نص كلمة سماحته في الأمسية القرآنية الأولى بقرية المركز
أولا؛ أحيكم بتحية الإسلام واسأل من الله ان يتقبل مني ومنكم ما مضى من الايام ويساعدنا واياكم على ما بقي صياماً وقياما، وان يبلغنا واياكم ايام العيد السعيد وكذلك عموم الامة الاسلامية وهي في احسن ما يمكن ان تكون عليه من الحل. ثانياً؛ اشكر اللجنة القائمة على هذه الأمسية وما تقدم عليها هذه ثمرة جهود، واشكر لهم اتاحتهم الفرصة لي كي امثل بين ايديكم لاتكلم بكلمات أسال من الله سبحانه وتعالى ان يكون فيها رضا، ولنا فيها فائدة انشاء الله تعالى، واعرف ان الوقت محدود ولو لم يكن محدودا فكان الواقع يحدده لما اعانيه من مشاكل صحية، نسأل من الله سبحانه وتعالى ان يدفع البلاء عن عموم المؤمنين والمؤمنات ويمن على المرضى جميعا بالشفاء والعافية.
أهمية القرآن الكريم
القرآن له أهميةٌ في نفسه وأهمية القرآن تنطلق من خلال أسطوريته في صياغة حيات الانسان السعيدة على وجه الارض، كثيرٌ هم اولئك الذين اقتربوا منه ولكنهم لم يتعمقوا في معطياته، راقتهم بعض التراكيب ولم يتجاوزوها، ولو انهم تجاوزوها سبرا في العمق لما ابتعدوا بعد اقتراب. القرآن يربطنا فيه وشائج ولكن اهم هذه الوشائج عبارة عن محمد وآل محمد القرآن، حتى نتعمق فيه ينبغي ان نتعرف عليه، والمعرفة محصورة في هذا الاتجاه: «أنا مدينة العلم وعلي بابها فمن أراد المدينة فليأتها من بابها»[3] أي الأبواب مهما اتسعت وارتفعت ونمقت؛ فانها لا توصل الى هذا المنبع الاصيل ما لم نقتبس من نورهم ونأخذ من هديهم، نضيء الطريق بناءا على نورانيتهم الحقة التي تنتهي حيث المنطلق القرآن الكريم وهو الوحي المنزل على قلب الحبيب المصطفى محمد (ص).
الرجوع الى القرآن والتدبر فيه
نسأل ومن حقنا ان نسأل كم نقرأ القرآن؟ عاش القرآن غريبا، عاش القرآن حالة من الهجران من أبناء الأمة، ولكن الأمة عادت بنفسها إلى ما ينبغي أن تكون فيه ألا وهو الأنس القرآني، اليوم في كل قرية وفي المدن اكثر من مكان ومكان تحيي محافل القرآن لا لشيء إلا لأنهم استشعروا ما يمكن ان يقوم به هذا القرآن الكريم من دور في إسعادهم وإسعاد الأمة من حولهم، لذلك نجد أن الأماكن تنور بأنوار الوحي الشريف، ان الأماكن تزين لقراء وهم في حداثة السن يستظهرون القرآن يقرؤون القرآن في أحسن درجات التلاوة واكثرها اتقانا هذا لم يأت من فراغ بل يأت من الشعور بالمسئولية والرغبة الجادة والرعاية الكريمة كما نقرأها في الكثير من جيل الوسط، الجماعة الرابطة بين جيلين وهؤلاء لابد من شكرهم والشد على أيديهم والوقوف إلى جانبهم بقدر ما نؤتى من قوة، القراءة أمر مهم، القراءة الصحيحة أمر أهم والاهم من هذا وذاك ان ندخل إلى حياض التدبر في معطيات هذا القرآن الكريم ربما يشرد علينا لأول وهلة ولكن إذا استعنا بمن بهم العون نستطيع ان نتدبر، تدبر الذي أراده القرآن ﴿اَفَلا يَتَدَبَّرونَ القُرءانَ اَم عَلىٰ قُلوبٍ اَقفالُها﴾[4] القرآن يتدبر من خلال عطاء محمد وآل محمد لأنهم الأعرف في معطياته ولأنهم النور الذي يمكن أن يكشف حالة النور التي يفترض ان تستقر في قلوبنا، لأننا في الأول والأخير نرجع إلى قبسة من نور من نورهم «عجنوا بماء ولايتنا»[5] هذا الماء الذي عجنا به هو عبارة عن النورانية المحمدية والعلوية والفاطمية ومن حل منهم من كوكبة العصمة إذا ما ابتعدنا علينا ان نقترب ولن نقترب ما لم نزيل الدرن الذي ربما علق فينا، في نفسياتنا، في قلوبنا في لحظة من اللحظات بظني ان من يتنكب طريق الآل هو يبحث كالاعمى في الفلاة كذلك الإنسان البصير بصرا والاعمى بصيرة الذي يحاول ان يستنطق نصا ولا يهتدي إلى مدلوله.
ضرورة الرجوع الى القرآن الكريم والعترة الطاهرة عليهم السلام
أيها الأحبة كم بشر هذا القرآن الأمة بالهداية والوصول إلى الحق المراد، أربعة عشر قرن من الزمن وولجنا في القرن الخامس عشرا ونحن لا زلنا نبكي على حالنا كأمة يتخطفنا الطير من كل جانب حتى الأمم التي ليس لها رصيد أصبحت تثبت لها واقعاً على خارطة العالم ونحن بدأنا نتخلى عن واقع ثبتناه في يوم من الأيام صدقوني لا لشيء إلا لان الهجرة أردفت بهجرة أخرى هجرت الأمة محمد وآل محمد بعد وفات النبي وحصل ما حصل ثم ما لبثت ان ثنت بهجران القرآن الكريم وما نلمسه يوم من نجاحات هنا أو هناك إنما هو نتاج الرجوع لهذين الرافدين رافد القرآن الكريم بمعطياته وتجلياته ونورانيته، ومحمد وآل محمد بما ثبتوه وأثبتوه إن على ورقات التاريخ مدونا بحبر الأمناء على التدوين او من خلال صفحات سطروها بدماء خالدة كمن عشنا ذكرى شهادته المولا علي عليه السلام مزج بين حبرين الحبر المركب بالمادة الطبيعية ما يستنسخ به وحبرٌ آخر لا يملكه إلا الأكرم بين بني البشر وهم محمد وآل محمد ومن نهل من نميرهم، إذن الحديث الذي استفتحت به لاختم به يقول ان هنالك طرق وان طريقا بين هذه الطرق طريق أوحد، طريق ذات الشوكة، الصراط المستقيم هو طريق الله، طريق القرآن، طريق محمد وآل محمد، طريق الهداية الذي يستمد هدايته من هذين المنبعين، من هذين الرافدين، ثم طرق وما شأننا وشأنها مهما تفرقت أو تفرق عنها ما تفرق، إنهم يبحثون عنه، إنهم يبحثون في سراب، إنهم يلهثون كمن يحمل عليه، إنهم يحملون على ظهورهم أثقالا، هؤلاء لا يعنونا، لا يقدموا ولا يؤخروا، يتحركون في دائرة مفرغة ما ان يتقضى عنهم ما فيه من الهوى حتى تجد ان الواحد منهم يسارع إلى إغلاق صحيفته من هذا الوجود. نسأل من الله سبحانه وتعالى ان يأخذ بأيدينا وأيديكم وأيدي العاملين على مثل هذا المحافل النورانية وان يجمع بيننا وبينكم وان يوفقنا وإياكم ان يثيب العاملين انه ولي ذلك واعتذر على نصف دقيقة زيادة عن الوقت المحدد، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.