نص كلمة سماحته في زيارة خاصة للفرقة العلوية بالمنصورة

نص كلمة سماحته في زيارة خاصة للفرقة العلوية بالمنصورة

عدد الزوار: 444

2014-08-02

خلفية النشاط الفني للفرقة العلوية

ان العبرة ليس بالامتداد الزمني ولا بسعة الظرف المكاني ولا بتراكم الأرقام العددي من الإفراد، إنما العبرة بالنتيجة، النتيجة التي تستخلص من كل تلك العوامل والروافد والعناصر التي تصرف بطبيعة الحال عبر المسيرة، الأخ الأستاذ احمد يعني حملني فوق طاقتي ولكن بيني وبين هذا البلد علاقة خاصة و ضاربة في القدم كثيرا، وعشت فيها آباء، الكثير منهم غادر هذا العالم إلى العالم الآخر، فما بقي منهم الا القلة، وعشت أخوة اشتركنا في ظرف زمن معين، على جهدً أيضا معين، وأبناء أيضا ربما ان صح التعبير عشناهم عن قرب وقرأنا فيهم المشاريع، بحمد الله الإنسان يقف الآن على واحدة من ثمار تلك الجهود، وكم يسعد الإنسان عندما يربي وليده على ان ينتهي به إلى مشروع فيقرأ فيه الأستاذ والمهندس والدكتور وما وراء ذلك، كذلك في الجوانب الأخرى المعنوية وذات التجذير الديني وان تعددت أغراضها وهذا لا يتنافى ولا يصطدم مع الآخر، وإنما بقدر ما ننفتح بقدر ما نتمسك ونتشبث في أصولنا۔ الفرقة العلوية قرأتها في البدايات واستشرفت فيها مشروعا ناهضا، لان المؤسسين هم من خيرة شباب ذلك الجيل الصاعد الذي عاش في الثمانينات وأوائل التسعينات التي كانت سني الطفرة الثقافية والالتزام الديني والتحول من واقع إلى واقع آخر، اليوم الفرقة العلوية تقف على ارض صلبة بحسب التقرير الذي شاهدناه ويدلل التقرير على ان المسافة الطويلة من المسير طويت وهي علامة مشارف الانتهاء من المسيرة، يعني خط المسير الذي قد يولد مجموعة من التفريعات في يوم من الأيام على ان تبقى الأمة الحاضنة هي الفرقة العلوية هذا عامل يحكمه الزمن وعاملٌ يحكمه أيضا تكثر الموارد البشرية في وسط المجتمعات، فما كان قرية قد تحول إلى بلد وقد يتحول إلى مدينة ولهذا عناصر، ولذلك أيضا عناصره، علينا ان نستوعب القادم وان كان يشكل فصيلاً بعد توقف نسبي للحراك الثقافي وربما لامستموه عن واقع تجربة في العقد المنصرم اليوم توجد عودة حميدة بحمد الله تعالى إلى تلك الانطلاقة في الثمانينات وأوائل التسعينات وفيها من العناصر غير المتوفرة آنذاك مما يحملنا المسؤولية أكثر منها؛ التقنية العالية التي باتت تختصر علينا المسافات وتؤمن لنا الكثير من الآليات الفنية وما إلى ذلك، الأمر الآخر وهو الأمر المهم المادة، حيث ان المادة اليوم في أيدي الناس أكثر مما كانت في السابق، فبمقدور الفرقة أو الجماعة ان تنهض بأي مشروع دون ان تجد عقبة كؤود أمامها في تحصيل الميزانية التي تنطلق على أساس منها وبالمناسبة لا يمكن ان يرشد المشروع الديني ولا الثقافي ولا الاجتماعي ولا الفني ولا الأدبي ولا ... الا بتأمين الجانب المادي، وانا من خلال التقرير، استمعت إلى إشارتين أو ثلاث من المداخلين او المتحدثين الذين أفصحوا عن هذه المفردة (مفردة الدعم المادي) وفي الحقيقة لا يمكن ان نسير بالقافلة او نحافظ على مسيرتها، لانها تسير وتشق الطريق بحمد الله تعالى الا من خلال تأمين الروافد المالية وبقدر ما يكبر المشروع بقدر ما تكون الحاجة أكثر مساسا.

اهمية الانفتاح واخذ آراء الاخرين وعدم الانغلاق

اذا كنا حين البدء ووضع القواعد الأساسية للمشروع اعني مشروع الفرقة العلوية نعيش تصورا ضيقا علينا اليوم ان نفتح ذلك التصور ونعطيه مديات بعيدة جدا من خلال التلاقح مع فكر الآخر والانفتاح على الفرق التي تقدمتنا وهي موجودة بطبيعة الحال ولا اعتقد ان الفرقة ينقصها حالة الالتفات لمثل هذا وانا لا أؤسس لشيء بقدر ما أؤكد على شيء، لاني اعلم انه موجود ولكن عندما ننفتح على بعضنا نتبادل وجهات النظر فيما بيننا نرتقي ونتطور اما اذا بنينا على البناء الضيق المحدود المحجر عليه وان ظن البعض منا اننا تقدمنا وتطورنا لكن لسنا نحن الذي نحكم على العمل والتجربة الذي يحكم على العمل والتجربة هو الآخر، لان من ينظر من الداخل نظره يختلف تماما عمن ينظر من الخارج، وفي مثال بسيط وانتم تعيشون هذه الايام مباريات كأس العالم لكرة القدم والتي اصبحت في الوقت الحاضر ليست رياضة فحسب بل هي رياضة وسياسة وثقافة وتاريخ واقتصاد وهي مشاريع عالمية تصب فيها المليارات و...فخلال المباريات الجمهور الحاضر هو الذي يعطينا النظرة الشاملة والكاملة للفريق وعما يجري في الملعب لانهم يرصدون كل زاوية من زوايا الملعب، بعيدا عن الحراك والسرعة بخلاف اعضاء الفريق الذي ليس بمقدورهم ان يعطوا صورة واضحة عما يجري وعما حصل وعما حدث، نحن في الفرقة مهما بلغنا ومهما حاولنا ان نجعل من انفسنا مراقبين للحركة ومقيمين للاداء الا اننا لا نستطيع ان نعطي نتيجة بصفة تامة بحيث نرتب عليها الآثار لماذا؟ لان الانسان كائنا من كان لا يرغب في ان يبدي الجانب السلبي من تجربته، وانما دائما يناور على جوانب النجاح لذلك احيانا يخفي صورة الفشل او صورة التراجع في الاداء او صورة عدم القيام بالواجب لاسباب كثيرة؛ قد تكون عاطفية، او لعدم هدم المشروع، او لمراعات الآخرين، وما الى ذلك من الامور، اصلا حب الانسان للتفوق هي حيثية تدفعه لاخفاء صورة الفشل، اما اذا عرضت المشروع والتجربة على الشخص الأمين الذي ينظر بعيد عن دائرة الانتماء للمشروع للفرقة هذا هو الذي يمكن ان يعطينا صورة واضحة وحقيقية عما يجري ومن خلالها يتم االنجاح في التجربة، البعض يسأل لماذا بعض الخطباء يحققون نجاحا بينما بعض الخطباء يراوحون مكانهم رغم مرور السنين حيث يفترض ان يكتسب التجارب؟ السر انهم كانوا يعيشون التجربة من خلال واقعهم ويحكمون عليها من خلال مرئياتهم لذلك هم لا يتطورون على العكس من ذلك تماما ،كمثال ايضا عندما يخرج الخطيب من موسم من المواسم ويسأل ممن يقرا فيهم صفة الحضور المرتب والدائم، الحضور الفاعل، الخلفية الثقافية التي على اساس منها يطلقون احكامهم، اذا يجلس مع مجموعة من العناصر يحملون هذه القيمة يستطيع ان يتطور ويطور مشروعه الخطابي، كذلك في حياتنا المدنية التي نعيشها نحن لا نستطيع ان نتطور حتى الانسان الذي رغب في ان ينشئ منزلا له، اذا تصور هذا الانسان بانه هو الذي يضع مقاسات البيت، وزوايا البيت ومعالم الديكور في داخل البيت سوف يخفق ولن يصل الا ما هو المرضي الا في حدود دائرة القناعة في ادنى مستوياتها، اما اذا دخل في بيت زيد من الناس واستشرف بعض المعالم، ذهب الى مكان آخر قرأ بعض التداخل والتشابك والتقاطع بين الالوان وما الى ذلك حينها يستطيع ان يقدم لنفسه سكنا نموذجيا وربما باقل التكاليف لانه اكتسب خبرة الآخرين. في الفرقة العلوية رغم ان لها سيطها في المنطقة ولها حضورها الفاعل ايضا بعد هذه الفترة الطويلة الطويلة عليها ان تقيم ورشة من خارج الفرقة ممن واكبوا مسيرتها او لا اقل ممن عاشوها في بعض مراحلها ولم ينفصلوا عن المتابعة من الخارج ليقرأوا التجربة ولو في العقد الأخير أو الخمس السنوات الأخيرة حتى تنضج الأمور وتتقدم وتتطور هذا اذا ما اردنا للمشروع ان يستمر ويتطور وهذا هو الذي نأمله فيكم وهذا هو المراد بعد ان قطعتم هذا المد الطويل من الزمن. نسأل من الله ان يمد في اعماركم، وان ينجح التجربة اكثر فاكثر، لان مشروع المستقبل يتطلب منا اكثر مما هو متطلب منا اليوم، التقنيات الموجودة وما يمكن ان يستفاد منه اذا كان بمقدار هذا اليوم قد يأتي يوم تكون هذه الاشياء والاجهزة والآليات التي نستخدمها قد عفى عليها الدهر ومما اكل عليها الدهر وشرب ونحتاج الكثير من الزمن صرف الزمن، لان عجلة التطور التقني والتكنولوجي تلف العالم من جميع ابعاده الدول النامية اصبحت دول قادرة على ان تقدم الجديد وان تضارع به الدول المتقدمة، اللهم تشترى عقولهم لانهم الافقر الاضعف، في الفرقة العلوية نقرأ القدرة والاستعداد والثقافة والالتزام بحمد الله تعالى ولا نستغرب شيئا من ذلك لان القرية كانت خلاقة مبدعة منذ ايامها الاولى بل تسيدت في كثير من المراحل الكثير من المجالات فجيل السابق والجيل الحاضر هم وجهان لعملة الواحدة علينا ان لا ننفصل عن العمق والتجربة وعلينا ان لا نكتفي بالعدد القليل منهم كما علينا ان نترك المجال واسعا امام الطاقات الشابة، لاننا نحتاج الى دماء ساخنة حارة سيالة وايضا نحتاج الى ذهنيات منفتحة ونحتاج الى عناصر على درجة من الاقتدار في التعامل مع هذه التقنيات المطروحة بين ايدينا، حتى نقدم المشروع بصورة افضل وأكمل.

أهمية الدعم المادي

بالنسبة لاشكالية المادة، انا اتصور المادة لا تشكل اشكالية كبيرة في المنطقة طبعا، لكن مع شديد الاسف هذا الجانب لم يرتقى بثقافته من قبل رجالات العلم من خلال منابر المساجد والحسينيات نحن لو حثثنا ولو قمنا بنهضة كاملة في حث اصحاب الاموال او اصحاب الحقوق او ... على ان يتبنوا مثل هذه المشاريع وان ينهضوا بها بالنتيجة هؤلاء ابناءنا هؤلاء يسافرون بفكرنا هؤلاء يتنقلون بثقافتنا بمحبتنا بايماننا بتعاوننا بانفتاحنا بدليل تشكل الفرقه من اكثر من بلد وبلد على ان المنصورة هي الام فاتصور لو ان رجال الدين قاموا بمسئولياتهم كما ينبغي او بعض الرجال المؤثرين والذين لهم تجربة في المجتمع ايضا قاموا بدورهم لتمكنوا ان يقدموا واذا ما تقدم هذا المال بطبيعة الحال سوف يحصل لهؤلاء او لمثل هذه المشاريع الشيء الكثير من التطور والتقدم، اولا انا اشكر للاخوة خصوصا المسؤولين عن هذه المجموعة والفرقة الطيبة المباركة دعوتهم وانا معجب بالفرقة والتقيها احيانا بالمصادفة لحكم المشاركة بكلمة او بشيء، ثم تأتي الفرقة لتؤدي بعض نصوصها، انا معجب بها، ان لم اكن حاضر في الكثير، الا انني وقفت على بعض المشاهد وبعض المواقف، اسأل من الله سبحانه وتعالى ان يأخذ بايديهم انا اشكر لهم هذه الاتاحة من الفرصة الضيقة جدا جدا بالنسبة لي وعلى حالة الارهاق التي انا فيها، واسأل من الله سبحانه وتعالى ان يأخذ بأيديهم وأيديكم وان يجمع كلمتكم وان يفتحكم على الآخر، وان يفتح الآخر عليكم، وان يجعل من رجال الدين رافد قوي لكم، وان يجعل من رجال الاعمال من يتبنى مثل هذه المشاريع الناهضة حتى يتم العمل ويتقن، اذ ان الرسول الكريم (ص) يقول: «ان الله تعالى يحب اذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه»[1] لا نستطع ان نتم العمل ونتقنه ما لم نحدث الآليات، والآليات تحتاج منا الشيء القليل من الجهد، اللهم الحركة والتوجه، انا اشكركم كثيرا، اشد على اياديكم، وادعوا لكم بطبيعة الحال وانا في خدمتكم في القدر الذي اتمكن ان اقوم به من الخدمة في البعدين المادي والمعنوي، واسأل من الله سبحانه وتعالى ان يتقبل مني هذا القليل وان يعفو عن الكثير الذي لا استطيع ان اقوم به.