نص كلمة بعنوان:المناسبات بين العادات العرفية والاحكام الشرعية
بسم الله الرحمن الرحيم
وصلى الله وسلم على اشرف أنبيائه ورسله حبيب اله العالمين أبي القاسم محمد، صلى الله عليه وآله الطيبين الطاهرين ثم اللعن الدائم المؤبد على أعدائهم أعداء الدين
﴿رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي * وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي * وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسَانِي * يَفْقَهُوا قَوْلِي﴾[1]
اللهم وفقنا للعلم والعمل الصالح واجعل نيتنا خالصة لوجهك الكريم يا رب العالمين
جاء في الحديث الشريف عن الإمام الخلف الباقي من آل محمد: «ولو أن أشياعنا وفقهم الله لطاعته على اجتماع من القلوب في الوفاء بالعهد عليهم لما تأخر عنهم اليمن بلقائنا، ولتعجلت لهم السعادة بمشاهدتنا...»[2]
دور الانسان المؤمن في تعجيل فرج الامام (ع)
ايام قلائل تفصلنا عن ذكرى ميلاد الحجة بن الحسن (ع)، الإمام المفترض علينا طاعته في عوالم غيبه وحضوره، الكل يدعوا له بالفرج فهل دعى كل واحد لنفسه ان يكون من العوامل المساعدة على تعجيل فرجه؟ ام ان القضية لا تتعدى سوى الكلمات التي نرددها في أثناء صلواتنا او تعقيبا بعدها او عند حضور المناسبة عندنا لسبب وآخر، الأئمة (عليهم السلام) كوكبةٌ في منظومة واحدة، خلفوا وراءهم موروثا ثريا غنيا يستحث محبيهم ومريديهم ليقتربوا منه وينهلوا من معينه والامة على نفسها ولنفسها تعمل إذا كانت راشدة، اما اذا تخلت عن جانب الرشد فهي ابعد ما تكون عن ذلك، ومما لا شك فيه ان الامام المهدي (ع) يتطلع للنداء من قبل السماء في ان يباشر اقامة العدالة المطلقة على وجه الارض، لكن تأبى السماء الا ان تجري الامور بأسبابها وفي النص هذا عنه عليه الصلاة والسلام ما يدلل على هذا الامر، اننا ربما نشكل عاملا في تعجيل الفرج وقد لا يكون ذلك وانما نعمل على تأجيله، يستفاد من الروايات عنهم عليهم الصلاة والسلام ان اعمالنا تعرض عليه في كل اسبوع مرة فينظر في صحائف اعمالنا فان كانت خيرا دخل على قلبه السرور والا دخل عليه الحزن، فطوبى لأولئك الذين يدخلون السرور على قلب امامهم مع الفاصل بين الشهود والغيب، واما اولئك الذين لا يصل الى ناحيته منهم سوى الحزن والألم والأسى عليهم ان يصححوا موقفهم وان يعيدوا البوصلة الى مسارها الصحيح الذي ارادته السماء وسعى من اجله نبينا الأعظم وأهل بيته عليهم الصلاة والسلام.
أهمية تصحيح المسار والعيش في جو الاحاديث المهدوية
هذا النص الشريف الذي طرق اسماعكم، للإمام المهدي (ع) وهناك نصوص تمت روايتها بطرق متعددة منها ما يحمل صفة الصحة ومنها ما يحتاج الى البحث والى التدقيق، وهذه مهنة ومهمة المختص وعلى من يفقدها الرجوع الى اهلها، هناك الآلاف من الاحاديث التي تتعلق بقضية الامام المهدي المنتظر عليه الصلاة والسلام لكنها تحتاج الى الكثير من الجهد والغربلة والترتيب كي تستفيد الامة منها، هناك مجموعة من الاحاديث نظمها العلامة الشهيد السيد حسن الشيرازي (رحمه الله) المقتول غدرا من قبل ازلام البعث وقتها في كتاب اسماه «كلمة الامام المهدي» في هذا الكتاب دون الكثير من الاحاديث التي صدرت او نسبت للإمام المهدي (ع) حتى التواقيع منها، ومن الجميل ان يقع الانسان في هذا الجو، لان الكل منا يعلم بان الامواج باتت تتقاذف الناس في اكثر من اتجاه واتجاه والضغوط كبيرة جداً، الامام (ع) يقول: لو ان اشياعنا ... شاهدوا على من تقع اللائمة، نحن دائما نقول: لماذا لا يخرج الامام المهدي (ع)! لكن لا نقول ماذا قدمنا نحن للامام المهدي (ع) حتى يظهر، فهل نحن اليوم فعلا على اتم الاستعداد لو خرج الامام المهدي (ع)؟ او لا ان هناك ثغرات لابد من ترميمها، اعتقد ان الثاني هو سيد الموقف، لذلك جاء النص في هذا الجانب ويمر على هذا النص اكثر من الف ومائتين سنة تقريبا لكن النص حي وطري وكأن الامام المهدي من آل محمد (ع) يخاطب ابناءه اليوم: ولو أن أشياعنا وفقهم الله لطاعته على اجتماع من القلوب...
اجتماع قلوب المؤمنين واهميته في مسألة الظهور
انا قلبي معك وانت قلبك معي ولا فرق لي بان اكون انا من القبيلة الفلانية وانت من القبيلة الفلانية، او انا من البلد الفلاني وانت من البلد الفلاني، لان القاسم الاشرف والمشترك هو محمد وآل محمد (ص) فنحن نسأل هل نحن فعلا قلوبنا مجتمعة! او لا الامر بالعكس ننتظر ان يقع الآخر في زلة بسيطة، أو في قول، او في فعل لنجعل منها قضية كبرى وكانه ليس هناك مشكلة على وجه الأرض سوى هذه المشكلة! بل ان خروج الإمام المهدي (ع) متوقف على هذه القضية! الإنسان اذا ما راجع نفسه حينها سوف يلتمس العذر للآخرين، لكن مادام هو أساسا لا يلتفت لهذه الجهة وإنما دائما ينظر الى الغير وكيف ان فلان ذهب وان فلان جاء، وان فلان قال كذا وان فلان فعل كذا، وان فلان لم يفعل ... هنا تكمن الكارثة، يقول انا مرضت وهو لم يزرني! ماذا حصل يعني اذا لم يأتي لعيادتك! بالتالي هو حرم نفسه من الثواب ليس هناك أكثر من هذا الشيء أو فلان زوج أبنه وفلان لم يحضر ماذا جرى يعني، هل تنطبق السماء على الأرض، أو فلان شخص توفى لكن الحاج الفلاني لم نراه في المأتم! أو السيد الفلاني لم يكن موجوداً! او الشيخ الفلاني ما كان حاضرا! وماذا حصل يعني.. الانسان ينبغي ان يقوم بالواجبات اولا ويهتم بهذا الامر، هذا شيء مهم، عليه ان يهتم بعالته أولا عندما يكون في بيته سبعة او ثمانية اشخاص لكن لا يكلف نفسه لايقاضهم لصلاة الصبح لكن جعل همه الاول والاخير هو ان فلان جاء الى المقبرة او لم يأتي .. وكأن الدين فقط في هذه الامور، صحيح انها حسنة وتقوى فيها الرابطة الاجتماعية وفيها ابراز روح المحبة لكن ليس هذا الدين كله، من الاولى ان يرى الانسان علاقته مع الله كيف هي ... نحن مشكلتنا انه نعطي لانفسنا عصمة ونرى كل اقوالنا صحيحة وكل افعالنا صحيحة وكل اقوال وافعال غيرنا هي في دائرة الاستفهام.
حمل الاخرين على محمل حسن
علينا ان نحمل الناس على سبعين محمل حسن قد يكون هذا الشخص مريضا أو حصل له امر طارئ او اساسا هو مشغول مثلك كما انت مشغول هو مشغول ايضا، انت مشغول بالعرس هو مثلك مشغول بالعرس او... هو يريد ان تعذره الناس لكن ليس له الاستعداد ان يعذر الاخرين، انا اتذكر قضية ذكرتها في يوم من الايام واعيدها للتنبيه: شخص دعاني اربع مرات واستجبت له ودعاني في المرة الخامسة فاعتذرت منه، أتدرون ماذا قال بعد ان اعتذرت في المرة الخامسة؟ هو نسي اني دخلت بيته اربع مرات، قال السيد متكبر متغطرس! ادعوه لا يلبي دعوتي!! هل يظهر الامام المهدي (ع) ونحن بهذا الوضع! الامام يقول: على اجتماع من القلوب في الوفاء بالعهد عليهم، هناك مجموعة من الامور منها ان نكون زينا لهم (عليهم السلام) كما يقولون، هل ان الزين هو ان نحمل الناس على محمل الصح او نحمل على الناس؟ يقول لو قاموا بهذا الامر وقلوبهم كانت مجتمعة، لما تأخر عنهم اليمن بلقائنا ولتعجلت لهم السعادة بمشاهدتنا، مثل هذه المناسبات تعتبر فرصة، مولد الامام المهدي (ع) هو باب خير وبركة يجب ان نطرقه، علينا ان نبدء من أنفسنا أنا أصلح نفسي وأنت تصلح نفسك وهو يصلح نفسه بعدها تصبح الامور طيبة حسنة لكن اهم شيء هو حسن الظن بالآخرين، عندما اسمع كلمة من شخص علي ان احملها محمل الخير أو فعل اراه لابد ان احمله محمل الخير في غير هذا الشيء يصعب العيش تبقى تأكل بنفسك وتؤذيها وذاك الشخص مرتاح وانت الخسران. وفقنا الله واياكم لكل خير والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.