نص كلمة بعنوان: مكانة الزهراء (ع) عند الله سبحانه وتعالى
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على أشرف أنبيائه ورسله، حبيب إله العالمين أبي القاسم محمد، وعلى آله الطيبين الطاهرين. ثم اللَّعن الدَّائمُ المؤبَّد على أعدائهم أعداء الدين.
﴿رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي ~ وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي ~ وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِن لِسَانِي ~ يَفْقَهُوا قَوْلِي﴾([1]).
اللهم وفقنا للعلم والعمل الصالح، واجعل نيّتنا خالصة لوجهك الكريم، يا رب العالمين.
الزهراء في القرآن الكريم:
﴿إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ﴾([2]).
بارك الله لنا ولكم هذه الأيام السعيدة المباركة، ميلاد الزهراء (ع) الحوراء الإنسية الراضية المرضية بنت النبي الأعظم محمد (ص) وأعاد الله علينا وعليكم المناسبة بالخير والبركة. وكذلك ميلاد حفيدها المجدد في العصور المتأخرة.
للزهراء (ع) خصوصيتها عند الله تعالى، لذلك جاء نصيبها في القرآن الكريم وافياً، فما نزلت آية في الآل إلا والزهراء (ع) في قلبها، والباعث والمحرك في نزولها، حتى أن السماء لم تكتفِ بآية هنا وآية هناك، إنما أفردتها بسورة كاملة هي سورة الكوثر.
فالزهراء (ع) رسمت في القرآن الكريم معالم خاصة لقربها من مساحة الوحي، فما نزل الأمين جبريل بعد وجودها إلا وهي تسمع حفيفه، وتمسك بالزغب المتساقط من أجنحته. وما من آية نزلت بوجودها إلا وهي العليمة بسبب نزولها. وهذا الجانب غائبٌ أو مغيب في حياة الزهراء (ع) عندما نقترب منها دراسةً وبحثاً وتحقيقاً واستفادةً.
كان للزهراء مصحف فيه أسرار، ولسنا ممن يحاول أن يبرر أو يلتفّ على الحقائق، فمصحفها موجود ومحفوظ عند الخلف الباقي من آل محمد (عج) وفيه أسرار خاصة لم يطلع عليها سوى الخاصة الذين أطلعهم الله سبحانه وتعالى على عوالم الغيب، وهم محمد وآل محمد (ص). ولكن القرآن الكريم صرح في أكثر من موضع وموضع في آيات كثيرة بفضلها ومقامها. ومن تلك الآيات:
1 ـ آية التطهير:
قال تعالى: ﴿إِنَّمَا يُرِيْدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ البَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيْرَاً﴾([3]). ففي قلب هذه الآية وكينونتها تفرض الزهراء (ع) وجودها. إذ وردت هذه الآية لتخصص أهل البيت (ع) لما لهم من الخصوصية والامتياز، فهم أكمل البشر وأشرفهم، وهم الذين أعطوا ولم يأخذوا. وليت الأمر انتهى عند هذا الحد، بل أعطوا في مساحة الجود والإيثار ما لا يحد بحد، لكن المكافأة كانت قاتلة في مجموعة من المواطن، ولم تكن الزهراء مشتثناةً من ذلك، فهي أول مظلومة ظلمت في الإسلام، حتى أنها غادرت هذا الكون وهي غضبى، مكسورة القلب، باكية العين، مسودة المتن، وكلها أمارات على عدم الرضا والقبول بما جرى.
2 ـ آية القربى:
والآية الأخرى في حقها قوله تعالى: ﴿وَآتِ ذَا القُربَى حَقَّهُ﴾([4]). وهي ذات علاقة بقضية فدك، وأنا لست مع من يسميها (قصة فدك) لأن القصة كثيراً ما تُنسج من الخيال، ويفترض أن يكون لها إسقاط على الواقع. أما فدك فهي الواقع الذي لا يحتاج إلى مخيلة، وهي تنفيذ لأمر السماء في الأنفال، وهي أرض لم يوجَف عليها بخيل ولا ركاب، إذ أمر النبي (ص) أن تُدفع فدك للزهراء (ع) بُلغة لها ولعيالها إلى يوم القيامة. ولا تَسأل اليوم أين فدك؟ لأن البوصلة انحرفت منذ اليوم الأول لغياب النبي الأعظم (ص).
وهنالك اليوم مؤامرة كبيرة على تاريخنا الواقعي، ففي التاريخ ضبابية وخلط، ولكن علينا أن لا نرفع اليد عن الثابت منه والواقع الذي يثبت واقعيته بما هو هو، مما وصلنا بطرق معتبرة واتفق عليه قول الفريقين، فلماذا نلفّ وندور ولا ندلج في صماخ القضايا ونضع أيدينا على وقائعها؟ هل يمنعنا الخجل؟ يفترض أن لا مساحة للخجل هنا. أو هو المجاملة؟ ويفترض أن لا موقع للمجاملة أيضاً عندما يراد منا أن نغربل تاريخنا. وعندما تفتح أبواب الغربلة للتاريخ لا بد أن تفتح على مصراعيها بعيداً عن الحساسيات والمواقف والإقصاء والإسقاط، وأن تأخذ القراءة مساحتها، ولا يصح إلا الصحيح، ولا صحيح إلا ما قام عليه الدليل. أما ما يكون منتجاً عقلياً شخصياً فلا يتعدى تجنيحاً في دائرة من أنتجه وأراد أن يوجد له واقعاً في الخارج.
3 ـ سورة هل أتى:
قال تعالى: ﴿وَيُطْعِمُوْنَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِيْنَاً وَيَتِيْمَاً وَأَسِيْرَاً ~ إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللهِ لَا نُرِيْدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُوْرَاً﴾([5]). فهنالك سورة بأكملها نزلت فيهم، تبين أبعاد دورهم (ع). فالمسكين كان وما يزال يتنقل في أوساط المجتمعات، ولنا في رسول الله (ص) والآل (ع) قدوة وأسوة، فهل تعاملنا مع المسكين كما تعاملوا؟ مع شديد الأسف أننا نحتاج إلى الكثير من علامات الاستفهام، فحتى المسكين القريب من دائرة الأسرة الغنية والعائلة الثرية يبقى عنوان المسكنة يجلده، فأين يكمن الخلل؟ إما في عدم القراءة والاطلاع، أو فيما نقرؤه ونطلع عليه ولا نعمل به من سيرة محمد وآل محمد (ص).
وأما اليتيم فمساحاته اليوم باتت أكبر مما كانت عليه بالأمس، جراء الحوادث الكثيرة. وحيث توسعت الحياة وبات في يدها ما يمكن أن تستغله نحو اليمين، ربما لا يكون كذلك في اتجاه اليسار، واليمين مقدم على اليسار.
هنالك الحوادث والمشاكل والأمراض المورَّثة للأبناء لسوء التقديرات وتحكيم العواطف على حساب الواقع المحسوس الملموس جراء ما يكون في بعض الشريكين في الحياة التي يراد لها أن ترسم في دائرة الأسرة الصالحة وما إلى ذلك. فاليتيم كذلك يرفع رأسه ويسأل المحيط من حوله.
وكذلك الأسير. والأسر لا يحكم في حدود اللفظ، إنما يمكن أن يعطى مساحة أوسع ليشمل كل إنسان حجبت عنه القدرة على ممارسة الدور الطبيعي في الحياة. فتارة يكون أسير حرب وأخرى أسير سجن، أو فقر، أو جهل، أو مجتمع، أو عداوة من طرف. وبالنتيجة فهو أسير مكبّل مقيد لا يستطيع أن ينطلق. حتى ذلك الذي حصل على شهادة جيدة، لكنه لم يتمكن من وظيفة متناسبة تؤمّن له عيشاً سعيداً يعتبر أسيراً لهذا الواقع المرير.
والمفارقة تكمن في قوله تعالى: ﴿لَا نُرِيْدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُوْرَاً﴾ فهل إننا عندما نقدم شيئاً لا نريد جزاءً ولا شكوراً أيضاً؟
إن الإنسان اليوم لا يقدم شيئاً إلا ويتوخى من ورائه النتائج عاجلاً أو آجلاً، بل إن القرآن يدفعنا إلى ذلك أيضاً. يقول تعالى: ﴿وَلَا تَنْسَوُا الفَضْلَ بَيْنَكُمْ﴾([6]). فإذا وجدت مؤسسة اجتماعية ذات بعد مدني تعنى بهذه الملفات فعلينا أن نقدم لها جزيل الشكر، لأنها حملت عنا التكليف. وإذا وجدنا منظومة رجال الدين في قريتنا أو مدينتنا أو بلدتنا ينهضون بمسؤولياتهم فعلينا أن نقدم لهم الشكر، كي تكتمل المسيرة، ويندفع أولئك ليضاعفوا من جهدهم، ونتخلص من غائلة نقاط السلب ودوائر النقص في مسمى يتيم لا يُكفل أو أسير لا يُرحم أو مسكين لا يؤخذ بيده وتسد حاجته. فإذا تفعّل بيننا عامل الشكر العملي ـ لا اللفظي فقط ـ فإننا نسمو.
4 ـ آية المباهلة:
قال تعالى: ﴿فَمَنْ حَاجَّكَ فِيْهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ العِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَةَ اللهِ عَلَى الكَاذِبِيْنَ﴾([7]). فالنساء هنا تعني الزهراء، وليس إلا الزهراء. ولم ينفرد بالقول أن المعنية هي الزهراء إلا مكابر، فليس هنالك امرأة أو أكثر تشاركها في ذلك.
نحن نؤمن أن أقوال النبي (ص) وأفعاله وتقاريره حجة. فعندما خرج للمباهلة كانت بين يديه الزهراء (ع)، وكان حسن في يمينه وحسين في شماله يمسك بهما، ومن خلفه علي (ع). فهؤلاء أقطاب الوجود، ولهم العوالم التي تقلبوا فيها في مساحة الأنوار حيث لا بشر يُذكر، ولا نجمٌ يحلّق، وفي عوالم الذر التي لم يقف على حقائقها إلا أولئك الذين حباهم الله بالخاصية العظمى وهم محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين (ع). حتى إذا خاطبت السماء آدم (ع) في السجود وأرادت أن تعلمه الأسماء كلها فإن الأسماء تشير لحقائق هي عبارة عن هذه الذوات الخاصة. لذلك جاءت المؤامرة على حديث الكساء، وأحياناً ـ مع شديد الأسف ـ من داخل المذهب. فحديث الكساء له طرقه المعتبرة التي ترتقي إلى الصحة من حيث السند. أما المضامين فلا يختلف عليها أحد. ومن يناقشون في مقاماتهم يغفلون عن المفيض، فيضيقون من دائرة الموجِد والمعطي وهو الله سبحانه وتعالى، الذي برأ الوجود، وهو مالك الوجود ومن له التصرف على نحو الانفراد، ومن حقه أن يمنح هنا وهناك. فخلق السماوات والأرضين كان لأجل هؤلاء.
أيها الأحبة: عندما نقترب من بعض الأمور، علينا أن لا ننفرد بمنتوج عقلنا الشخصي الصِّرف، لأننا مهما بلغنا من العلم والثقافة والفكر فإننا لا نملك المفاتيح الكافية لفك الأبواب المؤدية إلى حقيقة عطائهم، ناهيك عما يتعلق بذواتهم. نعم، يمكننا أن نتعرف بعض الجوانب، ونقترب من الحمى، ونلامس شطر الحقيقة، أما كُنه الحقيقة فلا يدعيها أحد إلا وعليه أكثر من علامة استفهام، مهما بلغ من العلم.
ومن هنا ندرك ما ورد عن بعض العارفين في حق الزهراء (ع) من قوله: اللهم صل على فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها ([8]).
علينا أن لا نصاب بالغرور جراء قراءة كتاب هنا أو الاستماع إلى محاضرة هناك، فأهل البيت أكبر وأسمى، ولهم أسرارهم التي تحاط بسور محكم.
فالآية الكريمة خطاب لخاتمة الرسالات قبل رسالة النبي (ص) وأكملها، وهي الرسالة المسيحية التي تمثلت بنصارى نجران آنذاك، وكان معه الحسن والحسين.
كذلك نجد أن الزهراء (ع) عندما أتت للمحاججة كان معها الحسن والحسين (ع). ولكن يا للعجب! ففي المباهلة كان لهما من الشأن ما كان، أما في المحاججة فلم يُقبل منهما شهادة. وهذا هو الواقع المرّ.
أيها الإخوة: من الجميل أن نحافظ على سر المأساة وصعوبة ما جرى فيها من التفاصيل، لكن علينا أن لا نقتصر على هذا الجانب. فنحن اليوم نُهاجَم لا على أساس من قضية الكسر واللطم، إنما نحارب في الزهراء (ع) حتى في مقامها وما تحظى به من العناية الخاصة. ومن الطبيعي أن تحسد الزهراء (ع) فأبوها النبي (ص) خير البشر، وزوجها علي نفس النبي، وابناها الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة، ومنها سلسلة الإمامة بكاملها ومنظومة الحق والحجة على أهل الأرض من ذريتها. فكيف لا تحسد؟ إننا نجد اليوم من يحسد على سيارة جديدة أو بيت مميز أو أولاد متفوقين أو ما أشبه ذلك. وهذا في الماديات، فكيف بغيرها من المعنويات؟ فهي سيدة نساء العالمين، وأشرف امرأة شرفت الوجود بوطء أقدامها، وأم أبيها. وهذه كلها مما صدر عمّن لا ينطق عن الهوى. فأم أبيها كلمة السماء التي جرت على لسان الحبيب المصطفى (ص). هذا هو مقامها في آية المباهلة.
ومن الملاحظ فيها أن اللعن جاء في آخر الآية، والسر في ذلك أن القرآن الكريم عبارة عن منظومة واحدة، فلا يمكن أن نجعله عضين، نقبل بشيء منه ولا نقبل بآخر.
فاللعن هنا وقع على الكاذبين، وهم المنكرون، أي لعن من أنكر ما تقدم. وقيل: هم من حضروا ثم أنكروا. وقيل: إن الألف واللام للاستغراق، أي أن الآية تشمل جميع المصاديق المفترضة لذلك المفهوم.
5 ـ سورة الكوثر:
وأهمية هذا التأسيس القرآني كله هو بيان المقامات الخاصة لأهل بيت النبوة (ع) وما يتعلق بالبضعة الزهراء (ع) لذلك جاءت سورة كاملة في القرآن الكريم، وهي سورة الكوثر. والكوثر هو الزهراء، وتعني الخير الكثير. فمن كوثر الزهراء والخير الكثير كوكبة الإمامة، ومن خيرها الكثير فدك، فلو أنه وصل إليها ولم يحجب أو يقطع عنها، لأخذت الأمة نصيبها ولما وجدنا في أوساطها المسكين واليتيم والأسير؛ لأن حرف البوصلة خطير في كل شيء، فلو أنك تركت البوصلة في بيتك تنحرف قليلاً جداً، ثم راجعت الحسابات بعد أيام، لأدركت الآثار المترتبة، ولوجدتها مخيفة.
فمقامات أهل البيت (ع) عالية سامية، وما لا نتحمله منها علينا أن نسلم لهم فيما قالوا هم في حقهم، فإن كانت عقولنا اليوم لا تستطيع أن تصل إلى ذلك، ففي الغد سوف تأتي أجيال جديدة أكثر نضجاً منا تستطيع أن تتعامل مع النصوص. فاليوم هنالك حركة مشبوهة من الداخل ومؤامرة خطيرة على موروث أهل البيت (ع) يراد منها تشتيت ذلك الموروث وتضييعه، وإيجاد فاصلة وحاجز وجدار بين النشء وبين تلك المقامات. فلصالح من ذلك؟
إن ربط الأمة بأهل البيت (ع) رغبة قرآنية ثابتة وصريحة. يقول تعالى: ﴿إِنَّ اللهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّوْنَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِيْنَ آمَنُوْا صَلُّوْا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوْا تَسْلِيْمَاً﴾([9])، فهذا الشعار إنما يحافَظ عليه من أجل تأكيد وشد الرابطة معهم. ففي صلواتنا واحتفالاتنا ومناسباتنا ومراسم عزائنا علينا أن نؤمّن أجواء الصلاة على محمد وآل محمد (ص). والمهم هو رسم معالم الطريق للأمة على صعيد اتخاذ القدوة، فلولا أن القرآن يقدم لنا محمداً وآل محمد (ع) على بساط الوحي، ثم تأتي السنة المطهرة لتبين وتوضح، لما استطعنا أن نهتدي إلى معينهم الصافي، ولتخبطنا كما تخبط غيرنا.
وللمرأة كلمة:
من هنا لا بد من وقفة مع الأم والزوجة والأخت والبنت أقول فيها: إن صمام أماننا أيها الأحبة بعد الخلف الباقي (عج) في عالم الانتظار والغيبة هو الأُسر الصالحة الرشيدة الرسالية. فعليها أن تتسلح بقدوتها، ولا قدوة أكمل من فاطمة (ع).
وهذه فهرسة سريعة لما ينبغي للمرأة أن تلاحظه بجدية في حياتها:
1 ـ على المرأة أن تحافظ على بوصلتها من حيث الاتجاه والهدف، والتمسك بالإيمان ورسم معالم الحياة السعيدة لها ولزوجها ولأبنائها، ولا بد أن تكون البوصلة بهذا الاتجاه لا يميناً ولا شمالاً. وإنما يتم لها ذلك إذا اكتشفت جوهرها الحقيقي، ورجعت إلى نفسها وقرأت نفسها بما هي هي.
فلا كلام أن المرأة المتعلمة تختلف عن غير المتعلمة، وليس من حق الزوج الذي اختار زوجة غير متعلمة أن يطلب منها ما يطلب الزوج الذي اختار زوجة متعلمة، لأن فاقد الشيء لا يمكن أن يعطيه.
2 ـ أن تتعرف المرأة المحيط من حولها، فأحياناً يكون المحيط طيباً طاهراً يمد يد العون، وأحياناً أخرى يكون العكس من ذلك تماماً، فيقود إلى حيث الضياع. فليست كل من لبست لباس المحبة وإظهار المودة والرغبة في المشاركة في حمل الثقل يعني أنها كذلك، والمشاكل اليوم كثيرة وأنتم بها أعرف، لأنكم تعيشون المجتمع في مساحات كثيرة قد يتعذر على رجل الدين الوصول إليها.
3 ـ أن تعيش المرأة الواقع الذي هي فيه، فإن كان الزوج ذا قدرات وإمكانيات محدودة فعليها أن لا تحمّله فوق استطاعته. لكن ما نراه اليوم أن الزوجة كثيراً ما تحمّل زوجها فوق ما يحتمله، حتى في الأمور التي ليست لها أحقية فيها، كالأسفار مثلاً، سواء كان سفراً سياحياً أم للزيارة أم غير ذلك، فالزوج ليس مسؤولاً عن ذلك. ولا بد أن نحذر لأن القادم أسوأ.
فمتى ما جعلت المرأة فاطمة الزهراء (ع) صاحبة المناسبة القدوة الأولى لها في حياتها، اتجهت بالاتجاه الصحيح. فكون فلانة من النساء مؤلفة أو كاتبة أو قارئة مجالس حسينية أو مذيعة لا يغني شيئاً ما لم تكن قدوتها الزهراء (ع)، ومن يبحث عن الكمال لا بد أن يبحث عن القدوة الكاملة لكي يصل إليها. ولو فتشت الأرض من يوم حواء أم البشر إلى هذا اليوم، وإلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، لن تجد شذرة ولا مفردة ولا حقيقة كاملة في عالم المرأة كالزهراء بنت النبي محمد (ص).
نسأل الله تعالى لنا ولكم التوفيق، والحمد لله رب العالمين.