نص كلمة سماحته يشارك المؤمنين خارج الأحساء العزاء على سيد الشهداء
تأملات في حيثيات الثورة الحسينية
جاء في الحديث عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال للفضيل: «تجلسون وتتحدثون؟...إن تلك المجالس أحبها، فأحيوا أمرنا، فرحم الله من أحيى أمرنا»[2]
الحديث عن الإمام الحسين عليه السلام حديثٌ بامتداد الدنيا، الحديث عن كربلاء حديثٌ عن الظرف المكاني للحدث العظيم، الحديث عن عاشوراء له خصوصيته، الحديث عن القضية بما هي قضية لها من الأهمية الشيءُ الكثير، أما الإمام الحسين عليه السلام فهو ابن علي وهو ابن فاطمة بنت النبي محمد (ص)، فالإمام الحسين ابن علي عليه السلام ينطبق عليه عنوان قصر النسب، لأن النسب على نحوين؛ نسب طويل ونسب قصير، نحتاج إلى طول النسب إذا تعذر علينا التعريف بالقريب عندما لا يكون الأب كاشف عن حالة من التعريف نحتاج إلى ذكر الجد وهكذا في سلم تصاعدي، أما إذا كان الأب يحقق لنا عنوان التعريف فلا نتجاوز ذلك الأب إلى ما هو اعلا منه وإنما نقف عند حدوده وما عسى أن يكون أكثر تعريفا من علي عليه السلام إذا ما أضيف إليه أي اسم من الأسماء؛ الحسين ابن علي كفى، الحسين ابن فاطمة كفى، عليٌ عليه السلام هو اعرف من عرفه الوجود بعد تعريف النبي محمد (ص)، هذا القاسم بين النبوة والإمامة والنور الثالث بين أنوار العظمة أيضا هو يولد حالة من التعريف لا نحتاج إلى مزيد البحث عما ورائها، الإمام الحسين عليه السلام بما هو هو، هو معرفة أصلا هو معرفة من يريد أن يعرّف نفسه عليه أن يضيف نفسه للإمام الحسين عليه السلام لذلك نقول أن المجتمع حسينيٌ، حسينيٌ في سلوكه، حسينيٌ في أدبه، حسيني في تضحياته، حسيني ٌ في جوده، حسينيٌ في... صفات كمال مختزنة في ذات الحسين ابن علي عليه السلام والإضافة تتحقق لأدنى الأسباب، كيف إذا كان السبب يشكل حالة من الجوهرية كما هي الصفات التي استعرضتها سريعا، فالحسين بن علي عليه السلام يعرّف، الحسين ابن علي عليه السلام يشرّف، الحسين ابن علي عليه السلام يكلّف، وهذا ما يهمني التوقف عنده قليلاً نحن عندما نضاف إلى الإمام الحسين عليه السلام في انتمائنا الولائي العقدي نتشرف بذلك ولكن هذا التشريف يستبطن شيئاً آخر ألا وهو التكليف، لأنا أضفنا إلى هذه الذات أو أردنا لأنفسنا أن تضاف إلى هذه الذات علينا أن نستنطق هذه الإضافة ما الذي تكتنزه بعد التشريف؟ هو التكليف، التكليف أن نقوم بجميع الأمور التي أراد الإمام الحسين عليه السلام أن ينهض بها وهذه قضية أرجعها إلى آخر الكلام هذا المورد الأول.
حيثية المكان
وأما كربلاء الأرض التي شكلت ظرفا مكانيا لمجريات الحدث لواقعة الطف، حركة الطف، نهضة الطف، ثورة الطف ما شئت فعبر، الإمام الحسين ابن علي عليه السلام كان بمقدوره أن يعلن حركته في المدينة المنورة وان ينهي الأمور في داخل المدينة المنورة، الإمام الحسين بن علي عليه السلام أيضا كان بمقدوره أن يعلنها في مكة سواء قبل إحرامه أو بعد الإحلال من الإحرام، واختار الإمام الحسين عليه السلام عدم إعلان الحركة والتغيير والإصلاح في داخل مكة واختار كربلاء بالذات لماذا؟ لأسبابٌ كثيرة لعل على رأس هذه الأسباب أن المدينة لم تكن مهيأة كظرف بالمطلق، الحسين قد ينهض وقد يقتل، وقد يقول قائل: النتيجة واحدة في النتيجة هو قد قتل في كربلاء، فليقتل في المدينة، لكن القتلة في كربلاء تختلف تماما عن القتلة في داخل المدينة، اذا كان في المدينة يجرم الإمام الحسين عليه السلام، وبمقدور الدولة الأموية أن تجعل من هذه القضية خروج صريح وواضح وبيّن وتصادر جميع معطيات الحركة والتضحية في كربلاء، الأمر يختلف تماما في كربلاء لان أجواء كربلاء ومحيط كربلاء له أثره الكبير في احتضان واقعة الطف والاحتفاظ بأبعادها أصلا المسيرة الطويلة العريضة تركت مجالا لتسليط الضوء، الإمام الحسين بعد ان استدار ظهره للحجاز ميمما شطر العراق هذه الحركة كانت تصب ضمن إطار تأسيس الحركة الإعلامية المستتبعة للتضحية، في مكة المكرمة الإمام الحسين كان مطلوبا، وكان سيقتل حتى لو كان متعلقا باستار الكعبة، وإنما خرج من اجل حفظ الحرم، حفظ حدود المكان والزمان أيضا لأنه زمان حج شريف في مكة المكرمة، أصلا مكة كانت لا تشكل أكثر من البعد الروحي والبعد الروحي واحد من جوانب الكمال، وليس الكمال كله، وإنما واحد من جوانبه، إشراقات الإنسان الروحية تمثل ركن من مجموعة من الأركان، أما لا تمثل جميع الأركان، لان الانسان يحتاج إلى تقوى، يحتاج إلى علم، يحتاج إلى بذل، كل هذه المسارات إذا اجتمعت مع البعد الوحي حينها تعطي عطاءها وتؤثر أثرها مكة المكرمة في واقعها لا تحمل أكثر من البعد الروحي إبان حركة الإمام الحسين عليه السلام بدليل أن الإمام الحسين وهو إمام الحاج يفترض أن يكون في ذهنية الإنسان المسلم لأنه ابن الرسول، يعني حج في حج كان الإمام الحسين عليه السلام على رأسه يفترض أن يكون لذلك الموسم خصوصية، الإمام الحسين يحل إحرامه يعلن الخروج من مكة من الذي خرج معه لو كانت الأمة على مستوى الحدث وتعي الإمام الحسين وتعي القضية لما ترك الإمام الحسين عليه السلام يخرج بهذه الصورة الضعيفة وإنما يفترض أن يلتف به لا نقول جميع الحاج، ولكن نسبة يعتد بها يدونها التاريخ، بل الأسوأ من ذلك عندما خطى الإمام الحسين بضع فراسخ ولعله كان عند منطقة عسفان يلتفت الى الذين ساروا معه ويقول لهم من كان قد طلبنا طلبا للراحة فلا راحة بعد اليوم، يعني الإمام الحسين بدأ يعطي مؤشرات أن المشكلة قد بدأت معنا من اليوم، ما الذي حصل؟ من سار في ركبه أيضا تخلف عنه، ولم ينتهي الأمر عند هذا الحد حتى في اليوم العاشر التاريخ يثبت أن المشرقي وهو واحد ممن واكب الإمام الحسين وكان الى جانب الامام الحسين من المدينة إلى مكة في الطريق إلى كربلاء إلى اليوم العاشر، وبعد ان قتل أصحاب الامام الحسين عليه السلام وأهل بيته نادى الإمام الحسين عليه السلام: «أما من ناصر ينصرنا، أما من معين يعيننا»، فقال له المشرقي يابن علي بيني وبينك عهد... الإمام الحسين قرأ خلفيات ذلك العهد، قال له: دونك البيداء، غيب عني وجهك، يعني في ساعة العسرة وطلب النصرة تركه، فلم يكن المجتمع المكي مؤهل، كذلك المدينة كواقع لم تكون مؤهلة، قد يسأل سائل ويقول هل ان الإمام الحسين ذهب إلى كربلاء مكرها أو مختارا؟ الجواب هو انه كان مختارا ولم يكن مكره، نعم لو كان قد ذهب الى كوفة حينها يكون مكرها على دخول الكوفة، لانه أريد منه حسب اشخاص الحر بن يزيد الرياحي أن يجعجع به وان يوقفه بين يدي عبيد الله في الكوفة، الإمام الحسين عليه السلام لم يقبل تلك الدعوة، إذن هو الذي اختار طريق كربلاء، وكربلاء كانت بعيدة عن مركز الخلافة، وبعيدة أيضا عن مركز القرار العسكري المتمثل في الكوفة يعني بعيدة عن الشام (دمشق) او جلق كما كان يسمونها في ذلك اليوم، وعن الكوفة المنطقة المحصورة والتي وقف فيها جمعٌ من الأنبياء، النبي (ص) في ليلة إسرائه أيضا اجتاز بها، الأرض لها خصوصيتها، الامام علي في رجوعه من صفين وقف في تلك البقعة وأشار الى حادثة استشهاد الامام الحسين وأهل ببيته هناك، وما انقضت الليالي والأيام إلا والإمام الحسين قتيل شهيد في كربلاء، كربلاء لها خصوصيتها الروايات في ذلك كثيرة لمن أراد مزيد من الاطلاع عليه ان يراجع قسم كربلاء المقدسة في موسوعة العتبات المقدسة للأستاذ المرحوم جعفر الخليلي، نجل المرجع والحكيم الشيخ حسين خليلي، موسوعة جدا لطيفة وقيمة، يدرس جذور هذه المدينة منذ اليوم الاول وحتى أيام الامام الحسين وحتى العصر الراهن الذي نعيشه.
حيثية الزمان
اما بالنسبة لعاشوراء كظرف زماني ايضا لها خصوصيتها خصوصا بعد ان عرف بان شهر محرم الحرام هو رأس السنة الهجرية، طبعا اريد ان انبه على شيء وهو اني لاحظت اخيرا انه تم تبادل بعض رسائل التبريك بمناسبة دخول العام الهجري الجديد، هذا الشيء هو دخيل علينا، السنة الهجرية نستفتحها بأشد مأساة عرفت الكون، يفترض ان نتبادل التعازي، التسلية، المواساة، تعظيم الأجر، استحضار الحادثة، لا ان نتبادل التهاني والتبريكات، مناسبات التبريك كثيرة، مواليد الأئمة عليهم الصلاة والسلام والنبي والزهراء فيها كفاية في ان نتبادل التبريكات فيما بيننا، في مناسباتنا الخاصة، كيوم الزواج، او في مواليدنا، في نجاح ابناءنا، في توظيفهم، في تحقيق انجاز من الانجازات الادبية، الفنية، الفكرية، العلمية، العملية، الاجتماعية نتبادل فيها، اما الايام الأولى من محرم هي لمحرم، هي للحسين، هي لكربلاء، هي للمأساة، لا لتبادل التهاني والتبريكات، العقلاء يعطون للزمن قيمة وبعد وأساس في حياتهم لانه أغلى شيء في أيدينا هو الزمن، العمر ومع الأسف أكثر شيء لا نلتفت له هو العمر، وهو ارخص شيء عندنا، العمر يذهب منا يأخذ منا الليل والنهار يمشيان وان كنت واقفاً وهو محسوب علينا، الذي يعيشه الانسان هو رصيده، اليوم يولد، سبعين سنة او خمسين سنة سوف يعيش اكثر او اقل بالنتيجة هو في حالة من النقص لا في حالة من الزيادة، تسأل من بعض الناس وتقول له كم عمرك الآن؟ يقول عمري مثلا ثلاثين سنة، هذه الثلاثين سنة قد ذهبت وانتهت والباقي من رصيد العمر غير معلوم وهو في علم الله ممكن ان يكون يوم واحد وممكن ان يكون ثلاثين سنة ويمكن ان يكون اكثر او اقل، نحن نخدع انفسنا ونقول لي ثلاثين سنة في حين ان الثلاثين سنة ذهبت من عمري ولم تعود، فمسألة الزمن شيء مهم، الامام الحسين عليه السلام في حركته، في نهضته عمل جاهدا على استغلال الزمن هو واصحابه لذلك عندما اراد ان يستمهل القوم، استمهلهم على ماذا؟ استمهلهم على ان يصلوا لله سبحانه وتعالى «امهلونا سواد هذه الليلة»[3]، في يوم العاشر الامام الحسين يخاطب احد الاصحاب يقول له «ذكرت الصلاة جعلك الله من المصلين»[4] هذه واحدة من أهداف الحركة نحن واقعنا مع الصلاة كيف هو هل نجسد هذا القول المعروف الذي يقول: «لا تقل للصلاة عندي عمل وقل للعمل عندي صلاة» او العكس، اذن أنا في توديعي للسنة القديمة واستقبالي للسنة الجديدة اضع يدي في يد الامام الحسين عليه السلام واقول له انا سوف احقق لك واحدة من اهداف حركتك ألا وهو المحافظة على الصلاة، في الزمن السابق الآباء كانوا يضربون أبناءهم ويستخدمون الشدة معهم من اجل الصلاة وإذا مر الأب على واحد من أفراد الأسرة في يوم من الأيام ولم يصلي الصلاة، ماذا يقول الاب للولد؟ يقول له اليوم يوم الفقر، اليوم يوم اسود! لانه سوف ينزل على رأسنا بلاء! اليوم كيف يتعامل الآباء؟ الابناء قدوتهم في الحيات هم الآباء وإذا الأب واضع رجل على رجل ويسهر إلى آخر الليل واذا جاء آخر الليل حط رأسه ونام ولم يستيقظ الا بعد طلوع الشمس، فليأتي في أيام محرم وليضرب صدره او يضرب راسه او يفعل شيء آخر ... هذه كلها مستحبات كلها في جهة والصلاة في جهة، تقول له أنت اليوم قد فاتتك صلاة الصبح هل قضيتها؟ يقول لك لا عندي المزيد من الوقت مادام أنها فاتتني سوف اقضيها انشاء الله! طيب متى تقضيها؟ الرسول الاعظم (ص) يقول: ألا إن أخوف ما أخاف عليكم خلتان اتباع الهوى وطول الأمل[5]، حب الزوجة يلهي، حب الاولاد يلهي، حب المال يلهي، الأصدقاء يلهون، لا نقول لك لا تتزوج او لا يكون عندك عائلة او لا تسعى لتحصيل العيش أو لا تتخذ لنفسك اصدقاء، بل بالعكس كثرة الاصدقاء جنة للانسان يوم القيامة يحتمي بهم أمام العدل الإلهي، طبعا إذا كانوا مؤمنين خيرين طيبين، وانتم كذلك إنشاء الله فهذا شيء مهم.
حيثية الاصلاح في الأمة
الأمر الأخير وحتى لا اطيل عليكم مسالة خروج الامام الحسين عليه السلام: وأني لم أخرج أشرا ولا بطرا ولا مفسدا ولا ظالما وإنما خرجت لطلب الاصلاح في أمة جدي صلى الله عليه وآله أريد أن آمر بالمعروف وأنهى عن المنكر،[6] يعني ان الامام الحسين عليه السلام كان لديه هدف وغاية، وعندما تقول أصلحت شيء يعني انه كان مكسورا فاصلحته أو عندما تقول قومت الشيء يعني أنه كان معوجا فقومته، الامام الحسين عندما يستدعي مفردة الإصلاح ثم يضيف هذه الحالة إلى عموم الأمة في امة جدي يعني امة الإسلام بكاملها يعني كان هناك خلل وهناك اعوجاج وانكسار في الامة، نحن نسأل من الامام الحسين ونقول له يا بن النبي، يا بن علي وفاطمة ما هي الوسيلة لطلب الإصلاح؟ قال كي آمر بالمعروف وأنهى عن المنكر فرعان أساسيان، البعض قد يتصور ان الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر هو وظيفة الانبياء والأئمة فقط! في حين ان الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر هو فريضة شأنهما كشأن الصلاة والصوم والزكاة والحج والخمس والتولي والتبري لابد وان ينهض بهما كل أفراد المجتمع، اصلا قوام الدين بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، عدم وجود الامر بالمعروف والنهي عن المنكر يعني لا صلاة، يعني لا صوم، لو غاب هذان العاملان تضمحل هذه الحالة من الرغبة الجادة وتضعف شيئا فشيئا حتى تتلاشى الرغبة في أداء الصلاة والرغبة في أداء الصيام وهكذا، فغاية الامام الحسين عليه السلام هو اصلاح الامة، اذن كلام الامام عليه السلام صريح وواضح وبين، لم يخرج من اجل طلب الملك كما يحاول ان يصوره البعض البعيد عن دائرة مدرسة أهل البيت عليهم السلام ومع شديد الأسف البعض بدأ يتأثر بمثل هذه القراءات الناقصة والخاطئة والواطئة والمجزوءة، الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر له مساحته الضيقة في البيت، ثم يتسع مع الإنسان إلى المجتمع، ثم تتسع بقدر همة الإنسان إلى مستوى أمة بكاملها، وهنالكم عظماء كثر عبر التاريخ استفادوا من نداء الامام الحسين عليه السلام في طلب الإصلاح عن طريق الأمر والنهي وسجلوا أسماءهم، تحركوا وحركوا تغيروا وغيروا، أرادوا إصلاحا عبر الطرق الطبيعية المؤمنة في جانبها الشرعي وصلوا إلى ما وصلوا إليه من النهوض والتغيير والتصحيح أصلا لو قام الإنسان بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في دائرة أهله في بيته وأحدث التصحيح من داخل البيت ماذا سيحدث؟ سيحصل عندنا مجتمع صحيح سليم، ويضاف له مجتمع صحيح سليم آخر، حينها تصبح امة راشده واعية، اما إذا تصور الانسان انه يتخلى عن القيام بدوره المناط به على نحو التكليف الشرعي وقال أنا لا يعنيني هذا ولا يعنيني ذاك، وهذا ليس من عائلتي، وهذا ليس ابن حارتي، وهذا ليس زميلي في الدائرة، وهذا لا يعنيني، لا بل هو يعنيك لان الرسول (ص) يقول: المؤمن مرآت لأخيه المؤمن[7]؛ المؤمنون في توادهم وتراحمهم كالجسد الواحد يشد بعضه بعضا[8] وما الى ذلك من النصوص الشريفة. الامام الحسين عليه السلام يدعونا في عاشوراء من اجل الإصلاح إصلاح النفس اولا وبالذات، لانه من اراد ان يصلح او يغير، عليه بإصلاح نفسه ان يقوّم هذه المضغة القلب الذي في داخله يصحح هذا وان لا يحمل حقدا او حسدا او بغضاء مع احد من الناس يصفي هذا القلب يطهر هذه النفس ويزكيها ﴿ قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا* وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا ﴾[9] فنحن في وقفتنا هذه وهذا الجمع الطيب المبارك الحمد لله إنشاء الله نكون في دائرة لطف صاحب المناسبة الإمام الحسين عليه السلام، نسأل من الله ان يوصلنا وإياكم إلى عتبته الطاهرة عاجلا وان يشملنا بشافعته عليه السلام يوم الورود، وان يجمعنا وإياكم على خير، وان يدفع الاذى والبلاء عن جميع شيعة أمير المؤمنين عليه السلام، لكن أيها الأحبة دعوة الإمام الحسين علينا ان لا ننساها البكاء مطلوب وفيه اجرٌ عظيم، اللطم مطلوب وفيه اجر عظيم، السعي لزيارة الإمام الحسين فيه اجر عظيم، جمع الناس فيه اجرٌ عظيم، البذل في مناسباتهم فيه اجرٌ عظيم، لكن هذه كلها آليات وطرق ووسائل المهم ان يكون مفهوم الإصلاح نصب أعيننا حتى نخرج بفائدة ولا نكتفي فقط بالجلوس، وفقنا الله وإياكم لكل خير، اخذ الله بأيدينا وأيديكم، جمع الله بيننا وبينكم عند الإمام الحسين تحت قبته النوراء إنشاء الله قريبا، ونسأل من الله سبحانه وتعالى ان يحفظ الزائرين في سفرهم وفي اقامتهم وفي رجوعهم الى أهلهم وان يحفظكم إنشاء الله بعينه التي لا تنام وان يتم عليكم هذه النعمة وهنيئا لكم والله يعني لو كشف عنا الغطاء لنظرنا الى سرور سيدتنا الزهراء سلام الله عليها رغم انها ليلة حزن ولرأينا كم من السرور الذي يدخل على قلبها الشريف في مثل هذه المجالس. وفقنا الله وإياكم لكل خير والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.