نص كلمة بعنوان : معطيات التأسيس الأول لمدرسة الفقه الإمامي

نص كلمة بعنوان : معطيات التأسيس الأول لمدرسة الفقه الإمامي

عدد الزوار: 564

2013-10-07

«افْتَرَقَ النَّاسُ فِينَا عَلَى ثَلَاثِ فِرَقٍ فِرْقَةٌ أَحَبُّونَا انْتِظَارَ قَائِمِنَا لِيُصِيبُوا مِنْ دُنْيَانَا فَقَالُوا وَ حَفِظُوا كَلَامَنَا وَ قَصَّرُوا عَنْ فِعْلِنَا فَسَيَحْشُرُهُمُ اللَّهُ إِلَى النَّارِ وَ فِرْقَةٌ أَحَبُّونَا وَ سَمِعُوا كَلَامَنَا وَ لَمْ يُقَصِّرُوا عَنْ فِعْلِنَا لِيَسْتَأْكِلُوا النَّاسَ بِنَا فَيَمْلَأُ اللَّهُ بُطُونَهُمْ نَاراً يُسَلِّطُ عَلَيْهِمُ الْجُوعَ وَ الْعَطَشَ وَ فِرْقَةٌ أَحَبُّونَا وَ حَفِظُوا قَوْلَنَا وَ أَطَاعُوا أَمْرَنَا وَ لَمْ يُخَالِفُوا فِعْلَنَا فَأُولَئِكَ مِنَّا وَ نَحْنُ مِنْهُمْ»

الظرف الزمني للامام الصادق عليه السلام

الامام الصادق عليه السلام عاش في ظرف زمني فيه من الخصائص الشيء الكثير التي يتميز من خلالها على سائر الفترات التي عاشها الائمة عليهم السلام، وهذا من البداهة بمكان حيث ان الدولة متى ما انهارت في أي زمان واي مكان تخلف وراءها مساحة فارغة لابد وان تملأ من قبل الدولة التي تأتي على انقاضها.

كما ان من خصائص الدولة التي تاتي على انقاض الدولة المنقضي عهدها ايضا في بدء مولدها لا تحمل مقومات القوة والاقتدار للامساك بجميع جوانب الحياة في تلك الدولة التي تقوم على رعاية شأنها، كحكومة مثلاً.

في الزمن السابق، ربما لا نستجني المصداق الا من خلال وريقات التاريخ حتى نستطيع ان نستجني معطيات المفهوم.

أما اليوم فقد اصبحت المصاديق من الكثرة بمكان بحيث يمكن للانسان ان يستنطق التاريخ من خلال شواهد معاصرة.

دونكم بعض الدول التي تغيرت الانظمة فيها، بلا شك فيه، إن الانظمة بما تحمله من موروث وخصائص صفاتية معينة خلفت وراءها فراغاً، وهذا الفراغ القادم يفترض ان لا يكون وريثا لذلك الموروث، وانما لابد وان يؤسس لدولة ناهضة على خلاف ما تقدم.

في هذه المساحة تجدون الصراع السياسي الفكري العقائدي الاقتصادي وما الى ذلك من التشقيقات وبعبارة واضحة قد بات الانفلات هو سيد الموقف، فمن يبحث لنفسه عن موطئ قدم، فان الظرف سوف يساعده، تبقى الحكمة هل تسود الموقف وتتسيد الموقف؟ أم أن علم الحكمة، هو الذي يتصرف بمفاصل المجتمع، مفاصل الامة.

كلنا نعتقد ان اهل البيت عليهم السلام، هم سادة الكون عقلا وعلما وحكمة، لذلك تكالبت عليهم الظروف وتقاطع معهم اصحاب المصالح، فناصبوهم ونابذوهم وقاتلوهم واستقصوهم، حتى في محبيهم ومريديهم.

حيث ان الدولة الاموية لما انقضى عهدها، الدولة العباسية جاءت على انقاضها، فكان الانفلات سيد الموقف، وفي هذه الحالة، كان لابد وان ينهض الامام الصادق عليه السلام، بمسؤوليات ما كان يتسنى للمعصوم من قبله ان ينهض بها لان الدولة الاموية في شديد استحكامها، والدولة العباسية لم تقرأ بعد مستقبلها، بل اصلا هي لم تثبت اقدامها بعد فهي تريد ان تستقطب المعارضة من هنا وهناك.  

ولا معارضة مؤثرة بتلك الفترة الا تلك الحركات التي يقوم بها تارة ابناء الحسن وتارة ابناء الحسين، فكانت حركة هنا ومناوشة هناك وبالنتيجة كانت هذه الحراكات، مزعجة ومرهقة ومكلفة.

فكان الهدف عند الدولة الناشئة ان تستقطب الرؤوس المؤثرة لتخمد تلك الثورات والحركات، فكان وجه الطائفة الامام الصادق عليه السلام، يفترض ان يدارى، وهنا لاحظوا في بدء الامر كانت مراعاة العلويين تتوافق مع الشعار المرفوع.

العباسيون عندما ارادوا ان يسقطوا الدولة الاموية والمروانية رفعوا الشعار الرضا للرضا من آل محمد ولما وصلوا الى السلطة انقلبوا على العنوان رغم الانقلاب الواضح البين الا انهم لم يغلقوا الملف تماما وانما تركوا مجموعة من المساحات يتحركون على اساس منها.

بطبيعة الحال ليس في صالح اهل البيت يعني الدولة العباسية عندما تقرب احد اقطاب مدرسة اهل البيت ليس حبا فيه ولا حبا في البيت العلوي ولا في النهج العلوي والسلوك العلوي وانما رغبة في جذب مصالحها وتهدئة الاوضاع لها، حتى تستقر الامور وتبني بنيانها.

معطيات التأسيس الأول لمدرسة الفقه الإمامي

الامام الصادق عليه السلام، عندما يلتفت الى التاريخ من وراءه قليلا الذي يقدر بقرن وشيء من الزمن يجد ان النبي (ص) ما انفك ينادي في اوساط المجتمع المدني من مهاجرين وانصار: أنا مدينة العلم وعلي بابها من اراد المدينة فليأتها من بابها. [راجع: تحف العقول، ص 429].

فاصبحت هذه المقولة للنبي (ص)، اشبه بانشودة تتردد على لسان النبي الاكرم محمد (ص) لكن هذه المدرسة اوصد بابها اغلق اغلاقا محكما ولم يغلق بقفل من حديد والا لكسر ولم يصب عليه الرصاص ايضا وألا لفتح، ولكنها كلمة واحدة كان لها من القدرة بالفعل والتأثير ان تدفع ضريبة تلك الكلمة الى يومنا هذا.

ليس فقط الانسان الموالي لاهل البيت يدفع الضريبة ولو توسعنا قليلا ليس فقط من يسير على نهج الرسول الاعظم كانسان مسلم، بل البشرية جمعاء.

البشرية جمعاء تدفع ضريبة تشترك في دفع ضريبة تلك الكلمة هي كلمة واحدة، متى كانت؟ واين كانت؟ لماذا كانت؟ من يقف وراءها؟ هل كانت محدودة الزمن؟ أم لم تكن محدودة وقت لم تكن؟ بالنتيجة نحن ندفع ضريبة هذه المفردة.

النبي (ص) على فراش الاحتضار ينادي الجماعة ائتوني بدواة وكتب، اكتب لكم كتابا لم تضلوا بعده أبداً، في نص بعدي ابدا الجماعة لم يتركوه وانما هي كلمة واحدة، هي دعوا الرجل. [راجع: الارشاد للشيخ المفيد، ج 1، ص 184].

هي كلمة هذه الكلمة لا تمحوها الكلمات ولا تلغيها المواقف والتضحيات فقط وفقط يلغى اثر هذه الكلمة بيد الخلف الباقي من آل محمد (صلوات).

الامام الصادق عليه السلام، ممن بذل جهودا في ارجاع الامة الى مسارها الصحيح في اعادة البوصلة الى الجهة التي ينبغي ان تشير اليها لكن مع شديد الاسف الامة لم تتعاطى الامور كما ينبغي والفرصة المتاحة والجهود المبذولة.

فهل الامام الصادق عليه السلام صار يقرأ المجتمع من حوله ويرى المجتمع طبقات وليس طبقة واحدة؟ ولنأخذ منه درساً، من الظلم ان يحكم الانسان على مجتمع باسره لانه لا يعي دوره، كما اعتقد ان من الظلم نفسه ان يعطي الانسان صفة من الكمال هو يسعى من اجل الوصول اليها بعد لما يمسك باسبابها.

القرآن اصلا يقول: ﴿خَلَطوا عَمَلاً صـٰلِحًا و ءاخَرَ سَيِّئًا عَسَى اللهُ اَن يَتوبَ عَلَيهِم﴾ [التوبة: 102]، لأن اعمالنا فيها الحسن وفيها السيئ، والذي يمايز بين الحسن والسيئ لست انا ولا انت لاني لم اعط سلطة ولم تعط سلطة للتمايز بين اعمال البشر لأي كان من البشر. فهنالك يوم فيه النداء من العرش، ﴿قِفوهُم اِنَّهُم مَسـئولون﴾ [الصافات: 24]، فنسأل وقتها عن جزء كلمة وليس على الكلمة.

يسأل الانسان عن جزء الكلمة وعن الحركة، وهناك آية في القرآن الكريم، تقول: {ويلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَة}. [الهمزة: 1] فالانسان بعد لم يتكلم أي كلمة ولم تصدر من عنده أية حركة، لكنه يحاكم ويحاسب، وعلى هذا الاساس الى يوم القيامة توضع الموازين، وحينئذ يرون الاعمال كيف ترجح.

إن الاعمال يوم القيامة ترجح بأمرين:

الامر الاول اذا وفد الانسان الى عرصة القيامة وقف عند الميزان وحلت امام كفتي عمل وجاءت الولاية وحلت في احدى الكفتين حينئذ يرجح العمل؛ اذن المرجح الاول هو الثبات على الولاية لمحمد وآل محمد (صلوات). إذن فهذه القيمة العالية التي لها اثرها في الدنيا تطهر الذرية وتوسع الرزق وتعطي الاشراقة في الوجه، هذه الآثار الدنيوية التي لها اثرها في الآخرة هذه القيمة السامية العالية لا آية لا رواية لا قول أو فتوى صادرة من علماءنا على انها لزيد من الناس او عمر من الناس ان يقف عبد من عباد الله يوالي علي وآل علي على انهم موالي او خارج من الولاية، فهذا ليس بيد احد من الناس أبداً.

حتى المرجع نفسه ليس بيده ان يقول فلان موالي وفلان غير موالي، لان الولاية في القلب، ويكون ابرازها من خلال الاقوال والافعال، لذلك احيانا الانسان حتى في اقواله وافعاله، لا يستطيع أن يبرز ولاية من خلالها، هل تعلمون ذل؟ وهذا موجود.

الامر الثاني يوم القيامة عندما توضع الموازين يأتي دعاء طالما يتردد على السنتنا ربما لا نهتم به كثيرا، واحيانا لا ندير له مزيد اعتلاءٍ، لكنه خفيف على اللسان وهو اثقل اثقل اثقل ما يوضع في الميزان بعد الولاية لاهل البيت ألا وهي الصلاة على محمد وآل محمد (صلوات). [راجع: وسائل الشيعة، ج 7، ص 197]

وهناك يجمعون صلواتنا، صيامنا، اخماسنا، امرنا بالمعروف، نهينا عن المنكر، وبر الوالدين، الاحسان الى الجيران، التعاون مع افراد المجتمع، النهوض بالمسؤوليات، المشاركة في الجنائز، وغيرها، تبقى كفة الميزان نازلة لماذا؟ لان كفة الميزان الثانية موجود فيها كذب مثلاً أو نميمة أو غدر، بهتان، محاربة، تسقيط، كل هذا ثقيل، لأنه ليس فقط العمل الحسن ثقيل، فالعمل السيئ ربما يكون احيانا اثقل. هل تعلم لماذا؟

أنا مثلاً أتيت الى مجلس وصليت على محمد وآل محمد (صلوات) حفظت لي ميزاني لكن عندما اتي الى مجلس واستغيب شخصا من الناس فيقوم من عندي ذلك الشخص وينقل الغيبة الى مجلس آخر والمجلس الآخر فيه عشرة اشخاص وهؤلاء العشرة ذهبوا واصبحوا مائة والمائة صاروا الف، ويوم القيامة، سوف يأتون بي ويسألوني قائلين: تعال، ألا تعلم أن من سن سنة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها الى يوم القيامة؟ [راجع: الاختصاص، ص 251] واذا بينه وبين القيامة مائة سنة أو الفين سنة، فنحن لا ندري القيامة متى تكون، فهذا امر الله.

والبشر يتكاثرون، واذ بهم يبنون على اساس جرف هار لا اساس له لا قاعدة له لا عمود يعتمد ويتكئ عليه، ولما يحمل انسان غيبة انسان آخر، أو يكذب عليه، ثم يأتي الاول ويقول للآخر انا اغتبتك في يوم من الايام وكذبت عليك في يوم، وأرجو أن تسامحني. {اَيُحِبُّ اَحَدُكُم اَن يَأكُلَ لَحمَ اَخيهِ مَيتًا فَكَرِهتُموهُ} [حجرات: 12].

هل رأيت يوماً، أحداً يقول انا في هذه الليلة أدعوك على عشاء والعشاء عبارة عن قطع لحم طازج، ماذا قال؟ فأجابه قائلاً والله عندنا واحد ميت بالبيت وفي المغتسل بودي أن أتي بقطعة من الفخذ. هل يصير ذلك؟ هذا مظهر بشع. لذلك جاء القرآن بآية وصور الموقف في منتهى البشاعة هذه. كذلك فأن الغيبة بشعة أيضاً، وهي ليست اقل بشاعة من هذا الموقف أن يأكل الانسان لحم اخيه ميتاً. هل تعرفون لماذا؟ وهل تعرفون أننا لا نستطيع أن نوازن بين الامرين؟ لان القلوب عليها غلاف. مثل المرآة غير قابلة لان تعكس الصورة كما ينبغي، لأنه يغلفها المجاملة والنفاق الاجتماعي والمعاملة مع اكثر من طرف وادارة الظهر لله سبحانه وتعالى.

«والا صانع وجها يكفيك سائر الوجوه»، [كما يقول الحكماء. راجع: مجموعة ورام، ج2 ص 113] فأنت في الوقت الذي تؤمر بالمعروف وتنهى عن المنكر، تقوم بالمسؤولية بشكل صحيح بحيث لا تقدم ولا تؤخر، ولكن بحدود.

فالالتزام بشروط الامر بالمعروف والنهي عن المنكر، والتقيد بالرسالة المحمدية، بكتابها، بسنتها وبفتاوى المراجع فيها، لا يستطيع احد أن يأمرك بالقيام بالمعروف لأجل شخصية الطرف المقابل حتى تقول انا آمر بالمعروف وأنهى عن المنكر.

فالفعل شيء والقائم بالفعل شيء آخر، انت بالفعل وأنت بالفكرة. فيمكن أن تكون الفكرة غلط، قل البحث غير صحيح، قل المقدمات غير مرتبة، قل النتائج مغلوطة، ولكن لا تقل إن صاحب الفكرة، صاحب البحث، صاحب النظرية انما اراد بسوء بشرعة سيد المرسلين، لماذا تقول هذا؟.

شيعة الامام الصادق عليه السلام ثلاث شرائح:

فالامام الصادق يعطينا الجماعة على شرائح ثلاثة نقرأها بسرعة فقط:

الامام الصادق عليه السلام يقول وهو يقيم جمهور الامة يقول افترق الناس فينا على ثلاث فرق، ليس بشكل عام، بل فيهم في اهل البيت، يعني هذه الثلاث الفرق كلها تقول نحن شيعة اهل البيت، كلها تقول نحن اتباع مدرسة اهل البيت.

أما الامام الصادق عليه السلام، فيقول صحيح، انتم اتباع لنا ولكن على ثلاث فئات. ثلاثة اقسام وليس قسماً واحداً.

أنتم باختصار ومثلما يقول الامام الصادق عليه السلام، أنتم غير متوحدين. فقلنا له، وماهي يا إمامنا؟ فامامنا وامام مذهبنا قال:

فرقة احب انتظار قائمنا ليصيب دنيانا يترددون وينقلون روايات عن اهل البيت عليهم السلام يحفظون الكثير. فرقة احب انتظار قائمنا ليصيب دنيانا اتمنى أن أكون سفيراً، تقول ليظهر الامام المهدي عليه السلام حتى انا أكون أول سفير له. أو أكون وزيراً للخارجية له. فاللهم عجل لوليك الفرج، ليصبح في دولته وزير خارجية، فرع استخبارات في الجهة الفلانية، ولكن ليس هذا هو الهدف.

فقالوا وحفظوا كلامنا وتحدثوا في شأن الغيبة وفي شأن المهدي وفي اصحاب المهدي وانصار المهدي، وقصروا عن فعلنا حافظين، ولكن لو جئنا الى الفعل، لما شاهدنا أي تطابق مع القول.

فهم يقرأون الرواية، ولكن لا يمتثلون مدلولها، ففي هذه الحالة، ماذا يحكم عليهم الامام الصادق؟ قال: فسيحشرهم الله الى النار، خاصة وأنهم شيعة وليسوا من أبناء العامة، وليسوا بكفرة أيضاً، حتى السنة يوجد هناك مجال يعني تعرض عليهم الولاية كما في بعض الروايات، ولكن الشيعة بالنتيجة هم اتباع الاصناف الثلاثة. يعني السنة خارجين من دائرتك والكفار خارجين من دائرتك، أيضاً. هؤلاء اصحاب موقف سياسي وأطماع دنيوية وانتهازيون.

الفرقة الثانية؛ وفرقة احبونا يعيشون الحب وإيانا، يحيون المراسم، يقيمون واجب اللطم وواجب البكاء وواجب عمل البركة. يحضرون المجالس، ويسمعون في اليوم اكثر من ست سبع مرات.

هذا ليس تقليل من قيمة المجلس، الحضور والعزاء واللطم وما الى غيره، لا، هذا من تعظيم الشعائر. لكن هذا الطقس الظاهري ليس كل شيء، إن لم يكن محرك فيه، ابتداء ومسايرة وخاتمة الاخلاص لله سبحانه وتعالى لا قيمة له، فكم من قارئ للقران والقرآن يلعنه. [بحار الانوار، ج 89، ص 185] فهل هناك افضل من كلام سبحانه وتعالى؟ الانسان يقرأ القرآن في بيت الله ومقابل الكعبة، وليس عنده عمل آخر، ولكن تقول الرواية بأن القرآن يلعنه ولا يشفع له ما لم تكن هنالك استجابة لمنطوق الآيات الشريفة التي لها اثر على السلوك.

تراه عندما يتكلم، يتكلم مع القرآن، وعندما يتحرك، يتحرك مع القرآن. ومن يفعل ويتحرك مع القرآن ومن يستظل بظل القرآن، هؤلاء احبونا وسمعوا كلامنا ولم يقصروا عن فعلنا، لا والله فهم الذين يمسكون المواكب مثلاً، وهم اول من يحضر المقبرة للتشييع وهم من ينهضون بالمهمات ولم يقصروا عن فعلنا. سمعوا وايضا لم يقصروا، الحب موجود ايضا لكن ما هو الهدف؟ الهدف؛ لياكلوا الناس بنا، ما هو الهدف؟ ان ياكلون الناس بهذه المحبة، وبهذا التظاهر بالافعال، الرواية تقول: «لا تنظروا الى طول ركوع الرجل وسجوده فان ذاك امر اعتاده، ولو تركه لاستوحش منه» [الكافي، ج 2، ص 105]، ليس الأمر هو مجرد القيام في الليل، وليس الأمر مجرد الصيام، وليس كذلك مجرد خمسة أو ستة خواتم تحملها اليد الواحدة.

وليس الأمر بأنني لا أتحرك ولا اتقدم خطوة الا بالاستناد الى عمل خيرة ولا أأتي أو أعود إلا بعدما ان اخذ استخارة، ولكن في القلب مضغة اذا صلحت او في الجسد مضغة اذا صلحت، صلح الجسد كله واذا فسدت فسد الجسد كله فياكلون هؤلاء الجماعة بنا. فتراه ينصب الف حيلة وحيلة، ولما يقترض مبلغاً من المال، يدعي أنه سوف يسدد في اليوم التالي، ولكنه لا يفي. هناك موقف لطيف اذكره لكم عن أحد المصريين:

يقول أتاه واحد عزيز عليه قال اقرضني شيئاً من المال، قال: ليس عندي أية مشكلة، فقط قبّل يدي، بعد ذلك سوف اعطيك المبلغ. فقال له: إن هذا لا يجوز، أتريد أن تذلني الى هذا الحد من أجل أن تعطيني مبلغاً من المال. قل لا أعطيك والسلام. ولكن أن تطلب مني أن أقبل يدك، فتأكد أنني لا أقبلها. قال يا أخي، انا والله ما طلبت عليك شيء زائد انا طلبت عليك شيء بسيط، لاني اعرف بأنني في اليوم الذي اقولك يا رجل انا اقرضتك في يوم من الايام، تأكد بأنك سوف لا تعطيني المبلغ، وسوف أقبّل قدمك وأيضاً لا تعطيني المبلغ.

فهل هذا موجود أم غير موجود؟ الجواب: موجود والدائرة اتسعت، لكن كلموا الناس على قدر عقولهم، كما كان الرسول الكريم (ص)، يقول ذلك. [راجع: اصول الكافي، ج 1، ص 23] يعني اخاف بعد ذلك أن القربة تتمزق. فماذا برأيكم أن يحل بهؤلاء؟ الامام الصادق عليه السلام يقول:

يملأ الله بطونهم ناراً ويسلط عليهم الجوع والعطش، فهؤلاء هم من ياكلون باسم اهل البيت عليهم السلام، فاحياناً البعض ممن هم أولياء على الحسينيات، ياكل باسم اهل البيت ويحشى بطنه نار. وأحياناً على الايتام والقصر ياكل اموال الايتام والقصر ويحشى قبره ناراً.

احيانا الابن وصي عن ابيه بمقدار الثلث، ولا ينفذه. ويحشى بطنه نارا، وإن تظاهر بانه صاحب لحية او حتى احيانا صاحب عمامة، وهذه أمور لا تقدم ولا تؤخر، عمامة أو بدون عمامة، فهناك امور اعتبارية، الناس انفسهم اعتبروها آية.

 النتيجة قول يتطابق مع الفعل في العالم الخارجي الجماعة الاخيرة الثالثة التي ستكون انتم انشاء الله ونحن واياكم.

هذا الفئة الطيبة ماذا يقول عنهم الامام، وفرقة احبونا، اما الحب الواقعي الصحيح لا يوجد فيه متاجرة ولا مزايدة على احد. عن الامام الصادق عليه السلام، [راجع: كتاب الخصال، ج 2، ص 448] الايمان عشر درجات فلا يقولن صاحب المرتبة العاشرة لمن هو دونه لست على شيء، لكن كلنا الى خير انشاء الله.

وفرقة احبونا وحفظوا قولنا واطاعوا امرنا هذا المهم، فأنهم لم يخالفوا فعلنا، فكان قولهم قول المعصوم وفعلهم فعل المعصوم، إذن هنا نسأل نحن هذا السؤال:

اطبقت كلمة القوم، شيعة وسنة على صدق منظومة اهل البيت وعلى طهارة اهل البيت بما لم تجمع كلمتهم على احد من البشر دونهم غيرهم، أصحيح أم لا؟

إذن، فهذا الشرف وهذه الكرامة، اللتان نضيف إليهما، أليس لهما قيمة عالية لابد ان نحافظ عليها. يقول الامام الصادق عليه السلام، الموالي ايها المحب فاولئك منا ونحن منهم. والآن نحن منهم. هذه لها وجه، الآن نحن منهم هذا له وجه يعني من اتباع مدرستهم. لكن الامام الصادق يقول نحن منهم يعني من شيعتنا يعني ماذا ايها الاحبة؟ يعني لابد ان يكون هنالك في داخل هذا الجسد، هذه الروح المتشبث بها الجسد، بعبارة ادق ان تكون صافية مسئولة نظيفة قابلة لاستقطاب فيض محمد وآل محمد (صلوات) اشكر الجميع واعتذر من الجميع.