نص كلمة بعنوان: متى نعرف الإمام المهدي
بسم الله الرحمن الرحيم
وصلى الله وسلم على اشرف أنبيائه ورسله حبيب اله العالمين أبي القاسم محمد، صلى الله عليه وآله الطيبين الطاهرين ثم اللعن الدائم المؤبد على أعدائهم أعداء الدين
﴿رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي * وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي * وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسَانِي * يَفْقَهُوا قَوْلِي﴾[1]
اللهم وفقنا للعلم والعمل الصالح واجعل نيتنا خالصة لوجهك الكريم يا رب العالمين
غفر الله لنا ولكم وتقبل الله أعمالنا وأعمالكم
«المهدي من ولد فاطمة»[2]
معرفة الامام المهدي (ع)؛ الوسائل والسبل
مر علينا قبل أيام قليلة ذكرى ميلاد الإمام الحجة (ع)، والإمام الحجة (ع) هو الإمام المفترض علينا طاعته، لأنه الإمام الفعلي بالنسبة لنا حيث نعيش في زمنه وإن كان يعيش عالم الغيبة، الغيبة التي لا يتسنى لنا من خلالها ان نتصل به بصورة مباشرة، ولا يعني ان الإمام المهدي (ع) بما انه يعيش الغيبة فأننا لا نقوم بما ينبغي ان نقوم به من عوامل الربط والاتصال بل يتعين ذلك ولابد ان نجهد أنفسنا في إيجاد وسائط التواصل معه قدر الإمكان، من هذه الوسائط المهمة التعرف عليه من خلال الموروث الذي وصل إلينا عن محمد وآل محمد (ص) وهو عبارة عن كم هائل من الروايات تتعلق بشأنه الشخصي وتتعلق بحركته العالمية ونتحرك فيما وراء تلك الحركة، محطاتٌ ثلاث روايات أهل البيت (عليهم السلام) اشبعتها بحثاً من خلال تسليط الضوء المباشر عليها، كتب في هذا المجال الكثير، الاشكالات، الشبهات، التوقفات اليوم لا تقف عند حد معين، وانما هي في سير تصاعدي، اسباب ذلك ايضا كثيرة منها الغفلة احياناً، التحرك عن سوء نية احياناً، الجهل ببحقائق الاشياء احياناً امور اخرى تساعد على هذا الوضع، الذي يعنينا انه اذا كانت هذه امراض فلابد من العلاج ولابد من الدواء المتناسب معها كي يتم القضاء عليها او الحد من فتكها، ابتداءا من الواضح والبين ان الهادم هو اسرع من الباني، ولو اجتمع الف في سبيل بناء ومن وراءهم واحد يمارس عملية الهدم لما استطاعوا ان يتقدموا عليه، لكن بحمد الله تعالى اهل البيت (عليهم السلام) لم يتركوا منفذا الا ووضعوا عليه حارسا.
مسؤولية الابتعاد وعدم التواصل مع الامام المهدي (ع)
هذا الموروث الشريف الذي نحن نعيش الغربة معه ونعيش حالة من عدم التواصل المباشر معه المسؤولية على من تقع؟ المسؤولية تقع اولا وبالذات على من بأيديهم مقاليد الامور المندرجة تحت صفة البناء، المحور والمركز فيها هي الحوزة العلمية، وعندما نقول الحوزة العلمية لا نقصد جدرانها واسقفها والطرق المتعرجة وانما نعني ذلك اعلامها، اوتادها، اركانها، من هنا من حقنا ان نسأل: هل هؤلاء نهضوا بكل مسؤولياتهم ام ان ثمة مراحل بعد لم يصلوا اليها، الحمد لله مدرسة اهل البيت واتباع مدرسة اهل البيت من العلماء والاعلام من زمن الغيبة والى يومنا هذا هم علماء، اتقياء، ورعين ويعيشون حالة ورع ولا يدعون لانفسهم كمالا وانما يذيلون كلما صدر عنهم بهذه العبارة: «والله اعلم»، ربما يحصل هنالك ثمة مواطن لم يضع اليد عليها مسؤوليتنا نحن ماذا؟ هل هو الوقوف على التل والتفرج؟ ام الدخول في المعترك؟ الطبقة الناقدة دائما وابدا تنظر من برج عالي لا يعنيها ما يجري في الشارع وانما هي تنفث سمومها بين الفينة والأخرى بغض النظر ان يكون ذلك السم الذي زج او يزج باسم الامة هو وليد ما كان مخطط له او وليد ساعته، لانه احيانا يكون وليد ساعته، الشباب اليوم يختلفوا تماما عما كانوا عليه بالامس، شباب اليوم قد تقدم في تحصيل العلم الأكاديمي وهذا لا ينكره الا الانسان المكابر، يعني نحن لو رجعنا مع هذه القرية الى الوراء فترة من الزمن، الذين تخرجوا من الجامعات في القرية من الندرة، لكن بحمد الله اليوم الامر يختلف تماما لكن لا يعني لو انا تقدمت في دراستي الاكاديمية اصبحت المثقف والواعي والمفكر والقادر على صد الهجمات.
آلية التصدي للافكار المنحرفة
بل ان المواجهة لها آليات ومن جملة الآليات هي القراءة، ان نكثر من القراءة، واشرف موروث هو ما صدر عن محمد وآل محمد (ص) ولا يعني ذلك اننا لا نقرء باقي الكتب التي كتبها الكتاب المحدثين الجدد، هؤلاء لهم اضافاتهم وموروثهم، لكنه لا يتمتع بروح القداسة وانما يتحرك في عالم المادة في اوسع مجالاتها، نقرأ، نتأمل، نستنتج نحاول ان نرد، نتدرب على وسائل الرد، بمعنى ان لا اكون متلقيا بالمطلق وانما متلقي بعين الحارس الرقيب المهيئ نفسه للنقد، الوسائل اليوم ايضا تختلف عما كانت عليه بالامس، اليوم جاءتنا دراسات من شرق الارض ومن غربها وهي لها طرقها ولها مساراتها يجب ان نتعرف عليها، البعض ينخدع باسماء بعض المفكرين وبعض الباحثين من العالم الآخر سواء من الغرب او الشرق في حين ان الذي بايدينا افضل بكثير مما هو بأيديهم، غاية ما في الامر هم تقدموا وابينا نحن الا ان نتوقف، احسنا الظن بالمطلق المطلق بل هم وضعوا دائره التشكيك في كل شيء هذه المفارقة بيننا وبينهم لكن بالنتيجة الامر واضح وبين ومن تعرض عليه روايات اهل البيت (عليهم السلام) بعد تنقيحها واستخلاصها واستنطاقها لا يمكن ان يعرض عنها، لكن اذا اردنا ان نجعل لكل نصا وصل الينا انه هو عنهم (عليهم السلام) ربما نصطدم بكثير من الاشكاليات الصعبة التي لا نتخلص منها لعدم الامساك بالآليات المناسبة.
التعاطي المطلوب مع قضية الامام المهدي (ع)
مثلا مع الامام المهدي (ع) يفترض ان نكون في حالة حركة لا في حالة العيش ضمن دائرة المعجزة والكرامة، المعجزة موكولة لصاحبها، وهو اليوم غائب لا سبيل للاتصال به مباشرة، نعم تحصل امور من قبل الناحية المقدسة ولطفه يشملنا وعناية وجوده هي واسطة الفيض، لا ان تحصل امور بسيطة في حياتنا اليومية ويتوهم الفرد انها من الامام المهدي (ع)، مثل بعض الحكايات التي يتناقلها بعض الناس، علينا ان لا نهبط بمستويات ومقامات ومراتب اهل البيت (عليهم السلام) الى هذا المستوى المتدني نحن نريد ان نسافر بفكر اهل البيت (عليهم السلام) ونغزوا به العالم ونشق الطرق الى الامام المهدي (ع) فهل هذا يمكن القيام به من خلال هذه الامور البسيطة، هذا لا يمكن الا من خلال العلم والمعرفة، اذا لم نعرفهم حق المعرفة كيف نريد ان نعرّفهم للآخرين، انا لو اردت ان اعرف البلد الفلاني لابد ان اعرف خصائص البلد وطبائع الناس في البلد ومستواهم الثقافي والحضاري والمالي واهم مما هو موجود في ذلك البلد، بالنسبة للامام المهدي (ع) نفس الشيء لابد ان نتعرف عليه معرفة صحيحة.
معرفة الاولويات واهميتها
اسأل سؤال بسيط واختم به المجلس، من منا جلس مع أهله وتحدث لهم عن الامام المهدي (ع) وعرفه لهم وقال لهم بان الامام المهدي (ع) بهذا الشكل وان القرآن قد قال فيه كذا واهل البيت (عليهم السلام) قالوا فيه كذا وان كلمة العلماء قد اطبقت عليه و... كي يكون ابناءنا محصنين، او من الذي اشترى لابنه كتاب يتحدث عن حيات الامام المهدي (ع) بقلم نظيف يقدم لنا الامام المهدي (ع) كما ينبغي؟ هذه ليست مجرد قضية من القضايا بل هي قضية القضايا، مسألة الامام المهدي هي خاتمة الامامة، خاتمة الوصاية... نحن اتباع هذا الامام فلابد ان نعرف الامام كما ينبغي وهذا الامر فيه مسارات كثيرة لكن احد الابواب والمسارات المنفذة هي الحوزة العلمية، علينا ان نتعرف عليها، مثلا حوزة نجف، ماذا يعني هذا التاريخ الطويل العريض، أو حوزة قم الكبرى، فيا أبنائي ويا اخواني قدموا الجواهر على المظاهر، قدموا الاصول على الفروع، حكموا المعقول في المنقول بعدها سترون كيف سنعيش رياض اهل البيت (عليهم السلام) في الدنيا قبل الآخرة، الله يجزي اجدادنا وآباؤنا الذين حافظوا على المسيرة في المنعطفات الخطيرة فيما مضى، لكن الوضع اليوم اخطر لان هذا الذي يحدث ليس شيئا عفويا ابدا، والذي يتصور انه عفوي فهو غبي، هناك ايادي تتحرك من وراء الظلام تعبث في الكثير من مفرداتنا بعضها من الخارج وبعضها من الداخل لابد ان نلتفت، شهر رمضان على الابواب احسن ما نذكر في هذه الليلة هي ارواح من مضى منا فلارواحهم جميعا نهدي لهم سورة الحمد مع الصلاة على محمد وآل محمد.