نص كلمة بعنوان: النبي صلى الله عليه وآله مبشراً ونذيراً

نص كلمة بعنوان: النبي صلى الله عليه وآله مبشراً ونذيراً

عدد الزوار: 415

2014-01-31

الاشتراك الموجود بين النبوة والامامة في العطاء والهداية

من المعروف أن المناسبة قرنت بين المولدين الشريفين الرسالة، النبوة والتي تتمثل في النبي محمد (ص)، الإمامة وتتمثل في حفيده الامام الصادق عليه السلام، وعندما نمعن النظر نجد أن مجموعة من النقاط تولّد اشتراكاً بين الرسول (ص) في عطائه وفي هديه، وبين الإمام الصادق عليه السلام، اللهم الا ثمة شيء من المفارقة يكمن أن في النبوة، الرسالة، يوجد اتصال بالله سبحانه وتعالى عن طريق الوحي المباشر بينما في الثاني أي في الإمامة الارتباط المطلق عبر الطريق المعصوم المتمثل في المعصوم نفسه في الصادق المعصوم عن أبيه الباقر المعصوم عن السجاد المعصوم عن السبط الشهيد المعصوم عن الامام المولى علي عليه السلام عن رسول الله عن جبرائيل عن الله، بالنتيجة نقطة الإشراك الوحيدة هنا بالواسطة وهناك بالمباشر وضع الرسالة عند النبي (ص) القرآن يقدمه ﴿هُوَ الَّذى اَرسَلَ رَسولَهُ بِالهُدىٰ و دينِ الحَقِّ لِيُظهِرَهُ عَلَى الدّينِ كُلِّهِ و كَفىٰ بِالله شَهيدا[1] إذاً وضع الرسالة بالنسبة للنبي (ص) هو الإبلاغ أن يوصل خطاب السماء لبني البشر طبعاً الطريق لم يكن معبّداً، لم يكن سالكاً، وإنما كان وعراً إعترضته الكثير من العقبات لكنه ذللّها، كل تلك العقبات الذي طرحوها لم تتمكن إن تحد وتقف امام الإسلام على يد رسول الاعظم (ص)، طبعا الرسول في هذه المرحلة دفع الشيء الكثير مع عتاة قومه اشترك أصلا في أذية النبي الرجال والنساء الكبار والصغار، حيث كانوا يرشقونه بالحجارة إذا خرج من بيت الله الى بيته يرشقونه بالحجارة ويطرحون في طريقه الشوك كي يدمي إقدام النبي (ص) بل لم يكتفوا بهذا كان اذا ما سجد عند الكعبة المشرفة يأمر ابو جهل غلامه ان يضع الروث على ظهر النبي (ص)[2] كان النبي دائما يتمتم: اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون[3] كان يطلب المغفرة لهم لماذا؟ لانه هو أصلاً رسول الرحمة. النبي (ص) أيضا في هذه المرحلة مرحلة ايصال الرسالة انتقل معه الامة من مرحلة الاذية على اساس من المورد المادي الى المورد المعنوي المورد المعنوي أكثر فتكاً وغلظة وتأثيرا، حيث يقول امير المؤمنين علي عليه السلام: ضرب اللسان أشد من ضرب السنان[4] والشاعر يقول ايضا: ضرب السنان له التآم ولا يلتئم جرح اللسان؛ يعني مرة انا اضرب شخصاً أو شخص يعتدى عليّ مع مرور الايام الجروح تلتئم لكن اللسان اذا صدر منه شيء يصعب تلملم جراحه لذلك نرى ان المجروح بالكلام ربما يورث ذلك الجرح لذريته العكس من ذلك اذ ان في الضرب يكون الأمر هكذا: اما ان يأخذ الانسان بحقه، او يسقط حقه، في الجانب المعنوي حتى لو اسقط الحق يبقى له الاثر في النفس، النبي (ص) اسقط الحق له وهو الحق الثاني وعندما يسقط النبي الحق فاسقاطه للحق يختلف عن اسقاطي واسقاطك للحق، النبي (ص) عندما فتحت له مكة ووقف على الابطح منها و قال كلمته المعروفة: انتم الطلقاء[5] رغم ان القضية لم تكن سهلة يعني جدا غير سهلة، فالنبي (ص) كان في رسالة لابد وان تصل للأمة فوصلت.

تأصيل الاصول

 الامام الصادق عليه السلام ايضا هو على نفس المسير؛ لان النبي اولى (ص) أودع العلوم والمعارف لعلي  عليه السلام الامام علي حاصرته الظروف ابتسم له الدهر خمس سنوات ابتسامة غير مرضية غير مقنعة غير كافية رغم ذلك تحرك في ظلها الإمام علي عليه السلام فتح كوة من ابواب تلك المدرسة منها تسربت بعض العلوم والمعارف التي تستنير بها الدنيا اليوم رغم ايضا ان الامام علي عليه السلام واجه ما واجه، ثلاث حروب طاحنة اتت على القراء وحملة الحديث والصحابة المقربين من النبي (ص) الذين تناط اليهم المسؤولية، لذلك الحروب الثلاثة بقدر ما هي حرب على الامام علي عليه السلام هي حرب على الاسلام وان كنا لا نعتقد بالاسلام الا اذا كان الاسلام هو علي، الا اذا كان الاسلام هو النبي محمد (ص)؛ لان النبي وعلي هم من نفس واحدة ونور واحد انا وانت يا علي من نور واحد[6] القرآن يصرح ﴿اَنفُسَنا و اَنفُسَكُم[7] فالمؤامرة على علي هي مؤامرة على الاسلام، الامام الصادق عليه السلام لما وجد الفرصة سانحة في ان يبث العلوم ويمضي بها الى المساحات البعيدة نهض بالمسئولية، ربى جيل طويل عريض، العناوين الآن تغيرت، عناوين العلوم قبل وفي زمن الامام الصادق عليه السلام ما كان يعبر عنها  كما يعبر عنها اليوم بالأكاديمية الموجودة هي العلوم العقلية في التقسيم الديني يعني جدا قليلة وخجولة في الاصول تتحرك اما على مستوى الرياضيات والنجوم والفلك والفيزياء والكيمياء وما الى غير ذلك فهذا ما كان موجود قبل الامام الصادق عليه السلام الامام الصادق عليه السلام أصلّ لهذه العلوم، اصلاً رسائله موجودة الى اليوم في امهات الجامعات الكبرى عند الغرب اتباع الامة الاسلامية فرطوا في موروث الامام الصادق وفي تفريطهم في ذلك فرطوا في الاصل وهو موروث النبي (ص).

 

النبي (ص)؛ مبشرا ونذيرا

 الجهة الثانية هي جهة الإنذار بقدر ما كان النبي يبشر بقدر ما كان هداية كان منذر يعني كان يحذر من عواقب الأمور سواءً كان عواقب الامور في الدنيا على فرض انقلاب على الحق والحقيقة والاسلام المحمدي الاصيل او كان بعد هذه النقلة يعني عالم الآخرة ايضا كان النبي يحذر الامة من غوائل عالم الآخرة ،لان عالم الآخرة عالم مخيف يعني لا يتصور احد ان الطريق معبّد وعلى جانبيه الزهور! هذا اذا خرج الانسان على الولاية لعلي عليه السلام، اذا قام بما الزمه الشارع المقدس له في دائرة الواجب واذا ابتعد عن دائرة المحرم وإلا الامر مهول جداً في الحديث الشريف عن الامام الصادق عليه السلام قال: والله ما أخاف عليكم إلا البرزخ،[8] البرزخ شيء مخيف يعني مرحلة يبقى الواحد منا في القبر سنة، عشر سنين مائة سنة الف سنة مليون سنة لا ندري هذا هو حساب رب العباد الزمن بيد رب العباد، هذه الفترة قاسية، القيامة أيضاً قد تكون اذا كان الإنسان في برزخه لم يستوفي ما يصفي به الحسابات يوم القيامة أيضاً لا يفعل هذا، فإما أن تدركه الشفاعة الكبرى أو الشفاعة الصغرى وهذه لها أيضاً مقدماتها الدنيا مقدماتها كون الإنسان يقوم بها لذلك بقدر ما هداهم، بقدر ما حذرهم من تنكب الطريق عن إدارة الظهر، فاصحاب النبي كثيرين لكن الذي ثبت يختلف عمن لم يثبت، أيضاً ﴿و ما اَرسَلنـٰكَ اِلّا كافَّةً لِلنّاسِ بَشيرًا و نَذيرًا[9] أيضاً تصب في هذا الاطار النبي ليس فقط للعرب، النبي للعرب والعجم، للأبيض والاسود، للشرقي والغربي والشمالي والجنوبي رسالته للجميع، لماذا لم تصل الرسالة للجميع؟ لأن الأمة لم تنهض بأعباء الرسالة، لم تقم بأداء دورها كما ينبغي بالتعاطي مع هذه الرسالة الشريعة المقدسة لذلك ضاعوا وضيعوا من وراءهم لم يكتفوا بضياع أنفسهم بل ضيعوا أيضاً الجماعة الذين اعتقدوا فيهم وساروا على طريقتهم أيضاً النبي (ص) السماء تقول له بعد ان تؤدي هذه الأمور معهم فبالنتيجة هي وحدة من الاثنين إما أن يتبعوا أو لا يتبعوا، فان اتبعوا فان المراد والغرض قد تحقق من وراء الرسالة وإذا داروا ظهورهم لك يا رسول الله ولو بعد حياتك فانت قمت بالمسؤولية أنت خرجت منها أنت في سعة واسعة من العذر أنت في حل مما هم فيه ﴿فَاِن تَوَلَّوا فَقُل حَسبِى اللهُ[10] هذه النتيجة  ماذا افعل لكم.  مختصر ما قام به الأنبياء من الهداية سراً واعلاناً ليلا ونهارا النبي قام به حتى جسده الشريف عرّضت الى مخاطر حيث كسرت رباعيته و... بعض الروايات تقول بانه (ص) في بعض الحروب كسر له ضلع[11] فهذه الاشياء موجودة بالنتيجة هو ضحى، الزهراء عليها السلام كانت تميط الاذى  عن رسول الله  وكانت تغسل الدم العالق في وجهه الشريف بسبب الضرب وغيره يوم احد[12]، النهاية ﴿حَسبِى اللهُ لا اِلـٰهَ اِلّا هُوَ عَلَيهِ تَوَكَّلتُ و هُوَ رَبُّ العَرشِ العَظيم﴾ وكان النبي (ص) يتحرك في هذا الاتجاه ويسعى من اجل تخفيف الأذى، ما هي مسئولياتنا في زمن الغيبة وفي ايام ذكرى المواليد؟ مسؤولياتنا باختصار جدا هي أن نقترب من النبي وآل النبي (ص) كيف نقترب؟ هم الأدلاء على الله، مفتاح القضية، التعرف عليهم لا يمكن ان تطلع مناسبتهم ونحن لم نتعرف علي شيء من حقيقتهم النورانية او من عطائهم الأقدس. نسأل من الله سبحانه وتعالى أن يجعلنا وإياكم في زمرة العارفين بهم والسائرين على نهجهم والمتمسكين بسنتهم الطاهرة المطهرة. نسأل من الله سبحانه وتعالى ان يشفعهم فينا وان يثبتنا على ولاية محمد وآل محمد. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.