نص كلمة بعنوان: مراحل تطور المشهد الحسيني

نص كلمة بعنوان: مراحل تطور المشهد الحسيني

عدد الزوار: 589

2014-01-28

الإمام الحسين عليه السلام ثورة وثروة وبقاء

 الإمام الحسين عليه السلام ثورة وثروة وبقاء أما الثروة فهي منحلة عن الأمر الأول ألا وهي الثورة ولولا ما قدمه الإمام الحسين في كربلاء في عاشوراء من التضحيات لما تحصل على هذا الثار الثروة. الفصل الأول تكفله الإمام الحسين والكوكبة النيرة من أهل بيته وأصحابه، أما الفصل الثاني وهو الوديعة في أيدي شيعته ومحبيه الذين عقدوا معه ميثاقا وساروا على نهجه الذي اختطه بدم نحره الشريف. وأما البقاء فهي تلك الأيقونة التي خلفها وراءه، تعاقبت الدهور، تقاطعت المسارات وبقيت تلك الايقونة تحافظ على طهرها ونقائها وصفائها ونورانيتها، لولا هذا المدد الطويل العريض المتواصل فما استطعنا ان ننتقل من هذا الواقع الثاني إلى الواقع الآخر وهو البقاء.

الوسائط التي تسلح بها محبي الحسين عليه السلام

 البقاء هو عبارة عن تحمل الأمانة وتسليم الأمانة والنتيجة ارتقاء الجميع بعد ان يقف متأملاً في معطيات تلك الايقونة الحسينية بجميع تفاصيلها لما تعنيه من الصبر، التضحية، الدم، الكلمة، المشهد، عندما يقول النبي حسينٌ مني وأنا من حسين البقاء المحمدي بقاء الاسلام هو بناءا على ما قام به الامام الحسين (ع) في كربلاء فلو جردنا التعريف بما فيه من مأساة من الحسين عليه السلام، من الطف ومن عاشوراء ولو محونا معالم تلك الايقونة عن واقعنا لما استطعنا ان نقرأ الاسلام قراءة صحيحة ولما استطعنا ان نقترب كما ينبغي من ذات الحبيب المصطفى محمد (ص) لذلك كانت الوسائط كثيرة التي تسلح بها المحبون العاشقون المغرمون بالحسين بن علي عليه السلام  لكن في كل زمن آلياته، وسائطه، أسبابه، أسلحته وعبّر ما شئت من العبارات لكن النتيجة واحدة هي ان نكون بالحسين عليه السلام أو لا نكون فلا قيمة لحيات لا تكون قد ولدت من رحم كربلاء؛ لان كربلاء تعني الكرامة والشرف والعزة والتضحية والإباء والفكر والإصلاح والقائمة تطول...

الرافد الأول؛ الخطاب

 الأسلوب الأول تكفلته الكلمة على نحو الخطاب وابتدأ من كربلاء ثم الكوفة ثم الشام وكان للمعصوم دور ودور بارز ومهم ثم تفرعت عن هذه مسيراتٌ عدة، تطور الخطاب أخذ مشارب كثيرة، لامس الواقع، انكمش في بعض الفترات، انطلق في فترات أخرى حتى وصل إلينا في هذا الزمن الذي أتيح لمحب الامام الحسين عليه السلام الكثير من الآليات التي متى ما سخّرها المحبون في سبيل الهدف استطاعوا ان يجسدوا الحسين واقعاً، فالحسين عليه السلام وان غيب جسدا الا انه لا زال يسري في وجدان كل انسان يقرأ في نفسه مشهدا حسينياً. خطبائنا قاموا بمسؤولياتهم ولا زالوا يواصلون والمأمول منهم اليوم هو ان يتعرفوا على الواقع الذي ترغب الأمة في الوصول إليه من خلال شبابها الطليعي، شبابها الرسالي، ما عدا ثلة قليلة من الشباب الذي بات يعيش في مرحلة توصف بصفة أخرى لكنها ليست الشباب.

 اليوم الأسباب كثيرة، المعطيات، كثيرة الصراع كبير ما لم ينهض المنبر بمسؤوليته بعد ان يشخص نقاط الضعف وبعد ان يرفع لكل موقع علم. والإمام الحسين عليه السلام من خلال مفردته المقدسة الخالدة التي يقول فيها: (ما خرجت اشر ولا بطرا ولا ظالما وإنما خرجت لطلب الإصلاح في امة جدي)[2] يعني فيما يعنيه من هذه المهمة وهي مهمة الإصلاح.

الرافد الثاني؛ الشعر

 الأمر الثاني او الرافد الثاني الشعر وكم ابحر الشعراء من خلال خيالهم الخصب والمشفر بلغة الايمان والحب الحسيني حتى استطاعوا ان يرسموا مشهد الطف في اكثر من موقع وموقع ولو اننا وانتم تصفحنا جميعا ما كتبه المحبون من الشعراء في قضية كربلاء لعشنا عالم آخر وبضني ان قراءة الشعر بما هي هي لا توصلنا الى هدف ما لم يكن الانسان القارئ يعيش حالة ذلك الشاعر الذي صهر وجدانه في سبيل ان يبرز جانبا من خلال توظيف مفردة.

الرافد الثالث؛ التمثيل

 الامر الثالث او الرافد الثالث هو التمثيل والتمثيل وان تهجّته ابناء الامة في زمن ما في آليات محدودة الا ان اليوم بمقدور الجميع ان يذهبوا بهذا الجانب الى مسافات بعيدة مع شديد الاسف اذا ما استثنينا المشهد الايماني في ايران فاننا لا نجد توظيف واضح لهذا الفن السامي في سبيل القضية، التمثيل يمكن ان يسافر بقضية الطف ويحدث حالة من الاصلاح في واقع الامة ما لا يقدر على تحصيله وإيجاده حناجر الملايين من الخطباء؛ لان التمثيل يقرّب المشهد، يجسد المشهد في قالبه المادي وكلنا يعلم ان الناس في ثقافاتهم الى المادة اقرب وبها الزم، بخلاف ما لو كان الأمر تنظيري  حيث يبقى الانسان يرواح مكانه.

الرافد الرابع؛ الفن

 ثم هنالكم الفن بكل تقسيماته السبعة التي يعرفها شبابنا الطيب المثقف المبارك الذي لا نقرأ في آحاد كل واحد منهم الا الحسين بن علي عليه السلام نحن لسنا مع من يحاول ان يقلل او يقزم من قامات شبابنا. أيها الأحبة لا تستصغروا أنفسكم انتم كبار وأراد الله لكم ان تكونوا كبارا لذلك الإمام الحسين عليه السلام انطلق بمشروعه في سبيل ان يجعل من كل محب إنساناً حسيناً رسالياً طليعياً ذو قامة كبيرة، فالنحقق للحسين رغبته.

الفن أيضا له تقاسيم وجوانب عدة؛ الجانب أو الأمر الأول هو الخط؛ إذ بالخط استقرّت الثقافات البشرية عبر تاريخها الطويل ولمن أراد ان يطلع على هذا فما عليه إلا ان يغادر موقعه ويقرأ على الحجارة ما نقش في البلدان التي تحترم الثقافة وتعيش الحضارة.

 الأمر  الثاني الرسم وكان فيه من الدلالات الشيء الكثير بل لا نستطيع ان نقرأ او نتهجّى او نحاول ان نفسر تاريخا في الأمم الغابرة الا بناءا على ما وصل الينا من الرسوم التي كانت تحكي واقعا وتعني ثقافة وتبين حالة من التقدم الحضاري التي عاشتها تلك الفواصل من الركب البشري ثم جاء فن التصوير وهو من الفنون المتأخرة جدا إذا ما أخذناه في أساليبه الحديثة. شبابنا اليوم بقدر ما فيهم من الخلاقيات استطاعوا ان يتقدموا كثيرا وكما علمت ان البعض من شبابنا استطاع ان ينافس الكثير من ارباب هذا الفن في الكثير من الحواضر من حولنا حتى ان احد الشباب من قرية المنيزلة على ما اتخطر استطاع ان يتقدم على أفضل الفنانين في مجال التصوير في ايران ويحصل على  المقام الاول في احدى المسابقات في السنوات الاخيرة. يا شباب الاحساء يا ابناء الاحساء انتم ابناء تربة لها خاصيتها، انتم ممن شربتم من ماء له خصائصه، انتم ممن تنفستم لهواء له قيمته، انتم ممن تربيتم في حجور امهات طيبات زاكيات، انتم من رعتكم حنونة أبوة لها من القيمة، انتم ابناء البلد الثاني الذي شرف بإقامة ثاني جمعة في الاسلام فيه، فانتم لستم الاقل، انتم ممن يستطيع ان يزاحم على المواقع المتقدمة في جميع مشارب الفن والعلم والأدب والثقافة وغير ذلك، علينا ان نكبر في داخلنا كي نستطيع ان نأخذ بالمشهد الى اعلى درجاته.

ثم فن النحت؛ النحت ايضا له قيمة وله دلالاته وهو من اسمى الفنون وان حاربته بعض العقليات الفقهية في بعض المساحات؛ لانه قتل هذا الفن بالفتوى كثيرا، اما اليوم فمع هذا الانفتاح ومع خروج الانسان من اطاره الضيق الى مساحات بعيدة قرأ العالم من حوله واجبر الواقع الفتوائي على ان يتقدم من مربع الى مربع آخر لذلك بتنا نقرأ الفتوى في موقع متقدم وما عشنا وعشتم إعطانا الله وإياكم عمرا مديدا سوف نقرأ الأفضل.

بكم أيها الأحبة نعيش خيال وواقعا وبكم أيها الأحبة ننطلق الى آفاق بعيدة.

اشكر  الاخوة الاحبة القائمين لإتاحتهم الفرصة لي. أعزائي: محبتي لكم هي التي جمعتني بكم وإلا فيّ من العناء ما هو الكافي.

وفقنا الله وإياكم لكل خير وشكرا لكم جميعاً والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.