نص كلمة سماحته بالشهارين: رسول الله يرسم لأمته طريق النجاة دنيا وآخرة

نص كلمة سماحته بالشهارين: رسول الله يرسم لأمته طريق النجاة دنيا وآخرة

عدد الزوار: 2358

2015-12-17

بسم الله الرحمن الرحيم

رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي * وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي * وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسَانِي * يَفْقَهُوا قَوْلِي﴾[1]

اللهم وفقنا للعلم والعمل الصالح واجعل نيتنا خالصة لوجهك الكريم يا رب العالمين

عظم الله اجورنا واجوركم في اربعين الامام الحسين بن علي (ع)، عظم الله اجورنا واجوركم في ذكرى رحيل النبي الاكرم محمد (ص).

﴿و ما مُحَمَّدٌ اِلّا رَسولٌ قَد خَلَت مِن قَبلِهِ الرُّسُلُ اَفَاِن ماتَ اَو قُتِلَ انقَلَبتُم عَلىٰ اَعقـٰبِكُم و مَن يَنقَلِب عَلىٰ عَقِبَيهِ فَلَن يَضُرَّ اللهَ شيـئاً و سَيَجزِى اللهُ الشّـٰكِرين[2]

الرسول (ص) يرسم لأمته طريق النجاة دنيا وآخرة

النبي الاعظم (ص) منذ الايام الاولى التي صدع فيها بالرسالة وهو يعاني الكثير من ابناء امته التي بعث فيها، وهو منها بصريح الآية الشريفة ﴿لَقَد جاءَكُم رَسولٌ مِن اَنفُسِكُم[3]، الرسول الاعظم (ص) رغم العنت الذي واجهه الا انه ما ازداد لهم الا حبا وعليهم الا شفقة، المجتمع العربي بطبيعته صعب المراس، متقلب الاطوار، صاحب نظريات متصارعة فيما بينها، النبي الاعظم (ص) جاء في وسط مجتمع يعيش شيء ونقيضه لذلك الموازنة بين هذا الامرين يحتاج الى الكثير الكثير من الجهد والعناء، النبي (ص) كانت تمده السماء وبقيت تمده السماء الى آخر اللحظات التي كان فيها في وسط تلك الأمة ما سمعه النبي (ص) في آخر لحظات حياته لم يكن اقل صعوبة مما سمعه في ايام دعوته الأولى كان الكلام قاسيا مراً صعبا ولا غرابة حيث ان القرآن تنبأ لهذه الحقيقة ولهذا الواقع المر، جهود ثلاث وعشرين سنة بذلها النبي (ص) اختصرت بكلمة واحدة: دعو الرجل! (هو لا يكلف نفسه كي يقول دعو النبي أو الرسول وحاله وانما قال:) دعو الرجل فانه يهجر!![4] الكلمة الصعبة المرة التي لا تجري على لسان الانسان بسهولة الا في موقف الاستنكار والاستهجان لذلك المورد ولذلك الوضع.

اوضاع النبي (ص) في مكة

الاعتداء واذية النبي (ص) ايضا كانت موجودة في مكة، فمثلا كان ابو الجهل كلما دخل ورأى النبي (ص) خلف مقام ابراهيم ساجدا كان يأمر غلامه ان يضع الروث والدم على ظهر النبي (ص)، كان التصرف بهذه الكيفية، كان النبي(ص) اذا اخذ طريقه من المسجد الحرام الى بيته كان يضرب ويرشق بالحجارة وكان لا يصل البيت حتى يدمم (ص) والدماء تجري من اطراف بدنه وكانت خديجه سلام عليها الله تستقبله وتضمد جراحه وتزيل الدم عن اطرافه (ص) كان الامر صعب ومرّ وقاسي جدا، والحديث عما جرى في الشعب ايضا حديث يطول والمأساة ما كانت منحصرة في مسالة الجوع والعطش كما يحاول البعض ان يختزلها في هذه الامور بل ان المسالة كانت اكبر من ذلك  بكثير، الجانب المعنوي كان اقسى واصعب من الجانب المادي على النبي وآل النبي واصحاب النبي الذين آمنوا به في بداية دعوته ومع شديد الاسف على التاريخ يتنكر لتلك الاسماء ولتلك الذوات في المقابل يقدم عليها ذوات لم تكن تمتلك الرصيد الكافي كي تتقدم او تتصدر المواقع والكتب والمطولات من الاسفار التي تعنى في شان تاريخ النبي (ص).

اوضاع النبي (ص) في المدينة

في المدينة المنورة الامر ما كان يختلف كثيرا بسبب الحروب التي وقعت، النبي (ص) اصّل في مكة وفرّع في المدينة، لكن لو تركت الرسالة تسير سيراً سدحا منذ ايامها الاولى كما هو الحال بعد ان فتحت مكة ما عسى ان يكون وضع العالم! لا اقول في الجزيرة العربية ولا اقول في قريش ولا اقول في الامة المسلمة في دائرة اوسع بل اقول العالم ما عسى ان يكون حاله يعني هذه الشذرات التي صدرت من النبي (ص) وهذه الدرر التي جرت على لسانه (ص) وهي مفاتيح كل الكمالات المعنوية لمن اراد ان يصل الى المقامات العلى هي جاءت وفق فترات اتيح للنبي (ص) ان يفصح عنها، يعني لاحظوا واحداً من أهم الدرر وأعلاها واكثرها قيمة هي مسالة الامامة لعلي (ع)، تصوروا الخطاب القرآني كان منذ اليوم الاول والبلاغ كان في الايام الاخيرة من حيات النبي (ص) اي خمس وسبعين يوم قبل رحيل النبي (ص) من عالم الدنيا الى عالم الآخرة بعد هذه الفترة الطويلة (ثلاث وعشرين سنة) سنحت الفرصة وبامر صارم من السماء ان يجري هذه الحقيقة وقعت مسالة الغدير وعقد الولاية لعلي (ع) والى اليوم هذه القضية تشغل الكثير الكثير ممن أخذت بهم الامور ذات اليمين او ذهبت بهم ذات الشمال، النبي (ص) لم يكتفي بهذا الامر وانما اراد ان يلفت نظر الامة الى الآتي من الايام وان الايام صعبة وعلى الأمة ان تتجند لها بجميع الاجندة التي على اساس منها تستطيع ان تنتقل من دائرة الى اخرى حتى تصل الى الدائرة الكبرى وهي دائرة الاعداد التي قيل لها طوبى لهم دائرة الاعداد للنفس لاستقبال اللطف المحمدي الخفي الذي سوف ينتشر على يد الخلف الباقي من آل محمد.

حال الناس في آخر الزمان

هناك حديث اذكره وسوف لن اذهب معه كثيرا، لانه يفسر نفسه، حديث واضح بيّن عن النبي (ص) يضع ايدينا على مجريات آخر الزمان وعلى حال الناس في آخر الزمان وهذا فيه حجة علينا، علينا ان نجلس مع انفسنا، نحن الذين لنا برسول الله (ص) اسوة حسنة، ان نقرأ من لسانه وان نتدبر وان نتأمل وان نستنطق الكلام حرفا بحرف، يقول النبي (ص): «سيأتي على الناس زمان تخبث فيه سرائرهم وتحسن فيه علانيتهم، طمعا في الدنيا، لا يريدون به ما عند ربهم، يكون دينهم رياء لا يخالطهم خوف، يعمهم الله بعقاب، فيدعونه دعاء الغريق فلا يستجيب لهم»[5].

خبث الاسرار

 تخبت فيه سرائرهم اي ان الظاهر خلاف الباطن ليس هناك مطابقة بين الظاهر والباطن، عندما تريد ان تبيع وتشتري انظر الى الوضع كيف يكون، تريد المصاهرة معه او تريد ان تسافر معه او تريد ان تستعين به في قضية واحدة او ملمة من ملمات الدهر انظر الى الوضع كيف يكون، هذه مصيبة.

التظاهر بالحسن

 وتحسن فيه علانيتهم، طمعا في الدنيا، الظاهر جميل يستقبلك بالتحية والاكرام وقد يكون حتى بتقبيل الراس و... لكن وراء ذلك ما هو! من باب تلطيف الموقف انقل هذه الحكاية يقال بان احدُهم جاء لأحدهم يطلب منه قرض ففاجئه المقرض ان مد له يده وقال قبّل يدي حتى اعطيك القرض! فقال له لماذا تنزلني الى هذا الحد، فاجابه هذا شيء طبيعي، قبل يدي، فقال له لماذا يعني؟ قال لانني انظر الآتي من الايام عندما اريد ان ارجع مالي سوف اجبر على تقبيل قدمك! ان شاء الله لا يوجد احد من هذا النوع في المجتمع لكن هذا الحديث مخيف وان شاء الله هذا الامر غير موجود، لكن ليس من الضروري ان يكون هذا الامر موجود وحادث، لكن لو حدث فهو مصيبة.

دينهم رياء

لا يريدون به ما عند ربهم، ان يقبل شخص راس انسان عالم شيء حسن، ان يقبل رأس والده شيء حسن لكن اذا كان لامر اخر شيء سيئ، يكون دينهم رياء لا يخالطهم خوف، فاذا وصلت الامور الى هذا المستوى ما الذي ينتظر الامة؟ حينها: يعمهم الله بعقاب، ولا يوجد اسثناء حينها، لانه منكر والمنكر اذا تخاذلت الامة عن القيام بمسؤولياتها الشرعية اتجاهه من الامر والنهي النتيجة سوف تكون صعبة، حينها سيعمهم الله بالعقاب، فيدعونه دعاء الغريق فلا يستجيب لهم، النبي (ع) جاء بكلمة الغريق، لان الغريق عنده بصيص امل في الحياة يتشبث به الى الرمق الاخير، ولاحظوا اذا كنت تريد ان تنقذ الغريق فلا تاتيه من أمامه لانه سوف تكون انت وهو في حكم الغرقى، بل اتيه من الخلف حينها تستطيع ان تعينه و تنقذه، فالنبي (ص) جاء بهذا المثال حتى يقرب الصورة أمامنا. نسال من الله سبحانه وتعالى ان يشفع النبي الاعظم (ص) فينا وان يجعلنا ممن يستفيد من هديه، يا شبابنا يا اولادنا خصوصا صغار السن الذين يصبحون كبار ان شاء الله في يوم من الايام ويكونون اساتذة ومهندسين نستفيد من عندهم ان شاء الله وهنيئا لهذه التربية، اقول لكم هناك مشربان يوصلان؛ القرآن كريم والسنة المطهرة الواردة من الطرق المعتبرة عن محمد وعترته الطاهرة، وفقنا الله واياكم لكل خير والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.