نص كلمة سماحته في تكريم حماة الشعائر الحسينية بالحسينية الزينبية

نص كلمة سماحته في تكريم حماة الشعائر الحسينية بالحسينية الزينبية

عدد الزوار: 2457

2015-11-05

بسم الله الرحمن الرحيم

وصلى الله وسلم على اشرف أنبياءه ورسله حبيب اله العالمين أبي القاسم محمد صلى الله عليه وآله الطيبين الطاهرين ثم اللعن الدائم المؤبد على أعدائهم أعداء الدين

﴿رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي * وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي * وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسَانِي * يَفْقَهُوا قَوْلِي﴾[1]

اللهم وفقنا للعلم والعمل الصالح واجعل نيتنا خالصة لوجهك الكريم يا رب العالمين

السلام على الحسين وعلى علي بن الحسين وعلى أولاد الحسين وعلى أصحاب الحسين جميعاً ورحمة الله وبركاته

الاستضاءة بنور سيد الشهداء (ع)

جاء في الحديث الشريف عن النبي الأعظم (ص) «رباط يوم في سبيل الله خير من قيام شهر وصيامه»[2]

من عوارض الدهر أن يصل الحال بنا إلى ما نحن فيه، في هذه الفترة الزمنية المفصلية والحرجة في واقع ابناء الأمة، الإمام الحسين (ع) ضحى بكل شيء، ضحى بالأولاد، بالقرابة، بالأصحاب بالنصرة ثم جاد بنفسه الشريفة (سلام الله عليه) وهي أقصى حالات الجود الذي يجود بها الإنسان في هذا الوجود؛ ان يقدم نفسه قربانا في سبيل الهدف السامي الذي يقول عنه (ع): «وأني لم أخرج أشرا ولا بطرا ولا مفسدا ولا ظالما وإنما خرجت لطلب الاصلاح في أمة جدي صلى الله عليه وآله أريد أن آمر بالمعروف وأنهى عن المنكر»[3] قرونٌ تعاقبت كانت كفيلة بان تطمس الكثير من معالم كربلاء، لكن وهجها بقي يجتاز القرون ولا يجد فيها أي حركة القرون ما يسبب عائقا او يشكل ستارا مانعا دون ان تتسلل تلك الاشراقة من ذلك المصباح، الامام الحسين (ع) هو المصباح الذي تستضيء به الأمة إذا ما أرادت رشدها، وهو المصباح إذا ارادت الامة ان تتلمس معالم طريقها، الإمام الحسين (ع) لم يضحي من اجل نفسه كما يتوهم البعض ذلك ممن لم يشرب من كأس الحسين ولم يلتحق بركب الحسين ولم يتفاعل مع واقع الحسين (ع) لذلك شذت أفكاره، لذلك ضاعوا وضيعوا الكثير من الأجيال التي جاءت بعدهم.

السير وفق معطيات الثورة الحسينية

الإمام الحسين (ع) ثورةٌ خالدة والإمام الحسين (ع) مدرسةٌ واسعة يستطيع الإنسان الذي أذن لنفسه وقبل لها ان تلتحق بركب فكري ان يسير وفق معطيات تلك النهضة وتلك الحركة التي لولاها لطمست معالم الدين من أساسها، من هنا تأتي القراءة الطبيعية والاستنطاق الواقعي للحديث الشريف عن النبي الأعظم محمد (ص) الذي يقول فيه: «حسينٌ مني وأنا من حسين»[4]، لا تفسير له اقرب من هذا التفسير وان كان بمقدور الإنسان الباحث والعالم والفيلسوف والأديب ان يبحر مع مفرداته الى آفاق بعيدة، لكن اجمل الأشياء ما تصل من خلالها عن قرب ودون الحاجة إلى مزيد عناء، الإمام الحسين (ع) قد رسم لوحته الفنية الرائعة وكان حبر مدادها هي قطرات من دم نحره الشريف ونحور أولئك الكوكبة التي كانت من حوله في كربلاء، مسؤوليتنا أيها الأحبة أن نقرأ الحسين كما أراد ان يقرء، مسؤوليتنا أيها الأحبة ان نعيش الإمام الحسين (ع) في كل أقوالنا وفي كل أفعالنا، لأننا متى ما أردنا أن نكون حسينيين كما ينبغي وكما أراد الإمام الحسين لمن أراد أن يضاف له على أن يكون حسينيا ان يتماشى معه وفق هذا المعطى، الإمام الحسين (ع) قدم الأقرب فالأقرب ولم يقدم أصحابه ونصرته وإنما قدم أولاده بادئ ذي بدء ثم ثنى بالأقرب فالأقرب حتى آلت النوبة إلى أصحابه وانصاره، لذلك ضحى الجميع على مذبح الخلود ورسموها مع الحسين لوحة مشرقة، مسؤوليتنا أيها الأحبة إذن ان نعيش الحسين (ع) روحا وجوهرا وتضحيةً، الإمام الحسين (ع) أودع في أيدينا أمانة، فكيف نتعامل معها؟ وما الذي ينبغي علينا ان نقوم به بعد أن نكون قد تفاعلنا مع كل معطيات نهضته (ع) المقدسة.

أهمية حماية وحراسة المؤمنين

هي مسؤولية الحماية والحراسة وبذل الجهد الكبير في سبيل ان تتواصل المسيرة وان لا تقف هذه المسيرة التي وصلتنا أيها الأحبة عن آباء ضحوا بالشيء الكثير، هذا هو تاريخنا، لا جديد يمكن ان يقف الإنسان عنده، كانوا يفرضون على من يذهب الى زيارة الإمام الحسين اتاوة! ابتدأوها بعشرة دراهم، ثم ارتقوا معها إلى مائة درهم، ثم حولوها إلى الدنانير من الذهب ثم لم يقبلوا بذلك وإنما عمدوا إلى قطع اليد ثم أرادوا ان يقطعوا اليد الأخرى في قصة ذلك الرجل الذي قدم يده في السنة الأولى وفي السنة الثانية، قالوا له قدم يدك، فقدم يده الثانية، قيل له والاولى؟ قال: قطعت في العام الماضي! ثم لم يكتفوا بذلك وإنما اخذوا من العشرة واحد، كانوا يقتلون من العشرة اشخاص، شخص واحد حتى يستطيع التسعة ان يصلوا إلى كربلاء، كان هؤلاء يتنافسون فيما بينهم، كان هؤلاء الكل منهم يريد أن يقدم نفسه قربانا في سبيل أن يصل الآخرون إلى مشهد كربلاء، إلى مشهد الطف إلى حضرة الإمام الحسين (ع)، هكذا كانت التضحيات، أعداء أهل البيت عليهم السلام منذ اليوم الأول لم ينفكوا وهم يحاولون أن لا يبقى للإمام الحسين (ع) علمٌ يرفرف، وان لا تبقى عين باكية، وان لا تبقى حنجرة تصدح باسم الإمام الحسين (ع) في أي مكان كان، لكن الشيعة الذين واكبوا الإمام الحسين والشيعة الذين عاهدوا الإمام الحسين ان يكونوا اوفياء له أبوا إلا ان يعيشوا الإمام الحسين وان يضحوا من اجل الإمام الحسين (ع) وهكذا تمت الأمور ووصلت، النوبة اليوم في أيديكم أيها الأحبة من كبار ومن شباب ومن براعم صغيرة سوف تكبر في يوم من الأيام، اقول المسؤولية هي ان نحافظ على ملتقياتنا ومنتدياتنا الدينية، على مساجدنا، على حسينياتنا، على مجالسنا، على تكايانا، على استراحاتنا التي تحتضن بفضل الشباب الطيب المؤمن الكثير الكثير من مجالس العزاء والفرح احتفاءً بآل بيت محمد (ص)، هو احدى الحسنيين: إما أن يخلص الإنسان الى الموسم وهو في سلامة من نفسه ويكون قد قدم الكثير، وقد جاء في الحديث الشريف الذي قرأته على مسامعكم: «رباط يوم في سبيل الله خير من قيام شهر وصيامه» كم هو اجر عظيم! خصوصا إذا تقرب الإنسان بوقوفه، وخصوصا اذا تقرب الإنسان بتضحياته إلى الله سبحانه وتعالى ولم يتعامل مع وجه آخر وإنما جعله حصرا لله سبحانه وتعالى وهذا هو المتوخى وهذا هو المرجو، أصلا نحن لا نعتقد في شبابنا اليوم إلا هذه الحقيقة، وإلا هذه المفردة.

حماية وحراسة المؤمنين؛ استجابة لنصرة الحسين (ع)

أيها الأحبة انتم حراس قضية يكفي إنها من أقدس القضايا وأشرفها يكفي ان يفد الإنسان بعد أن يخلص في سلامة من نفسه ويجلس مع نفسه جلسة قصيرة ليقول هل شاركت الإمام الحسين (ع) مصابه؟ نحن لم نسمع واعيته، نحن لم نكن في كربلاء والحسين ينادي: «هل من ناصر ينصرنا هل من ذاب يذب عنا» لكننا نتمثل بقول جابر بن عبد الله الانصاري[5] الذي يقول: «لقد شاركناكم فيما دخلتم فيه» لأننا نعشق عملهم ونعشق عطاءهم ونعشق تضحيتهم ،كل الأمور بالنسبة لنا بسيطة وهينة، لأننا نتعامل مع جهة هي اكبر من كل شيء، هذا بالنسبة للثواب الذي ينتظركم إليها الأحبة وفي حديث آخر: «حرس ليلة في سبيل الله عز وجل أفضل من ألف ليلة يقام ليلها ويصام نهارها»[6] ألف ليلة قيام يقومها الإنسان أفضل منها أن يقضي الإنسان هذه السويعات المعدودة من ليل أو نهار في سبيل أن يحافظ على معقل من معاقل أهل البيت وهي الحسينية أو مسجد من المساجد الطيبة المباركة، أيها الأحبة هي أمانة ثقيلة لكنها شرف ان خرجنا منها فنحن على ما نحن عليه وعلى العهد باقون، أرواحنا على اكفنا لا يخيفنا هؤلاء لأنهم لم يستطيعوا أن يخيفوا آباءنا وأجدادنا من قبل وحيث أنهم لم يستطيعوا فإنهم اعجز اليوم أن يستطيعوا وأن يحققوا مآربهم لان شبابنا اليوم أكثر وعيا وأكثر ثقافة وأكثر علما وأكثر استعدادا على التضحية، اخذ الله بأيديكم، حفظكم الله بعينه التي لا تنام، جعلنا الله وإياكم ممن يركب في سفينة الإمام الحسين (ع)، وممن يستضيء بنور مصباحيه الذي أشعله في كربلاء ولم يعرف الانطفاء حيث يحمل هذا المصباح الخلف الباقي من آل محمد (ص)، أنا اعرف أن كلمات الشكر لا ينتظرها احد منكم، لأنكم صانعتم وجها يكفيكم عن سائر الوجوه وما عسى أن تقدم أو تؤخر كلمات الشكر، لأن من سيشكر وقفتكم، عملكم، عطاءكم، تضحيتكم هو الإمام الحسين (ع) وكفاكم شرفا أن تشكروا من قبل الإمام الحسين ابن فاطمة بنت النبي الأعظم محمد (ص).

الحسينية الزينبية؛ عطاء وجهود متواصلة

والحسينية الزينبية واحدة من الحسينيات التي استطاعت أن تسجل لنفسها تاريخا حافلا في العطاء قراءة متواصلة جهود كبيرة تبذل، وفق الله سبحانه وتعالى لها الأخ العزيز حبيب هذا الرجل الذي نذر نفسه من اجل الإمام الحسين (ع)، نسال الله له دوام العافية وطول العمر وان يدفع عنه شر أشرار وغائلة الليل والنهار، نسأل من الله سبحانه وتعالى أن يحفظكم، أن يدفع البلاء عنكم، أن يسدد خطاكم، ان يجعل الدنيا أمامكم جميلة خضراء وان يجعل الآخرة اذا اختارها الله لأحد منا جنة مضافة لنا نستلمها صافيةً مصفاة من يد محمد وآل محمد (ص) حيث أن عملكم في منتهى القداسة وقد لا يوفق له إلا القليل من الناس فلا تنسوا أن تشركونا في صالح اعمالكم كما نحن نقول: قلدناكم الدعاء والزيارة لمن يسافر الى مرقد من المراقد الطاهرة رزقنا الله وإياكم شرف الوصول اليها كذلك بالنسبة لهؤلاء الذين يقفون يحملون أرواحهم بأكفهم دفاعاً عمن يحضروا في مجالسهم عليهم السلام، نقول لهم قلدناكم الدعاء والزيارة نسال من الله سبحانه وتعالى أن يشركنا في صالح أعمالكم، أجركم كبير لا يقيمه إلا الله سبحانه وتعالى لأرواح من مضى علينا وعليكم وهم كثر، ممن ترددوا على هذه الحسينية المباركة في عطائها، لأرواحهم جميعا ولحفظكم ولحفظ جميع حماة الصلاة والشعائر ولحفظ المؤمنين من شيعة الحسين (ع) في أي صقع من الأرض كانوا الفاتحة مع صلاة تصل الى كربلاء.