نص كلمة بعنوان :المراجع واحدة من فيوضات الإمام الحجة في زمن الغيبة.(5)

نص كلمة بعنوان :المراجع واحدة من فيوضات الإمام الحجة في زمن الغيبة.(5)

عدد الزوار: 1775

2016-03-16

مسجد االعباس  ليلة الثلاثاء: 1437/5/28هـ

بسم الله الرحمن الرحيم

وصلى الله على اشرف المرسلين حبيب اله العالمين أبي القاسم محمد وآله الطيبين الطاهرين ثم اللعن الدائم المؤبد على أعدائهم أعداء الدين

﴿رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي * وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي * وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسَانِي * يَفْقَهُوا قَوْلِي﴾[1]

اللهم وفقنا للعلم والعمل الصالح واجعل نيتنا خالصة لوجهك الكريم يا رب العالمين

جاء في الحديث الشريف: «وليس العلم بكثرة التعلم إنما هو نور يقذفه الله في قلب من يريد أن يهديه»[2]

أهمية الاهتمام بالاعلام العاملين الاحياء

كان الكلام في الأسابيع الماضية حول الأعلام الذين تركوا أثراً في مجتمعاتهم وحافظوا على أصول العقيدة في أوساط أبناء الأمة، كان الكلام بادئ ذي بدء حول الأعلام من خارج البلاد كالشيخ الشيخ المفيد رضوان الله تعالى عليه ومن جاء بعده، ثم اخذ الحديث مسارا خاصا من خلاله تم تسليط الضوء على بعض الأعلام من هذه البلاد الطيبة بأهلها، الطيبة بترابها، بمائها، بهوائها، بحبها وبالسلام وبالأخوة وبالصدق، وبودي إن استرسل فيما كان الكلام فيه للأهمية لأننا درجنا كما تعلمون على عدم ذكر الأعلام إلا بعد رحيلهم اي لا نسمي الآية آية حتى يموت، ووقتها لا يستفيد هو من هذا العنوان، لأنه في عالم أفضل من هذا العالم، ولا أيضاً أبناء الأمة يستفيدون منه، لأنهم علموا انه آية في حياته فعلى كلى المصرعين أتصور انه حان الوقت أن نكون على درجة عالية من المسؤولية في الكلمة التي تقال وننتقي الشخصيات بعناية بما لهم من ميزان علمي وبما لهم من ميزان في مساحة العمل، بمعنى أن آثارهم تدلل عليهم، بطبيعة الحال الذين يتميزون بهذه الصفة دائما وأبداً هم القلة، الاجتهاد سهل يعني الاجتهاد ليس من الأمور التي لا يمكن أن تحصّل، لا الاجتهاد يحصل كما تحصّل الدراسات العليا، لانه بالتالي كل من جد وجد، ومن سار على الطريق وصل، بالنتيجة الطالب المجد سيصل إذ التزم بدرسه، اذا حضّر له وتابع وتواصل مع الأعلام والأساتذة يصل، كما وصل غيره يصل هو ايضا، لكن لابد ان تكون هناك ثقة في النفس، عزيمة، جهد واستعداد ذاتي، بالنتيجة لا يمكن ان يكون الانسان غبياً على الاقل يجب ان تكون لديه مقبولية في الفهم.

السيد محمد علي آل سلمان العالم العامل بعلمه

من الأعلام الذين وددت أن أقف على طرف من شخصيتهم، وأسلط الضوء بدقة وعناية على هذه الشخصية هو سماحة آية الله السيد محمد علي آل سلمان ولا أظن أحداً لا يعرف هذه الشخصية من أبناء هذه المنطقة، وان كان فعليه أن يرمم النقص الذي هو فيه من حيث التعرف على الأعلام، لان السيد محمد علي لم يغلق على نفسه داره ولن يحتجب على الناس وانما نزل إلى الميدان العملي، هو انسان عالم عامل بعلمه من اجلى مصاديق هذه الكلمة حين الانطباق على ذات هذا الرجل العظيم، وأنا بكل صراحة ليس من عادتي أن امتدح شخصاً، لأنه من أهلي وأتشرف بذلك وهو تاج على رأسي، لكن أحاول قدر الإمكان أن أتحرك في مساحة الحقيقة بما هي هي، يعني لو كان الغير يحمل هذه الصفة لكنت أتكلم بنفس المقدار وبنفس الميزان، قبل أيام مرّت علينا ذكرى شهادة الإمام الصدر الأول رضوان الله تعالى عليه، ويعتبر السيد محمد علي أحد تلامذة السيد الصدر المظلوم، والسيد الصدر أحد أساتذة هذا السيد، بل ان السيد محمد علي حفظه الله شارك في وضع اللبنات الأولى لمستهل بحث الخارج للسيد الشهيد رضوان الله تعالى عليه، عاشر عشرة من الأوائل الذين أسهموا في شروع سماحة آية الله الامام الشهيد الصدر في بحوثه العليا في الحوزة العلمية، السيد محمد علي اما من حيث البيت فان السادة من آل سلمان لا يحتاجون إلى مزيد من البحث والحديث، الكل يعرف، الخاص والعام، الكبير الصغير، من هو من هنا، ومن هو من هناك، الكل يعرف ما لهذا البيت من قيمة لقرون ثلاثة متلاحقة القرون الثلاثة الأخيرة، حيث ان لمساتهم، بصماتهم، آثارهم واضحة، اذن من حيث البيت لا احتاج إلى مزيد عناء، والده هو العلامة المقدس السيد هاشم العلي آل سلمان رضوان الله تعالى عليه رجل تقوى وإيمان وصلاح وعبادة وتهجد ومحبة للناس.

نعمة المحبة للناس

أيها الأحبة! محبة الناس رصيد، أن يكون لك مكان في قلوب الناس نعمة كبرى من الله سبحانه وتعالى، أن يستمع إليك الناس واحدة من الكرامات، السيد كان في النجف طالب علم محصل علومه يبذل جهدهُ المركّز على تثبيت المعلومة، تتلمذ على يديه جمع، وكان يتمتع بروح الأديب، ونحن نعلم انه ليس كل عالم أديب، هناك الكثير من العلماء وتصدى بعضهم إلى مقام المرجعية لكن هم لا يحملون صفة الإنسان الأديب، الشاعر المحلّق هذه نعمة من الله، جمال الخط نعمة من الله، حسن الأداء في الخطابة نعمة من الله، سرعة الفهم نعمة من الله، سرعة الحفظ نعمة من الله، نعمة التواصل مع الآخر نعمة من الله، ﴿و اَلقَيتُ عَلَيكَ مَحَبَّةً مِنى﴾[3]، أن يكون الإنسان محبوبا نعمة من الله، ﴿لَو اَنفَقتَ ما فِى الاَرضِ جَميعًا ما اَلَّفتَ بَينَ قُلوبِهِم﴾[4].

السيد يضع حجر الاساس للحوزة في الاحساء

السيد نزل إلى الاحساء وبنزوله إلى الاحساء احدث نقلةً نوعية وأسس قواعد من اجل أن ينهض بهذا المجتمع في مجالات عدة في مجتمعه الخاص اي الحوزة العلمية، قبل نزول سماحة السيد الحوزة كانت في البيوت ومفرقة هنا وهناك، جاء السيد ووضع حجر الأساس في الجامع الكبير ورسم خطوط الإنفاق عليها والرعاية لها وكان يدرّس أكثر من درس ويعطي من وقته الكثير، اجتمعت حوله ثلة من الطلبة، قسم منهم واصل مسيرته وقسم منهم رفع يده على هذا المسار، أنا أقول ربما النسبة الأعلى والأكبر من طلاب العلوم الدينية في الاحساء هم ممن تتلمذوا على يديه، إما ابتداء أو استدامةً، السيد لم يكتفي بوضع الحوزة رغم أنها مرت بتقلبات وتحولات وتصدعات، لكن الذي أخذ بها إلى ساحل النجاة هو كان ببركة وجود هذا السيد الجليل.

اهتمامات السيد ونشاطاته

سماحة السيد التفت إلى أمر مهم ألا وهو الشعائر الحسينية التي تعتبر هي اللبنة الأساس والقاعدة الأقوى لتثبيت وترسيخ المعتقد في نفوس الناس، فعمد إلى وضع يده على هذه المفردة، بذل من نفسه الكثير وتخلى عن مواطن كثيرة في سبيل أن يثبت هذا النهج وهذا السلوك، حتى انه كان يعرف عند البعض «بسفير الإمام الحسين (ع)»، لأنه سافر بقضية الإمام الحسين (ع) في الوقت الذي ربما كان الغير ينأى بنفسه لاعتبارات معينة، إلا ان السيد كان يعرّض نفسه للشيء الكثير لان هدفه كان هو ان تصل القضية وان يثبت المعتقد، في عهده الذي تولى فيه شؤون الحوزة العلمية، عرفت الاحساء الدورات الصيفية لتعليم الناشئة أحكام العبادات ومبادئ العقائد و«بيت التقوى» من البيوت التي رعاها وبذل من اجلها الكثير ومن هذا البيت تخرج الآلاف وليس المئات ممن جوّدوا عبادتهم وثبّتوا عقيدتهم، ونحن نعلم جيدا ان في الزمن السابق مثلا ما كان الأب يمسك بيد ابنه ويقول له بان الصلاة بهذا الشكل، أو الطهارة بهذه الكيفية، أو أئمتنا كانوا كذا وهذا الشكل من القضايا ما كان موجودا بهذا الشكل، بل كان كل شخص يتعب نفسه ويتعلم، لكن في الفترة الأخيرة قد تكون قبل ثلاثين سنة تغير هذا الوضع وجاء السيد ووضع يده على الثغرات والدوائر الغير مملوءة فملأها وساعده على ذلك رعيل طيب مبارك من رجال العلم، قسمٌ منهم قضى ومضى للآخرة، وقسمٌ منهم لا زال موجوداً يتحمل المسؤولية.

تواضع السيد وأخلاقه الطيبة

الحديث عن سماحة السيد طويل الا اني اختزنته، من جملة صفات السيد تواضعه، حيث كان في درجة عالية من التواضع بحيث يخجل الطرف المقابل، أنا شخصياً ربما كنت امتنع في الكثير من الحالات عن التردد عليه لكثرة ما يبديه من التواضع المخجل للطرف الآخر، يعني من أنا وهو هو، عمدٌ من أعمدة العائلة، ورمز من رموز علماء المنطقة، و... لكن تجد المعاملة التي لا ننتظرها إلا ممن يحمل العلم ويتجذر في داخله ويتفرّع على المساحات من حوله وسماحة السيد حفظه الله أجدر بان يكون بذلك وهو هو كذلك، تصدى للبحث الخارج منذ فترة طويلة، قد تصل الى خمس وعشرين سنة يدرس البحث الخارج، والبحث الخارج هو الدرس الذي يتصدى له العلماء المجتهدون والمراجع المتصدون للمرجعية، وهو درس يدلل على اجتهاد الإنسان المتصدي وهو كذلك كان بالنسبة لسماحة السيد، لأنه ما كان يكتفي بعرض الآراء وانما ينتقي رأي، وهنا تبدأ المفارقة بان يكون استعراضيا فقط للآراء أو كان صاحب نظر يبدي وجهة نظره، فسماحة السيد كان من هذا الصنف.

شهادة الميرزا الفضلي باجتهاد السيد

أنا انقل شهادة نن الميرزا محسن الفضلي رضوان الله تعالى على روحه المقدسة بحق سماحته، لذلك أنا حينما ادعي وأقول بان السيد مجتهد أو أقول آية الله عندي مستندي وهو الشيخ الفضلي والد الشيخ عبد الهادي الفضلي رحمة الله تعالى عليه، كان يؤكد على اجتهاد سماحة السيد حفظه الله تعالى.

مسؤولية النهوض لابراز النتاجات العلمية 

طابع علماء المنطقة هو التواضع في الأغلب الأعم الأكثر لكن أيها الشباب عليكم تقع المسؤولية على ان العلماء يحملون هذه الصفة وهي صفة كمال لا نقص لكن علينا مسؤولية نحن لابد وان ننهض بها في قبالتهم، وهي أن نساعدهم في بروز إنتاجهم العلمي، يعني الآن مثلا سماحة السيد حفظه الله له مجموعة كتب في علم الأصول وهذا نحتاجه اليوم وتحتاجه الحوزة اليوم، لأنه نظر بالنتيجة هو رأي ونظر جديد، وحتى لا أطيل عليكم نسأل من الله سبحانه وتعالى أن يمد في عمره وعمر أعلامنا إن شاء الله جميعا وأن يبقيه خيمةً على ما يحمل هذا الرجل من العلم والتقوى والورع والتواضع والخدمة إلا انه لم يَسلم من السنة المجرحين وأقلام الكاتبين الكاذبين، يعني أُلّف كتاب من ست مائة وعشرين صفحة للنيل من شخصية هذا السيد، لم يبقى لفظ سوقي إلا والصق به! هؤلاء أعداء النجاح، لا ينبغي لنا ان نهتم بهم كثيرا، وانا ذكرت المفردة كي انبه على شيء وهو أهمية الدقة والحذر في التعاطي مع المسائل انا عندما أسمع بكلمة علي ان ادقق فيها وأبحث عن مصدرها والسبب في طرحها، البعض بمجرد ان تصيبه كلمة يتخذ موقف ويبدأ يتشفى ويلغي ويحارب ويضلل ويكفر و...

وفقنا الله وإياكم لكل خير، ولأرواح علمائنا الماضين ولحفظ الموجودين ولحفظكم ولأرواح من مضى علينا وعليكم الفاتحة مع الصلوات.