نص كلمة بعنوان:قراءة في موروث الإمام السجاد (ع)

نص كلمة بعنوان:قراءة في موروث الإمام السجاد (ع)

عدد الزوار: 982

2016-05-18

مشاركة في الحسينية الزينبية قراءة في موروث الإمام السجاد (ع) ليلة الجمعة 8/5/ 1437هـ

بسم الله الرحمن الرحيم

وصلى الله وسلم على اشرف أنبيائه ورسله حبيب اله العالمين أبي القاسم محمد، صلى الله عليه وآله الطيبين الطاهرين ثم اللعن الدائم المؤبد على أعدائهم أعداء الدين

﴿رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي * وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي * وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسَانِي * يَفْقَهُوا قَوْلِي﴾[1]

اللهم وفقنا للعلم والعمل الصالح واجعل نيتنا خالصة لوجهك الكريم يا رب العالمين

بارك الله لنا ولكم هذه الذكريات المجيدة الشريفة المباركة وأعادها الله علينا وعليكم باليمن والبركة

أهمية القراءة الصحيحة والشاملة لموروث الامام السجاد (ع)

الإمام الحسين، قمر بني هاشم، الإمام السجاد، الأكبر، الكوكب الذي نستضيء بهديه الخلف الباقي من آل محمد، مناسباتٌ يحار المتحدث من أيها يبدء وبأيها يختم، من الجميل بنا في ذكرياتهم ان نعطي لأنفسنا المساحة الكافية لان ننفتح علی اهل البیت (عليهم السلام)، لان مدرستهم بسعة الكون ومن الحري بنا ان نسافر معها حيث أمكن لنا ذلك، الإمام زين العابدين (ع) نقرؤه من خلال زاويةً واحدة لا نسمح لانفسنا في ان نتخطاها وكأنه القدر المكتوب علينا، اما الإمام زين العابدين (ع)؛ ذلكم الرجل العليل الذي اصطحبه الامام الحسين (ع) معه من المدينة الى مكة ليوثق حدث!! الامر لم يكن بهذه الكيفية لكننا اعتدناه هو الذي الزمنا بهذه العادة المرة، يراد لنا ان نقرء الامام زين العابدين (ع) ذلك الانسان المستغرق في بكائه المتصل الشاهد له عن ابسط مواطن الهدفية في الحيات، يريدون منا ان نقرء الامام زين العابدين (ع) ذلك الانسان الذي لا تستدر عبرته الا بمشاهد فيها من مظاهر الذبح ما فيها! كأن دخل الى سوق القصابين ورأى قصابا يذبح كبشا، ثم سأله فاجاب..! الامام زين العابدين (ع) اكبر من ذلك بكثير، للامام السجاد (ع) وقفات من الحري بنا ان نتوقف عندها، في الامام زين العابدين (ع) ومضات من الجميل ان نستضيء بها، للامام زين العابدين (ع) مفرداتٌ لو امسكنا بواحدة منها وتفاعلنا معها لاستطعنا ان نفتح الكثير من المغلقات في وجوهنا، لكنه لا يريدون لنا ذلك، فهل نعطيهم نحن ذلك من انفسنا طوعا واختيارا؟! ايها الاحبة! الامام زين العابدين مدرسةُ في الطف ومدرسةُ في الشام ومدرسةُ في المدينة والقاسم مشترك فيها: مدرسة محمد وآل محمد، اذا كانت مجالس العزاء في ذكرى شهادتهم تحتم علينا واقعا معينا فمساحات الاحتفالات في مواليدهم أيضا تعطينا المساحة الكافية اذا ما أجدنا استغلالها ووضعنا النقاط على الحروف وسرنا فيها سبحا الى حيث ارادوا هم عليهم الصلاة والسلام.

شذرات من موروث الامام زين العابدين (ع)

يقول الامام زين العابدين (ع) ومن الجميل ان نسمع ونتأمل ونحفظ ونستنطق ونفعّل ونتفاعل ونسافر بمعطاهم الى مساحة اوسع مما نحن فيها يقول الامام السجاد (ع): «مجالس الصالحين داعية إلى الصلاح وآداب العلماء زيادة في العقل، وطاعة ولاة الامر تمام العز، واستنماء المال تمام المروة وإرشاد المستشير قضاء لحق النعمة، وكف الأذى من كمال العقل وفيه راحة للبدن عاجلا وآجلا»[2]

مجالس الصالحين داعية إلى الصلاح

المجالس ايها الاحبة! طابعها اما ان يكون الصلاح او يكون طابعها الطلاح، اما النجاح واما الرسوب، اما الهدفية واما الشتات، ومن منا يرضى لنفسه ان يكون في المربع الآخر وهو يدعي الولاء والحب الصادق لمحمد وآل محمد (ص) المعصوم (ع) يقول لنا: «فاصحب من إذا صحبته زانك، وإذا خدمته صانك، وإذا أردت منه معونة فاتك [اعانك]»[3] ينبغي ان تبحث عن المجالس المتصفة بهذه الصفة لنقول لك احسنت التشخيص، وانك وضعت البوصلة في اتجاه الهدف وهذا مطلب مشروع من حق كل واحد منا ان يأخذ به وبأسبابه مجالس الصلاح ايها الشباب اوصيكم ونفسي بها، مجالس الصلاح من خصائصها انها تقربنا الى الله، من صفاتها انها تحركنا باتجاه المساجد والحسينيات، من صفاتها انها تحثنا على صلة الرحم، من صفاتها انها تدفعنا في اتجاه لملمة وجمع الاوراق المبعثرة بين ابناء المجتمع الواحد والنسيج الواحد واحيانا الحي الواحد.

آداب العلماء زيادة في العقل

 الامر الثاني التي يدفعنا الامام زين العابدين في اتجاهه هو آداب العلماء حيث يقول: وآداب العلماء زيادة في العقل، العلماء ليس بلباسهم فالباس لا يقدم ولا يؤخر ولا يعطي اضافة على الحقيقة، كالنظارة التي يضعها البعض على عينيه لا يستفيد منها الا من يعيش اشكالية الضعف في نظره ولكنه لا يحسن القراءة ولا تمكنه من ذلك مهما اجهد نفسه في تحسين صورتها، ايها الاحبة العلماء آداب العلماء، سلوك العلماء، طريقة العلماء هي التي تنمي عقولنا العالم الذي يستحضر الادب في قوله وفعله ويتحرك على اساس منه نحن اولى بالالتصاق فيه من غيرنا، اما العالم اذا لم يتجاوز حدود العنوان العالم ولا يوجد تطابق بين اقواله وافعاله بل حديثه في واد وتصرفاته في واد آخر علينا ان نقطع الرابطة معه ونوفر على انفسنا عناء وجهدا لانه لم يحقق لنا نماءً في عقل ورشداً في تفكير وإضاءة عند الاستنطاق للمفردة.

طاعة ولاة الامر تمام العز

الامر الثالث هو طاعة ولاة الامر، وطاعة ولاة الامر تمام العز، وكلنا يعلم ان الولاة هم محمد وآل محمد ما أمرونا به من خلال الطرق المعتبرة علينا ان نأتمر به ونتقبله، اما ما نهونا عنه وهو امر بطبيعة الحال اما بصيغة الزجر علينا ان لا نقترب منه علينا ان ننأى بأنفسنا مهما زبرج في مظهره الا انه لن يأخذ بنا الا الى حيث الضياع والشتات، آباؤنا، هم اولياء أمر لنا وعلينا ان نعرف ما الذي اعددناه من خطة عمل في التعاطي معهم وهو سبيل النجاح في الحيات والتوفيق فيها ونيل الدرجات العلى يوم القيامة ايضا على اساس من هذا البعد حسابنا هنا بأيدينا، اما حسابنا هناك فمقاليد الامور ليست في ايدينا ايها الاحبة.

استنماء المال تمام المروة

 الامر الرابع عند الامام: واستنماء المال تمام المروة، ايها الشباب الطيب المؤمن الملتزم الواعي المتعلم العارف علينا ان نطرق ابواب المستقبل اما بيد واثقة، علينا ان نمسك في اسباب النجاح اما بخطى ثابتة، علينا ان نستفيد ممن تقدمنا وقطع مسافة في مشوار الحيات في اعلى درجات النجاح، ولدي، اخي: لا تستحيي اذا كنت لا تعرف شيئا ان تتعلم ذلك الشيء، السؤال مفتاح العلوم في امورنا الدينية وامورنا الدنيوية، اليوم نحن نتمتع بحمد الله بشريحة طيبة تقدمت في تحصيلها العلمي حتى نالت الدرجات العلى بهم نفاخر ونرفع رؤوسنا ومرحلة الامتحانات على الابواب فيها تقرير مصير لحيات اجمل واسعد واكمل علينا ان لا نقصر القرآن يقول ﴿وَلا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا[4] الذين يريدون منا ان نبقى رهنا لدائرة ضيقة يرددون كلام المحاسبة للنفس والتفكير فقط بالآخرة! نعم هذا مطلب سامي ودفعت الشريعة في اتجاهه لكن الشريعة التي دفعتنا في هذا الاتجاه هي عين التي تدفعنا في الاتجاه الآخر ﴿وَلا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا﴾ نصيبنا من الدنيا اليوم بحسابات عصرنا الحالي موقوفة عن العلم، موقوفة على الشهادة .. الزمن الماضي قذفنا به خلف ظهورنا لمسافات بعيدة، علينا ان لا نلتفت اليه، لانه لا يعنينا لا من قريب ولا من بعيد، بل عرقل مسيرتها وعرقل الكثير بل اسقط الكثير من مصالحنا اليوم في صفوفنا الاطباء، في صفوفنا الأساتذة، في صفوفنا المهندسون فهؤلاء يمثلون لوحةً جميلة عند الذين يعرفون للعلم قيمته، عند اولئك الذين رأوا ان في العلم مصلحة، اما اولئك الذين ابوا الا ان يتحركوا ضمن حدود دائرة ضيقة مقفلة بمفتاح الجهل او بقفل الجهل بعبارة ادق لم يسعفوا انفسهم ولم ينهضوا بحضهم بل عرقلوا الكثير من المصالح التي ما كان ينبغي ان يقعوا فيها.

الرسول الكريم (ص) يقول: ثلاث من كن فيه أو واحدة منها كان في ظل عرش الله عز وجل يوم لا ظل إلا ظله، لنرى ما هذه الامور الثلاثة؛

الامر الاول: رجل أعطى الناس من نفسه ما هو سائلهم لها

هناك الكثير من الامور يطلب فيها مد يد العون والمساعدة سواء كانت في الامور المادية أو في الأمور المعنوية أو فيهما معا، هذه الامور التي تطلبها من الناس كي تحظى بظل عرش الله كي تحظى بالأمن من الفزع الاكبر عليك ان تخرج من دائرة ان تكون كلا على الآخرين، لماذا الانسان يبقى كلا؟ لأنه لم يدرس، لأنه لم يتعلم، لأنه لم ينفتح على الصحبة الطيبة، وهذا لا يعني ان الذين لم يدرسوا لم يستطيعوا ان يحققوا حيات سعيدة ابدا، هناك الكثير من الآباء لم يدرسوا، لكن احكام الحيات كانت تختلف آنذاك عن اليوم، اليوم بالعلم وبالشهادة قد لا نوفق لحيات سعيدة ولكن نحن في دائرة العذر الواسعة لأننا اعتدنا انفسنا ولم يكتب لنا اما اذا كنا قد قصرنا في تحصيل ذلك فقد اعنا على انفسنا اليوم لا تستطيع ان تطلب وظيفة فيها كرامة النفس وانت لا تحمل شهادة.

الامر الثاني: ورجل لم يقدم رجلا ولم يؤخر أخرى حتى يعلم أن ذلك لله فيه رضى أو سخط

 لنرى ايضا هذا الشخص الذي يخرج من بيته ويريد ان يذهب الى مكان الاستراحة الفلاني،‌ لماذا هو ذاهب اليه وهل لله رضا فيه ولنفسه صلاح ام لا؟ لان الانسان على نفسه بصير وهو ابصر بحاله.

الامر الثالث: ورجل لم يعب أخاه المسلم بظهر الغيب حتى ينفى ذلك العيب من نفسه فإنه لا ينفى منها عيبا إلا بدا له عيب وكفى بالمرء شغلا بنفسه عن الناس.[5]

نحن اليوم وضعنا كيف هو لنرى، هو مقصر مع نفسه لكن لا يرى الا ان فلان مقصر وفلان.. هذا الشخص لم ينفع نفسه ينبغي ان يعمد لنفسه ويفتش عن العيوب والخلل كي يصلحها قبل ان يلقي بتبعتها على الآخرين هذا شيء مهم، هذا الانسان علاقته مع الناس سيئة بل حتى مع اهله ناهيك عن باقي الناس هو لا يمتلك علاقة حسنة طيبة مع الآخرين لذلك يحاول ان يشكك في الامور لينأى بك عن دائرة الاصلاح من الداخل، ايها الاحبة نحن اليوم في مسيس الحاجة كي نغربل وضعنا من داخلنا نحن لا نحتاج كثيرا الى المرشدين من الخارج بقدر ما نحتاج الى تفعيل النفس والى الموازنة في ابعادها، النفس بقدر ما هي امارة بالسوء، بقدر ما هي طموحة الى الخير، فلماذا نغلب جانب السوء على الخير فيها؟ ﴿وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ[6] اذن الأمور بأيدينا، المفاتيح بأيدينا، فانتم شباب طيب، مبارك يراهن عليه بكل صغيرة وكبيرة، عليكم ان لا تقصروا في انصاف انفسكم من انفسكم، الامور في ايديكم، القدرات والامكانيات متاحة لكم، خذوا بالمجتمع الى ما هو الاجمل، نحن واياكم بضيافة المعصومين عليهم السلام، جمعنا الله واياكم على مائدتهم، افادنا الله واياكم بنور علومهم، شدد الله اخلاقنا واخلاقكم بطيب سلوكهم، انه ولي ذلك، اشكر الاخوة الذين سنحوا لي فرصة المثول بين ايديكم، اشكر لكم هذا الاصغاء وهذا التوجه واطلب منكم الدعاء، لا تنسونا من الدعاء ليمنّ الله علينا وعليكم بالصحة والعافية ان شاء الله، ويمن على المرضى بالشفاء وان يرحم جميع من ذهب من شيعة أمير المؤمنين الى عالم الخلد، لارواحهم جميعا نهدي لهم سورة الفاتحة مسبوقة بالصلوات.