نص كلمة سماحته بالحليلة: ضرورة تثبيت عرى الإيمان في النفوس

نص كلمة سماحته بالحليلة: ضرورة تثبيت عرى الإيمان في النفوس

عدد الزوار: 336

2014-10-03

 تثبيت عرى الايمان في النفس

الامام الرضا عليه السلام خلف وراءه، مدرسة متكاملة في التفسير والفقه والكلام وهذه المشارب الثلاثة اذا ما تعامل معها الانسان المسلم والمؤمن بدرجة اخص تعاملاً صحيحاً اخذت به الى مواطن السلامة وساحل النجاة، وكم نحن اليوم في مسيس الحاجة لكي نرفد مواقفنا ونضيء دروبنا ونعمر انفسنا بما أفاضه اهل بيت العصمة عليهم الصلاة والسلام من دروس وما خلفوه وراءهم من حكم.

الامة مع اهل البيت عليهم السلام على اكثر من شاكلة وشاكلة ولا يعنينا امرهم بالنتيجة، لانه لا يفضي هذا الامر الا الى الجدلية التي لا يترتب عليها ثمرة، انما الذي يعنينا اولا وبالذات ان نثبت عرى الايمان في داخل انفسنا وان نسلم الامانة كاملة غير منقوصة لأبنائنا، لبناتنا وللاجيال القادمة، لان التحدي بات خطيرا ولان الامواج متلاطمة، ولان الخطوط متقاطعة، ربما تصل في بعض حالاتها الى درجة التصادم الغير المحمود العواقب، لا توجد هناك عصمة سوى العصمة بكتاب الله والعصمة برسول الله والعصمة بآل رسول الله ولا عصمة وراء ذلك، كلها اعمال اجتهادية يبذل من اجل الوصول، مجموعة من الجهود ربما تكون في أعلى درجات الجهد وربما تكون في المنتصف وربما تكون فيما هو دون ذلك، بالنتيجة العصمة حصر على اهلها غاية ما في الامر اذا ما حصلت قراءة ناقصة هنا او قراءة ناقصة هناك علينا ان نفتح المساحة لاستيعاب تلك الحالة الطارئة، لا ان نصير من انفسنا صداميين مع كل قراءة تطرح في المجتمع، او من خلال المنابر، او من خلال ما يكتب على صفحات الاجهزة الحديثة، نحن اتباع مدرسة وسعت العدو فكيف لا تسع من لا يصل الى هذه الدرجة؟ بل بينه وبينها بعد المشرقين والمغربين.

شرح الصدور والانفتاح على الاخرين

الامام علي عليه السلام يعطينا درس وما احوجنا ان نفعّل هذا الدرس في داخلنا الامام علي عليه السلام بعد ان ضربه اشقى الاشقياء من الاولين والآخرين كما في بعض الروايات عبدالرحمن بن ملجم (عليه اللعنة) يلتفت الامام علي عليه السلام الى الامام الحسن عليه السلام ويقول له: اسقه من شرابي واطعمه من طعامي الله الله في اسيركم[1]. انا اسأل اذا كان هذا امامنا، هذا قدوتنا، هذا المرآت الصافية الوحيدة لذات النبي (ص) الذي هو كمال في كمال بل هو اصل كل كمال و القرآن يتحدث عنه فيقول: ﴿واِنَّكَ لَعَلىٰ خُلُقٍ عَظيم[2] ؛ ﴿لَقَد كانَ لَكُم فى رَسولِ الله اُسوَةٌ حَسَنَةٌ[3]،والرسول هو يقول: «انما بعثت لاتمم مكارم الاخلاق»[4]، وكل هذه المعاني تختصر في علي عليه السلام وعلي يقول هذا طريقي ومسلكي، هذا منطقي الذي يرشد الى فعلي، ونحن كلنا ندعي باننا اتباعٌ لعلي عليه السلام، اذن لماذا لا نجعل من علي القدوة ونسير على نهجه؟ لماذا كل هذا الافتراق على جزئية ربما لا تدخل الانسان الى النار ولا تخرجه من الجنان نقيم الدنيا ولا نقعدها لصالح من؟ ولحساب من؟ ومن الذي دفع فاتورتها، ومن هو ملزم بسداد ما دفع، نحن اليوم في مسيس الحاجة ونحن نقف هذه الوقفة على اعتاب مولد الثامن من آل محمد الامام الرضا عليه السلام علينا ان نستفيد من هذه الدروس.

رأفة الامام الرؤوف وكرمه

كلنا يعرف ما قام به عيسى الجلودي قائد الشرطة في زمن المأمون، هذا الرجل اشخص الامام الرضا واجبره ان يخرج من بيته حافي القدمين حاسر الرأس، وهو الذي امر بحرق بيت الامام الرضا عليه السلام في المدينة، وهو الذي روع الفاطميات في بيت الامام الكاظم عليه السلام، وهو الذي تتبّع شيعة علي عليه السلام تحت كل حجر ومدر، هذا عيسى الجلودي لما كتبت ولاية العهد للإمام الرضا عليه السلام اضطرب لماذا؟ لان الامام الرضا اصبح صاحب القرار بعد الخليفة، ولاية العهد اصبحت للإمام الرضا وولي العهد يعد كالملك كالزعيم كالخليفة كالرئيس، فالجلودي اكثر الناس دخل الرعب في قلبه لماذا؟ لانه عنده مواقف مع الامام الرضا، وقد ترى انسان يخاف من شخص ولا يخاف من ربه في حين مخافة الله اولى، فتراه يحاول ان يبتعد عنه، ولا يحب ان يراه، ويحذر من الاجتماع معه في وليمة او في فاتحة او ... لماذا لانه يوجد شيء، هناك خلل، والا لماذا لا يريد النظر الى وجه المؤمن، اليس النظر الى وجه المؤمن عبادة النظر الى وجه محبينا عبادة[5] لكن لا اعلم الى أين وصلت بنا الامور! فالإمام الرضا عليه السلام صاحب المناسبة، جلس الى جانب الخليفة لكي يبايعوه لولاية العهد، المأمون اراد ان يطمئن الامام الرضا فقال للإمام عليه السلام انا اليوم وبمناسبة تتويجك لولاية العهد سوف اقتص من كل من جنح او ارتكب جريمة ضد اهل البيت، بالنتيجة هذه الامور موجودة حتى في أيامنا هذه، فأتى بالإمام واجلسه عنده وقال ادخلوا كل من تأذى منه اهل البيت، فأتي بالذي سجن، وبالذي ضرب وبالذي قتل وبالذي روع وبالذي حرق وبالذي نهب و... فصاروا يدخلون شخص بعد شخص و يسألونه ويتبينون الامر وكان هناك نطع مفروش عند المأمون، فاذا كان الامر يستوجب القتل اخذوه وقتلوه ورفعوه مع النطع ويأتون بنطع جديد وبشخص آخر وهكذا... حتى آلت النوبة للجلودي لما دخل الجلودي، الامام الرضا لمحه عند الباب، لان الضارب غير المضروب، لان متولى الضرب يختلف عن المضروب، الضارب قد ينسى من كثرة ما ضرب، لكن المضروب لا ينسى، لو صفعة واحدة تبقى للابد، لكن الامام الرضا عليه السلام يختلف، لكن كلٌ يرى الناس بعين ذاته، فاذا كان انسان مريض بالحسد يرى كل الناس حسده، واذا كان بخيلا يرى الناس كلهم بخلاء وهكذا... بخلاف ما اذا كان هو انسان طيب يرى كل الناس طيبين. ينقل ان أب اجلس اولاده الثلاث عنده وسال من ابنه الاول كف ترى الناس فأجابه اراهم كلهم ذئاب، فقال للثاني انت كيف ترى الناس فقال له: اراهم كالفراش اجلكم الله مثل الذباب الناس عنده مثل الذباب فالتفت للثالث وقال له وانت كيف ترى الناس قال أراهم كما أرى نفسي ان احسنت احسنت لها وان اسأت فعليها. هناك من لا يرى سوى الاموال فلا يحترم الناس الا لأجل اموالهم، هذه النمرقة اليوم موجودة و{إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ}[6] قد تغير واصبح ان اكرمكم عند الناس اغناكم، فترى مثلا في مجلس ما يدخل الانسان الفقير المؤمن التقي فلا يعبأ به واذا ما دخل انسان غني افسحوا له المجال حتى انه يحتار اين يجلس، فشاهدنا الامام عليه السلام التفت للمأمون وقال له هذا عيسى الجلودي هبني اياه، عيسى الجلودي رأى الامام يكلم المأمون فظن ان الامام في حالة تحريض عليه عند المأمون فماذا فعل الجلودي فقال له من تلك المسافة البعيدة: اصلح الله الخليفة لا تسمع في واشية

فحسبكم هذا التفاوت بيننا                    وكل إناء بالذي فيه ينضح[7]

انظروا الى خبث السريرة عند الجلودي والطهر والنقاء عند الامام الرضا هؤلاء هم ائمتنا وهم قدوتنا والانوار التي نستضيء بها، فدخل الجلودي وتقرب من الخليفة حياه بالتحية، فقال له الخليفة المأمون العباسي والله لن اسمع فيك واشية هذا شيء ارفعه من رأسك ولكن سأرى فيك رأيي، فالإمام الرضا عليه السلام طلب من المأمون ان يهب له الجلودي فقال المأمون: هو لك، فقال الامام الرضا للجلودي قد عفوت عنك يا عيسى! انا ذكرت لكم ماذا فعل الجلودي في الامام الرضا عليه السلام؛ اخرجه حافي القدمين حاسر الراس ولم يفعل هذا بإنسان عادي بل فعله بالذي بيده دوران الفلك، والحبل المتصل بين الارض والسماء وواسطة الفيض بين الخالق والمخلوق، وبين المخلوق والخالق هذا الامام الرضا عليه السلام، وهذا هو كرم الامام عليه السلام، حتى لا اطيل عليكم اكتفي برواية واختم بها حديثي، ـ طبعا بصراحة انا عندما أرى هدوءكم وأرى توجهكم سبحان الله هم قلبي ينشرح وهم افكاري تنفتح وهم يصير منطلقي اكثر ـ

ضوابط اربعة يرسمها الامام كفيلة لحياة سعيدة

الامام الرضا عليه السلام يعطينا اربع ضوابط في الحيات اذا ما مشى عليها الانسان سوف يرى اثره البالغ في هذه الدنيا، يقول اصحب السلطان بالحذر السلطان يعني الحاكم يقول امشي معه بالحذر لا تذهب للبعيدة، عليك ان تكون حذر في منتهى الحذر واليقظة، (هنا اود ان اهمس همسة ورسالة خفيفة لأولياء الامور وهي علينا ان نتابع ابناءنا لابد ان ننتبه ونعرف ماذا يجري في الواتسابات وفي الفيسبوك وفي ... علينا ان ننبه ابناءنا ان يكونوا حذرين، ينبغي علينا وقبل ان نسلمهم الجهاز ان نبين لهم ايجابيات الجهاز وسلبياته، فمع السلطان لابد ان يكون هناك حذر كل كلمة تكتبها فهي مسجلة، كل شيء ترسله مدون) يقول عليه الصلاة والسلام ومع الصديق بالتواضع عليك ان تتواضع مع صديقك حتى تكسب محبته وتدوم هذه المحبة لابد ان تتواضع وان تعطي من نفسك لا تقول هو لم يأتني لذلك انا لم أذهب اليه، بل عليك ان تتحبب له وتتودد له، لا تقول هو لم يدعوني في عرس اخوه انا لم ادعوه في عرس اخي، لا عليك ان تتواضع وتتحبب وكن انت صاحب الجميل، ثلاثة والعدو بالتحرز، العدو يتربص الدوائر عليك ان تكون في منتهى الدقة والحذر والتحرز والتحرز غير الحذر، الحذر درجة اخف من التحرز، لان التحرز يحتاج الى آليات كثيرة ينصبها الانسان حتى يحصل بالنتيجة الى حالة من الوقاية، والعامة بالبشر من غير الصحيح ان تذهب للمدرسة من الصبح وانت عبوسا قمطريرا والعياذ بالله حامل تمرك وتذهب للسوق كي تبيعه عليك ان تستفتح بوجه بشر، الذي يفكر بان الاشياء والارزاق بيد الله سبحانه وتعالى تباشر بالوجوه، أيضا في بيتك تستيقظ صباحا من فراشك، انت قمت وصليت الى ربك، استغفرت، هللت او أمور اخرى على الاقل اعطي لزوجتك وجها بشراً هي لا تريد منك شيء اكثر من ابتسامة، انت لا تريد ان تبتسم بوجه زوجتك وتريد من زوجتك ان تبتسم بوجهك، ان لا تقول لها حبيبتي وتريد ان تقول لك حبيبي، ان زمن الاماء ولى والتعامل على مستوى الاماء انتهى، هذا كل خيره ينعكس على اولادنا اذا رأى الولد ابوه يقول لامه ألفاظ جميلة وطيبة، الالفاظ التي تنشرح لها النفس وتدخل السرور ماذا يصبح البيت سيكون خيمة من الرحمة خيمة من المودة خيمة من الألفة خيمة من التعاون نسأل من الله سبحانه وتعالى ان يجعلنا من المنتفعين بسيرة اهل البيت عليهم السلام ونسأله سبحانه وتعالى ان يكتب لنا ولكم التوفيق انه ولي ذلك وان يجعلنا واياكم في حيات سعيدة وفي بلد آمن ومستقر وان يدفع كيد الاشرار عن بلاد المسلمين وعن المسلمين عامة انه ولي ذلك وفقنا الله واياكم لكل خير والحمد لله رب العالمين.