نص كلمة: سماحته يشارك الحفل الولائي خارج المحافظة
علي عليه السلام في كلام الرسول الاعظم (ص)
في هذه الليلة المباركة بأنوار آل محمد نكون على مقربة من الليلة التي تشرّف يومها بواحدة من أقدس الحوادث التي عرفها الكون، ذكرى البيعة لمولانا الإمام علي عليه السلام، المكان غدير خم، الزمان الثامن عشر من شهر ذي الحجة، الحالة رجوع الحجيج إلى أهليهم بعد ان انهوا نُسُكهم وعادوا كاليوم الذي وُلدوا فيه[3]، صفحات بيضاء محيت الذنوب ان كانت قد علقت، القضية عقد البيعة لعلي عليه السلام في رقاب جميع بني البشر، الحديث الشريف الوارد في هذا الصدد يقول: ان النبي (ص) بعد أن اخذ بيد علي ورفعها حتى بان بياض إبطيهما قال موجّهاً خطابه لعامة الناس ولكافة ممن حضر المشهد: أيها الناس هذا علي من منهم لا يعرف علي؟ الكل يعرفه، هذه لم تكن تأسيسية، بل هي تأكيدية، البيعة عندما أخذت من أولئك القوم الذين شرّفوا بالبيعة فيمن التزم بها وسوف يحاسب من تخلف عنها في هذه الحالة قضية البيعة لها خصوصية، خصوصيتها كما يستعرضها النبي (ص) بعد ان بين حال علي عليه السلام يقول: ايها الناس هذا علي، علي بجميع خصائص الكمال، علي الاشرف في مولده، حيث الكعبة، علي الاشرف في نسبه، علي الاشرف في مقامه، علي الاشرف في جهاده، علي الاشرف في علمه، علي الاشرف في عبادته، علي الاشرف في تضحياته وتطول القائمة ولا تنتهي الصفات الخاصة بعلي عليه السلام، إمامكم من بعدي أي هذا الإنسان المتصف بهذه الصفات هو الامام، فبعد ان تعرج روح النبي (ص) إلى الملكوت الأعلى سيكون الإمام علي عليه السلام هو المولّى على جميع ذرات الكون ووصي في حياتي وبعد وفاتي، وعندما نرجع الى الوراء ونستعرض بعض المشاهد، نجد ان المواطن التي لم يكن النبي موجودا فيها في المدينة لم يخلف أميرا على المسلمين إلا الإمام علي عليه السلام.
الغدير مهرجان لاظهار ما تم تأسيسه من قبل
انا كنت اقول ولا زلت أصر على هذا بان؛ مراسم البيعة في غدير خم هي عبارة عن مهرجان لإظهار ما تم تأسيسه في يوم الدار، في حديث يوم الدار عندما جمع النبي الخاصة من بيت هاشم كانت الكلمة المترددة على لسان النبي ثلاث مرات هي: من يؤازرني على هذا الامر؟ يعني على امر الاسلام، على ان يكون اخي ووصي وخليفتي من بعدي[4]؛ اذن البيعة لعلي عليه السلام كانت متقدمة على جميع الأحداث والتشريعات حتى المهم منها او الذي يعتبر في غاية الأهمية كالصوم والصلاة والحج والزكاة بل حتى الجهاد لم تكن سابقة على عقد البيعة لعلي عليه السلام، في غدير خم كان مهرجان لإلقاء الحجة ولإظهار المستور والمخفي، وإظهار الحجة كان هو العمدة في المقام، لذلك نجد النبي يصر (ص) على ان يتقدم للبيعة من يحتمل فيه ان لا يرتب آثارا على بيعته، فكان يدعوهم بأسمائهم يدعوا فلان باسمه، وفلان باسمه وهكذا ثم دعا عامة المسلمين للبيعة، فالنبي يقول: إمامكم من بعدي ووصي في حياتي وبعد مماتي وقاضي دَيني في نص وقاضي ديني بعض الفضلاء لهم ملاحظة على المفارقة بين التركيبين ومنجز وعدي النبي (ص) أعطى للمسلمين وعود لم تتسم تلك الوعود بالانجاز إلا على يد علي عليه السلام، وفيه إتمام للرسالة وأول من يصافحني على الحوض، هذا شيء مهم، يعطي معنى التقدم لعلي عليه السلام في الآخرة كما هو الحال في الدنيا لا فرق، عليٌ على الحوض إلى جانب النبي (ص)، ثم قال وطوبى لمن تبعه، اللهم اجعلنا من التابعين لعلي عليه السلام، اللهم احينا محياه وامتنا مماته ونصره، يعني تبعه في نهجه، ثم بعد ذلك نصر ما يرتبط بقضيته وهي الإمامة.
تعظيم الشعائر احد طرق النصرة لأهل البيت عليهم السلام
النصرة لها طرق، من النصرة أمثال هذه الاجتماعات هذه المحافل التي يقول عنها الامام الصادق عليه السلام مخاطبا فضيل: «تجلسون وتتحدثون؟ ... إن تلك المجالس أحبها، فأحيوا أمرنا، فرحم الله من أحيى أمرنا»[5] والويل لمن تخلف عنه وخذله، فبقدر ما هو موجود من التكريم بقدر ما هو موجود من التشديد والتعنيت على كل من يتخلف عن النصرة، أحيانا الإنسان يسعى باقامة المراسم، احيانا الانسان لا يوفق لحضور تلك المراسم، احيانا الاسوأ الأسوأ ان الإنسان يسعى في عدم إقامة تلك المراسم! السعي لتعطيل مراسم أهل البيت عليهم السلام فيه محاربة لله تعالى؛ لان الدعوى القرآنية هي: ﴿ذٰلك و مَن يُعَظِّم شَعـٰـئِرَ الله فَاِنَّها مِن تَقوَى القُلوب﴾[6] عبارة عن هذه المحافل التي يتلى فيها ما تيسر من الذكر الحكيم، و ما تيسر من أحاديث محمد وآل محمد، وانتزاع الحكمة والفكرة، كي يستضيء بها الإنسان ليضيء طريقه في هذه الحيات المظلمة، نحن لولا أنوار اهل البيت، لولا هدي اهل البيت، لولا هذه الاشراقات التي نقتبسها من أفواه المتحدثين ومن علماء ومن خطباء ومن خدام لأهل بيت النبوة أيدهم الله، لما استطعنا ان نصل الى ما وصلنا اليه ولما استقر الايمان في قلوبنا، وان القلوب تصدأ كما يصدأ الحديد وجلاؤها التذكير[7] ﴿اَلا بِذِكرِ الله تَطمَئِنُّ القُلوب﴾[8]؛ ﴿و ذَكِّر فَاِنَّ الذِّكرىٰ تَنفَعُ المُؤمِنين﴾[9].
الامام علي عليه السلام هو الباب المفضي للكمال
اذن نحن معهم في هذا المقام، الرسول الاعظم (ص) يقول: «أعلم أمتي من بعدي علي بن أبي طالب»[10]؛ وفي حديث آخر يقول (ص): «علي وعاء علمي ووصيي وبابي الذي أوتى منه»[11] هذا حديث له قيمته، وحديث آخر يقول: «علي باب علمي ومبين لأمتي ما أرسلت به من بعدي»[12]، خاصيتان فيما تقدم الخاصية الأولى تعطينا مؤشر على ان الوقوف على حقيقة هذا الدين الحنيف ومعطى القرآن المنزل وما تفوه به الرسول الأعظم لا يمكن ان ينتهى إليه بطريق طبيعي شرعي الا عبر هذه الجهة، جهة الامام علي عليه السلام عبر عنها باب انا لو اردت ان اقرب المثال وبطبيعة الحال وكما هو المعروف فان المثال يقرب من جهة ولكن يبعد من الف جهة وجهة، لكن لنكون على مقربة من القضية، بعض الدور لها بابٌ واحد، بعض الدور لها أبواب متعددة، هذه الأبواب المتعددة بينها ضرب من عدم التطابق، وهناك تغاير حاكم عليها، فتكون هذه صغيرة، وتلك كبيرة، واخرى رفيعة واخرى منخفضة وهكذا، النبي (ص) عندما يصر على استخدام لفظة الباب، لان الباب يفتح الانسان على مساحات، هذه من جهة، من جهة اخرى حمله على نحو الحصر، ان لا باب ينفذ الانسان المسلم الى حدود تلك المدينة العظمى، إلا هذا الباب، اصلا لا يمكن ان نتصور ان هذا الكم الهائل من الأحاديث المروية خارج حدود هذا الباب بل هي مفضية الى المدينة ما لم تكن متشعبة عنه وإلا يبقى الطريق محصور «انا مدينة العلم وعلي بابها» لا نستطيع ان نقول ان فلان الصحابي هو باب مدينة علم رسول الله، هي كلمة قالها قضت ومضت، ثبتت واستقرت، عليٌ ولا سوى علي، لذلك نجد ان الخليفة الثاني يقول في موطن من المواطن عليٌ اعرفنا بالنبي لاحظوا الامر ليس هين؛ عليٌ اعرفنا بالنبي من حيث معرفة علي بالنبي الرجل لم يأتي بجديد، لكن ان تجري الكلمة على لسانه هذا اعتراف والفضل ما شهدت به... عليٌ بهذه المثابة عليٌ بهذا المقام يقول الثاني: لا ابقاني الله لمعضلة ليس لها علي،[13] الإمام علي عليه السلام يفرض نفسه على من لم يسير على نهجه، كما هو فارضٌ لنفسه على من هم على مسيرته ومنهاجه.
اهمية العلم ودوره في رقي الانسان
يوم غد تعود دورة التحصيل الدراسي من جديد، نلاحظ في القرآن إصرار على تثبيت العلم والقراءة والكتابة أصلا، الممايزة: ﴿هَل يَستَوِى الَّذينَ يعلَمونَ و الَّذينَ لا يَعلَمونَ﴾[14] في الجهة الثانية وهي جهة ايضا مهمة واساسية حتى روايات اهل البيت فيها من الاحاديث الشيء الكثير اصرار على هذا الجانب، لماذا؟ لان مفاتيح الحيات السعيدة الكريمة الشريفة منوطة بمفاتيح العلم سواءاً كانت العلوم دينية لاهوتية، او دنيوية ناسوتية نحن نتعاطاها في النتيجة لتحسين حالنا لذلك المجتمعات التي يرتقي فيها رصيد التحصيل الدراسي او يكون لرجالات العلم حضورهم ومقامهم واسقاطهم على المجتمعات من حولهم تكمل وترشد، لذلك نجد في المجتمعات القريبة من الحواضر العلمية حالة من التميز في جوانبها العلمية، الأدبية والسلوكية وما الى ذلك، دعك من الشاذ لكن الطابع العام بهذه الكيفية، حياتنا اليوم يسبغها الطابع المادي بشكل كبير وهنا سؤال يطرح نفسه، هل من حقي ان اترقى في هذه الدنيا او ليس من حقي ذلك؟ بلى من حقك بل ربما متعين عليك، بل ربما يصل الى درجة الالزام اذا واصلنا الدراسة وتفوقنا فرضنا واقعا، تحسن وضعنا الوظيفي، على أثره تحسّن الوضع المادي، على أثره تحسن وضع الأسرة، الأبناء، البنات بعدها المجتمع يترقى ويكمل على العكس من ذلك لو قصّر الانسان في تحصيله الدراسي سوف يبقى يراوح مكانه، لا يتحصل الا على الوظائف التي يزهد فيها الآخرون، رواتبه ستكون قليلة وقاصرة لا تؤدي الغرض والحاجة في بناء أسرة كريمة.
ضرورة التسلح بسلاح العلم
من هنا علينا ان لا نكتفي بان ندعي باننا شيعة علي عليه السلام ولا نستنير بهديه ولا نستجيب لدعوته ولا نتعاطى تلك الحكم التي أضاء بها عوالم الدنيا قاطبة، وعلينا ان نعير اهمية قصوى بالجانب المعرفي، الرسول الاعظم (ص) يقول: طلب العلم من المهد الى اللحد[15]، وقال الامام الصادق عليه السلام: ليت السياط، على رؤوس أصحابي حتى يتفقهوا في الحلال والحرام[16]؛ وقد قيل بان:
العلم يرفع بيتا لا عماد له *** والجهل يهدم بيت العز والشرف
لابد ان تكون عندنا في ذكرى عيد الغدير وفي يوم تنصيب الامام علي عليه السلام جذوة تتحرك في داخلنا، مصباح نوقده لنضيء الدائرة من حولنا، نبعث الروح من جديد في نفسيات ربما أصابها شيء من الملل، لاحظوا في اوروبا نشاهد انسان عمره سبعين سنة يقولون بانه حاز على درجة الدكتوراه! سبحان الله! نحن هنا التعليم عندنا مجاني والفرص متاحة والحمد لله الانسان لا يعيش فقر وفاقة معدمة كما كانت في يوم من الايام، الآن وسائل النقل، وسائل الاتصال، وسائل الراحة مثل التكييف والإضاءة، وسائل وأدوات الكتابة والتعلم متوفرة، الابآء بذلوا ما عليهم وتماشوا مع زمان كانوا فيه، اما اليوم الوضع يختلف والقادم سوف يختلف اكثر مما نحن فيه اليوم، لذلك حتى نقطع المسير كما ينبغي ونصل الى الاهداف لابد من التسلح بسلاح العلم والمعرفة. الامام علي عليه السلام كان يصر سواء كان في المدينة على: «سلوني قبل ان تفقدوني» او في الكوفة بعد ان آلت اليه الامور «سلوني قبل ان تفقدوني» يذهب في اتجاه محاربة الاعداء يقول: «سلوني قبل ان تفقدوني» يعود من معركة صفين يقف على مجرى النهر يقول: «سلوني قبل ان تفقدوني» في مسجد الكوفة يعود مرة أخرى يعتلي المنبر ويقول: «سلوني قبل ان تفقدوني» عشرات الآلاف يجلسون تحت منبر علي عليه السلام، يقوم له شخصان يسألانه؛ شخص اراد قطع الطريق وشخص اراد قبسة من علم وطلب الاضاءة من علي عليه السلام، الاول يقول له: يا علي كم شعرة في طاقة رأسي ويشير الى رأسه! اراد ان يقطع الطريق، اراد للامة ان تبقى جاهلة، غائبة او مغيبة، جاهلة او مجهلة، الآخر هو الاصبغ ابن نباتة لا، يقول له: يا علي متى يخرج المهدي منكم؟ سؤال مهم وسؤال غيبي، لان هناك فترة طويلة كانت بين الامام علي عليه السلام وبين باقي الائمة من اولاده حتى يصل الامر الى الامام المهدي حدود مأتين سنة لكنه كان يقرأ الحدث، لماذا؟ لأهمية القضية المهدوية في ذهنية اتباع مدرسة اهل البيت، قد سئل النبي (ص) عنها واجاب، هنا يسأل الامام علي عليه السلام ونحن عقيدتنا ان علي كالنبي (ص) الا ما اختص فيه من الاستثناءات المعينة، والا فان القرآن صريح ﴿اَنفُسَنا و اَنفُسَكُم﴾[17]، الامام علي عليه السلام يقول له اذا حجب المنشور وثقلت الظهور[18] وهذه مصيبة اذا صارت بيننا وبين القرآن قطيعة، حجبناه عن تحسين الفاظنا، حجبناه عن انارة طريقنا، حجبناه عن بناء ذواتنا، اقصيناه عن دوائر بيوتنا، حينها الامة تضيع، وثقلت الظهور ثقلت الظهور بماذا؟ بالذنوب والعياذ بالله والا اليوم اخف من ظهورنا لا يوجد شيء مثال بسيط؛ رجل الدين في الزمن القديم كان يلبس ثوب وعلى الثوب اللباس الصغير وبعده صاية وبعدها جبة وبعد ذلك عباءة! الثقل ليس ثقل مادي، الثقل امور يرتكبها الانسان، احتطبها على ظهره اهل الحقائق يعرفون حقيقة هذه الاشياء.
بدأ الان الامام علي عليه السلام يتكلم عن نفسه، النبي كان قد تكلم عن الامام علي عليه السلام، والقرآن كثيرا ما تكلم عن الامام علي عليه السلام تقريبا هناك ثلاثمائة وستون آية بعدد أيام السنة تتحدث عن القرآن بالمباشرة وآخر ما سمعناه قبل قليل التلاوة الطيبة العطرة لهذه الآية: ﴿ عَمَّ يَتَساءَلون ٭عَنِ النَّبَاِ العَظيم ﴾[19] طبعا هنا بحث لغوي بلاغي دقيق جدا، لكن لا اتصور المقام يساعد عليه، فعندما يقول القرآن عَمَّ يَتَساءَلون ٭عَنِ النَّبَاِ العَظيم لاحظ البناء الاول ولاحظ البناء الثاني مسافة بين السماء والارض عندما يدقق الانسان مسافة بين السماء والارض يجمعها النص القرآني يقارب فيما بينها عما يتساءلون؟ يعني هل يوجد اكثر من هذا الوضوح، اكثر من هذا الجهاد الذي قام به علي عليه السلام، اكثر من هذه المصداقية، اكثر من هذه التضحية، اكثر من هذا الصبر، اكثر من...
الحسد يمنع القوم من اظهار فضائل اهل البيت عليهم السلام
فالإمام علي عليه السلام يتحدث عن نفسه يقول: صليت مع رسول الله (ص) قبل الناس سبع سنين وانا اول من صلى معه[20]، لا يأتي احد يدعي ويقول بان فلان وفلان وفلان كان مع النبي (ص) لان عليٌ كان صبي وقتها! اصلا لفظة صبي في حق علي عليه السلام فيها الكثير من المهانة ولا ينبغي ان نلوكها او نتقبلها فضلا من ان نتعود عليها، ائمتنا عليهم السلام ادوار الطفولة المأنوسة عندنا ليست لهم، لانهم من عوالم انوارهم الاولى، الى عوالم الناسوت البشري هم في مقام النورانية، لا يتغير شيء، لكن حجم مداركها وحالة الحقد والحسد وما الى ذلك ضد الامام علي اوصل الامة الى ما اوصلها، والا فنبي الله عيسى عليه السلام وهو في المهد رضيعا تكلم! ولا اشكال ان ائمة اهل البيت عليه السلام افضل من عيسى عليه السلام، اذن لماذا يقبل هذا الكلام في حق عيسى وعندما نأتي الى الامام الجواد تثار الحساسية بانه كيف يمكن ان يصبح اماما و عمره خمس سنوات؟ عيسى عليه السلام اصبح نبي وصاحب رسالة عظمى وكذلك من انبياء اولى العزم وجرت المعاجز على يديه، في عيسى يقبلونها و لا يقبلونها منا، حال ان حكم الامثال فيما يجوز او لا يجوز واحدٌ في موضوع عيسى القدرة بيد الله في موضوع الائمة عليهم السلام ايضا القدرة بيد الله كيف يمكن هناك وهنا لا يمكن؟! لا ندري!، والد الامام ابو طالب مؤمن قريش (رضوان الله تعالى على روحه الطاهرة) يدخل ذات يوم والنبي يصلي وعلي عن يمينه وجعفر مع ابيه التلفت الى جعفر وقال له يا جعفر صل جناح ابن عمك[21] يعني خذ الجانب الايسر ابناء هذا الرجل العظيم هم من شرفوا بالصلاة خلف النبي (ص)، اقاموا الصلاة ولم يكن خلف النبي من الرجال احد، ابو طالب يقول لولده صل جناح ابن عمك والنبي في حال العبادة لكن بعد ذلك كيف انقلبت الامور؟ اصبح القوم يقولون عنه انه مات كافرا! كيف يكون هذا! لكن طبيعية الامور مادام الموضوع يختض في الامام علي عليه السلام يجب ان تدفع الضرائب، اول من يدفع الضرائب بطبيعة الحال الحلقة الاولى في وجود علي عليه السلام، وهو هذا الاب العظيم الجليل الذي يمثل احد الاضلاع الاربعة والاركان الاربعة لبناء الدين، ابو طالب في كفالته للنبي أمن جانبا وهيأ اسبابا ودفع اخطارا لم يقم بها احد الا هذا الرجل العظيم، لكن بالنتيجة هو اب الامام علي عليه السلام لابد ان يدفع ضريبة.
امير المؤمنين عند العامة
اما عند علماء الطرف الآخر لنأخذ الجاحظ مثلا حيث يقول: «سمعت النظام يقول: علي بن أبي طالب عليه السلام محنة للمتكلم، إن وفى حقه غلى، وإن بخسه حقه أساء، والمنزلة الوسطى دقيقة الوزن، حادة اللسان، صعبة الترقي إلا على الحاذق الزكي»[22] يقول محنة للمتكلم بلاء وامتحان، لماذا بلاء وامتحان؟ لانه لا تدري عن أي شيء تتحدث ومن اين تبدأ الكلام ومن أين تنتهي، لانه عليه السلام هو يقول: اسر لي من العلم الف باب يفتح لكل باب الف باب[23] فعن اي شيء يمكنك ان تتحدث حول الامام علي عليه السلام، تريد ان تتحدث عن فضائله او صفاته فكلما تكلمت تفرعت لصفة جديدة، تخرج منها تذهب للثانية، ان قلت لا اتكلم تقصر في حقه، الجاحظ من ائمة اللغة من الطرف الآخر وهو عالم كبير في هذا الفن اما ينقل عن استاذه يقول محنة للمتكلم بلاء وامتحان ﴿اَحَسِبَ النّاسُ اَن يُترَكوا اَن يَقولوا ءامَنّا و هُم لا يُفتَنون﴾[24] لا لابد ان يفتنوا ولابد من الغربلة «لتغربلن غربلة» كما يقول المعصوم عليه السلام[25] ان وفى حقه غلى يعني اذا تكلمنا عن الامام علي قالوا اصبح كلامكم غلو! لماذا لانه أي باب كمال تطرقه ترى الامام علي امامك لذلك احد الخلفاء اراد من ابي اسود الدؤلي اراد ان يكتب في التاريخ على ان يكون حصرا عليه فلما ابتدأ يكتب وجد انه لا يمكن ان يكتب شيء الا والامام علي موجود ولابد من ذكره: اما كذا جاء علي عليه السلام، واما كذا قال علي عليه السلام واما...، ترك لانه عرف انه سوف يجلد بسبب ما يكتب أتى له الخليفة صباحا قال له ما الذي كتبت في ليلتك؟ قال والله لم اكتب شيئا، لاني ما هممت بكتابة حرف الا وعلي عليه السلام يتم ذلك الحرف، فقال له حسن ما فعلت، وجاءت مسألة منع تدوين السنة والى اليوم تدفع ضريبتها البشرية عامة ليس فقط اتباع مدرسة اهل البيت. وان بخسه حقه اساء تقول لا هذا الشيء ليس للامام علي فانك سوف تدخل في دور الاساءة لعلي عليه السلام، تقول الامام علي عليه السلام ليس اعلم الناس؟ تقول الامام علي ليس اشجع الناس، تقول الامام علي ليس افقه الناس، تقول الامام علي عليه السلام ليس افضل الناس، هذه كلها اساءة للامام علي، واللطيف ان كل مناقب الامام علي يقر بها الاعداء وهذا دليل الحق والاحقية، حسنا! لا نريد ان نذهب للغلو ولا نريد ان نتحدر الى مساحات الاساءة لعلي عليه السلام الا توجد منطقة وسط؟ يقول الناظم والمنزلة الوسطى دقيقة الوزن حادة اللسان صعبة الترقي ليس كل واحد يستطيع ان يصل اليها اما افراط وغلو او تفريط واساءة يقول توسط الامور هذه النتيجة تكون ضريبتها ثقيلة سيكون: «برئت الذمة ممن يقول في علي منقبه»[26]؛ «من تسمى بعلي اقطعوه من بيت مال المسلمين» ما هو ذنب هذا المسكين؟.
الامام علي عليه السلام عند المفكرين
جبران خليل جبران شخصٌ مسيحي ليست له علاقة بالامام علي، ولا بالدين ولا بالمذهب صاحب ديانة مسيحية هو يقول: ان علي بن ابي طالب عليه السلام كلام الله الناطق وقلب الله الواعي نسبته الى من عداه من الاصحاب الذين عاش معهم نسبة المعقول الى المحسوس، المحسوسات حتى البهائم تدركها بخلاف المعقولات لا تكون الا عند الكمل، وذاته من شدة الاقتراب ممسوس في ذات الله...
هنالك كلامٌ طويل عريض في حق الامام علي عليه السلام لعلي اكتفي بهذا المقدار، واقرأ قصيدة كتبتها في الامام علي عليه السلام قبل فترة اقول له عليه السلام: