نص كلمة سماحته بالحليلة صلاح القلب واللسان أساس صلاح الإنسان
صلاح القلب واللسان أساس صلاح الإنسان
المرء بأصغرين؛ قلبه ولسانه قيل لأحدهم: ائتني من الذبيحة بأحسن ما فيها وأقبح ما فيها فذبح ثم انتزع منها اللسان والقلب وطرحهما بين يدي السلطان قال له: هم الأحسنان أم الأقبحان؟ قال: بل هما الأحسنان وهما الأقبحان.
اللسان
بمقدور الإنسان أن يستفيد من حاسة اللسان هذه النعمة الفضيلة على الإنسان التي لا يُدرك معناها وقيمتها إلا من يتلفت ويتوقف عند من حرموا من هذه النعمة ليرى كم فيه هم من الحرمان، أن يحرم الإنسان من أن يتناغم مع السماء من خلال كتاب الله الكريم، ان يحرم الإنسان ان يعيش عالم العروج من خلال سلّم الدعاء بلسانه، ان يحرم من دعاء كميل، ان يحرم من دعاء الصباح، ان يحرم من دعاء الندبة، ان يحرم من دعاء الحزين خسارة كبيرة، لذة الزيارة ومخاطبة المعصوم بلسان المعصوم أو على لسان المعصوم كالزيارة الجامعة وما هي فيه من المضامين العالية السامية الرفيعة، كزيارة عاشوراء بما تعنيه من التولي والتبري وبما تعنيه من القبول والرفض وبما تعنيه من الإستطاف الحسيني والابتعاد عن دائرة من عاداه وشارك في دمه، نعم بمقدور الانسان أن يعظ الناس بلسانه وان يبيّن بلسانه يحصّل الحسنات ويعبّد الطرق ويؤمّن المسارات للناس من حوله والعكس صحيحٌ، هذا الجانب هو الجانب الايجابي والحسن في اللسان هناك جانب القبح والعياذ بالله؛ يستبدل الذكر بالألفاظ النابية، يغير إصلاح البين بالتفريق وعلى هذه فقس؛ لأن الشواهد والمصاديق كثيرة؛ بكلمة الإنسان يقتل، وبكلمة يظلم، على العكس من ذلك بكلمة يبني ويعطي حياة، حياة للفرد وحياة للمجتمع وحياة للأمة كل هذه الامور تقوم باللسان.
القلب
القلب هذه القطعة الصغيرة جداً التي على أساس منها يتمايز الناس فعلا والتي يقول عنها النبي (ص): «ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي القلب»[3]
والمضغة قطعة من الدم كتلة من الدم واللحم المنسوج إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله. لا يمكن ان ينظر الإنسان إلى الحسن والخير إلاّ من خلال القلب الحسن الذي أشرقت فيه أنوار السماء، لا يستطيع ان يحرك حاسة السمع للإصغاء إلى الذكر وما إلى ذلك إلا إذا كان القلب طاهر يدفع في هذا الاتجاه، وأما إذا اسود القلب والعياذ بالله وغابت عنه أنوار السماء يتحول إلى كتلة مظلمة لا تعطي إشعاعا ولا نورانية وإنما توزعّ الظلمة أين ما اتجه الإنسان وتصبح حاسة السمع تستقبل ما لا يفترض ان تستقبله، والنظر كذلك وما الحديث الشريف الذي تلوناه بأن للقلب إقبال وإدبار الا شاهدا وموضحاً لقولنا هذه.
اقبال القلوب وادبارها
أحياناً قلب الإنسان يدفعه إلى هذا المسار لا نقول بانه يدفعه إلى المسار الثاني (مسار السوء) لكن لا يساعده لسلوك هذا المسار (مسار الخير)؛ يعلم ان الصدقة حسنة وهو كذلك لا يمنع الصدقة، ولكن هو أيضا لا يندفع في اتجاه بذل الصدقات. وأفضل الصدقات الكلمات الطيبة. فالكلمات الطيبة والتعاطي الحسن مع الكلمات يعطي بناء حسناً، أحياناً يصبح محضر الإنسان محضر خير، وأحياناً والعياذ بالله يصير محضر سوء؛ فعلى سبيل المثال ترى احياناً عائلة يجلسون كي يقتسموا ميراثهم ولا توجد فيما بينهم أي مشكلة لكن قد تحظر نفس ذات الطابع الشحي ومن خلال كلمة واحدة تغير مسار هذه الجلسة الهادئة وإذا بالجلسة تنتهي وقد خرج الاخ من هذه الجلسة واصبح عدواً لأخيه! هذه الامور موجودة، فبالنتيجة ان للقلب إقبال وإدبار ونشاطا وفتورا، هذه حالة طبيعية كسائر الاعضاء في جسد الإنسان، فإذا أقبلت بصرت وفهمت، أحياناً الواحد منا يقرأ القرآن لكن لا يدري ماذا يقرأ، أحياناً لا عندما يقرأ القرآن يقول: عجيب كل عالم الملكوت في هذه السطور؟ القارئ هو هو، زيد من الناس، او السيد محمد رضا لم يتغير، يقرأ القرآن صباحاً أما بحال القلب المدبر، ويقرأ القرآن عصراً لكن بقلب مقبل هنا يبصر ويفهم، هنالك لا يمكن ان يبصر ولا يمكن ان يفهم، لذلك تأتي هذه الرواية وتقول: كم من قارئ للقرآن، والقرآن يلعنه[4] لأن في تلك الحالة سيكون القرآن في صوب وهو في صوب آخر و لا يوجد توافق وتتطابق بين القارئ والقرآن.
وإذا أدبرت والعياذ بالله كلّت وملّت تقول لهذا القلب المدبر: اصبر فلا تستغرق صلاة المغرب كلها الا بضع دقائق، نصف ساعة اقل او اكثر! الا ان القلب لا يستجب.
قد يقول قائل: وهل يوجد احد يملّ ويكلّ من الطاعة؟ نقول له نعم اليس ابليس لعنه الله جالس هو واجندته مهيئاً جميع العناصر المساعدة وأنواع الأساليب المثبطة حتى يبعد الانسان عن الطاعة؟ فمن اساليبه المثبطة وسوسته للشخص بانه: لا دعي للذهاب الى المسجد! وهل توقفت الامور الا على صلاتك في وقتها وفي المسجد! لماذا هذا العناء لنفسك؟! يكفيك ثواب الصلاة هنا في البيت و...
فبين هذه الحالتين حالة الاقبال والادبار؛ لابد من استغلالها حال الاقبال و تركها وعدم الضغط عليها ومماشاتها عند الادبار.
باتري السيارة عندما يضعف فان الداينمو يشحنه، في امورنا الدنيوية بعض الاحيان الامور تسير بالشكل الطبيعي ولا يحتاج الانسان الى قوة دفع اضافية، وتارة لا الانسان بحاجة الى مساعد الى صديق الى طبيب الى قرين صالح كي يعينه
اهمية صلاة الجمعة
نزولاً عند رغبة الاحبة والذين طلبوا مني ان اتطرق الى صلاة الجمعة وأهميتها، فاني سوف اشير الى هذا الأمر باختصار؛ صلاة الجمعة تعتبرها أحاديث أهل البيت عليهم السلام بانها حج الفقراء[5]؛ فكما ان الحج؛ ﴿لَم تَـكونوا بـٰلِغيهِ اِلّا بِشِقِّ الاَنفُسِ﴾[6] كذلك صلاة الجمعة تحتاج الى تهيئ واستعداد وإقبال وإصغاء وتوجّه. هذا مطلوب كذلك؛ ﴿يـٰاَيُّهَا الَّذينَ ءامَنوا اِذا نودى لِلصَّلوٰةِ مِن يَومِ الجُمُعَةِ فَاسعَوا اِلىٰ ذِكرِ الله﴾[7] القرآن لم يقل: اذهبوا او امشوا بل قال: ﴿ فَاسعَوا﴾ يعني يجب ان لا يشغلكم أي شيء عن ماذا؟ عن ذكر الله إذن تعتبر صلاة الجمعة احد ميادين الذكر لله سبحانه وتعالى
طيب يا نبي الرحمة انت تقول: صلاة الجمعة هي حج الفقراء والحج فيه منافع: ﴿لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ﴾[8] فهل هذا الشيء موجود في صلاة الجمعة؟ الجواب: نعم فكما ان الحج فيه منافع للناس؛ كذلك لو اجتمعوا الناس لصلاة الجمعة سوف يشهدوا منافع لهم، ﴿فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ﴾ فإذا قضيت الصلاة من يوم الجمعة فاسعوا وانتشروا في الأرض فالانتشار والبيع والشراء معلّق بتحصيل هذه الفريضة. لماذا لا نرى هذه الامور في صلاة الجماعة وان كان هذا الكلام المعروف الذي يقول: لا تقول للصلاة عندي عمل بل قل للعمل عندي صلاة، لكن ليس مثل هذه القضية الواضحة البينة التي يصرّح القرآن بها ﴿وَذَرُوا الْبَيْعَ﴾ لأن الأهمية كبيرة فيها.
بعد إضافة صلاة الجمعة إلى واقع الأمة بعد زمان الغيبة بدء خلاف فقهي حول صلاة الجمعة وهل انها مع غياب الإمام المعصوم والامام العادل تجزئ عن صلاة الظهر ام لا وهل يصح قراءتها ام لا يصح الشيخ عبدالله السماهجي احد علماء الطائفة الكبار استعرض آراء علماء الأمامية في هذه المسألة فخرج برقم مذهل بين من قال بالوجوب وبين من قال بالحرمة وبين من قال بالجواز وبين من قال بالاستحباب الوجوبي وبين من قال بالاحتياط الاستحبابي، وبين من قال بالاحتياط الوجوبي وبين من قال... تصوروا قدر المسافة، يعني من الوجوب إلى الحرمة، طبعا صلاة الجمعة لها خصوصية غير صلاة الجماعة من حيث بناء الخطبة في صلاة الجماعة لا توجد خطبة ولا شيء، بخلاف صلاة الجمعة التي فيها خطبة والتي ينبغي أن تكون لها خصوصيات وخصوصا في الخطبة الثانية والتي لابد ان توظّف لشئون الناس وتوجّه في هذا الاتجاه ويجب ان ينظر الى حاجيات المجتمع وقضاياه ومشاكله وهذه الامور يجب ان تكون محط نظر امام الجمعة. موضوع الخطبة الأولى فيه فسحة ومجال كي يختار ما يشاء الامام لكن الخطبة الثانية يجب ان تعنى بشأن الناس. الإخباريون قالوا بوجوبها، الأصوليون على الخلاف عليها البعض منهم يقول لو صلاها الإنسان أسقطت عنه صلاة الظهر وهذا هو المشهور بين علمائنا اليوم، بعضهم يبنوا على الاحتياط في الجمع بينها وبين صلاة الظهر، إذا اقيمت في زمن الغيبة تصح الجمعة ولكن يأتي بصلاة الظهر احتياطا.
فيجب ان نلتفت الى هذا الشيء ونستفيد منها باعتبارها شعيرة عظيمة أسقطتها الأمة ودفعت ضرائبها بطبيعة الحال، حتى ان بعض الروايات تعبر عمن ترك صلاة الجمعة ثلاثاً بالمنافق[9] إلى هذا الحد لماذا؟ لأهميتها وفقنا الله وإياكم لكل خير جعلنا الله وإياكم ممن يعظم شعائر الله في أرضه إنه ولي ذلك.