نص كلمة بعنوان: الهداية من الله وقوامها مجاهدة النفس

نص كلمة بعنوان: الهداية من الله وقوامها مجاهدة النفس

عدد الزوار: 585

2013-12-19

لمحة توضيحية حول معنى الهداية والجهاد

وجد الانسان في هذه الحياة ولازمه البحث عن المجهول، وهذا البحث يتطلب جهدا، لذلك هو يجاهد من اجل استكشاف ذلك المجهول. الهداية بمنطوق الآية من الله، لكن الجهاد وهو بذل الجهد هو مرتبط مباشرةً بالإنسان نفسه اذ عليه ان يبذل جهوده بقدر المستطاع حتى يصل من وراء ذلك الجهد المبذول الى الهدف والغاية التي جاء الانسان من اجلها واوجد الانسان من اجلها على وجه الارض تارة لعمارة الارض حيث قال الله عزوجل: {إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً}[2] والهدف هو الاعمار، وتارة ما وراء هذا العالم وماوراء هذا العالم هو الا محسوس والا مدرك بواحدة من الحواس الخمسة بل ولو اعمل الانسان ذهنه في حاسة وراء هذه ايضا لا يستطيع وان كان العلم استكشف اليوم ان الحواس المسخرة لصالح الانسان اكثر من خمسة لكن ثمة شيء وهو ان الغشاوة التي على بصر الانسان والتي احيانا ايضا تنعكس على بصيرته بحيث يكون في وضع لا يتبصّر الاشياء يوم القيامة {فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ}[3] يرى ما وراء الطبيعيات حينذاك السواتر المادية لا تشكّل عائقا له هناك يقف على حقائق الامور وهي في النهاية {وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ أَكْبَرُ}[4] يعني اكبر مما تصورنا واكبر حتى مما اخبرنا جنات عرضها السموات والارض[5] وما فيها من الامور التي يستهويها الانسان بطبعه التكويني المادي في اغلب الاحيان وتميل اليها نفسه الاسيرة ضمن حدود هذه الدنيا المادية يوم القيامة تجرد ثم صب في قالب اخف من هذا القالب الذي نحن فيه، يرى لكن لا بالباصرة التي كان عليها، يسمع لكن لا بالسامعة التي يتحكم فيها اليوم، فما بالك بما هو مكتنز في داخل ذلك الانسان ألا وهي القوة المدركة اذا شاء الله سبحانه وتعالى وكنا في خدمتكم في الاسابيع القادمة بشرط الحياة نبين اهم العوامل التي يدخل فيها الانسان في دائرة عدم وضوح الرؤيا قسم منها في اصل التكوين قسم منها بعد الولادة والتكون هذه انشاء الله نشير اليها في وقتها.

ليس للإنسان الا ما سعى

 ان الانسان مادام لديه هدف ويشخص ان له في الحيات هدف فعليه ان يؤمن او يبذل جهده في اقصى ما يمكن حتى يصل الى ذلك الهدف لماذا؟ لان ما نتمتع به اليوم الذي نعيشه هو في ايدينا وما جاوزه ليس بأيدينا أي >لا تؤخر عمل اليوم الى الغد<[6] فعمل اليوم هو العمل الحاصل ظرف الزمان الذي تعيشه هو الذي تتقلب فيه وان كان الانسان بأمله وان كان رغبات الانسان لا تحد بالساعة التي يعيش فيها بل من الأمل ما يكون مفرطا حتى ينسي ويشغل الانسان عن الدنيا والآخرة بالنتيجة الجهد مطلوب مادام الانسان يتمتع بالقوة الجسدية مادام الانسان في حالة من الفراغ الكافي مادام الانسان امامه الامور مسخرة كلما يريد ان يتوصل من خلاله الى الهدف اصبح اليوم متاحا امام الكبير والصغير والقريب والبعيد لم يعد محذورا على احد بإمكان الانسان ان يتطور، الهداية من الله سبحانه وتعالى مشروطة ببذل الجهد اذا الانسان لم يبذل جهدا لا يكون هذا الانسان من حقه المستحق على الله سبحانه والله وتعالى ان يبعثه في اتجاه الهداية، فاذا كان هناك انسان جالس في بيته ويريد ان يطور قدراته العلمية وان يبذل جهدا، ان يخرج من بيته كي يراجع دائرة، ان يرتب الاوراق يلاحق القضية هنا وهناك كي يصل الى نتيجة، في غير هذا لا يصل الى الهدف، كذلك مثلاً طالب العلم اذا اراد ان يتقدم في تحصيله ومدركاته العلمية ويوسع من مدركاته الثقافية ايضا عليه ان يقرأ اما ان يبقى جالسا واضعا يد على يد ويريد ان يتقدم ويتطور ويؤخذ المجتمع معه ايضا الى مدارج الكمال والتقدم هذا ايضا لا يمكن ان يحصل لا يأتي الشيء بالباردة الهاينة، هناك مشكلة باتت اليوم تعشعش في ذهنيات البعض من الناس يقول: لماذا اكلف نفسي ولماذا ابذل جهدا مادام ابي وفر لي جميع الامور فلا داعي ان اتعب نفسي! فكما انك محكوم بزمن فالاب ايضا محكوم بزمن، فعلى فرض ان هذا الانسان عاش مدة طويلة من قال ان النعمة التي بين يدي تبقى محفوظة اسباب زوال النعمة ليست اقل من عدد اسباب تحصيل النعمة! لأتفه سبب الانسان يصبح ويمسي فيرى الامور مقلوبة لا يوجد شيء ـ الله يجيرنا ويجيركم ـ قد يبتلى الانسان بمرض في نفسه او في احد افراد في عائلته سوف يذهب كل الجهد، يبتلى الانسان بظالم يصادر ما حوله وما دونه، يحصل له جار متعدي وهكذا الامور حوادث الدنيا كثيرة جداً؛ فبالنتيجة لا يمكن للانسان ان يراهن هو عليه ان يبذل جهداً ليصل الى حياة كريمة اذا كانت حياة الاب كريمة ان يصل هو ايضا الى حياة تتصف بصفة من الكرامة بل اكثر واكثر مما كان عليه الاب، هذا مطمح الاب، هذه فرحة الاب، هذا برهان ساطع على ان الاب حقق نجاحا في بناء ولده بناء صحيحا بحيث وصل الى خطوات متقدمة على ما كان عليه.

توأمية طموح الابناء ومسايرة الآباء

 هناك قصة تذكر يقال بان المحقق  الحلي في حداثة سنه وهو احد مراجع واساطين التأليف في الطائفة ومتقدم في فكره، الشيخ المحقق  طبعا هو الذي انتقلت المرجعية من النجف الى الحلة بسببه أي بسبب وجوده لعلمه وثقله وكيانه، الشاهد هذه بدايات حياته، ابوه من العلماء الاب يسأل من ولده حتى يغرس فيه الطموح الكبيرة يقول له: ولدي ما تطمح ان تكون؟ منتهى مدركاتك ما هي؟ قال له: ان اصبح كما انت عليه اليوم. يعني انسان عالم، الناس تحترمه، تسأل منه، تعطيه وتأخذ منه وما الى ذلك يعني بهذا المقدار فما قال له ابيه؟ قال له: اذاً لن تصل؛ فاذا كان هدفك ان تصبح مثل ابيك فلن تصل الى هدفك! قال له لماذا؟ قال لانه انما وصلت انا الى ما وصلت اليه لان مطمحي كان فيما يمكن الوصول اليه من صفات الكمال الموجودة في الامام الصادق عليه السلام! انظروا الى هذه الهمة الى اين ذهبت هو يعرف جيدا انه لا يصل الى تلك المرتبة لكن يقول اريد ان اصير نموذجا قريب من هذه الذات المقدسة حتى اصبح انا مطلع للامة فانت تريد ان تصبح مثل ابيك، ماذا ستكون؟ اضافة لذلك فان ابوك من زمن معين غير زمانك انت اتيت من زمن ثاني وجيلي غير الجيل الذي سوف تفد عليه، والجيل السابق ما كان يطلب اكثر من الذي تعلموه اما جيل اليوم بات يتطلب الاكثر والجيل القادم راح يطلب اكثر يعني انت عندما ترجع الى خمسين سنة قبل كم كان عندنا خريج ثانوية في الحليلة؟ قبل خمسين سنة او ثلاثين سنة كم كان عدد خريجي الجامعة؟ اليوم الدنيا كيف اصبحت؟ اليوم الجامع كيف هو؟ اذا كنت تنخل الجامع تذهب يمين يسار ما تستطيع ان ترى افراد وصلوا الى درجات عالية من العلم! لكن اليوم المسألة بالعكس المعادلة صارت مقلوبة الذين لا يمسكون بدرجات تحصيل علمي متقدم قلّة. الاب في البيت هو لم يكمل الصف السادس او لم يكمل الثالث متوسط لكن عمل والله سبحانه وتعالى فتح عليه فيما يتناسب مع تلك المرحلة فاصبح ما اصبح؛ لكن اليوم حتى الذي لديه شهادة ثانوية قد لا يقبلونه بعنوان بياع بسيط! مع احترامنا للكسبة انا اسأل هل يقبلونه؟ لا! لا يقبلونه، اليوم يأتي الى المسجد ويأتي الى الحسينية طبقات مختلفة من الناس لا يمكن ان تستصغر عقولهم ولا يفيد ان تستصغر عقول الناس. ان فكر من تقدم من العلماء ايضا كان يتناسب مع حاجة قلة محدودة من الناس كان فيما يستوجب ان يلبي من الطلبات وتبقى البقية من علمه مكتنزة في ذاته حتى يشيع الى قبره، كنا نحن نطرق بابه على مسألة لكن اليوم الحساب غير حساب بناءا على هذا على المتحدث ان يقرأ جمهوره قراءةً صحيحة اذا ما كان يقرأ جمهوره قراءة صحيحة لا يستطيع ان يوصل الى نتيجة مرضية قد يكون انت اليوم في هذا المجلس يكفي ان تقدم كلمة اخلاقية ارشادية وعضية يكفي لان في المجلس اناس يكتفون في القصص والحوادث يعني مجموعة من ناس جالسين للبركة يعني اكثر من هذا لا يوجد شيء آخر لكن هناك مجتمع لا يقول: انا اريد زاد، اريد ان اصل الى نهاية.

فخلاصة ما تحدثنا فيه هو ان على شبابنا ان لا تقتصر هممهم عما يطمحون، وعلى اولياء الامر ان يساعدوا ابناءهم على تحقيق ما يطمحون هذا توأمية لابد منها الولد لابد ان يكون لديه طموح عالي الاب لا يقف حجر عثرة امامه بل له ان يدفع ذلك الولد الى الامام سوف ياتي علينا زمان الشهادة الجامعية تصبح مثل شهادة المتوسطة يقل مستواها لابد ان تكون ماجستير يعني بكلورية لا تفيد سوف ياتي جيل اذا عشنا وسوف تقولون بان السيد قال يوم من الايام في الحليلة هذا الكلام ياتينا جيل اصلا شهادة الماجستير لن توفر له فرص عمل بل لابد ان يحمل شهادة الدكتوراه فقد يقبلونه والا يصبح جندي مكلف او حارس على بنك أي اعمال من هذا النوع يعني في هذا الزمن لماذا يتراجع البعض من الناس؛ لان الصورة ضبابية امامه اذا كنا موجودين في الاسبوع القادم وكنا في الخدمة انشاء الله سنبين ما هي العوامل التي تشترك فيما بينها وتجعل شبابنا ما يتقدم اكثر رغم ان الامور بين يديه مبذولة وبصورة كثيرة.

اتذكر ذكرت مرة في جامع الامام الحسين ان احد حراس الجامعات اصبح الآن يهيئ لرسالة الدكتوراه لماذا؟ لأنه التفت الى نفسه ذهب ودرس في المدارس الليلية وطور نفسه فوصل الى ما وصل اليه! هل يوجد شيء فوق هذا! وفقنا الله واياكم.