نص كلمة سماحته بالمنيزلة: كربلاء مسيرة عطاء دائم

نص كلمة سماحته بالمنيزلة: كربلاء مسيرة عطاء دائم

عدد الزوار: 396

2014-11-09

تأملات في نهضة عاشوراء

السلام على الحسين وعلى علي بن الحسين وعلى أولاد الحسين وعلى أصحاب الحسين جميعاً ورحمة الله وبركاته

جاء في الحديث الشريف: «أخذ رسول الله (ص) بيد الحسن والحسين عليهما السلام فقال من أحبني وأحب هذين وأباهما وأمهما كان معي في درجتي يوم القيامة»، اللهم اجعلنا من محبيهم والثابتين على ولايتهم.

هذا الحديث الشريف لم ينفرد به أتباع مدرسة أهل البيت عليهم السلام، بل للحديث مصادره الكثيرة عند العامة منها: ما رواه الخطيب البغدادي في تاريخه، الجزء الثالث عشر؛ وابن حنبل في مسنده، الجزء الأول؛ كذلك ابن حنبل في فضائله، الجزء الثاني؛ كذلك الترمذي، في سننه المجلد الخامس؛ والآجري في شريعته، الحديث رقم الف وخمسمائة وواحد وتسعين؛ الدواليبي في ذريعته، الحديث مأتين وست وعشرين؛ والآخوذي في تحفته، المجلد العاشر؛ والطبراني في معجمه الصغير، المجلد الثاني؛ وابن حجر الهيثمي في صواعقه، الصحيفة مائة واثني عشرة؛ وابن حجر العسقلاني في تهذيبه، المجلد العاشر.

الحديث عن الإمام الحسين عليه السلام وحركته العالمية الكبرى حديثٌ عن التغيير والإصلاح وكم نحن في مسيس الحاجة، لأن نجدد القراءات ونرتب الأوراق من جديد، لان الحيات في تقدم دائم لا ثبات مع حركة على أساس منها تجري أسباب الحيات، لذلك جاء دور الجهاد في الإسلام الذي رفع رايته الأولى النبي الأعظم محمد (ص) ورفعها الامام عليٌ عليه السلام في المواطن كلها حتى التي تخلف عنها بادئ ذي بدئ لأمر اقتضته السماء لكن سرعان ما حنت الراية لكف علي عليه السلام فكانت خفاقةً تمثل حمداً دائما كانت تحمل عنوان الرحمة وكان هو السيد للموقف دائماً.

الجهاد وأسبابه:

 الجهاد أيها الأحبة طريقٌ إلى الله لا اعوجاج فيه متى ما انتزعت أدلته من خلال ما سطره الكتاب المُنزل على قلب الحبيب النبي المرسل أو ما جاء في سنته المطهرة؛ فبالجهاد قام الدين، وبالجهاد استمرت المسيرة، واختار الإمام الحسين عليه السلام الجهاد من اجل إحداث حركة التصحيح، بعدما طرأ على المسيرة ما طرأ، ﴿وقـٰتِلوهُم حَتّىٰ لا تَكونَ فِتنَةٌ و يَكونَ الدِّينُ للهِ فَاِنِ انتَهَوا فَلا عُدوٰنَ اِلّا عَلَى الظّـٰلِمين[2]؛ اذن الجهاد أسس له من خلال السماء ولا مجال للتوقف والتنظر في ذلك ولا يضر أن يأخذ به إلى مسارات هنا أو هناك فيها الاعوجاج واضحٌ وبين، لان الجهاد يحتاج إلى قادةً ومتى ما تخلى القادة عن ثوابت الدين وشريعته لا إشكال أن النتيجة تتبع أخس المقدمتين، لذلك نجد وبعين بصيرة وبنظرة سريعة ما الذي يلف كياننا الإسلامي هذه الأيام من خلال تسيير هذا المفهوم المقدس إلى حيث لم تشأ السماء له أن يكون.

درؤ الفتنة

الجهاد له أسبابه وأسبابه كثيرة منها؛ درؤ الفتنة ﴿حَتّىٰ لا تَكونَ فِتنَةٌ﴾ الفتنة أيها الأحبة! أنواعها، أشكالها، ضروبها كثيرةٌ وما منا إلا وهو مبتلى بها غاية ما في الأمر تشتد وتضعف، غاية ما في الأمر نحسن التعامل معها في موطن ونخفق في موطن آخر، والأمور تقدر بقدرها، وشتان بين فتنة تلف فردا واحداً وبين فتنة تلف مجتمعا أو تتسع لتشمل أمة، الحدث الذي يردّ الفتنة ينبغي أن يكون في مستوى الحدث بحيث يحدث ردعاً ويحدث من وراء الردع تصحيحاً وهذا ما أراده الإمام الحسين عليه السلام.

الفتنة وأنواعها:

الفتنة في الدين والفكر

﴿اَحَسِبَ النّاسُ اَن يُترَكوا اَن يَقولوا ءامَنّا و هُم لا يُفتَنون[3] الفتنة لها ضروب لها مصاديق كثيرة في الخارج؛ منها الفتنة في الدين والفكر وهي اشد مواطن الفتنة ـ والعياذ بالله‌ـ هناك أناسٌ كانوا قد آمنوا بالرسول (ص) وربما جاهدوا بين يديه وبذلوا الممتلكات وواكبوه حتى اللحظات الأخيرة من حياته الشريفة ولكنهم بعد ذلك استداروا له ظهراً ويمموا شطرا بعيدا عن ثوابت الرسالة، جماعة أخرى ساروا مع علي عليه السلام ثم قلبوا عليه وتآمروا حتى صفّوا وجوده من هذا العالم، جماعة أخرى سايرت الإمام الحسن عليه السلام وتعتبر أنها تخطت أهم مراحل الفتنة الكبرى بعد الرسول (ص) والفتنة الصغرى في حيات علي عليه السلام من خلال الحروب الثلاثة (الجمل، النهروان وصفين)، لكن مع الإمام الحسن لما دخلوا الامتحان المباشر اخفقوا وكانت الاخفاقة جد كبيرة، يكفي أن يقف احدهم على رأس الامام الحسن الزاكي عليه السلام ليقول له: «يا مذل المؤمنين»[4] وهذه حالة تعطي مؤشرا على أن الثبات على المبدأ يحتاج إلى الكثير من العوامل الذي يثبت بعضها بعضا. ومن خلال هذه القراءة السريعة نستشرف ما كانت الأمور عليه بعد خروج الإمام الحسن عليه السلام مسموماً من هذه الدنيا وأولى الأمور إلى الإمام الحسين سلام الله عليه، كان الإمام الحسين عليه السلام أمام مفرق طرق أمام هضبة ضخمة صعبة عالية، الفتنة اجتاحت المسلمين في أهم مناطق القوى التي يعتمدون عليها ويرتكزون على أساس منها ألا وهي مسألة الدين، الثبات على الدين، وضوح الرؤيا، بيان الفكر وجلاءه هذه أمور أو ركائز مهمة لابد ان يتحصل الإنسان عليها ويحصن نفسه من خلالها، وإلا مع مرور الأيام يذهب أدراج الرياح. أيها الأحبة! أيها المؤمنون! أيها الحسينيون! وانتم تعيشون الحسين عليه السلام في ذكرى حركته التصحيحية لواقع الأمة ونهضته الكبرى التي أشرقت على الكون وإلى يومنا لا زالت تعطي عطاءها والنتائج والثمرات مرجوة من وراء ذلك باتت واضحةً جليةً بينة لا تحتاج منا مزيد عناء للبحث هنا او هناك، اذن الفتنة في الدين خطرة صعبة هناك من يرى انه الأمير والولي المعني على دين الأمة ورسالتها وهذا ما لم تؤمنه الشريعة لأحد إلا من خصص بذلك الأمر، الا وهو النبي الأعظم (ص): ﴿اَلنَّبِى اَولىٰ بِالمُؤمِنينَ مِن اَنفُسِهِم[5]، أما غير النبي فلا ولاية له إلا ما امتدت طولا في ولاية النبي وهو الثابت لعلي وآل علي وآخرهم المهدي المنتظر من آل محمد عليهم السلام، إذن الفتنة في الدين خطرة وصعبة جدا، تصوروا جماعة تعيش النبي وتعيش علي وتعيش النص حيا تأخذ الحكم من مصدره، لكن سرعان ما تنقلب وخلال لحظات وبصريح القرآن: ﴿و ما مُحَمَّدٌ اِلّا رَسولٌ قَد خَلَت مِن قَبلِهِ الرُّسُلُ اَفَاِن ماتَ اَو قُتِلَ انقَلَبتُم عَلىٰ اَعقـٰبِكُم[6]، كلمة الانقلاب جدا خطيرة أيها الأحبة خصوصاً إذا ما سيقت إلى موطن لا ينبغي أن يساوم عليه الإنسان قيد أملة أو طرفة عين ألا وهو المبدأ والمعتقد، لكن الانقلاب حصل« الفكر أيضا قد يسوق البعض له ليجعل الأمة طرائق قددا علينا في هذه الفترة الزمنية أن نكون يقضين حذرين وعلى أعلى درجة من الحذر من التيارات الفكرية التي باتت تعصف بالمجتمعات من حولنا وربما لا نكون نحن أيضا بمنئا عنها، من يرفع شعارا او من يطرح رأيا او من يسوق لفكرة ما، علينا أن نقرأ ذاته أولا، من هو؟ وما الذي يعنيه؟ وما هو الرقم الذي يحكيه، وما هو مصدره في ذلك ومن أي مشرب ينتزع، والى أي ركن يلتجئ هذا شيء مهم، أيها الأحبة خصوصا أنتم الجيل الشاب الذي يتخطى الخطوات الأولى في هذه الحيات آمناً أن يرسم له وللمجتمع من حوله حالة من السعادة، حالة من المحبة، حالة من التعاون، حالة من ... والمقامات تطول، الأمور في عهدتكم انتم المسؤولون أولاً وبالذات عن تقويم المسيرة، بالأمس كان رجل الدين هو المسؤول، لكن اليوم لن نلقي جميع المسؤوليات على المجتمع، ولكن لابد من المشاركة والتعاون والتعاضد ووقوف البعض وراء الآخر حتى تسلم المسيرة حتى يزكوا الطريق إذا تخلى رجل الدين عن دوره وتخلى المجتمع وخصوصا شريحة الشباب عن دورها فيعني ذلك الضياع، الشتات، السقوط، الصراع، الفناء، فالمسؤولية إذن تدور مدار هذا الجيل وانتم بقدر المسؤولية وجيلنا الشاب في كل موطن أيضا على قدر المسؤولية، لأن الزاد الذي يتزود منه هو هذه الأيام وهو هذا الحدث وهو هذا الرمز.

الفتنة في الأهل والأولاد

الفتنة في الأهل والأولاد أيضا فتنة عاصفة، البعض يسير مع الدين والمبدأ والمعتقد مادام كان ذلك في سلامة من نفسه وأهله وولده، لكن إذا ما تعرض لأقل القليل من الخسائر تخلى عن كل شيء، لذلك الإمام الحسين عليه السلام يقدم لنا قراءةً مبكرة للواقع الذي كانت عليه الأمة حين حركته أصلا قبل الوصول إلى كربلاء يقول واصفاً تلك الحالة في واقع الأمة: «الناس عبيد المال والدين لعق على ألسنتهم يحوطونه ما درت به معايشهم، فإذا محصوا للابتلاء قل الديانون»[7] هؤلاء الدين لعق على ألسنتهم يحوطون ما درت به معايشهم فما دام الأمور تمشي معه في سلامة من أهله وولده نعم يقول أنا شيعي، أنا مسلم، أنا عندي التزام، أنا عندي تردد على المسجد، انا عندي تردد على الحسينية، أعمل المبرات، أقوم بالخيرات، اسعى واتعاون، لكن إذا ما حصل اقل القليل من المساس بأهله وان كان في صالح الدين نفض يده من الدين، أو حدث اقل القليل من المساس بأحد من أبناءه تخلى عن الدين، فالإمام الحسين عليه السلام يأبى إلا أن يطلقها صرخة مدوية؛ أن الدين شيء وان المصالح شيء آخر، وان طريق الحق طريق صعب وهو طريق ذات الشوكة الذي اختطه القرآن وسلكه الإمام الحسين علیه السلام.

الفتنة في الأموال

الفتنة في الأموال والممتلكات هي فتنة خطيرة وصعبة ومرة وان كانت لصالح الدين، يعني مثلا نحن لدينا أربعمائة مليون موالي على وجه الأرض الخطاب ليس للمؤمنين فحسب بل يشمل جميع المسلمين ﴿واعلَموا اَنَّما غَنِمتُم مِن شىءٍ فَاَنَّ لله خُمُسَهُ و لِلرَّسولِ و لِذِى القُربىٰ و اليَتـٰمىٰ و المَسـٰكينِ و ابنِ السَّبيلِ ...[8] هذا تشريع وهذا فرع شأنه كشأن الصلاة والصوم، المصلون بمئات الملايين، لأن لیس فیها دفع ثمنا ظاهريا ماديا حسيا، الذين يصومون شهر رمضان ربما يكونون اقل من المصلين بين المسلمين، لكن ليسوا من القلة بحيث تعدم الشريعة، لا هم ايضا ربما يشكلون مئات الملايين من الذين يظهرون العلاقة وفرحتهم التقليدية بعيد رمضان، هم يدللون على وجود حالة أو ظاهرة ربما مرضية او مقنعة في أوساط المسلمين من خلال القيام بشعيرة صومهم، الحج كذلك وهلمو جرا، لكن تعال إلى مسألة الزكاة او الخمس بما ان هذا فيه مساس بالأموال عندما يطلب منه ان يقوم باداء هذه الشعيرة ماذا يقول لك؟ يقول لك: كيف ادفع هذه الأموال وهي من تعبی وجهدی وعرق جبینی! كيف ادفعه للوكيل الفلاني، او للمرجع الفلاني؟ فهنا يكمن البلاء هنا تظهر «لعق على ألسنتهم» هنا «يحوطونه ما درت به معايشهم» كلنا نعلم أن المالك الحقيقي هو الله سبحانه وتعالى، ينقل احد الخطباء،  يقول أردت القراءة في إحدى الحسينيات، فقال له الولي على الحسينية: أنا ما عندي مشكلة أن تقرأ هنا وحتى عندي رغبة أن تقرأ أكثر من عشرة أيام (أو كما نقول عشرتين او ثلاث) لكن لدي شرط واحد وهو ان لا تتحدث عن مسألة الخمس أو الزكاة هذه الامور أرفعها من مخيلتك ان تتكلم فيها! هذا الذي يقول هكذا هو ولي الحسينية وهذا يفترض أن تكون تصرفاته صادرة من الشرع، اما عن وكالة شرعية او عن مرجعية، وإذا هذا المنطق منطقه! يقول اذا اردت ان تقرأ العشرة الثانية والتي وراءها عليك ان لا تتطرق الى مسائل الخمس والزكاة، تعال انظر الى هذا الخطيب وما هو حاله ووضعه وماهي ردت فعله يقول لا بأس« لك ذلك لانني بالنتيجة ورائي عيال وبيت ومصاريف! يأتي شخص غيري وفي مكان اخر يتكلم عن هذه الأمور! لذلك الآية الشريفة تقول: ﴿خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا[9] النبي الأعظم (ص) في مرحلة من مراحل الدعوى فرض على كل من يسأل منه أن يدفع مبلغاً، النتيجة ماذا كانت؟ صار ما يسألون من الرسول وتركوا السؤال منه، إلا الاذن الواعية التي هي نفس محمد (ص) ألا وهو علي عليه السلام، فاليوم أيها الشباب! أيها الأحبة! لا تنخدعوا بان فلان يجلس عند السيد الفلاني أو يجلس عند الشيخ الفلاني أو يدعوه الى مأدبة، أو أكثر ذهابا وايابا معه، أو يتردد معه دائما، هذا ليس دليل تدين والالتزام، اقرب من كان إلى رسول الله (ص) أكثر من آذى رسول الله وهو سيد البشر ولا ينطق عن الهوى فما بالك برجل الدين الذي ليس له إلا الظاهر لا ينبغي أن يأخذ احد تزكية لأحد، لأنه يمشي مع رجل دين، لا ياحبيبي أصلا يمكن هذه الأمور تكون غطاء لخداع الناس بناء على مسيرته مع رجل الدين، ربما يكون طاغوت مصغر يرتدي عباءة رجل الدين يحتمي بها علينا ان ننتبه علينا ان نكون واعين، نحن ومنذ الزمن الأول وإلى يومنا هذا تحت المجهر أيها الأحبة أيها السادة ينبغي أن نكون في أقصى درجات الحذر والحيطة.

الفتنة في النفس

هناك فتنة في النفس هذه أيضاَ كبيرة ولا تقل، بل ربما توازي ما تقدم الكلام فيه، فتنة في النفس الإنسان مجمع كمالات ومواهب فطر الله سبحانه وتعالى عبده عليها فتجد هناك شخص خلقه الله ذات قوام وجمال ومنطق أو شيء من هذا القبيل، هناك شخص فتح الله عليه أبواب العلم والمعرفة، هناك شخص فتح الله عليه أبواب الرزق، هناك شخص هيئ الله له اجواء التعاطي مع فنون العبادات والطاعات، فتراه يوم يذهب الى كربلاء ويوم في النجف ويوم عند الامام الرضا عليه السلام ويوم عند النبي، ويوم عند الله في بيت الله الحرام، يكثر من صلاة الليل، عنده أمور يمين يسار، ليس كل هذه الأمور هي لصالح الإنسان، بل هذه الامور قد يستدرج فيها الانسان أحيانا، فتراه بعدما يكثر من الصلاة وبعدما يكثر من الدعاء وبعدما يكثر من الطاعة يحس بأنه انسان مؤمن يؤدي ما عليه من العبادات فيعجب بنفسه، لكن ادخل معه في اقل من الامتحانات، اختبره لتقف على حقيقة أمره، هو حج اكثر من أربعين حجة لكن في الحجة الاولى سقط التكليف عنه وأصبح حاجا وانتهى، الزائر أيضا نفس الشيء لكن انظر الى انعكاس هذه العبادات عليه وعلى سلوكه وعلى نفسيته ما هی؟ هذا هو الشيء المهم، لانه قد تجتمع هذه الأمور في الفرد عندها يتحول ذلك الإنسان إلى طاغوت، صنم بناءا على تفاعل حالة الغرور، هذا هو العدو الخطير للإنسان، الغرور من حيث لا يشعر، قد يقول قائل وهل من الممكن ان يكون العالم مغرورا؟ نعم بعض العلماء وسيدهم إبليس رفض السجود لآدم بأمر من الله بناءا على اي شيء؟ بناء على التمايز، قال أنا أكثر منهم علما، أنا أكثر منهم عبادة، أنا مخلوق من مكون خاص، وهو مخلوق من سلالة من طين او من حمأ مسنون، وخلقتني من نار، نحن اليوم نفس الشيء، القرآن عندما يحذرنا ويقول في آية: ﴿كَمَثَلِ الحِمارِ يَحمِلُ اَسفارًا[10] ، وفي آية اخرى: ﴿كَمَثَلِ الكَلبِ اِن تَحمِل عَلَيهِ يَلهَث اَو تَترُكهُ يَلهَث[11] من هو المعني بهذا؟ هل هو الجاهل؟ لا هذا العالم، لكن العالم الذي لا يتعامل مع جهة المطلق مع الله سبحانه وتعالى ولا يجعل من المهدي على نفسه رقيبا وما يهمه هل ان الناس ذهبت يمينا او شمالا، بعدت ام قربت، عاشت او ماتت، لا يهمه كل ذلك، أهم شيء نفسه، فالعلم قد يسبب حالة من الغرور والعياذ بالله يقع الإنسان في الفتنة انظر الى النتيجة، إلى اين يذهب، مسألة الجاه أيها الأحبة لا يستطيع أحد ان يشتريها بالاموال، يعني أنا أريد أن أصبح وجيها في المجتمع ليس بالاموال أصلا: ﴿لَو اَنفَقتَ ما فِى الاَرضِ جَميعًا ما اَلَّفتَ بَينَ قُلوبِهِم[12]، لكن هو خلق النبي، تواضع النبي، رحمة النبي، محبة النبي أوصلت النبي والأمة من وراءه إلى ما وصلت إليه، هذه المقولة الشریفة: «من تواضع لله رفعه اللَّه»[13] يفترض أن تكون منبسطة على جميع المصاديق الخارجية ورجل الدين لا يستثنى من لا بدية التواضع للآخرين، الإنسان الوجيه هو ان الله فتح عليه محبة الناس ﴿وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِنِّي[14] هيأ له الأسباب طوع له قلوب العامة من الناس علیه ان ينهض بمسؤولياته، يتودد للناس، يتحبب لهم، لا ان يدير ظهره الیهم، ویقول: هذا ما يعنيني سواء جاء فلان او لم یأتی لا یهمنی ذلک، غيره موجود، لا هذا لیس حلاً، الجاه نعمة من الله سبحانه وتعالى اذا لم تشكر ويكفر بها، فان أول ما تقع الطامة على رأس صاحب الجاه الموصوف بها، وهذه النعمة قد لا تدوم وتکون إعارة من قبل الله، فاذا کان الانسان قادر على النهوض بمسؤولياته والقيام بواجباته بناءا على الجاه المسخر بين يديه بقیت هذه النعمة فیه، علیه ان لا يتهرب ولا يقول أنا لا أريد ان اتورط! اذا انت وجيه ومقدم بين الناس، معتبر عند الناس، يقبل رأسك في اناء الليل واطراف النهار بناءا على ای شیء؟ على الوجاهة، والوجيه بعمله یکون وجیهاً، الإمام علي عليه السلام تصدر رأس الصفحة الأولى من الإسلام بياضا ونقاء لأنه سخر جميع الطاقات التي وهبه الله سبحانه وتعالى إياها لمصلحة هذا الدين لذلك أنت تری عندما یطرح النبي (ص) قضية الزعامة على عموم المسلمين ليختاروا، کان هؤلاء أحيانا يختارون أنفسهم ويختارون السلامة و تدخل كلمة ما يعنيني أنا وغيري موجود، إلا عليً ابن ابي طالب فی كثير من المواطن قام وقال له النبي اجلس، قام علي وقال له النبي اجلس، قام علي واخذ بيده لماذا يتكرر هذا السيناريو من النبي مع علي بمحضر المسلمين في اشد المواطن وأكثرها عسرا حتى تعرف الأمة من تقيم ومن تقدر ومن تقدم ومن تحب ولأجل من تضحي العبادة الکثیرة لیست دليل علی التدین الحقیقی، هنالك من بات مع الإمام الحسين عليه السلام ليلة عاشوراء قائم وقاعد يتلوا القرآن، يسبح ويستغفر، لکن وبعدما قتل أصحاب الامام الحسين عليه السلام وأهل بيته ولم يبقى معه الا الاقل القليل صار ينادي الامام الحسين عليه السلام أما من ناصر ينصرنا، أما من معين يعيننا، أما من مغيث يغيثنا ويشير بيده الى حرم النساء، أحد الافراد وأسمه المشرقي كان على مقربة من الإمام الحسين عليه السلام ألا يفترض ان يضحي بنفسه وهو المبتلى والممتحن، فهل يصح منه أن يتخلى عن الإمام الحسين؟ لا كلام ان الذين رسبوا في الامتحان ووقعوا في الفتنة هم كثر سواء في المدينة او في مكة وأكثر منهم في الكوفة ولكن لم ينتهي المسلسل في آخر فصوله إلا في كربلاء، فهذا المشرقي يقول للإمام الحسين وبعدما سمع واعية الحسين وأصبح الإمام الحسين كألذي ينعى نفسه، خوفه على خباء النساء يقول له يا ابا عبد الله الحسين، يا بن رسول الله، هو يعرفه حق المعرفة لا انه يجهله: بيني وبينك كلام في مكة أنا قلت لك حينها انصرك اذا كانت الأمور سهلة وبسيطة، لكن إذا أصبحت الأمور في اتجاه ثاني والبوصلة تغير اتجاهها، النص التاريخي يقول: فألوى عنان فرسه ودبر للحسين بن علي! فهل هذا بلاء ام لا؟ هو امتحان وفتنة ونحن غير بعيدين عنها.

الفتنة في الأفراد والجماعات

 أيها الأحبة! هنالك فتنة في الأفراد وهنالك فتنة في الجماعات وهذه أيضا تعتبر فتنة خطيرة جدا هذا النوع من الفتنة في الأفراد والجماعات أيها الأحبة في زمننا هو أكثر مما كانت عليه في الأزمنة السابقة، لماذا لان مواطن الاجتماع الآن كثيرة، الاستراحات، الجلسات مطلوبة ولا يمكن لاحد أن يقدح فيها بشيء، لأنه مسؤول شرعا عن ذلك لكن أليست هذه الاستراحات والجلسات معرضة لان تطرأ عليها طارئ وتذهب بها إلى حيث لا يرغب أصحابها؟ أقول هذا مجرد من باب الاحتمال ممكن ان يحدث هذا الشيء او غير ممكن؟ طبعاً ممكن، اذن لنسأل أي شيء أعددناه للمحافظة عليها ولصيانتها؟ وما هي أجندتنا للوصول بها إلى ساحل النجاة حتى تستوي على الجودي، الدراسات الاجتماعية الموجودة اليوم تقول: أن الاستراحات تعتبر مكمن خطر أو باتت مكمن خطر على اصحابها قبل غيرهم، لماذا لأنها غير مسيجة في بعض مساحاتها، وأنا لا اعني انها غير مسيجة بالجدران، لا الجدران محكمة لكن جدار الإيمان، جدار التقوى هذا هو الشيء المهم، أيها الأحبة لنلتفت في الأفراد وننظر الى هذا الصاحب الذي نمشي معه ما هو وضعه، مسألة الصحبة مسألة مهمة، لانه قد الصاحب يأخذك إلى طريق النجاة، والخير، طريق الجنة والخلود أو يأخذك إلى طريق الشر، والنار والخلود فيها والعياذ بالله، لذلك عليك ان تمتحنه وتنظر اين تذهب به الأمور، أيها الأخوة خطر الجماعات اشد من خطر الأفراد لماذا لأن الأفكار تتلاقح فيما بينهم وتوصلهم إلى مهالك كثيرة.

عناصر خلود الثورة الحسينية

ومن هنا جاءت كربلاء ومن هنا تحرك الإمام الحسين عليه السلام، ولهذا بقيت كربلاء وغاب غيرها من صفحات التاريخ و الحراك الأممي لأن كربلاء فيها عناصر لن تمتزج في غيرها

الامام الحسين عليه السلام نفسه

احد عناصر العظمة هو الإمام الحسين بن علي ابن فاطمة بنت النبي محمد (ص) باقي الحركات ليس فيها هذا الرمز وهذه القيمة العالية، قيمة السماء تسير على وجه الأرض وقتها لا يمثلها إلا الحسين بن علي عليه السلام هذا الأمر الأول[

الهدف السامي وهو الاصلاح

الأمر الثاني هو الهدف السامي والرفيع ألا وهو الإصلاح «إنما خرجت لطلب الإصلاح في أمة جدي»[15] لا كما يسوقه أتباع المدرسة الأموية من اجل امرأة!! يقول ذلك الاموي ان الإمام الحسين خرج من المدينة الى مكة وحل إحرامه خوفاً على فلانة تذهب من يديه ولا تصبح زوجته!! انظروا الى القراءة الساقطة والهبوط بالوعي والفكر، آخر يقول: لا خرج من أجل الملك كغيره من الثائرين، فحيل بينه وبين ذلك، لقوة الخصم، ثالث يأتي ويقول: ما كان على الإمام الحسين إلا أن يفعل كما فعل الامام الحسن! وهذا هو قياس غير صحيح لان عهد الإمام الحسن وميثاقه كان مع طرف معين، في مدة معروفة، وصلح واضح، الطرف المقابل للإمام الحسن عليه السلام كان واضحا أيضا، لكن مع الإمام الحسين الأمور تماما تختلف، تماما تختلف، تماما تختلف هنا يزيد بن معاوية وهو شخص بإجماع الفريقين هو هذا الرجل المنسلخ من الايمان وأنا آخر ما سمعت من قناة صفى وهذه القناة معروفة بحبها لمن وبغضها لمن وعلى لسان بعض رموزها بانهم يجرمون يزيد بن معاوية! في السابق ما كنت تستطيع ان تقول شيء، «ومثلي لا يبايع مثله»[16] أين قال هذا الكلام الإمام الحسين؟ قاله في المدينة، يأتي شريح القاضي ويقول: خرج الحسين عن حده فقتل بسيف جده

 الله اكبر! اصبح السيف الذي بيد شمر ابن ذي الجوشن سيف رسول الله! انظروا الى فتنة العلم، وهذا شريح كان قاضي في زمن الإمام علي عليه السلام فعزله وأرجعه بسبب الضغوط التي كانت على الامام عليه السلام! انظروا الى الابتلاء الذي ابتلي به الامام علي عليه السلام، كيف كان بحيث يعزل قاضي لكن لا يتمكن ويرجعونه، يدخل الامام علي عليه السلام عليهم في مسجد الكوفة في ليلة من ليالي شهر رمضان وينهاهم عن هذه الصلاة فيصيحوا وا سنة كذا[18]، فالإمام الحسين عليه السلام عنده هدف وهو هدف كبير ألا وهو الإصلاح، أيها الاحبة لنصلح أنفسنا ونبدأ بأنفسنا أولا ثم نندفع بالمسارات الثانية، وعظمة التضحية عند الامام الحسين عليه السلام كانت بلا حدود، اذ لم يضحي احد كما ضحى الإمام الحسين عليه السلام، ضحى بالأبناء والأخوة وأبناء الأخوة وبالقرابة وبأفضل من وجد على وجه الأرض في تلك الفترة وهم انصاره وأصحابه، وهو الذي يقول: «اني لا اعرف... أصحابا هم خير من أصحابي

  • Share on Facebook
  • Tweet
  • Post to Tumblr
  • Pin it
  • Add to Pocket
  • Submit to Reddit
  • Share on LinkedIn
  • Save to Pinboard
  • Send email