نص كلمة سماحته في الأمسية الشعرية لشهداء الدالوة  والمنصورة

نص كلمة سماحته في الأمسية الشعرية لشهداء الدالوة والمنصورة

عدد الزوار: 412

2014-12-23

العلاقة بين دماء الشهداء ومداد العلماء

بين دماء الشهداء ومداد الشعراء نسب، الشاعر له قيمته وحضوره ومتى ما غاب او غيّب فالعتبى على من هم حول الشاعر، قديما قيل الشعر ديوان العرب، أما اليوم فالشعر لسان الأمة، والأمة التي لا تعيش شعراءها عليها ان تراجع الحسابات أين يكمن الخلل، الأمم المتقدمة والمتحضرة تقدمت على أساس من الأدب وفي طليعته الشعر، الشهيد مفردةٌ مقدسة، الشهادة مفردةٌ مقدسة، للشعر موقف لولا ذلك الموقف لما وصلنا الكثير من إشراقات الدماء التي جرت عبر التاريخ، الأحساء فطرت على الشعر والشعراء لا استغرب ان يكون فيها هذا الكم الهائل من عمالقة الشعر، ان في جانبه الفصيح أو جانبه الشعبي، إنما ما استغربه هو ان لا يكون الأحسائي شاعراً، فان كانت الظروف الناعمة تصنع الشعراء فمن الحري ان يكون الوضع الذي على العكس من ذلك اقدر على أنجاب الشاعر، الشعراء رسل المعاني، والشعراء قوالب الألفاظ، متى ما عجن هذا بهذا وقفنا أمام رجال عظماء هم ليسوا أنبياء كما هو المتبادر للذهن ولكنهم يحملون نبوءات الشهداء لهم حضورهم وان غيبوا عن المشهد في عالم شهوده، الأمة التي لا تضحي ليس من حقها ان تعيش، والأمة التي لا تقدر للدم قيمته ليس من حقها ان تعيش، أقدس واطهر واشرف وانصع الصفحات التي ملئت عبر تاريخ كان مدادها دم، دم الشهيد إشراقة العرش على الأرض ان فتشت عنه فلا تبذل جهدا طويلا وإنما عليك ان ترمي بطرفك ليلاً مستعرضا كوكبة نجوم لتقرأ فيها رسم الشهادة، ان معظم من استشهد من هذه الكوكبة والقافلة الطيبة الحسينية هم من صغار السن دماءهم وان أريقت على وجه الأرض إلا ان نقشها وإشراقها يستهديه أهل السماء ان كانت قطرات الدم التي وقعت من نحر الطفل الرضيع في كف سيد الشهداء أبت السماء إلا استقبالها فما أريق من الدم هو الامتداد الطبيعي لتلك القطرات ولو كان المعصوم بيننا في عالم شهود وتلقى تلك الدماء بكفيه الطاهرتين ورمى بها إلى السماء لما سقط منها شيء. أيها الأحبة أنا في حيرة من أمري هل أضع يدي في أيدي شعراء لهم ما لهم من الحظوة ولهم ما لهم من المكان في قلوب الجميع لأنهم رفعوا الاسم عاليا وسافروا بهذه الديار الطيبة بأهلها إلى ابعد المسافات فما من حفل إلا ولهم ثابتة مستقرة تدلل على أنهم الأقدر على طبعها كذلك أيها الأحبة ما من مسابقة أجريت إلا وكان لهم قبسة السبق عمالقةٌ أحاطوا بهم من كل حدب وصوب وأبوا إلا ان يجعلوا اسم الأحساء هو الاسم المتقدم بين مجموع الحواضر الأدبية من حولنا هذا وما ينفق عليهم لا يكاد ان يذكر ان لم يكن في دائرة المعدومة فمتى تستيقظ هذه المدينة الهادئة الوادعة او المحافظة وتتبنى هذا السنابل في فئة والعمالقة في فئة أخرى لتعطي لكل ذي حق حقه، من السهل ان نصل ومن السهل ان نتقدم لكن الأصعب أيها الأحبة ان نحافظ على تلك الحالة من الوصول والتقدم إذا تضافرت جهودنا إذا استطعنا ان نجمع بين آحادنا لنشكل منظومة واحدة تعني فيما تعنيه هذا العنوان الذي يضعه الإنسان على صدره وسام شرف (أحساء) وقتها أيها الأحبة نستطيع ان نتقدم ونتقدم ونقدم من يأتي معنا لا غرابة في ان تحرك هذه الكوكبة من الشهداء الحسينيين قرائح هؤلاء الشعراء الذين يجمعون بين الولاء الصادق والحب للوطن ان يسافروا بقضيتنا وهي أمانة في رقاب الجميع لكن من نذر نفسه لقضية ومن جعل من نفسه عنوانا لها فعليه ان يعطي بما يتساوى وتلك العنونة.

العقلانية في الاقوال والافعال

 أيها الأحبة نحن في زمن لا يعرف الغرمة بلا غرم إذا وازينا بين ما نغنمه، ما نحققه، ما نحصده وما نضحي من اجله ان على نحو المقدمات الموصلة إلى هدف أو بناءا على ما هو المترقب لدفع ما هو المحذور بالنتيجة ثمة غرم علينا ان نوازي بين هاتين الحقيقتين حتى نستطيع ان نعيش حالة التوازن التي هي سيدة الموقف يترشح عنها العقلانية في أقوالنا والعقلانية في أفعالنا أما إذا تخلينا أيها الأحبة عن الاستعداد للجمع بينهما فان النتيجة محسومة ومعلومة اما ان يسيطر جانب العقل وهذا ما نتمناه بناءا على ترتيب مقدماته أو نغادر مساحة العقل لنترك للعواطف والأهواء والرغبات ان تقول مقولتها وقتها لا ينفع ندم، قلت كلمة أن الرقص على الجراح مرّ فعلينا ان لا نرقص عليها كثيراً حان الوقت الذي نعيد فيه ترتيب الأوراق والجدولة من جديد واستخلاص النتائج والاستعداد للأخذ والرد، ان لم نقبل لأنفسنا هذه الطريقة للوصول إلى الهدف لا محذور في أن نجتمع مهما تفرقت مشاربنا وأذواقنا وميولنا لوضع خطة طريق أيها الأحبة القادم من الأيام يحمل في طياته الشيء الكثير فما هي قراءتنا أيها الأحبة، في مجلس جمعني مع جمع من الأحبة من أصحاب المقام والقرار كنت أتحدث معهم فسألني احد الدكاترة قال سيدنا ماذا بعد الأربعين يعني بعد ذكرى الأربعين قلت له تسأل عن الأربعين يوم أم عن الأربعين سنة أنا بضني أن ذكرى الأربعين لا تعطينا المساحة الكافية لأننا صرمنا أيامها دون طائل فنحن في مسيس الحاجة بحسب الظاهر للأربعين سنة وارجو أن لا تكون سني تيه كما عاشها بنو إسرائيل الفرصة متاحة والساحة لم يعد بمقدورها أن تتحمل أكثر مما حصل أنا لا أطيل عليكم، أيها الأحبة! الشعراء لهم قيمتهم، الشهداء لا يعلم قيمة الشهادة إلا الله سبحانه وتعالى فهي وكما في الحديث الشريف إنها حسنة لا تضر معها سيئة هؤلاء وفدوا إلى ربهم على مأدبة الإمام الحسين ابن علي (ع) من تربى تحت منبر الإمام الحسين (ع) اعد نفسه لما ضحى به الإمام الحسين (ع) من اجل هدف لكن أيها الأخوة همسة اختم بها؛ إذا كان الثمن غالي ينبغي أن لا يكون المثمن رخيص. أنا اشكر جميع الإخوة الشعراء واللجنة القائمة، طبعا الكلام عن الشعر طويل أنا قد كتبت مسودة تقريبا من ست نقاط لم أتحدث الا عن نقطة واحدة فقط لضيق الوقت، وفقنا الله وإياكم لكل خير، ولأرواح الشهداء الذين ضرجوا بدمائهم واحدة من أنقى الصفحات حشرهم الله مع الحسين وآل الحسين وأصحاب الحسين لأرواحهم جميعا الفاتحة.