بسم الله الرحمن الرحيم

وصلى الله وسلم على اشرف الانبياء والمرسلين حبيب اله العالمين ابي قاسم محمد صلى الله عليه وآله الطيبين الطاهرين ثم اللعن الدائم المؤبد على أعدائهم أعداء الدين

رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي * وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي * وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسَانِي * يَفْقَهُوا قَوْلِي﴾[1]

اللهم وفقنا للعلم والعمل الصالح واجعل نيتنا خالصة لوجهك الكريم يا رب العالمين

جاء في الحديث الشريف والتوقيع الذي صدر من الناحية المقدسة للإمام الحجة عليه السلام انه قال: «لا يحل لأحد أن يتصرف في مال غيره بغير اذنه»[2]

التصرف في مال الغير

من الامراض التي باتت تعصف بالمجتمع اليوم هو التصرف في مال الغير وهذا التصرف يجري على انحاء عدة لا على نحو واحد، من هذه الانحاء التي يتم التصرف فيها على غير وجه، التصرف في الامانة، اي ان يودع شخص من المؤمنين أمانةً عند اخيه المؤمن ثم يأتي للمطالبة بها فيتعذر المؤتمن عن رد الامانة لمن اعتمده عليها، وهذه الأمور تحدث حينما يبدأ الانسان يتساهل بالأمور، ويستغل ابليس هذه الحالة ويسوف للإنسان ويقنعه بان الامانة تصرّف بها اليوم وردها الى مكانها بعد قضاء حاجتك و... عندما ينسج الانسان حروف هذا الكلام ويرتبها في الاغلب الاعم الاكثر ابليس والعياذ بالله يستغل هذا ويبدأ بوسوسته، وبالمناسبة ابليس لا يتحرك الا عندما يجد استجابة عند الطرف المقابل والا ابليس لو طرق الباب مرة وأوصد في وجهه وتكرر هذا لعدة مرات بالتالي يذهب ويبحث عن موضوع أخر وجهة ثانية، بل قد يلغي المشروع الذي جاء من اجله، ويفتح مشروع جديد كي يدخل من خلاله، فعندما يتصرف المؤتمن في الامانة يتصور انه من السهل ان يردها عندما يحتاج اليها الشخص المؤتمِن، لكن شواهد الحال الظاهرية والخارجية المتداولة بين الناس تبين بان قسم كبير من المشاكل التي تحدث بين المؤمنين هو جراء ائتمان شخص لشخص على عين معينة، وعدم تمكن الطرف الاول من ردها للطرف الآخر، بل اسوأ من ذلك احيانا تصل النوبة الى النكران، يعني يقول انت لم تأتمنني على شيء اصلاً ويذهب للأبعد ويفتح باب شر معه! هذا موجود، لكن هذا لو يضع نفسه مكان صاحب الامانة ما عسى ان يفعل!

التصرف في اموال الزوجة أو الابناء

احيانا تقع المشكلة بين الزوج والزوجة، يعني الزوجة تأتمن زوجها على اموالها، ولم تخوله في التصرف في الامانة لكن الزوج يتصرف في اموال زوجته بكل بساطة وعندما تأتيه زوجته وتطلب الامانة منه يقول لها بان الحياة صعبة وانا احتجت الى هذه الاموال وتصرفت بها، لان المصارف كثيرة وانا بحاجة الى استثمار الامول و... كي ارتب أمورنا و... هذا الامر ايضا موجود. الامر الاخر هو التصرف في اموال القصر الصغار مثلا الاولاد لهم هدايا جاءتهم من موارد مختلفة، أو ان بعض الاطفال قد خصصت الجهات الرسمية لهم اموال وذلك لأسباب معينه، فيأتي الاب ويتصرف بأموال الابناء.

التصرف في ثلث الميت

الامر الاخر التصرف في ثلث الميت، وقد جرت العادة ان الاب يوصي الولد الاكبر باعتبار ان الولد الاكبر يكون هو الارشد في حين ان هذا الشيء غير معلوم وقد يكون هذا اول الكلام، لانه قد يكون الولد الاكبر هو الاقوم لكن الولد الاصغر يكون هو الارشد، وحتى عندما يقول شخص بان الولد الاصغر هو ارشد يقولون لا تقول هذا الكلام ولا تسبب لنا المشاكل! لكن انظروا الى النتيجة.. يموت الاب ويبقى ينتظر عشر أو عشرين أو ثلاثين عاما كي يتصدق من ماله شيء لكن الولد الاكبر يتماهل ولا يقوم بواجبه، أو ان الميت مات واوصى بثلث ماله لكن المسؤول عن التنفيذ أو الوصي الذي قد يكون الولد الاكبر أو قد يكون الولد الاصغر أو الاخ أو العم او حتى قد يكون شخص من خارج الدائرة اصلا، فهذا الميت مات وشيعوه وخلف وراءه صلاة قضاء أو صيام أو حج أو رد مظالم أو كفارات أو... فهذا بدل ان يهتم بهذه الامور يبحث عن عشاء للمعزين! ولابد ان يكون عشاء راقيا لان البيت الفلاني عندما مات ميتهم كان قد قدم وجبة عشاء فاخرة فهذا يريد ان يقدم وجبة عشاء لا تقل عن تلك.

غصب مال الأخرين

هناك مورد اخر وهو التصرف في مال الغير على نحو الغصبية، حيث ان البعض يتفنن في غصب اموال الاخرين وينسى هذا الشخص ان من خلال هذه اللقمة الحرام يشتري لنفسه جهنم ويشتري سوء تربية ابناء، لان اثر اللقمة الحرام شيء خطر جدا، وآكل لقمة الحرام ابواب الشر مفتحة أمامه من ايها شاء ان اين يلج ولج، الذين شاركوا في قتل الامام الحسين (ع) كانت لقمتهم غير طاهرة وهذا الامر لا يحدث فقط في الأموال قد يحدث في نزاع لبيت او لأرض او... وقد قال رسول الله (ص): «من خان جاره شبرا من الأرض جعلها الله طوقا في عنقه من تخوم الأرضين السابعة، حتى يلقى الله يوم القيامة مطوقا، إلا أن يتوب ويرجع»[3] ايها الاحبة الحق واحد ولا يكون اثنين لذلك عندما يريد شخص ان يصلح بين زوج وزوجة او بين اخوان أو بين جيران أو... لابد ان يكون في ذهنه هذا الأمر بانه سوف يخسر احد الطرفين، لانه بالتالي هو سوف يعطي الحق لطرف دون آخر، اسأل من الله سبحانه وتعالى ان يتقبل منا ومنكم الاعمال ويوفق الجميع لخدمة الدين والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.