نص كلمة بعنوان: النبي الرحمة المهداة للعالمين

نص كلمة بعنوان: النبي الرحمة المهداة للعالمين

عدد الزوار: 483

2013-11-06

النبي رحمة للعالمين

فقد بعث النبي (ص) للامة رحمة، ورحمته صلوات الله وسلامه عليه على الامة متعددة الجوانب لا يمكن حصرها في جانب واحد. واحد من هذه الجوانب كون الرسول الاعظم خاتم الانبياء بين اوساط هذه الامة هو في حد ذاته رحمة لأن النبي وصف في ذاته على انه رحمة ورحمة للعالمين كافة ويخطئ من يحاول أن يختصر النبي (ص) ضمن حدود ضيقة.

احدهم يدخل الى البيت الحرام ورسول الله (ص) يتنفل في مقام ابراهيم، ولما فتل النبي من نسله رفع الاعرابي كلتا يديه وقال اللهم ارحمني وارحم محمد ولا ترحم احد سوانا، التفت اليه نبي الرحمة بكل رحمة وشفقة ورفق، لانها تربية السماء وقال له: لقد بخّلت كريماً. [راجع: تفسير نور الثقلين، ج 2، ص 77]

هنا، لاحظ العبارة كيف أنها سلسة ومرنة وقادرة على ان تتسلل الى جميع جوارح قلب ذلك الاعرابي عندما قال له النبي (ص): لقد بخلت كريما.

الرحمة الثانية الرسالة التي جاء بها النبي الاعظم محمد (ص) وهي الرسالة التي امتازت عن غيرها مما تقدمها من الرسالات بصفة السماحة، الرسالة السمحة ليس في تكاليفها ما يشق على الانسان حتى في وقت النبوة. بسم الله الرحمن الرحيم: {طٰه٭ ما اَنزَلنا عَلَيكَ القُرءانَ لِتَشقىٰ} [طه: 1ـ2.]، فرفقاً بنفسك يا محمد.

صبر أهل البيت عليهم السلام

فعندما كان يتبتل (ص) وهو الذي يفرط طرفاً طويلاً من الليل قياما وقعودا وركوعا وسجودا وخضوعا وخشوعا اتحاداً تقربا الى الله سبحانه وتعالى، ايضا الرحمة متمثلة في آل بيت النبي محمد صلوات الله عليهم ايضا هم وجودهم رحمة، عطاءهم رحمة حتى صبرهم على الاذى رحمة بالامة.

لذلك عليكم أن تصوروا لو ان الزهراء لم تتحمل الصبر بعد النبي ما عسى ان يحصل في هذه الامة ولهذه الامة؟

ولو ان الامام علي عليه السلام، لم يتحل بالصبر في المواطن التي تنهد لها الجبال الرواسي ما عسى ان يحصل لهذه الامة؟ التي يفترض ان تكون مرحومة بمحمد وآل محمد صلوات الله عليهم.

قد تجلى صبر اهل البيت عليهم السلام في واحدة من اكثر الزوايا ضيقاً وحرجاً، في كربلاء، حينما تدخل زينب (سلام الله عليها) على الامام الحسين عليه السلام وهو يبكي فتقول له: يا بن امي ما الذي يبكيك؟ قال والله ما على نفسي بكيت ولكن على هؤلاء القوم يدخلون النار بسببي او بعبارة ادق، لسببي، أنظر الى الصبر والتحمل والادب الذي صب عليهم، أو العبائر التي لا توفي بيان جزء قليل جدا جدا منه.

لنرى الشعراء ما اذا يقولون فهم أكثر من يتغنون بهذا الجانب:

صبت عليَّ مصائب لو انها صبت على الايام ... الى آخره [المناقب لابن شهر آشوب، ج 1، ص 242]

هذا ليس بشعر الزهراء هذا على لسان الزهراء (سلام الله عليها) اما الشاعر فانه يتناهى في حالة الاشراق بحيث يجري على لسانه ما يجري على صاحب المصاب والناس مختلفون في ذلك فكل بحسبه ومحمد وآل محمد لا يقاس بهم بشر كائنا من كان من تقدمهم او من تعقبهم.

ولكن في زاوية من الزوايا يمكن للانسان ان ينقّي داخله او يصفي ذاته لكي يقترب من مساحتهم ويحظى بلطف الاشراق، فعندما تتسلل هذه الاشراقة اللاهوتية الى قلب هذا الانسان بعد التزكية، يجري على لسانه ما يتوافق ومعطيات مدرسة اهل البيت عليهم السلام. من النبي محمد ومرورا بالائمة المعصومين (عليهم الصلاة والسلام) وتختتم السلسلة النورانية بالخلف الباقي من آل محمد، وهي عبارة عن منظومة واحدة بدؤها ووسطها ونهايتها واحدة.

 

المحبة العملية لاهل البيت عليهم السلام

الحديث الشريف يقول: الائمة بعدي من عترتي بعدد نقباء بني اسرائيل، [راجع كتاب الخصال، للشيخ الصدوق، ج 2، ص 467] والرواية لم يتفرد بها الشيعة وانما يشاطرهم فيها اتباع المذاهب الاسلامية الاخرى ايضا يرون هذه الرواية في مدوناتهم.

وحواري بني اسرائيل من احبهم فهو مؤمن، فمجرد الحب يدخل الانسان الى حظيرة الايمان بالله سبحانه وتعالى كيف اذا سار على نهجهم وتمسك بعروتهم وحاول أن يجسد اقوالهم وهديهم، سلوكا عمليا في الخارج فهذا منتهى واجلى مصاديق المحبة لهم.

فاذا احبهم الانسان اخذ بقولهم وجسّده عملا واقعياً في الخارج. يعني اذا ما ادعى احداً وقال: انا من محبي اهل البيت عليهم السلام، ويكذب فهذا لا يصح. فالانسان عندما يقول انا محب لاهل البيت وسائر على نهج اهل البيت وارفع لواء مدرسة اهل البيت، ثم يكون سلاحه البهتان والحقد، ويتسلح به في كل مكان؟ فهل هذا يجوز؟ واحيانا تحدث مثل هذه الامور حتى في محل العبادة كالمسجد او الحسينية، فهل يصح ذلك و يتوافق؟

فسلمان عندما يقال إنه منا او عمار منا او مقداد منا [راجع: كتاب الاحتجاج للطبرسي، ج 1، ص 260] هذه ليست اضافة عبثية من الرسول (ص)، لانها جرت على لسان معصوم، فلما النبي يقول سلمان منا اهل البيت معنى ذلك ان سلمان دخل في المنظومة قولا وعملا وان سلمان فارسي وعمار ايضا من فلان بلد ومقداد من فلان قبيلة وكذلك جابر وما الى غيرهم، فهم يضافون الى اهل بيت النبوة اضافة من حيث العمل ومن حيث الصدق والواقع.

ولنذهب الى الامام الصادق ونرى ماذا يقول؟ شيعتنا منا [بحار الانوار، ج 53، ص303] يعني انا اقول فلان من شيعتهم فلان من شيعتهم فلان من شيعتهم، إذن ماهي صفة التشيع حتى الانسان يدخل في هذه المنظومة؟

هل من صفات المدرسة الشيعية الغدر؟ حاشا لله وكلا! والا لكان بمقدور مسلم بن عقيل ان يقتل ابن زياد وتنتهي الدعوة فلا اول ولا نهاية لها. ولكن بعد ذلك ترى ماذا سيحل في الدنيا؟

لذلك يقول له هلاّ قتلته وقد امكناك منه؟

يعني يعيّر مسلم بن عقيل. هل هناك من يعمل معروفاً، معروف جميل لكن يتبعه مناً واذاً عمل لك عملاً فيه نتائج طيبة، فسوف لا تخلص منها الى يوم الدين.

ففي كل مناسبة يتكلم عما فعله أو عمله لك، وأين يذهب أو يكون يقول أنا خلصت له مشكلته. هذا لا يجوز، إجعل عملك وإنجازك لأعمال الآخرين، بينك وبينهم، وبينك وبين الله، فقط.

فلما يقول فلان منا، هذا يعني أنه على طريقتنا وعلى نهجنا وعلى هدينا يسير انسان التكاليف الشرعية ما تعني من قريب ما تعني من بعيد يقول انا والله شيعي موالي. هذا ليس بصحيح فيقول انت كيف ولماذا؟ فنحن امكناك. يقصد ابن زياد.

أنظر ماذا يقول له، فهو المتربي من مدرسة اهل البيت يقول له قيدنا للايمان، فأنا أستطيع أن ابطش أستطيع أن اقتل، لكن الرسالة لا يكون لها مصداقية في وجداني وانا ابحث عن المصداقية ما ابحث عن الشكليات، فهذا لا يفيدني. إذا قال الناس إن مسلم بن عقيل تمكن من ابن زياد في بيت هاني بن عروة وقتله والنتيجة ماذا ستكون؟ يقولون لقد تواطأ هاني بن عروة ومسلم بن عقيل وتآمرا على ابن زياد وقتلوه.

وفي الآخر يصبح ابن زياد مظلوم ويصبح مسلم بن عقيل ظالم ويصبح هاني غدار، فهل يجوز ذلك؟

إن القيم والمثل عكس ذلك تماما، فنحن عندما نقدس اهل البيت، عندما نقدس الصحابة الملتزمين بنهج اهل البيت، عندما نرفع من شان علمائنا الذين نذروا انفسهم لايصال مدرسة اهل البيت لايتام مدرسة آل محمد، انما نقدس فيهم الجوهر وليس الشكليات، لأنهم يعنون شيئا يحمل في طياته اكمل قيم واعلاها وارفعها.

ذلك الانسان يعيش ذكرياتهم ويهتدي بهديهم فمن احبهم مؤمن ومن ابغضهم فهو منافق. هذا ليس كلام من عندنا، فمن ابغضهم منافق، فأحيانا الواحد يجاهر به يعلن واحيانا يمارسه من حيث لا يشعر. فهذا موجود. النبي (ص) يقول إنهم حجج الله في خلقه واعلامهم في بريته هذا الحديث مذكور في كتاب كفاية الاثر صفحه 166وهذا الكتاب يعتبر من كتب العامة.

أنا منذ فترة كنت انادي بشيء واطالب به منذ كنت في حوزة قم قبل النزول الى البلاد، أقول في هذه المناسبة رحم الله آية الله العظمى سيد مرتضى الفيروزآبادي، حيث جمع مجموعة من الاحاديث في سفره العظيم حول الاشباح الخمسة سلام الله عليهم من خلال الصحاح الستة، إنه كتاب في منتهى الروعة، كذلك العلامة المحقق السيد مرتضى العسكري في معالم المدرستين، ايضا فتح فتحا كبيرا لهذه الطائفة.

هل بعد ذلك هناك من يتصور ان احد فقط من خلال قناة أو قناتين ممكن أن نعرف مدرسة اهل البيت؟ لا. فعلماءنا الذين مضوا مهّدوا لنا، ولو لم يقوموا بذلك الدور لما استطاع احد منا اليوم، ان يقدم هذا القدر الرفيع من الثراء والتصحيح لكثير من الاعوجاج.

فترى علمائنا الذين مضوا قد اسسوا لنا، حيث اليوم يفرعون علماء دور علماء اليوم بالنسبة العلماء الماضي بعلمائنا. فدور الائمة عليهم السلام بالنسبة لدور النبي الذي هو الأصل، أنهم يفرعون علماءنا الذين مضوا من الصدوق والمفيد والكليني والطوسي والحليان والشهيدان والفاضلان والشيخ الاعظم و سيد الطائفة ايضا هؤلاء اسسوا لجيل اليوم الذي يقدم هذا العطاء المهم اليوم في مرحلة صعبة وحرجة ما لم ياخذ الالتزام والاحتياط فيها في الارض، فالعواقب سوف تكون وخيمة جدا. نسال من الله سبحانه وتعالى ان يجعلنا واياكم ممن يذوب في اهل البيت حبا وشوقوا وولاء مع مصداقية لهذه الدعوى وفقنا الله والسلام