نص كلمة: سماحته في زيارة للجنة الدينية في مسجد الأوحد بالمطيرفي

نص كلمة: سماحته في زيارة للجنة الدينية في مسجد الأوحد بالمطيرفي

عدد الزوار: 597

2014-07-13

أهمية العلم والعمل

الحديث يقول: من تعلم مسألة واحدة كم تتعلمون انتم من المسائل؟ عشرات بل المئات لكن النبي (ص) يتكلم عن الحد الأدنى، اي اننا لو اننا اجتمعنا ولم نتعلم سوى مسألة واحدة فقط، انظروا ما هو الثواب وما هو الاجر وما هو المترتب على هذه المسألة التي نتعلمها؛ قلد يوم القيامة الف قلادة من نور، توضع على رقبته الف قلادة من نور، وهذا النور ليس من نور الدنيا الذي نراه، بل هو نور الآخرة، نور القدرة، نور الإله، والقلادة مصوغة من ذلك النور، تقلد على رقبة الانسان الذي جاء من اجل ان يحفظ مسألة، ان يتعلم مسألة، ان يطبق تلك المسألة، التفتم كم من الاجر العظيم؟ وهل ينتهي الامر الى هذا الحد؟ لا، وغفر له الف ذنب، الانسان قد يذنب ويخطئ خطيئة فيستغفر الله ليلا ونهارا، والله سبحانه وتعالى قد يستجيب ويغفر له، وقد لا يغفر له، ولكن اذا سعى لتعلم مسألة، ليتفقه من خلالها في الدين فان الله يغفر له الف ذنب، ليس ذنب واحد، قد يقول القائل لماذا كل هذه المبالغة سيدنا! في الجواب نقول: هذه ليست مبالغة، هذه رحمة الله، رحمة الله لا تحد بحد، واذا اعطى لا يخشى النقيصة، نعم قد يكون الانسان غني في هذه الدنيا وحينما يعطي شيء ينقص من رصيده وينقص من امواله التي يجمعها لكن هذا النقص بالنتيجة بالحساب المادي، وحساب الآخرة يختلف، ولكن الله سبحانه وتعالى عطائه لا ينفك، اذا اعطى لا يخشى ان يكون هنالك نقيصة فيما اعطى منه، وبني له مدينة من ذهب يوم القيامة، كل هذا الاجر هو لاجل مسألة نتعلمها، مجرد مسألة واحدة فقط، كيف وانتم تتعلمون الكثير من المسائل وكتب له بكل شعرة على جسده حجة وعمرة، اليس هذا اجر عظيم؟ نعم هو عظيم جدا، هذا في مقام التعلم والوقوف على اكتساب المسألة، هناك يتبع مسألة التعلم، العمل، التطبيق، اذ لا يكفي ان نتعلم احكام الطهارة في المسجد ثم نأتي ونؤدي الطهارة على خلاف ما تعلمناه، حينها نخسر كل هذه العطايا الربانية، ولا يكفي ان نتعلم مسائل الصلاة ثم لا نصل الى النتيجة التي يفترض ان نصل اليها، انا رأيت احد الاساتذة وفقه الله كان يشرح كيفية الدخول في صلاة الجماعة، فهذا الكلام الذي سمعناه اذا دخلنا الجامع ثم لم نطبق ما قاله لنا، لا نستفيد من صلاة الجماعة، ولا نصل الى ذلك الثواب الذي اعده الله لمن يأتي بصلاة الجماعة على الطريقة الصحيحة، يعرف كيف يدخل بالجماعة، ويعرف متى يخرج من صلاة الجماعة.

أهمية التعلم

اقرء عليكم ايها الشباب الطيب النير حديث آخر ايضا عن النبي الاعظم محمد (ص) الحديث السابق كان فيما اذا تعلم المسألة وعمل بالمسألة عندها سوف يقطف الثمار وترتب الآثار عليها، هذا الحديث يوسع الدائرة لنا، ويوسع من دائرة المأمول من رحمة الله سبحانه وتعالى، يقول النبي (ص): «من تعلم بابا من العلم عمل به أو لم يعمل كان أفضل من أن يصلى الف ركعة تطوعا»[3] الحديث يقول: من تعلم باباً من العلم عمل به او لم يعمل به، يعني اصبح لديه رصيد، اليوم قد تشاغل، او تغافل، او تجاهل ولم يؤدي عملاً، لكن بعد مدة من الزمن قد تكون سنة او سنتين اكثر او اقل بالنتيجة سوف يرجع لباب العلم الذي طرقه، ولباب العلم الذي فتحه واخذ منه، ويصحح الاعمال والمسير بناءا على تلك المعطيات، هل نظرتم الى النتيجة (عمل به او لم يعمل به) وهذا لا يعني انك تعلم ولا تعمل به، لا ابداً، بل معناه انه تعلمه وعمل به بعد فترة، وحالة اخرى انه علم به ولم يعمل به مطلقا، هذه حالة النزول، ثم حالة اخرى وهي السيئة التي لا يتصف بها احد منكم ان لا يوفق لفتح ذلك، ان لا يوفق لتعلم تلك المسألة، وهذا ضياع كبير، لذلك ايها الاحبة وانتم رسل القوم، الذين في حد البلوغ حركتهم في من بلغ، والذين دون ذلك حركتهم فيما هم دون ذلك.

أهمية العلاقة والارتباط المتبادل بين رجال الدين والشباب

 ايها الشباب يا من نرفع رؤوسنا بهم، اليوم ومن خلال وجود امثال هذه الطبقة والمجموعة والنمرقة المؤمنة التي تحصل العلم سوف يزرع شتل في بيوتهم، اما هذه الشتلات المزروعة في البيوت ليست كالشتلات الموجودة في المزارع والشوارع، وانما هي شتلات النور، شتلات الرحمة، شتلات البركة، شتلات المعرفة، قبل عقود ما كان عندنا ابناء في هذه المستويات السنية العمرية، ويكونون على معرفة باصول دينهم وفروع دينهم والاحكام المرتبطة باعمالهم بهذه المستوى، الا فيما ندر، هذه الامور لم تكن في ذلك الوقت، انتم بحمد الله استطعتم ان تنالوا هذا الشيء، الشتلات ايها الاحبة على انواع؛ فهناك شتلة نزرعها مثمرة ننتظر وقت قطافها ونستفيد منها، وهناك شجرة لا نستفيد منها الا الظل فقط وفقط، وشجرة نستفيد منها فقط لجماليات الشارع والمدينة، شتلة اصلا نضطر في ساعة من الساعات ان نتخلص منها لانها تربك حركة المرور تارة، ولاعتراضها في ملكية خاصة تارة اخرى، وهكذا الامور، انتم شتلات طيبة، لماذا؟ لان الاصل طيب، المنبع طيب، البيت طيب، العائلة طيبة، انتم شتلات تحتاج الى سقي من ماء عذب فرات، وهو كلمات وهدي ونهج محمد وآل محمد، من يلي السقاية والرعاية؟ الذي يلي السقاية هم جماعة ونخبة من امناء الامة، ألا وهم رجال الدين، ومن يسير في ركبهم ويستفيد من عطائهم، وهذه نعمة كبيرة ايها الابناء، بالامس ما كان الواحد منا يحظى بمسافة قريبة من رجل الدين اصلا، انا اقول لكم شيء؛ في الزمن الماضي يعني قبل ثلاثين او اربعين عاماً عندما كان احد الناس يدعو رجل الدين على مادبة في بيته، اذا الولد الصغير اراد ان يدخل لكي يسلم على رجل الدين فان صاحب البيت كان يمنعه من ذلك! لكن اليوم والحمد لله فان رجال الدين من سادة ومشائخ والطبقة الطيبة من رجالنا المؤمنين الملتزمين السائرين على نهجهم باتوا يعيشون اخوة ومحبة وصداقة ما كانت مألوفة في الزمن السابق، لا تظنوا بان العلاقة والبساطة والتلاطف الموجود اليوم بينكم وبين رجال الدين كان موجودا في السابق، لو كانت هذه العلقة موجودة لما آلت الامور الى ما آلت اليه الآن الحمد الله انتم الفرصة امامكم والامور طيبة انشاء الله، فالرسول (ص) يقول: من تعلم بابا من العلم عمل به او لم يعمل به كان افضل من ان يصلي الف ركعة تطوعا، على فرض ان يدعي شخص ويقول: انا اقضي طوال ايام وليالي شهر رمضان بالعبادة والصلاة، فحتى لو فرض وجود ذلك الانسان المتفرغ المنشغل المنقطع بالعبادة، فانه لا يوصل الى هذا الحد وهذا المستوى (وهو حد فتح باب من ابواب العلم) الذي يقوم به هؤلاء الاخوة الاحبة القائمين على هذا النشاط الديني الايماني الارشادي، والذين نذروا انفسهم وخصصوا الكثير من اوقاتهم، لذلك لابد ان تقر اعيونهم لما تقومون به.

ايها الابناء: الشيء المهم هو اننا علينا ان لا نتصور ان المطلوب منا هو مجرد اعطاء ساعة او ساعتين من الوقت وقضائها في المسجد وينتهي الامر، بل لابد ان تكون الاستفادة و الايمان و النورانية ملازمة لنا وان نحافظ على الهدوء والسكينة وان نعي وندرك اهمية المسألة والمسؤولية الملقاة على عاتقنا.

اشارات سريعة

هناك اشارات سريعة اشير اليها باختصار؛ نحن نعيش شرف متعدد التركيبات واحد منها؛

شرف شهر رمضان المبارك

اننا في شهر الله في شهر رمضان، الله يدعوننا ونحن استجبنا له وصمنا هل يكتفي باننا نصوم عن الاكل والشرب ام ان وراء ذلك الكثير، مما لا شك ان وراء ذلك الكثير، انا صمت لكن الى الآن ما ذهبت الى بيت جدي وجدتي كي اسلم عليهم! فما هي الفائدة من الصوم؟ انا صمت لكن لحد الأن احمل في قلبي حقد على واحد من زملائي في المدرسة لانه في يوم من الايام حين لعب كرة القدم عرقلني، او في الدرس ما تجاوب معي ما هي الفائدة من الصوم ، لابد ان يكون الصوم عملي يحرك فينا شيء، نتسامح، نتحابب، نتوادد، نتعاون على الخير، واذا كان شخص لا يأتي الى المسجد، او كان لا يحضر الى هذه الدروس او لا يذهب الى الحسينيات هل نحاول ان نقنعه كي يأتي معنا ويشارك في هذه النشاطات؟

شرف المكان

نحن في المسجد وهذا المسجد بالذات مميز، لان له عمق تاريخي وله قدم زمني، يعني دخل في هذا المسجد المئات، ولا اكون مبالغا اذا قلت الآلاف، بل عشرات الآلاف على مر العقود والقرون دخلوا في هذا المسجد، صلوا، سجدوا، ركعوا قرأوا القران، استمعوا الى الادعية وقرأوها، رفع الاذان من هذا المسجد لقرون وليس لعقود، هذه الامور حتما لها انعكاسات، اصلا انتم تسألون وتقولون من صلى في هذا المسجد؟ لو لم يصلي في هذا المكان الا الرجل العظيم الشيخ الاوحد احمد ابن زين الدين الاحسائي لكفى! فنجعل من هذا المسجد ايضا ملاذا لنا، نغسل به بواطن نفوسنا، نجري لهذا القلب عمليه الصقل، فهذا المسجد يساعدنا.

شرف الهدف

الشرف الآخر هو شرف الهدف، لماذا اتيتم انتم الى هنا؟ لماذا تركتم اللعبة والمسلسلات واتيتم الى المسجد؟ اتيتم الى هنا لطلب العلم والمعرفة، أي علم ومعرفة؟ العلم والمعرفة التي تصحح عملنا يوم القيامة، فعندما يقول لنا الله سبحانه وتعالى لماذا صليتم بهذه الطريقة نقول نحن رأينا مثلا الشيخ علي جزيري في مسجد الشيخ زين الدين في شهر رمضان لعام الف واربعمائة وخمس وثلاثين وقال لي المسألة الشرعية هي بهذه الطريقة، انا صليت وفق تلك الطريقة، الله سبحانه وتعالى يقول: الحجة موجودة بيدك، يأتي شخص ثاني فيقول له الله كيف كانت الطهارة بهذه الكيفية فيقول له ان الشيخ احمد البخيتان في المكان الفلاني في الليلة الفلانية في الدرس الفلاني قال لي بان الطهارة هي بهذه الكيفية، وهكذا بقية المشيخة الله يحفظهم، بالنتيجة عندنا هدف، ولابد ان يكون هدفنا من اتياننا الى هذا المسجد هو ان نخرج بالهدف، اتينا كي نتعلم لابد ان نخرج ونحن متعلمين، لا ان نخرج من المسجد ونحن لم نتعلم شيئا، ويكون اتياننا الى المسجد يختصر على شرب الشاي والعصير، فهذا لا يكفي لابد وان يكون هناك عمل وتطبيق

شرف انشاء العلاقة مع رجال الدين

الامر الاخير هو شرف انشاء العلاقة مع رجال الدين انتم اليوم في درجة عالية من المحظوظية الكبيرة، ان يكون بينكم نخبة من رجال الدين، عددهم ليس بالقليل قياسا بالبرنامج المطروح هم منكم واليكم، قريبون منكم، لكن يبقى شيء واحد وهو انتم كيف تعيشون حالة القرب من هؤلاء؟ هذه الحلقات هي الرابط بينكم وبينهم عليكم ان لا تقطعوا العلاقة معهم حتى بعد ان تنتهي هذا الدورة او هذا البرنامج، بل حتى بعد انتهاء البرنامج ايضا عليكم ان تشددوا العلاقة معهم، خذوا ارقام الجوالات منهم، خذوا ارقام الواتسابات منهم، اقصدوهم في صلاتهم، اين يصلون اقصدوهم، حتى تنشأ علاقة بينكم وبينهم، انا اتذكر قبل قرابة سبعة وعشرين سنة كان جيل قبلكم ونشأت العلاقة بيني وبينهم وهي مستمرة الى اليوم، لماذا؟ لانهم عاشوا العلاقة ولم يقطعوها، لكن ايضا كانت هناك جماعة اخرى ما عدنا نلتقي معهم الا في الواجب، لان الدائرة لم يكن فيها رابط وقفل يجمعها، انتم ايها الاحبة ايها الشريحة الطيبة ايها الشباب ايها الابناء ايها الاشبال مستقبلكم كبير عليكم ان ترسموا لوحة جديدة لمجتمع اسمه المطيرفي في تدينه، في سلوكه، في اخلاقه، في آدابه، في فنياته في ابداعاته، في ابراز مواهبه، الامانة في ايديكم نستطيع ان نستخلص منكم علماء في المستقبل، شعراء في المستقبل، اصحاب ريشة فنية في الرسم والخط وما وراء ذلك من الفنون الكثيرة، والتي هي كلها في داخلكم لا تحتاجون سوى الى الاستكشاف منكم، والرعاية من هذه النخبة الطيبة من رجالات العلم، جزى الله القائمين على هذا الموسم الثقافي الديني الروحي وجعل الله ذلك في ميزان اعمالهم، اخذ بايديهم، سدد الله خطاهم، وانتم كذلك وفقكم الله جميعاً.

الظاهر في العام الماضي كانت هناك رحلة ترفيهية، في هذا العام لابد ان تكون هذه الرحلة ويجب ان تكون أفضل من العام الماضي، واذا كان نقص في التكلفة المادية انا بخدمتكم سوف اسدده لكم.

لروح الشيخ الاوحد الذي نحن في مسجد يحمل اسمه الشريف والذي نتمنى ان يوجد في داخلنا حالة من الطموح السامي الرفيع بأن ننقش أسماءنا على صفحات التاريخ دون ان تمحى، لروحه الطاهرة وارواح من مضى من هذه القرية رحم الله من قرأ الفاتحة مع الصلوات من هنا إلى المدينة المنورة.