نص كلمة سماحته في أوبريت (عشقنا حسني)
قبسات حسنیة
الحديث عن الإمام الحسن (ع) عذب زلال، الحديث عن الإمام الحسن (ع) حبل وصال، الحديث عن الإمام الحسن (ع) تقلبٌ بين يدي سبطٌ من الأسباط، الحديث عن الإمام الحسن (ع) حديث عن الشرف بأعلى درجاته، والكرم في أوسع أبوابه، والصبر في أجلى مصاديقه، وأما الفكر فحدث ولا حرج، الإمام الحسن (ع) لا يقبل منا أن نجتمع ونتفرق ولم يأخذ كل واحد منا نصيبه من مأدبته، الإمام الحسن (ع) كريم أهل البيت علیهم السلام وهو الذي يفترش الأرض مع كل من دعاه من أبناء مجتمعه الإسلامي، وهو الإمام الذي لم يتعالى على أحد من حوله، بل كان يستطيبهم ويستدعيهم ويقدم لهم الزاد في يده الشریفة، الإمام الحسن (ع) لم ينتظر أحداً يطرق بابه وإنما كان يعيش أجواء المبادرة، وهو الطارق لأبواب الآخرين، يتلمس أوضاعهم، يتحسس آلامهم، يعيش أجواءهم، يلملم مشاعرهم، لا غرابة في كل ذلك، لان المنبع هو المنبع! المنبع هو عبارة عن كتاب منزل احكمت آياته وخوطب به نبي البشرية الأعظم محمد (ص) ورافد كريم آخر هو عبارة عن سنة مطهرة فيها ما يكفل للإنسان عيشاً وسعادةً وسموا وتقدما، أيها الأحبة! البعض يريد منا أن نكون أسراء لبعض الطقوس المعينة ذات الطابع المحدود في هدفيتها، حال أن الدعوى صريحة وواضحة ﴿ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ﴾[3] التقوى جوهرة مكنونة يحافظ عليها من يحافظ إذا أخذ بالأسباب الطبيعية، والاسباب الطبيعية فيما نحن فيه أن نقرأ القرآن ونتدبره وان نقترب من السنة ونستنطقها ثم نجمع بين الرافدين ننهل منهما حيث شئنا لنوقد مصباحا هنا وآخر هناك يهتدي به من يرغب لنفسه أن يكون متقدما في جميع جوانب حياته، ومن منا لا يرغب مثل ذلك
مأدبة الامام الحسن (ع)
أيها الأحبة، الإمام الحسن (ع) في مأدبته الكثير، عشناها وتقلبنا عليها وأخذنا منها وثمة شيء لا زال يطرق أبوابنا ويده تمتد إلينا من عالم الغيب هي يده (ع) تقول لنا ان زادا سلمناكم إياه هو بمثابة ميثاق تعاهدوه واستنطقوه انه التراب الصافي انه التراب الذي لم تلوثه أيادي العابثين، انه التراث الذي أجهد علماؤنا الأبرار (رحم الله من مضى وحفظ الله من بقي منهم) جهود مضنية في سبيل أن يصل إلينا صافياً مصفى، علماؤنا حلقات متواصلة ترابطت فيما بينها، أعطت الكثير، أوصلت الكثير، تحملت الكثير، ضحت بالكثير حتى أننا عندما نقرأ في سير الأعلام عبر التاريخ نجد أن الطبقة الأولى ممن ضحوا هم العلماء فرُشيد الهجري عالمٌ وهو ابن هذه الأرض الطيبة لم يخرج من الدنيا ممداً على فراش راحة وإنما غادرها بالحساب المعروف، كذلك ميثم التمار وما أدراكم ما ميثم التمار.. والقائمة تطول إذا ما أردت سردها، واما من العلماء فحدث ولا حرج ولو لم يكن إلا الشهيد الأول والثاني (رحمهما الله) لكفى، كيف والقائمة تطول.. ليس آخرها مراجع أمة عشناهم وارتحلوا، شهداء ابرار نحتسبهم عند الله كذلك أئمة جماعة قدموا دماءهم صافية على أكفهم ليحفظوا لنا عقيدتنا وليثبتوا قواعدنا وليشدونا شداً وثيقاً مع محمد وآل محمد (ص).
نعمة الأبوین الطاهرین
انتم أيها الأحبة من تحدرتم من أبوين من حق كل واحد منا ان يفخر بأبويه لذلك جاء الشاعر الموالي يتغنى بهذه المفردة ويتباهى بهذه الحقيقة:
لا عذب الله أمي أنها شربت *** حب الوصي وغذتنيه باللبن
وكان لي والد يهوى أبا حسن *** فصرت من ذي وذا اهوى أبا حسن
سلمت اكف آبائنا، رحم الله من مضى منهم، حفظ الله من بقي، هم الأسباب الطبيعية في أن نولد في هذه الأجواء التي لا تعرف إلا حب محمد وآل محمد (ص) وهنيئا لنا بأمهاتنا اللواتي أبينا إلا أن يقطرنا في أفواهنا، قطرات اللبن الطاهر الذي لم يمازجه إلا حروف النورانية، حروفٌ تعني فيما تعنيه، محمدا وعليا وفاطمة والحسن والحسين والكوكب النيرة من أبناء الإمام الحسين وخاتمهم سيدنا وإمامنا وولي أمرنا الخلف الباقي من آل (محمد صلوات الله عليهم أجمعين) حليب هذه شفراته وهذه أجزاء من تكوينه ما عسى أن ينتج هذا الجيل الطيب المؤمن الموالي المحمدي العلوي الفاطمي الحسني الحسيني الموالي .. لا غرابة! الأمر في منتهى البساطة هو اصطفاء واختيار، لان القابلية موجودة ولو لم تكن لما حصل، لان لطف الله عام، لماذا يحصل الاصطفاء هنا؟ لان الأرضية مهيأة ولان الظرف قابل، أيها الأحبة يا من تجددون العهد في كل سنة في مثل هذه الليالي المباركة في ذكرى ميلاد الامام الحسن (ع) وتشددون الميثاق معه، اخذ الله بأيديكم، دفع الله البلاء عنكم وعن أهاليكم وعن المؤمنين عامة، أقول أيها النشء الطيب، أيها الجيل الواعي في أعناقكم أمانة والسماء ملبدة بالكثير من الغيوم ثقة فيكم أنكم الأقدر على تجاوزها بايمانكم، بصبركم، بوعيكم، بحضوركم، اخذ الله بأيديكم وسدد خطاكم.
اما لأخينا أبي الحسن والكوكبة الطيبة من حوله فأقول بوركت هذه الجهود في ميزان أعمالكم انها من مثبتات الإيمان وكفى أن يفد الإنسان على الله يوم القيامة وهو يحمل في يده وثيقة تؤمن له هذه الحقيقة انه في يوم من الأيام كان من مثبتي الإيمان ثبتنا الله وإياكم على ولاية علي وآل علي وجمعنا الله وإياكم على بساط علي وآل علي وجعل الله عليا وآل علي الشفعاء لنا ولكم يوم القيامة.
التفکیر وأهميته
الحديث الذي ابتدأت به اختم به، ولا أطيل علیکم قال الامام (ع) عليكم بالفكر، هذه دعوى لكم من الإمام الحسن (ع)، فكروا أيها الأحبة ولا تسلموا عقولكم للآخرين كي يفكروا عنكم، فانتم أهل للتفكير وانتم على مستوى المسؤولية دعموا التفكير بالثقافة اقرأوا أيها الأحبة، لا تكتفوا بثقافة السماع والالتقاط من هنا وهناك برمجوا أنفسكم مع الكتاب، اجعلوه الصديق القريب منكم، يقول (ع) عليكم بالفكر فإنه حياة قلب البصير والذي يوقدها في داخلنا هو الذي يحدث الإشراق فينا هو الذي يبصرنا جوامع الأمور من حولنا ثم يقول: ومفاتيح أبواب الحكمة، إذا أوتي الإنسان مفاتيح الحكمة استطاع أن يفتح المغاليق من الأبواب، أيها الأبناء! أيها الآباء! أيها الأخوة! اسأل من الله سبحانه وتعالى أن ينفعنا وإياكم بمأدبة الإمام الحسن في ذكرى مولده الشريف، دفع الله كل سوء وبلاء عن شيعة أمير المؤمنين أينما كانوا وجعل الله هذا الوطن سالما غانما محفوظا ومدفوعا عنه جميع الأسواء، أسال من الله سبحانه وتعالى أن يجمعنا وإياكم في القادم من الأعوام ونحن وانتم في سلامة لأنفسنا وأهلينا ومن نحب ومن عسى أن لا تحب! نعم نحن لا نحب إلا جماعة واحدة أرادت أن تغرق المشهد بالدماء هي جماعة منبوذة مكروهة، حفظكم الله حفظكم الله حفظكم محمد وآل محمد صلوات الله عليهم اجمعين والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.