نص كلمة بمناسبة ذكرى ميلاد الإمام الحسين والإمام السجاد والعباس عليهم السلام

نص كلمة بمناسبة ذكرى ميلاد الإمام الحسين والإمام السجاد والعباس عليهم السلام

عدد الزوار: 453

2013-10-25

بارك الله لكم ولعموم المؤمنين هذه الذكريات السعيدة واعادها الله علينا وعليكم ونحن وانتم وعموم المؤمنين باحسن حال، نصبو الوصول اليه.

عندما ابدأ وردي قانتا *** ارفع الصوت باعلى الصلوات

واذا دارت على رأسي ضحى *** مشرعات الغيب جددت الصلاة

واذا خفت الذي احذره *** انزع الخوف باحلى الصلوات

واذا املت فوزا دائما *** اجعل الاسباب بعد الصلوات

هكذا علمني خير الورى *** افضل الاعمال فضل الصلوات

واذا قيل لنا في موقف *** ولد السبط اقمنا الصلوات

اين ابدأ وقد طال بكم المقام (صلوات)

الامام الحسين الامام زين العابدين رمز الاخاء والمحبة العباس ابن علي مثلث مقدس قل ما تجد له نظيرا لا تستغني عن احد أضلاعه لان الوضع لا يستقيم. الامام الحسين بن علي عليه السلام واحد من الكوكبة النيرة التي اهدت الكون اسباب الهداية الحسين بن علي عليه السلام اين ما اتجهت معه اخذك الى مسافات بعيدة.

وقفة مع الامام الحسين الشهيد عليه السلام

فتبدأ معه حيث مستقر النبوة وهو واحد من اركانها، أم من خلال بيت الامامة وهو نجم من نجومها واذا ما اردت ان تشمَّ عطرا فاطمياً، فاذكاه ما تصاعد عن حسن وحسين.

الحسين بن علي عليه السلام يختصر المسافات لمن اراد ان يقترب منه والحسين بن علي عليه السلام يبتعد كثيرا، لمن لا يجد في نفسه رغبة في ان يقترب من مساحته. الامام الحسين بن علي عليه السلام، مفردة ناسوتية اعتنا بها اللاهوت به كثيرا صاغ ابداعها النبي الاعظم محمد، اشرقت في المدينة واضاءت على الكون باسره.

الشمس تشرق وتغيب البدر يكمل ثم يدخل في محاق، لكن شمس الحقيقة الحسينية تأبى ان تخضع لهذا او لهذه المفردة الكونية لا لشيء إلا لأن الامام الحسين بن علي عليه السلام، هو احد الاسباب المتصلة بين الارض والسماء. يقول النبي الاعظم حسين مني وانا من حسين [كامل الزيارات: 52] ويقول حسين ريحانتي من الدنيا [راجع الكافي، ج 12، ص 327].

الرسول الكريم (ص) مؤسس القيم الاسلامية

لن أطيل عليكم كثيرا لكن هي وقفة اراد الاخوة الاحبة فيما كلفوني به ان اسلط الضوء عليه قليلا الجانب الانساني لشخص الامام الحسين بن علي عليه السلام. فعندما يقوم الفرد من ابناء الامة بعمل ما اما ان يضاف الا محيطه او يفصل عنه. فإن كان من المحيط تم انتزاعه فله معناه والا فله معنى آخر.

الامام الحسين بن علي عليه السلام يقرأ المشهد الانساني في سيرة جده وهو سيد البشر النبي الاعظم (ص) تارة نقرأه على انه النبي المرسل المعصوم المكلف بامر ما وتارة نقرأه على انه الانسان العربي الذي يتحرك بشيمة الانسان العربي وفطرة الانسان العربي وقيمة الانسان العربي التي لم يمازجها شيء آخر:

قالوا أبو الصقر من شيبان قلت لهم *** كلاً لعمري ولكن منه شيبان

كم من أبٍ قد علا بابنٍ له شرفاً *** كما علا برسول الله عدنان [مقطع من قصيدة لابن الرومي].

هذه القيمة دونها ديوان العرب، الشعر ديوان العرب، والنبي (ص) بعد لم ينبه.

اذن مكامن القوة والاقتدار والجاه والعظمة بحيث تختصر هاشم وقريش ثم ترد الى اصلها عدنان لتكون في كفة، لا شرف لها الا بشرف النبي محمد الرسول الاعظم (ص).

فالرسول محمد صلى الله عليه وآله، تحرك في تاسيس القيم الاسلامية العامة من اجل سعادة الانسان، والقرآن تضمن كماً ليس قليلا والسنة المطهرة اشتملت على مجموعة اكبر يضاف الى ذلك التفريع والتفسير.

لم يقف النبي صلى الله عليه وآله، عند هذا الحد وانما نزل الى الواقع الخارجي وتماهى معه في الكثير من حيثياته. النبي المطرود، النبي الاعزل، النبي المحاصر، النبي المنازل في سوح الوغى.

ايام تولدت منها شهور ثم السنين معدودة؛ واذا براية الحمد تخفق في يد علي عليه السلام، من باب الصفا في قبالة الكعبة والنبي (ص) يقدم تجسيدا عمليا وتطبيقا خارجيا لهذه القيمة، القيمة الانسانية في مساحة الارض. فاليوم يوم المرحمة اذهبوا فانتم الطلقاء. [راجع بحار الانوار، ج 21، ص 106]

الامام الحسين بن علي عليه السلام اولى في ان يهتدي هذا الدرس لذلك جسده في قالب آخر كما سنقف عليه.

الامام المظلوم علي امير المؤمنين عليه السلام

المصدر الثاني، الاب، الامام علي عليه السلام، هذا الامام ذهب بعيدا وهو الامام المظلوم. صدقوني لو فتشنا عن مظلومية شخص وحاولنا ان ننصفها فلن يتربع على راس القائمة الا علي عليه السلام، علي ظُلم من القرابة وظُلم من الابعدين واما الظلم المصب عليه وعلى سيرته من الحاقدين فحدث ولا حرج.

هذا الامام العظيم عليه السلام، تم فصله عن محيطه لربع قرن من الزمن وعلي علي كما يقول عنه احدهم جوهرة اوجدتها السماء وصاغتها النبوة. علي عليه السلام، في علمه في عبادته في شجاعته في صبره في تحمله في تضحياته التي لا تحد بحد، يقصى.

يشغل زاوية من زوايا المدينة المنورة والامة تجهل او تتجاهل، انها بهذا الفعل تقصي نفسها اربعة عشر قرنا من الزمن والامة تدفع ضريبة ذلك الاقصاء. قوة صغيرة هي تلك التي فتحت امام علي، ليفرغ من خلالها سنيات خمس في الكوفة صودر الكثير من قوامها الزمني استهلك الكثير من انصاره واعوانه في طواحين من الحروب التي لها ابتداء ومع شديد الاسف لم تختم حتى يومنا هذا وربما تدور.

خمس سنوات وعلي عليه السلام، يسعى لاجتناب الامة من حوله والامة تأبى الا ان تتذكر الطريق وان تنأى عن علي بعيداً. علي عليه السلام، يقول:

سلوني قبل ان تفقدوني. [راجع: كامل الزيارات، ص 74]

لكن الامة تأبى الا ان تسأل عن عدد شعر رأسه. لتختصر مسافة امة ويختصر وتختصر عقلية الامة في مثل هذا ونحن. ودخل علي عليه السلام، غمار تلك الحروب، ما الذي صدر من علي الا انه أبى إلا ان يثبت تلك الاسس التي وضع قواعدها النبي الاكرم محمد (ص).

فالمعركة التي ابتدأت بالقراء واصحاب الجباه السود والمعركة التي اشغلت الامام علي عليه السلام كثيرا لان رصيدها كبير، والشرارة انطلقت من بيت النبي تفتش عن موقع في صدر علي عليه السلام.

حسم علي المعركة لصالحه. ما الذي قام به علي؟ هل اودعهم السجون؟ هل قطعهم من خلاف؟ هل نفاهم من الارض؟ وهي احكام الانسان الذي يسعى في الارض خراباً؟

الجواب، أبداً، لأن الامام علي عليه السلام، يعلن عفوا عاما بعد تلك المعركة ليضع من خلاله طوقا في رقاب قوم لشد ما ناصبوه عداءا منذ ان اعلن النبي الاكرم البيعة لعلي عليه السلام.

اسمي ايات النبل والشرف والكرامة تتجسد في الامام الحسين عليه السلام

واما الامام الحسين عليه السلام، فلا نستطيع ان نفصله عن هذا المحيط فهو ابن هذا البيت ونتاجه الطبيعي وعندما يقدم لنا درسا انسانيا خالدا ورائعا فلا غرابة للبيت التجسيد الواقعي كان من خلال مجريات الاحداث في ثورة الطف بدءا من المدينة فهو الرؤوف الرحيم بالضعفاء من اهل المدينة، لم يصطحب منهم احداً ممن كان يعاني من علة او لامر آخر.

فقد كان الامام الحسين يتحرك في مساحة الشفقة والعطف والرحمة وعندما جاء الى مكة وحصل ما حصل ثم اتجه في اتجاه العراق عبر تلك الفيافي القاحلة ولم يقطع المسافة والمرحلة الاولى من تلك المسافة حتى خطب في قومه والاصحاب الذين صحبوه ليبين لهم معالم المدرسة ما خرجت اشرا ولا بطرا ولا ظالما ولا مفسداً، انما خرجت لطلب الاصلاح في امة جدي. لآمر بالمعروف وانهى عن المنكر، [راجع: بحار الانوار، ج 44، ص 329] فكانت الغاية، هي هذه.

وقتها تفرق وتخلف عنه جمع ولو كان الامام الحسين عليه السلام ممن يتجاوز، وحاشا ان يتجاوز مساحة القيمة الانسانية في حدود الشخص بما هو، لسار بهم ولم يصدر بيانه الذي ترتب عليه ما ترتب.

لكن الصدق مع النفس، الصدق مع الآخر والصدق مع المبدأ و... هذه هي الامور التي يتحرك على اساس منها الامام عليه السلام.

 في الطريق الامام الحسين بن علي عليه السلام يقدم درسا رائعا في النبل الشرف والكرامة، جيش يندفع من مكة يقطع الطريق عن الحسين بن علي ياخذ منه الجهد والتعب، في امس الحاجة لقطرة ماء، كان بمقدور الامام الحسين عليه السلام ان يعاقب، بمقدوره ان يحتجز، بمقدوره ان يستنظر القوم وهي ادنى المراتب. لكنه لم يقبل بادناها ناهيك عن اعلاها واقصاها في نفس الوقت، بل الامام الحسين بن علي عليه السلام، يأبى الا ان يساعد احد الجند عندما اراد ان يعالج القربة ليشرب منها فتسافح الماء على جنبات صدره فجاء الامام عليه السلام، يحمل له السقاء بيده الشريف وتأخذ الدنيا دورتها و تطوي الايام ساعات واذا بذلك الانسان المسقي بكف الطهر والشرف والنبل والكرامة، تقطع هذه الكف التي لا توازيها كف بيد ذلك الانسان الذي ساعده الامام الحسين على ان يلتقط ما تبقى من قدر في هذه الارض جراء تلك الشفقة.

الدروس المنتزعة من سيرة الامام الحسين عليه السلام

الدرس الذي ننتزع ونحن في مسيس الحاجة له ايها الاحبة كلكم تعلمون اننا نعيش في اجواء مادية تشغل كثيراً من مساحاتنا حتى عندما تسأل من القريب ما لنا لا نراك الجواب السهل، هو: انا مشغول. ويسأل مرة أخرى: مضى وقت لم نراك، يجيب: والله تعرفون شغل الدنيا ومشاغل الحياة.

وهكذا حياتنا مستغرقة مستهلكة في هذا الجانب مما ترتب عليه خلخلة الوضع الاسري وقطع اواصر الوصل والتواصل بين ابناء المجتمع الواحد، شتات النتاج الاجتماعي الذي كنا نقرءه ونحسبه في يوم من الايام حتى كانك اذا دخلت قرية ناهيك عن مدينة قد دخلت حاضرة كبرى لما يعيشه المجتمع من شرذمة.

ولو اننا حكمنا البعد الانساني الذي يفترض إننا تعاطيناه كما ينبغي حفظا وقراءة وتطبيقا كما اراده الحسين ووضعها من اجله لاختصرنا المسافات على انفسنا ولاستطعنا ان نرتب الاوراق وان نهتدي الطريق نحو الهدف.

إن الامور من حولنا سنموت وهي لا زالت تستدعي منا جهدا، لن يخرج انسان من الدنيا وقد انهى جميع الملفات المتعلقة به او بمن تعلق به، بل سوف يخلف وراءه مجموعة من الملفات المعدّ لاشغال وإملاء الورثة من وراءه ان لم يكن صاحب علاقات وارتباطات مع مساحة اكبر من ذلك.

النتيجة، أن الامام الحسين عليه السلام الذي اراد الحياة سعادة يدعونا في ان نقترب منه وأن نسأل ايها الاحبة من انفسنا.

كلنا حضرنا مجالس الامام الحسين، كلنا استمعنا، كلنا بكينا، كل ذلك في ميزان اعمالنا لكن هل قرأنا الامام الحسين كما ينبغي؟ واذا كان ذلك فما هي مصادرنا في قراءة الحسين بن علي عليه السلام؟ هل نحن ممن يقرأ؟ واذا كان ما هي الكتب التي قرأناها؟ ثم من الذي ارشدنا اليها بعد ذلك؟ من الذي ساعدنا على استنطاقها؟

هذه المفردات اذا جمعناها وخلصنا الى نتيجة فبها ونعمة والا علينا ان نبكي على انفسنا قبل ان نبكي على الحسين عليه السلام.

الامام الحسين اراد منا ان نبكي الغير ولن نستطيع ذلك حتى نحوّل عطاء الامام الحسين عليه السلام، الى حركة لكل قول يصدر منا وفعل نحدثه في الخارج كونوا لنا زيناً كونوا لنا دعاة بغير السنتكم [راجع: الكافي، ج 2، ص 77] ايها الاحبة المرحلة صعبة وحرجة والخصوم يتوثبون ويتتبعون العثرات، لذلك علينا ان نحكم البناء وان نشدد بين جميع مستلزماته.

ايها الاحبة ايها الشباب الطيب الرسالي المؤمن الحسيني في قراءته وفي تفاعله، الحسين عليه السلام لما استشهد فقد فتح بابا على الحياة للناس من حوله. فهل نقرأ الحسين كما اراد لنا ان نقرأه أم نأبى الا ان نقرأ تلك المفردة الضيقة جانب المأساة في الحسين بن علي عليه السلام.

دمعة ارادها الحسين هي دمعة فيها الحركة ومنها الحركة وبها تدوم الحركة فاذا كانت دموعنا بهذه المثابة، والا فعلينا ان نبكي انفسنا.

الانسان الذي لا يتواصل مع اسرته كما ينبغي ولا يقوم بالتزاماته كما ينبغي على اساس من المحبة من الانسان للانسان عليه ان يبكي نفسه والانسان الذي يضع الحواجز بينه وبين مفردات المجتمع الصغير منه والكبير من حوله، عليه ان ينأى نفسه والانسان الذي لا يعرف الا ذاته عليه ان يعجل بقبرها. وفقنا الله واياكم لكل خير، واخذ الله بايدينا وايديكم وجعل كل واحد منا مشروعا مصغراً يتمثل فيه وبكل الزوايا، الحسين بن علي ابن فاطمة بنت النبي محمد (ص).