نص كلمة سماحته بالساباط : حدود الصداقة كما بينها الإمام الصادق عليه السلام

نص كلمة سماحته بالساباط : حدود الصداقة كما بينها الإمام الصادق عليه السلام

عدد الزوار: 341

2014-12-07

الصداقة وحدودها

الصداقة في الحيات أمرٌ مطلوب أصلا حديث شريف فيما مؤداه أن على المؤمن أن يكثر من الأصدقاء في الدنيا لأن الله سبحانه وتعالى يستحي أن يعذب عبده المؤمن بين أصدقاءه[2] لكن هذا الصديق لابد وان يكون منتقى، تجتمع فيه مواصفات، تعلمون أن أهل البيت عليهم السلام لم يتركوا شاردة ولا واردة ولا صغيرة ناهيك عن كبيرة إلا وحدوها وسيجوها ووضعوا لها أركان، أسس قواعد بنوا عليها منها الصداقة، إمام مذهبنا الإمام الصادق (ع) يضع حدود متى ما اكتملت هذه الحدود، الصداقة يصدق عليها أنها كمال الصداقة، نعم صداقة دون الكمال موجودة ربما معظم الصداقات بين الناس مبنية على ما هو دون الكمال، في الصداقة يتضح لنا هذا الأمر من خلال هذه الحدود التي رسمها الإمام الصادق (ع).

الامر الاول؛ الامام (ع) يقول: أولها أن يكون سريرته وعلانيته لك واحدة؛ يعني لا انه عندما يجلس عندك يقول كلام وعندما يذهب إلى مجلس ثاني يقول كلام اخر، أي يجلس عند شخص  يعرف انه سوف ينقل الكلام فيقول نعم فلان انسان طيب محترم ومؤمن لكن عندما يجلس عند شخص ثاني يقول لا عليك منه اين هو واين الطيبة منه! اين هو واين الايمان منه! هو مجرد دعوة! في حين انه يفترض ان يكون ما يقال في السر يقال في العلن بل بالعكس «المؤمن مرآة أخيه المؤمن»[3]، فالصديق يفترض أن يكون مرأة لأخيه إذا كنت تحمل محبة صادقة، اطرح على أخيك ما ربما يسبب حالة من الانزعاج مادام ذلك الشيء فيه، إذا كانت الصداقة مبنية على أساس مكين راسخ سوف يتقبل من عندك، لأنه مصداق رحم الله من أهدى إلي عيوبي العكس من ذلك إذا رأيت احد يكثر من المدح؛ فلان إنسان كريم، شجاع، مهاب، محترم، أديب هذا ضع عليه علامة استفهام لا تفرح ولا تذهب بعيدا، الصديق وكما ينقل عن المعصوم (ع): من صدقك لا من صدّقك هذا الذي كلما تقول شيء يقول كلامك صحيح ضع عليه علامة استفهام والذي يقول لك لا تأنى هنا أو قف هنا، الى اين ذاهب او... هذا افتح له صدرك سكنه في قلبك لأنه صادق معك هذا يريد مصلحتك.

حدود النصيحة

طبعا النصيحة ليست هي سلعة بائرة، النصيحة سلعة غالية الثمن لذلك أيضا لها حدودها من أهم حدودها أن لا تكون مبتذلة كيف يعني تكون مبتذلة يعني شخص لديه ملاحظات انتظر ساعة كي استطيع ان اذهب إلى بيته وانصحه او استدعيه وانصحه، لكن اذا انا لم افعل هذا بل افعل ما هو الأسوأ أنا أريد الخير ولكن طريقي غير طيب غير حسن كيف يعني؟ انتظره كي اراه في الحسينية حتى أقول له! لماذا حتى يسمع الحاج الفلاني او المولى الفلاني او الشيخ الفلاني هذه ليست نصيحة هذه فضيحة هذه تهدم ولا تبني من نصح أخاه سرا فقد زانه ومن نصحه علنا فقد شانه،[4] إذا كان يريد به خيرا اخذه الى جهة وطرح عليه وقال له مولانا ان الذي حدث لم يكن من العدل والأفضل ان يكون كذا... سترى ذلك الشخص يتقبل منه لانه غير مستعد ان يتقبلها منك امام الناس لابد للأمور ان تسير بنظم وانتظام.

الأمر الثاني؛ أن يرى زينك زينه وشينك شينه أنت انسان ناجح في الحيات يفرح لأنك ناجح بالحياة وأنت صديق موفق في تعليمك يفرح، لكن حصل ما لا يكون في الحسبان المفروض ان يتأذى يتألم اذا مرض يتألم له، اذا نزلت به نازلة مالية تتألم لا اقل التقادير تنفعل عواطفك وتتحرك ليس من الضروري ان تقوم في دور معين لكن على الاقل خذ هذا الدور البسيط وهو ان تشعر الطرف الآخر انك منه وهو منك، النبي الأعظم عندما يقول عن الإمام الحسين (ع) «حسين مني وأنا من حسين» يعني في القيم في المبادئ وان كان هو منه لحم ودم نحن أيضا أيها الأحبة نفس الشيء يفترض أن تكون أنت مني وانا منك ﴿اِنَّمَا المُؤمِنونَ اِخوَةٌ[5] والاخوة هذه منتهاها ومؤداها فعندما يكون زين عندك هو زين عندي والشين عندك شين عليّ هذه هي الصداقة التامة أما إذا انتظر الساعة التي تسقط فيها كي اتشمت بك او صار عندك توفيق في الحيات أنا أتأذى، واقول لماذا هذا حدث له ولم يحدث لي؟! يفترض أن تدعوا له ليلا ونهارا هذه مشكلة، إذا لم يحدث هذا فلتبقى في حدود السلام عليكم وعليكم السلام.

الأمر الثالث؛ يقول عليه الصلاة والسلام أن لا يغيره عليك مالٌ ولا ولاية؛ يعني اليوم انا فقير وأنت فقير لذلك احب ان امشى معك، لماذا؟ لانه انت اليوم فقير مثلي، ليس لديك مسؤولية ما ولا أنت مدير في شركة ولا انت مسؤول في مؤسسة ولا انت مثلا مرشد في مدرسة ولا مدير في دائرة معينة، ولا أنت أيضا شيخ والناس تقبل رأسك ولا أنت قاضي والناس تتحاكم عندك ولا... لا امورك عادية فالأمور طيبة، فمادام تكون معنا وحالك كحالنا الامور طيبة لكن فجأة غمض فتح قالوا والله فلان جاءت له وظيفة صار في الوظيفة مسؤول كبير فانظر هل يسلم عليك او لا يسلم، انظر في اليوم الذي تزوره في المكتب وعندك معاملة، وكما تعلمون فان كفارة العمل القيام بخدمة أخيك هذه كفارة العمل، وهذا زكاة العمل وهذا المسوغ للعمل كيف يتم التعاطي معه، هل ينظر اليك من ثوبه الجديد هذا إذا كان زين أعطاك هذه المساحة ونظر اليك من مساحته الجديدة وإلا فتصرفه غير معلوم! سابقا عندما كنت في منطقة واحدة تقول له فلان عنده فاتحة هل نذهب سوية الى هذه الفاتحة كان يقول لك نعم، لكن الان عندما تقول له ذلك يقول لك لا اختر شخصا آخر يذهب معك أنا مدير وأنت بعدك فكيف تمشي معي، انت كم رصيدك من الاموال و أنت من أي عائلة حتى تمشي معي! فهذه الامور اذا ما صارت الصداقة ستكون كما يقول الإمام العسكري (ع) عنها: صداقة مكاشرة يعني مجرد جلسة كلام.

الامر الأخير؛ عند الإمام (ع): ان لا يسلمك عند النوائب، يعني وقت المشاكل لا سمح الله عندك مشكلة مع جهة رسمية، عندك مشكلة مع أهل زوجتك، عندك مشكلة مع جارك، مع مرض والعياذ بالله او دين شخص غرق فيه أو... انظر اليه في وقت النائبة كيف هو لا في وقت الولائم والاعراس والعيد ميلاد وما الى ذلك... لا عند النازلة، عند المصيبة هذا هو المهم، وإلا يقول لك تعال وتغدى عندي او تعشى عندي هل رأيتم احد يرفض ذلك؟ اذا قلت له تعال لتشييع جنازة تكون  مشكلة خصوصا اذا ما تعارضت مع مباراة كرة القدم، حتى ليس جنازة بل هو يعرف الليلة هي ليلة العاشر من شهر محرم والإمام الحسين يقول تعال انا اريدك ان تكون عندي، لدي موعد معك الآن هذا عاشوراء مصغر ...

تنبيهات سريعة

الشيء الاول هذا الحضور الطيب المبارك أنا اقبل كل جبين سجد في هذا المسجد في هذا الوضع الله يتقبل منكم هذا الشيء الاول. الشيء الثاني وهو شيء مهم الثقة ما ينبغي ان تكون الثقة بالاخرين مطلقة غير مقيدة غير مقننة، الثقة لابد وان تكون محكومة لا ان تكون هكذا، إنسان أنا أعطيه مطلق الثقة: خطب من عندي وأنا أغمض عيني على كل شيء او اذهب واستخير! بعض الامور لا تحتاج الى خيرة تحتاج الى وعي الى قراءة الى حكمة الى تقليب الأمر ظهر وبطن حتى تخلص الى النتيجة جاءني احد يخطب من عندي بنت والبنت كما تعملون ليست هي سلعة لا قيمة لها البنت قيمتها غالية هي أمانة مسؤولية اكبر من الولد، الولد لو مات والده بامكانه ان يرتب أموره، البنت عندما يموت ابيها قد تضيع الله لا يفجع احد بذلك.

الأمر الثالث وهو أمر مهم لا تفقدوا مشورة الأخوان مشورة الإخوان مكملة للعقل، لا يستطيع احد ان يقول ويدعي بان عقله كامل، كلنا دون الكمال في تفكيرنا، في حركة عقولنا أنا أكمل بك وأنت تكمل بي وهو يكمل بذاك وذاك يكمل بهذا وهكذا الأمور في الحياة أحيانا يغيب عنا جانب من المشهد لكن الثاني ينظر ويشاهد، قد يكون ليس لديه تجربة، ينقل تجربته، انتم شيبتنا الله يطول في أعماركم وتكونوا بركة لنا أنتم تقولون «ان الذي اكبر منك يوم اعلم منك سنة» هؤلاء عندهم تجارب، سنين وليس يوم، وانه قد مرت عليهم حوادث وقضايا كثيرة.

الأمر الأخير والذي اختم به حديثي هذا؛ انه لا يجوز ان نوزع التهم يمينا ويسارا فلان كذا فلان كذا... الذي يهمنا هو ان نرتب أمورنا نحن، غيرنا اذا فعل فعلا دعه مع الله، وانا اقول لكم لا يمكن لاي شخص اعترض طريق أهل البيت او طريق الله وخرج سالما نحن عشنا وشاهدنا اما يراها في اهله او في اخوانه أو... لا تذهب بعيدا أي انسان كان وأنا لا اقصد احدا و لا اعرف احد لكن الذي مر علينا في مسيرة حياتنا هو هذا الشيء فيا أحبائي ويا اعزائي ليس الامر هكذا ان ندعي شيء وينتهي الامل الله سبحانه وتعالى يوم القيامة سيقول لك ما هو دليلك؟ يكفي ان الطرف الآخر يقول انا لم افعل هذا! ينتهي الامر عند الله، وليس فقط هذا ما هو الشيء الذي يخدمنا في قضيتنا نحن الشيء الذي يهمنا هو موضوعنا وقضيتنا التي نحن فيها أيضا لا يصح ان يكون هناك هرج ومرج يعني في كل مجلس وفي كل مكان تكون اراء واقتراحات و... لا هناك لجنة معينة متشكلة من سبع او ثمان، اقل أكثر هو يتولون الأمور ويتفقون على الامور من الالف الى الياء وينتهى الامر، والأمور إذا ما مشت حسب القانون والضبط إنشاء الله لا يكون الا الخير لان هذا المسجد بالنتيجة بيت من بيوت الله يعني لا يخاف عليه هو يحمي نفسه بنفسه إنشاء الله الأمور طيبة بوجود هؤلاء الطيبين ولقاءنا القادم سيكون لقاء بركة إنشاء الله، نسأل من الله سبحانه وتعالى ان يجمعنا وإياكم تحت قبة سيد الشهداء وان يجعلنا وإياكم من المنتظرين للفرج كما يراد له ان يكون وهو خير العبادة، ونسأله أيضا ان يدفعنا وإياكم لكل خير انه ولي ذلك، لأرواح من مضى منا ومنكم  ولدفع البلاء ولتفريج الهموم وتسهيل المطالب واعادة الأمور إلى ما هي عليه وأحسن إن شاء الله ولدفع الاخطار عن هذا الوطن العزيز علينا لأرواحهم رحم الله من قرأ الفاتحة مع الصلوات.