نص كلمة: دعائم بناء الإسلام

نص كلمة: دعائم بناء الإسلام

عدد الزوار: 824

2017-12-03

كلمة في مسجد العباس بالمطيرفي ليلة الثلاثاء 1439/2/24هـ

بسم الله الرحمن الرحيم

وصلى الله وسلم على اشرف المرسلين محمد وآله الطيبين الطاهرين واللعن الدائم المؤبد على اعدائهم اعداء الدين

﴿رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي * وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي * وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسَانِي * يَفْقَهُوا قَوْلِي﴾[1]

اللهم وفقنا للعلم والعمل الصالح واجعل نيتنا خالصة لوجهك الكريم يا رب العالمين

النبي الاعظم محمد (ص) في مكة المكرمة

أيام قليلة تفصلنا عن ذكرى رحيل النبي الاعظم محمد (ص)، نبي الرحمة والهداية والسلام، ولد في مكة المكرمة وتوفي في المدينة المنورة، بين مكة والمدينة المكان والزمان حدثت حوادث جمة، كان النبي (ص) هو الذي يضع الحل لكل معضلة تعرض، في مكة واجه العتاة من قريش المردة منهم الذين نصبوا انفسهم على سائر الناس من حولهم سادة وقادة، صادروهم كرامتهم، نهبوا اموالهم، انتهكوا اعراضهم، حلسهم ـ اجلكم الله والمكان ـ الخمور والفجور والطواف بالبيت عراة، جاء النبي (ص) اراد هدايتهم وان يرجع الحق لأهله، ان ينير الطريق لهم، فناصبوه العداء، نابذوه، حاصروه، اعتدوا عليه اعتداءا جسدياً وروحياً، ضيقوا عليه في الشعب، ومرحلة الشعب واحدة من المراحل الصعبة الخطيرة، في الشعب رحل ركنان هامان كانا يمثلان للنبي الاعظم (ص) الشيء الكثير في مسيرته؛ ابو طالب عم النبي (ص) ووالد المولى علي (ع) الكافل الذي كان يمثل السند الظاهري والباطني للنبي (ص) وهو من الشخصيات المظلومة والمغمورة لا لشيء سوى انه والد امير المؤمنين علي (ع) هذا الامام العظيم الذي هو من النبي كنفسه بمثابة النور من النور، وأما الركن الثاني فهي ام المؤمنين خديجة التي صدقت فيما عاهدت وانفقت ما ملكت وضحت بما يمكن ان تضحي به وما جرى في الشعب خير دليل على ما كانت عليه وما كانت تشغله من المساحة الخاصة في تكوين الاسلام وفي ثبات النبي (ص).

دعائم الإسلام الاربعة:

 بني الاسلام على دعائم اربع: كفالة ابي طالب ومال خديجة وسيف علي وبلاغ النبي محمد (ص).

كفالة ابي طالب

ابو طالب يمثل الكفالة الحقة، هو مؤمن قريش، يقال انه كتم ايمانه! وليت شعري متى كتم ايمانه؟! من ينابذ قومه ويصطف الى جانب الحق قبالة الظلم هذا هو الذي كتم ايمانه! الذي تنطق اشعاره بصحيح معتقده وانتمائه والتزامه بهدي النبي (ص) هو الذي كتم ايمانه؟! الذي لم يهادن، الذي ضحى بكل غال ونفيس، الذي قبل على نفسه ان يكون محصوراً في الشعب وهو من سادة قريش بل سيد قريش هذا الذي كتم ايمانه؟!

أموال خديجة

 اما خديجة سلام الله عليها هذه النسمة الطيبة المباركة، الشجرة ذات الظل الوارف الممتد، من حسناتها انها انفقت مالها في سبيل الله واكرمها الله في الدنيا بمحمد (ص) وفي الآخرة بما قد علمتم، لو لم يكن من حسناتها الا انها مثلت الحضن والوعاء الطاهر لخير نسمة عرفتها البشرية في الجانب النسوي الا وهي الزهراء سلام الله عليها لكفى، لا ينبغي ان يتصور احدٌ منا ان امهات المعصومين هن كسائر النساء بل لابد وان تكون ام المعصوم منتقاة، مصطفاة، ترعاها عناية السماء كي تمثل الوعاء الصالح لتلقف ذلك النور، ائمتنا انوار فلابد وان يكون الظرف منسجما مع تلك الحالة النورانية، لكن مع شديد الاسف عندما نأتي للكثير من ابناء مجتمعاتنا ونسألهم مثلا ماذا تعرف عن امهات الائمة، امهات المؤمنين، سيدات النساء (كلٌ في وقتها، الا الزهراء سيدة نساء العالمين من الأولين والآخرين) ماذا سيكون الجواب؟ قد يحسن البعض منهم جوابا فيما يخص أم الحسن والحسين، باعتبار أن السيدة الزهراء سلام الله عليها فرضت وجودا، ولان السماء استحضرتها من خلال الآيات الكريمة، والنبي (ص) استحضرها في الكثير من النصوص والمشاهد وما جرى بعد النبي (ص) ايضا فيه الدلالة لكن بعد ذلك يتراجع بخصوص باقي أمهات الائمة وربما يسترجع قليلا مع ام الخلف الباقي من آل محمد (ص).

استحضار الائمة في مناسباتهم

ولا تقل ان مناسبات أهل البيت عليهم السلام تمر علينا تترا، هذا صحيح لكن ما الذي نأخذه منها؟ هل نأخذ الامور الظاهرية كأن نلبس السواد مثلا أو نحضر القدور مثلا أو نطيل المسافات في المشي مثلا ونكثر الترداد على مشاهدهم مثلا، لكن السؤال الأساسي هو ما الذي نعرف من حقائقهم ومن علو مراتبهم؟ هنا بيت القصد، نعم في جميع الأمور التي ذكرناها اجر عظيم، كما قد وعدنا، لكن من الجميل ايضا ان نلتفت الى هذه النقطة انه عندما مر علينا الاربعين ما الذي استحضرناه من قمر بني هاشم العباس عضد الحسين (ع) حتى بالنسبة الى ام البنين سلام الله عليها نندبها بالليل والنهار لكن لا يوجد شيء سوى ان نمد سفرة من البركة باسمها اكثر من هذا لا يوجد شيء‌ اي أحصر ام البنين في سفرة امدها وليس هناك انعكاس لام البنين على بناتي هذا هو بيت القصد، امد سفرة لأهل البيت عليهم السلام وهذا شيء فيه اجر ان شاء الله وان الله سوف يتقبل منا هذا لكن الجانب الذي فيه الهداية والتربية والسلوك والقيم والرفعة لابد أن يكون له اثر، لابد أن اقرأ في بناتي ام بنين صغيرة تمشي امامي تحكي عن تلك ام البنين الكبرى العظيمة هذا بيت القصيدة، لكن الموازين مقلوبة وهكذا بالنسبة لأمهات الائمة، لأن أمهات الائمة اعظم من ام البنين بمسافات طويلة جدا، ابنائي! اخواني! شبابنا الأعزاء: اقرؤوا النصوص الواردة عن اهل البيت في امهات الائمة، هذا مهم، لابد ان ننمي ثقافة القراءة، لان ثقافة القراءة افضل بكثير من ثقافة السماع.

تعظيم الشعائر وسيلة للوصول الى الهدف

 في غير هذا سوف يصدق علينا ما جاء عن النبي (ص): «يأتي على الناس زمان لا يبالي الرجل ما تلف من دينه إذا سلمت له دنياه»[2] أي ان صلاته كيف تكون ليس مهماً، معرفته باهل البيت وقربه منهم ليس مهماً، صدقه في المعاملة ادائه للتكاليف ابتعاده عن المحذورات كل هذا ليس مهما

لا يبالي الرجل ما تلف من دينه؛ لا يضره اصلا صلى الصبح أم لم يصلي، ظلم فلان أو لم يظلم فلان، سرق من فلان أو لم يسرق، لا يهمه، ما هو الهدف وما هو المسار عنده؟ يقول صلوات الله وسلامه عليه:

إذا سلمت له دنياه؛ اهم شيء ان يكون راتبه الشهري مستمر ولا يهتم اذا ثلم دينه، اهم شيء ان يقبله بيت فلان حتى اذا تطلب الامر ان يشوه سمعة البيت الثاني! هذا شيء موجود، فترى مثلا عندما يخطب شخصا بنتا من أحد البيوت يخرج شخصا من خارج الصفحة ليس له أي شأن يخرّب، أو هناك علاقة طيبة وصحبة شخص مع شخص فينفذ ثالث اجنبي يخرب العلاقة هذا نقص في الدين والعياذ بالله، فهناك أشخاص اهم شيء عندهم ان تعتمر دنياهم، أو أن فلان اهم شيء عنده أن تستمر علاقته مع فلان من الناس، أو اهم شيء ان يعطوه البنت اذا ما خطب، أو اهم شيء ان المقاول الفلاني يقبل من عنده العمل، أو اهم شيء أن يصطحب صديقه في السفر، أو اهم شيء ... لكن عندما تأتي مناسبة مثل وفاة النبي (ص) نقوم بإقامة المجالس والبذل وتوزيع البركة.. هذا شيء مطلوب لكن ليس هدفا ولا غاية، الهدف والغاية هو ان اصل الى مرحلة بحيث يوم القيامة عندما يراني النبي (ص) وآل النبي عليهم الصلاة والسلام أن أكون في حالة كما يحبون ان اكون عليها. وفقنا الله واياكم لكل خير والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.