نص كلمة بعنوان:مناسبات اهل البيت عليهم السلام مدارس الحياة

نص كلمة بعنوان:مناسبات اهل البيت عليهم السلام مدارس الحياة

عدد الزوار: 1470

2016-05-30

ليلة السبت 1437/8/6 في حسينية السيد الخوئي بالرميلة

بسم الله الرحمن الرحيم

وصلى الله وسلم على اشرف أنبيائه ورسله حبيب اله العالمين أبي القاسم محمد، صلى الله عليه وآله الطيبين الطاهرين ثم اللعن الدائم المؤبد على أعدائهم أعداء الدين.

﴿رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي * وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي * وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسَانِي * يَفْقَهُوا قَوْلِي﴾[1]

اللهم وفقنا للعلم والعمل الصالح واجعل نيتنا خالصة لوجهك الكريم يا رب العالمين

﴿و اَنَّ هـٰذا صِرٰطى مُستَقيمًا فَاتَّبِعوهُ و لا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُم عَن سَبيلِهِ ذ‌ٰلكم وَصّـٰكُم بِهِ لَعَلَّكُم تَتَّقون﴾[2]

قال رسول الله (ص): «إن مثل أهل بيتي فيكم مثل سفينة نوح، من ركبها نجا ومن تخلف عنها هلك»[3]

أهل البيت عليهم السلام ومقاماتهم السامية

اجتمعنا على الحب، ولن نغادر المكان إلا بمثله، لان الخميرة التي تكوّنا منها لا تعرف معنى إلا الحب، من احبنا أحببناه، ومن ابغضنا أبينا الا ان نمد اكف المحبة له، لان المعدن هو ذلكم المعدن، شيعتنا منا خُلقوا من فاضل طينتنا،[4] افراحهم أيها الأحبة هي التي أرادوا لها ان تتماها وواقع الأمة والأمة التي لا تتجاذب ولا تتماها مع معطيات مدرسة أهل البيت عليهم السلام أمةٌ صماء، أمةٌ عمياء، من هم أهل البيت عليهم السلام؟ أنهم محمد وآل محمد (ص)، وقد تسأل هل يكفي هذا تعريفا لهم؟ والجواب: نعم؛ لأنهم لا يعرفون وإنما يعرّفون، لان معرفتهم قائمةٌ بذاتها وهي لا تتصور إلا في حقهم عندما نضاف لهم نكتسب صفة التعريف فيقال عنا شيعة آل محمد (ص) نعم هنالك ثمة مقامات امتن بها الله سبحانه وتعالى عليهم من جدهم الأكبر النبي الأعظم محمد (ص) الى خاتم الوصاية بالحق الخلف الباقي من آل محمد صلوات الله وسلامه عليهم اجمعين، هذه المقامات التي منحوا إياها هي من أجل ان يسهل علينا التعرف على ذواتهم وإلا فهم الأسرار الخاصة والأنوار المحدقة بعرش رب العزة والجلال فلا أسماء منقوشة في ذلك التكوين الا ما تمثّل باسم محمد وآل محمد (ص).

التطهير والعصمة

اما التطهير فتكفل القرآن ببيان حيثياته حيث قال ﴿و يُطَهِّرَكُم تَطهيرا﴾[5]، واما العصمة فهي ملازمة مع وجود الكثير من النصوص التي تضع يدها على هذا المعطى، واما الواقع الخارجي فخير شاهد على ذلك فما من عالم من علماء الطائفة انصف نفسه الا بعبارة «والله اعلم» تتبدل مبانيهم تتبدل وتلحقها حين ذاك الفتوى لا لشيء الا لانه استدرك شيء غاب عنه وهذا ما لا يمكن ان ندخله في دائرة الاحتمال ناهيك من الاقتراب به من مساحة الواقع، هم عندما ينطق الواحد منهم انما ينطق عن ابيه ان كان في آخر السلسلة الذهبية او وسطها والا فالحديث هو الحديث وهو اصدق الحديث ما نطق به النبي الاعظم (ص) لانه في دائرة الوحي، الوحي الذي لا يداخله شكٌ ولا ريبٌ ولا قصورٌ ولا تقصير وانما هو الوحي المحكم احكم قواعده رب السماوات والأرض، لاننا نخفق، لاننا نخطئ وفي ذلك دلالةٌ واضحة على ان الطرف الآخر يتمتع بما لا يتمتع به الآخرون

التلازم بينهم وبين القرآن

القرن الاكيد بينهم عليهم الصلاة والسلام وبين القرآن الكريم، هناك ثقلان الثقل الاكبر والثقل الاصغر، ابحر علماء الفلسفة في فك معطى هذه الحالة من التلازم التي وصلت الى مستوى القرن الأكيد بمعنى الخارج عن دائرة مقبولية التفكيك بين ما هو المضاف والمضاف اليه، فاذا كان هذا اعيى ارباب الفلسفة فما بالنا نحن نحاول ان نتخطى ما عجز عنه أولئك! جميل ايها الاحبة ان يتّهم الانسان نفسه ويكون في دائرة التقصير هنا او هناك لا ان يتعالى على الواقع فيغرق المشهد فيما لا تحسن عواقبه، اهل البيت (عليهم السلام) ثقلٌ له قيمته واعتباره عند المؤآلف وهو امرٌ مسلّم بالمطلق، وعند المخالف الخارج عن دائرة المكابرة، اهل البيت عليهم السلام هم الامتداد الطبيعي للنبي الاعظم (ص) ومساحة التشريع عندنا لم تغلق ابوابها بعروج النبي (ص) الى الملكوت الاعلى بل اخذت مسارها الى ايام الغيبة الصغرى حيث كان الخلف الباقي من آل محمد (ص) مما يعطي لمدرسة اهل البيت عليهم السلام السعة من جهة والعمق من جهة أخرى، كلنا يعلم ويعرف حق المعرفة ان للزمان اثر وللمكان اثر وللثقافات المتعاقبة اثر وللواقع المشاهد خارجا اثر، هذه العناصر الاربعة تتمازج لتولد موضوعا، الموضوع يتطلب تسليط الضوء، يسلط الضوء من قبل المعصوم (ع) من الكوكبة النيرة حينها تنكشف كل الظلمات وتنجلي الصورة.

الاثراء في موروثنا الديني

هذا هو موروثنا الذي يحاول البعض من الحداثيين الغير المقننين ان يصادروه من واقع الامة، ابدا نحن ابناء موروث مقدس، نحن ابناء مدرسة اولها معصوم وأوسطها معصوم وآخرها معصوم، فان اراد ان يفرط البعض في شيء من ذلك فلسنا معه على طريق واحد وانما هي نقطة الافتراق نحن لا ننطلق الا على اساس من بناء اصيل شُدّت قواعده وثُبتت اصوله وفرّعت فروعه على اساس من ذلك، انها مدرسة الحق التي سعى ائمتنا بذلا للجهد بما لا تقوم به الأمم في سبيل ان يصل الينا كما هو، ولعلمائنا فضلٌ كبيرٌ علينا، لكن مع شديد الاسف بات اليوم يتطاول على الذوات المحترمة لمراجعنا العظام ولعلمائنا الاعلام من لا حضّ له ولا نصيب في العلم والمعرفة وانما هي مساومة وبيعٌ رخيص وبضاعة لا تقدم ولا تؤخر في المشهد، ايها الاحبة من اراد ان يزداد ثقل في علومه وثقافته ومعارفه فان الموروث ثقيل والموروث واسع علينا ان نقترب من مساحته وان نغوص في اعماقه وان نستعين بعلمائنا الذين وصلوا ليلهم بنهارهم وبذلوا ضوء عيونهم في سبيل ان يستنبطوا، في سبيل ان يكشفوا الكثير من المغيب عنا.

العلماء الامتداد الطبيعي لاهل البيت عليهم السلام

 ايها الشباب الطيب نحن في مرحلة حساسة وفي منعطف طريق صعب اما ان نكون معهم ولهم، واما ان لا نكون كذلك لا قدر الله فالعواقب ستكون وخيمة، اما هناك فهو الفلاح الاكبر التي من اجل ذلك ارسل الله الانبياء والرسل والاولياء والاوصياء ثم مد الحبل بين هذا وذاك وآحاد الامة من خلال علمائها البررة الذين هم امتداد طبيعي للنبي (ص) ولعلمائنا البررة امتدادٌ طبيعيٌ لائمتنا عليهم الصلاة والسلام، اهل البيت عليهم السلام هم النموذج الاكمل لمعطى الكتاب والسنة الحقة لذلك ضمنوا الحفاظ على مكتسبات الرسالة وبمقدوركم ايها الاحبة ان تفترضوا تاريخا افتراضيا؛ يعني لو لم يكن بعد الرسول (ص) الامام علي (ع) ولو لم يكن بعد الامام علي (ع) الامام الحسن (ع) ولو لم يكن بعد الامام الحسن (ع) الامام الحسين (ع) ثم الكوكبة النيرة ما عسى ان يكون واقع المشهد في اوساط الامة في حساب افتراضي صرف؟! علينا ان نقف قليلا، علينا ان نأخذ شيئا من التروي والحيطة والحذر.

سبب العداء لاهل البيت عليهم السلام وشيعتهم

 منشأ الخوف ايها الاحبة من اهل البيت عليهم السلام ادخلنا في الكثير من عوامل الطحن التي كنا نحن في غنى عنها بشيء واحد لاننا لم نسافر باهل البيت (عليهم السلام) كما ارادوا لنا ان نسافر بهم، أي بفكرهم، بعطائهم، بموروثهم، بعلومهم، بآدابهم، بتضحياتهم، وانما اكتفينا بالامور القشرية وبعض الممارسات الصورية التي لا تعطي اضافة للمشهد اكثر من دائرة الاستعراض الذي يقدمه افراد هنا وافراد هناك، اهل البيت عليهم السلام اكبر من ذلك بكثير العالم ينتظر منا، السنة المطهرة المصفاة من كل دخيل وموضوع التي نطق بها النبي (ص) ومنطقه الوحي، نريد ايها الاحبة من يقدم لنا نهج الامام علي (ع) في الحياة من خلال نهج بلاغته المضمن الكثير الكثير من مفردات العلم والحكمة وادق مطالب الفلسفة والكلام ناهيك عن طرق ابواب القرآن وما وراء ذلك فيما نحن في مسيس الحاجة اليوم له.

التعاطي المطلوب مع الموروث الديني

 كذلك نريد من ياخذ بايدينا ليدخلنا في مدرسة كريم اهل البيت (ع) هذا الامام المظلوم صاحب القبر المهدوم صاحب السيرة المضيعة والمشتتة بين الفريقين؛ فريق نابذه منذ اليوم الاول ولا زال مصرا على المنابذة لذلك غيب النصوص التي رواها الامام الحسن المجتبى (ع) عن جده المصطفى محمد (ص) وهي كارثة ما زالت الامة تدفع ضريبتها، نريد من ياخذ بايدينا ليقف بنا على ساحل الطف، اما لا على ساحل القدور المصففة وعلى المشي حفاة وما وراء ذلك .. وانما على حقيقة وكنه وسر الامام الحسين (ع) في الطف الذي ما زال يعبر التاريخ ويلغي القرون وراءه شاخصاً واضحاً بيناً، لانه مصباح هدى ولولا اننا اضعنا البوصلة بل تسببنا في انحرافها كثيرا عن ذلك المصباح لكان وضعنا افضل بكثير مما عليه نحن اليوم، نحن نتباهى بالارقام وما وراء ذلك ايها الاحبة نحن نتباهى بالاستعراض وما الذي نجنيه من وراء ذلك؟ ما الذي قدمناه للحسين (ع) وهو الذي قدم ما يبخل به الانسان في الكثير من المواطن، ايها الاحبة ايها الشباب اهل البيت (عليهم السلام) ينتدبوننا، اهل البيت (عليهم السلام) يقدمون ويمدون الينا ايديهم كي نقف قليلا معهم كي نقتبس من نور هديهم، ايها الاحبة العالم بأسره يتطلع الى مفردات اهل البيت (عليهم السلام) النيرة.

الامام السجاد (ع) والصحيفة السجادية

احتفلنا بذكرى مولد الامام زين العابدين (ع) في ضمن المنظومة نسال سؤالا بسيطا ايها الاحبة: ألم يؤسس هذا الامام لمدرسة الدعاء؟ الا تدعي اكبر مدرسة سلوكية صوفية في العالم اتباعها لا اقول عشرات الملايين وانما مئات الملايين يتشرفون في ان يضافون للامام زين العابدين (ع) على انه المؤسس لمدرستهم! كيف بنا نحن الذين ندين له بالولاء والحب! كم تشغل صحيفته السجادية من مساحة في بيوتنا؟ وكم تعمر من قلوبنا؟ لا يكفي ان نحتفل ثم ننصرف او نقيم العزاء ثم نأكل البركة وننصرف علينا ان نقدم اضافة في مناسباتهم هذا النشء امانة في ايدينا اذا كان آباؤنا قاموا بما يجب وبما يتماشى ومراحله الزمنية اليوم الامور تختلف تماما علينا ان نعيد البوصلة الى اتجاهها الصحيح، اذا كان آباؤنا واجدادنا بذلوا جهدا محدودا ما هو المطلوب منا اكثر من ذلك بكثير.

اسباب الخوف من اهل البيت (عليهم السلام)

ايها السادة سبب الخوف من اهل البيت (عليهم السلام) أذكره في نقاط سريعة :

الأمر الاول: كون الكامل يعري الناقص ولا اكمل في الوجود من محمد وآل محمد (ص).

الامر الثاني: الخوف من الرقابة الغير المباشرة كانت تخشاه الدول والحكومات التي تعاقبت على المسلمين بالدرجة الأولى.

الامر الثالث: الخشية من الافتتان بهم وليد ما يحضون به من حب في قلوب المؤمنين، علينا في هذه الليلة ان نجدد العهد والميثاق مع أئمتنا الذين احتذينا بهم، فبهم سمت انفسنا، وبهم أضيئت قلوبنا، لكن علينا ايها الاحبة ان نتعمق اكثر.

درس سريع نأخذه من كلام الامام زين العابدين (ع):

يقول (ع): «لا حسب لقرشي ولا لعربي إلا بتواضع ولا كرم إلا بتقوى ولا عمل إلا بالنية ولا عبادة إلا بالتفقه، ألا وإن أبغض الناس إلى الله من يقتدي بسنة إمام ولا يقتدي بأعماله»[6]

لا حسب لقرشي ولا لعربي إلا بتواضع، ان نكون سيدا متكبرا او ان نكون عربيا متغطرسا هذا ما لا يتفق لا مع السيادة ولا مع العروبة، بالتواضع تؤسر القلوب وتخطف النفوس، التكبر بداية النهاية.

ولا كرم إلا بتقوى، القرآن الكريم يقول ﴿ومَن يَتَّقِ اللهَ يَجعَل لَهُ مَخرَجا﴾[7] ان نتقي في عباداتنا وفي معاملاتنا لا يكفي، ان نقيم الولائم من هنا الى هناك ولكن لا ندقق في الآلية التي اوصلتنا اليها، من اين اكتسبناها ولم انفقناها.

ولا عمل إلا بالنية، ايها الاحبة! علاقة العبد وربه لا مدخلية لاحد فيها، ليس من حق احدا ان يحاكم احدا على ما في سريرته الا ان يدعي ما ادعاه فرعون من مقام الربوبية، ليس من حقي ولا من حقك ولا من حق الآخر ان يبحث عما في كينونتي او كينونتك او كينونة الآخر.

ولا عبادة إلا بالتفقه، الامام الصادق (ع) يقول: «ليت السياط، على رؤوس أصحابي حتى يتفقهوا في الحلال والحرام»[8] اذا استظهر الواحد منا اربعين حديثا حشر يوم القيامة فقيها[9] فعلينا ان نسعى لتحصيل هذا الجو.

ألا وإن أبغض الناس إلى الله من يقتدي بسنة إمام ولا يقتدي بأعماله، افعال اهل البيت (عليهم السلام) هي زرع المحبة بين الناس، افعال اهل البيت (عليهم السلام هو السعي من اجل الاعتصام بحبل واحد، مدرسة اهل البيت عليهم السلام هي مدرسة الشرف، من طَرق ابوابها شُرّف بها ومن أبى فهو مع من افترى، لنا ديننا كما ارادته السماء، ولهم دينهم الذي اختاروه لانفسهم، اشكر الاحبة في اللجنة القائمة على هذا الحفل واخص بالذكر الاخ العزيز الشهير واسال من الله سبحانه وتعالى ان ينفعنا واياكم بهذه المناسبات العظيمة، بصراحة قبلة اطبعها على رأس كل واحد حاضر في هذا المجلس واخص بها الشباب الذين لا تقطع الطريق عليهم المباراة المنقولة وهي من المباراة الحساسة وانما قدموا اهل البيت (عليهم السلام) على ذلك، هنيئا لنا بكم، هنيئا لنا بكم، هنيئا لنا بكم، اقولها حتى ينقطع النفس واوقعها بالصلاة على محمد وآل محمد.