيح هي بكت لكن كان هذا من أجل اشباع الجانب العاطفي كي لا يعطل هذا الجانب في وسط الأمة، لكن ذلك لا يعني كل زينب، زينب سلام الله عليها في منتهى الشجاعة والبسالة والقوة والتضحية والفداء وبعد هذا وذاك زينب سلام الله عليها هي التي سافرت بالطف ولو لم تكن زينب لما بقيت الطف، زينب سلام الله عليها كانت تمثل مؤسسةً إعلاميةً كبرى في ذلك الزمن لا تضارعها كبرى المؤسسات الاعلامية اليوم والفرق واضح بيَّن، إعلام اليوم فيه من الكذب والتدليس والخداع الشيء الكثير لكن الاعلام الذي نهضت بأعبائه زينب كان لا ينطق الا الصدق والحق.
زينب وتفسيرها للقرآن الكريم
زينب سلام الله عليها عادت إلى المدينة حيث انطلقت في حركتها الأولى، هل جلست في المدينة تبكي كما يصور لنا؟!! كلا وألف كلا! زينب جلست في المدينة لتفسر القرآن للنساء من حولها وأسأل عن ذلك جابر الانصاري الذي نقل الكثير عنها وكذلك غيره، زينب لم تجلس في المدينة لتبكي وإنما جلست في المدينة كي تبين الظلامة الني حلت ببيت النبوة، زينب ارادت للمفاهيم والقيم والمبادئ التي جاء بها النبي وجسدها علي وسار عليها الحسن وضحى من اجلها الحسين عليهم السلام حية طرية تعبر الزمن وتلغي الحدود والفواصل المكانية هذه زينب، زينب وضعت اول حجر اساس لرعاية الايتام عندما كانت الدنيا ظالمة ومظلمة في هذا الجانب؛ فاليتيم لا يجد من يمسح على راسه لكنها زينب سلام الله عليها، زينب ينتهي الكلام وتبقى زينب زينب سلام الله عليها ايقونةٌ كما قلت، اما هي ايقونةٌ فاطمية وايقونة حسنية وحسينية وايقونة علوية ويجمع هذا وذاك كله انها ايقونةٌ محمدية، اوجدتها السماء وصاغتها النبوة والإمامة ورعتها الزهراء، نسال من الله سبحانه وتعالى ان يحقق آمالنا في ان نكون وفي القريب العاجل عند عتبتها الطاهرة نحني رؤوسنا احتراما وتقديرا لعطائها، لعلمها، لعبادتها، لجهادها، لرفعها للواء المقدس ـ لواء الحسين بن علي (ع) ـ كما اننا نسال من الله سبحانه وتعالى ان يحشرنا في زمرتها، كما قلت لكم ينتهي كل شيء وتبقى زينب، لأنها الحقيقة وتبقى زينب لأنها ارادت لنفسها ان تكون زينب المرتضاة من قبل الارض والسماء، والحمد لله رب العالمين وصلى الله على اشرف خلقه محمد وآل محمد.