نص كلمة بعنوان : واقعة الطف ودور السيدة زينب التوعوي

نص كلمة بعنوان : واقعة الطف ودور السيدة زينب التوعوي

عدد الزوار: 406

2014-01-07

الظرف الزماني والمكاني لواقعة الطف

لم تكن كربلاء ولم يكن عاشوراء بالمكان والزمان الذي يمر عليه التاريخ مرور الكرام ولا ان لا تحنی البشرية رأسها إجلالاً وإكباراً لما جرى ضمن حدود هذين الظرفين الزماني والمكاني. كربلاء ظرف مكان له خاصيته في السماء وخصائصه عند أهل الأرض، عاشوراء له قيمته الكبرى في ميزان السماء وحضوره الأكبر بين أهل الأرض. التوأمية بين الزمان والمكان ربما لا يكون لها من القيمة الشيء الكثير في بعض المدونات والمطويات لكنها فيما يتعلق بما نحن فيه فان لها من القيمة الشيء الكثير. الذكرى الأربعون، الأربعون لها قيمة وخاصية في نفوس المؤمنين ولا غرابة لأنها تعني الامتثال والاستجابة للذكرى فيما دعا فيه المعصوم للحضور والتجمهر حتى سما بها قيمةً ومقاماً أن تكون واحدةً من أهم الصفات التي ينفرد بها الانسان المؤمن ويمتاز بها عن غيره، علامات المؤمن خمس؛ منها وزيارة الأربعين كما جاء في الحديث الشريف عن الامام العسكري عليه السلام.[2]

الأحداث كثيرة والحركات أكثر ولكن ما ثبت على صماخ التاريخ هو أقل القليل ومن أقل القليل خلاصة والخلاصة تعنونت بعنوان كربلاء وعاشوراء. في كربلاء لوحاتٌ ثلاث أمرّ عليها سريعا حفاظا على أهمية الوقت لكل واحد منكم؛ اللوحة الأولى الحدث الذي جرى في ذلك اليوم وفي تلك الأرض، حدثٌ لم يأتي التاريخ بمثيل له إذا ما أردت المشهد في جميع معالمه وملامحه وأهم من هذا وذاك في مكوناته، عنصر العصمة له بصمته؛ فالقائد معصوم، الثائر معصوم، المصلح معصوم، المضحي معصوم وللعصمة خاصية لا تجارى أبداً.

زينب سلام الله عليها ودورها التوعوي

 في الجانب النسوي كانت زينب وزينب من تعلمون، زينب الصديقة الصغرى، زينب حاملة اللواء زينب أفصح امرأة خاطبت الطاغوت في وجهه، زينب سلام الله عليها بقدر ما تعني من كعبة الأحزان والمصائب والرزايا كانت تعني الثبات ثم الحركة ثم الثبات ثم الحركة، والحركة الأولى ليست هي الحركة في العنوان الرابع وكذلك الأمر بين الثاني والثالث؛ لأن السكون بعد حراك له معطياته ثم الحراك بعد السكون بينه وبين السكون بعد الحركة مسافة طويلة أبعد بما هو بين الأرض والسماء. زينب سلام الله عليها تحركت في مواطن أربع: في كربلاء، في الكوفة، في الشام وفي المدينة هذه الزوايا الأربع التي تحركت من خلالها استطاعت ان تشكل مربع ليس بمقدور أي انسانة أن تظفر بمعالمه لذلك يأتي التفسير الواقعي في قول المعصوم مخاطباً زينب: أنت بحمد الله عالمة غير معلمة[3] وعالمة غير معلمة هو الذي صاغ لنا هذا المربع المقدس، لو قرأت زينب من خلال الطف فهي قراءة ناقصة ولو أضفت إليها ما في الكوفة تبقى القراءة ناقصة ولو شفعتها بما جرى في الشام فالأمر كذلك لا يكتمل المعلم الا بإضافة ما جرى في المدينة بعد الرجوع وهذا ما اغفل الباحثون جانبه فأوصدوا الأبواب عليه واكتفوا بمشهد حزين فقط وفقط عندما التقت بأم البنين في المشهد الذي قد تعرفتم عليه؛ حال أن زينب فيما قامت به من الدور في المدينة لا يقل أهمية عما جرى على يديها في الكوفة والشام وقبل ذلك في كربلاء. ثم الشباب الطليعي الرسالي من أهل بيت الحسين ومن أصحاب الحسين رضوان الله تعالى عليهم وانتم في وقفتكم هذه يا أبناء الحسن يا من حملتم على أكتافكم الكثير من المسؤوليات وفي الكثير من المناسبات وها انتم ترسمونها لوحة في هذه الليلة تعطينا معنى الوفاء والإخلاص لأهل كربلاء ^ أيتام الحسن ثلةٌ من الشباب الطيب المؤمن الذي أبى إلا أن ينصهر في كربلاء ويخرج منها بهذا المشهد ليقدمها بطاقة وفاء وعرفان لمن كان لهم الأثر المباشر في أن يصل هذا الجمع إلى ما وصل إليه من حب وذوبان وصدق ومصداقية مع أصحاب كربلاء.

ما نأمله من شبابنا الرسالي

أيها الشباب عودتمونا الكثير وما ننتظره منكم الأكثر بسببين: السبب الأول؛ أنكم حققتم النجاحات وهذا يحملكم المسؤوليات أكثر من عناوين التشريف والشكر والثناء التي انتم في غنى عنها من أي صدرت. الجهة الثانية؛ وهي جهة مهمة أننا نمر اليوم بمنعطفات حادة وبقدر ما يحمل الشباب الرسالي من هوية في رسالته الحسينية بقدر ما يناط به من المسؤوليات في أن يحدث الأفضل والأكمل. أحبتي امير المؤمنين علي عليه السلام يقول: لا تستوحشوا في طريق الهدى لقلة أهله[4] كل واحد من شبابنا المؤمن الرسالي الحسيني بمثابة كوكب مشع يهتدي بنوره الكثير وإن لم يعلم بهم كالكواكب في السماء التي يهتدي بها من في البر وفي البحر لكنها لا تلتفت لمن يهتدي بها بقدر ما تحدثه من الامتثال للأمر التكويني من قبل الخالق المطلق وهذه قيمة ساميةٌ رفيعةٌ كريمة انتم لستم أقل أهميةً من تلك الكواكب التي تنتشر في السماء بل ما تم إيجاد تلك الكواكب إلا من أجلكم وما ضربتها مثلا إلا لاقرب مشهداً وإلا من يولد على الولاء ومن يتحرك بالولاء ومن يثبت على الولاء ومن يعطي بناءاً على مرتكز الولاء هو أشرف من الكثير الكثير من المخلوقات في الأرض والسماء. أيها الشباب الطيب إذاً الذكرى هي الذكرى لها ديمومتها وحراكها والرموز هم الرموز وانتم يا أبناء الحسن مع القاسم × في موعد وكربلاء وعاشوراء والرموز والقضية في الأربعين هي المرآة التي تعكس لنا حقيقة ذلك، القضية هي قضية إصلاح ما ضحى به الإمام الحسين × من دم طاهر زكي لا نظير له، ما قدمه كان يتوخى من وراءه شيئاً أن يصلح شأن الأمة[5]، الأمة اذا لم تقبل لنفسها صلاحاً ولم تتجه في مسار الصلاح ذاك شأنها، الإمام قد قام بتكليفه لكن تسأل هل ذهبت الطف أدراج الرياح؟ نقول لا ولن، ولن تفيد نفياً تأبيدياً على ما هو المحقق عند أعلام اللغة او علماء اللغة كربلاء ستبقى عاشوراء، سيبقى الحسين، ستبقى زينب، ستبقى القضية سوف تبقى خالدة ما دام على الأرض من دارج يدرج ومن يقول في داخله ويصدق تلك المقولة بالقول والفعل أنه حسيني، الحسين رمز كمال ولا يقبل الا من الكامل والكمّل والحسين رمز صلاح والحسين حينئذ لا يقبل إلا من المصلحين. أيها الأحبة لا تستصغروا شأنكم ولا تقللوا من قدركم فكل واحد منكم يمثل نواة وبذرةً طيبة إذا ما تمت رعايتها بمقدورها أن تتسع وتكبر ثم تكبر وتتسع لتشغل المساحات من حولها. أحبائي إذا كنتم صغار هذا اليوم فانتم كبار المستقبل، إذا كان الوقت يمضي من بين أيديكم هذراً فيما مضى ينبغي علينا أن نقف أمام كل دقيقة تمر علينا ما الذي أعطتنا وما الذي اعطيناها أي النتاجات التي استطعنا أن نحققها، أي المواقف الذي استطعنا أن نرسم معالمها، أي الشباب الذين استطعنا أن نحتوي كل واحد منهم ضمن حدود خيمتنا. تسميتم بشباب الحسن والحسن كريم أهل البيت اكبر مضيف عرفه التاريخ في جزيرة العرب هو مضيف الحسن بن فاطمة بنت النبي محمد (ص) ما قصد قاصد المدينة إلا وقصد الحسن وما أغلق باب الحسن يوما في وجه طارق. أيها الأحبة في كل واحد منكم نقرأ الكثير وما نعلق من الآمال أكبر من ذلك بكثير. أسأل من الله سبحانه وتعالى أن يأخذ بأيديكم وأسأل من الله سبحانه وتعالى أن يحفظكم وأن يدفع البلاء عنكم وأن يجعل من كل واحد منكم بذرةً على أساس منها تتفرع غصون وغصون. أيها الأحبة الثمر يوشك أن نصل اليه نحن في عصر نحسد عليه ولو عاش معنا من تقدمنا بقرون ولا اقل بعقود لدخل في حالة من الغبطة في أقل التقادير مما ننعم فيه. وفقكم الله، أخذ الله بأيديكم، لا أرانا الله في احد منكم مكروهاً.

همسة قصيرة

هناك همسة قصيرة وان كانت خارجة عن الوضع احببت ان أشير إليها: الامتحانات على الأبواب، من عقد ميثاقاً مع الحسين، من وضع يده في يد الشهيد القاسم عليه أن يتوجه ليتسلّح بسلاح العلم، امتحانات النصف الأول على الأبواب، شدوا العزيمة، ضاعفوا الجهود، ركّزوا لا يذهب الوقت هدرا من أيديكم، الآمال عليكم اكبر مما تتصورون.

ان الشباب الذين يعملون أو يدرسون خارج الاحساء نقول لهم: كفى هذه الأرواح التي تذهب في كل أسبوع في اقل التقادير نفقد شاباً أو أكثر على ماذا؟ على سرعة وأحيانا قد تكون متعمدة هل قرأنا كم من الحزن والألم والفجيعة التي تنزل على الآباء والأمهات عندما يأتيهم الخبر؟ أيها الأحبة! طريق الدمّام اذا ما أسرعنا فيه لم نوفر أكثر من عشر دقائق ولكنها قد تدفعنا لزهق الأرواح، فلنبكر في خروجنا ولنتريث ونركّز في قيادتنا للسيارة ولنحترم القانون قدر امكاننا. من رخصت عليه نفسه فهو البعيد عن هذا المجلس فأرواح الناس، نفوس الناس ليست رخيصة. نسأل من الله سبحانه أن ينفعنا بالحسين، أن ينفعنا بكربلاء، أن ينفعنا بعاشوراء، أن ينفعنا بالأربعين، أن ينفعنا بمدرسة أهل البيت.

شكري الخاص لأخي أبي حسن وللكوكبة الطيبة المباركة من حوله لإتاحتهم الفرصة لي، أسال من الله سبحانه وتعالى أن يجمعنا وإياكم تحت قبة الحسين النورانية وأن يستجيب لنا ولكم الدعاء وان يفتح علينا وعليكم. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.