نص كلمة بعنوان:المراجع واحدة من فيوضات الإمام الحجة في زمن الغيبة.(4)

نص كلمة بعنوان:المراجع واحدة من فيوضات الإمام الحجة في زمن الغيبة.(4)

عدد الزوار: 1485

2016-03-07

المطيرفي ليلة الثلاثاء 1437/5/21هـ

بسم الله الرحمن الرحيم

وصلى الله وسلم على اشرف المرسلين حبيب اله العالمين ابي قاسم محمد وآله الطاهرين ثم اللعن الدائم المؤبد على اعدائهم اعداء الدين

﴿رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي * وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي * وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسَانِي * يَفْقَهُوا قَوْلِي﴾[1]

اللهم وفقنا للعلم والعمل الصالح واجعل نيتنا خالصة لوجهك الكريم يا رب العالمين

 

يقبض العلم بقبض العلماء

كان الكلام فيما مضى حول دور العلماء في زمن الغيبة للخلف الباقي من آل محمد (صلوات الله وسلامه عليهم اجمعين) وتحدثنا عن مرحلتين؛ عن العلماء وما لهم من اثر في أوائل الغيبة، وما للعلماء الذين أنجبتهم منطقة الاحساء من اثر على المشهد، وذكرنا طرفاً من الأعلام الذين نوروا هذه المنطقة بنور العلم الذي متعوا به هؤلاء العلماء جراء أخذه من مظانه ومنابعه الأصيلة للحوزات العلمية الكبرى، والعلماء إذا غابوا عن هذا الوجود والتحقوا بالرفيق الأعلى يخلفون وراءهم فراغا كل فراغ يسد إلا غياب العالم عن عوالمه، أي التي من حوله فان غيابه لا يسد. جاء في الحديث الشريف عن النبي الأعظم (ص) ان قال: «إن الله لا يقبض العلم انتزاعا ينتزعه من الناس، ولكن يقبض العلم بقبض العلماء، وإذا لم يبق عالم اتخذ الناس رؤساء جهالا، فسألوهم فقالوا بغير علم فضلوا وأضلوا»[2]، الحديث الشريف يقول: إن الله لا يقبض العلم انتزاعا ينتزعه من الناس، يعني ليس شيئا مرئيا بما هو هو بحيث لو اختطف، او لو استنزع يرى مكان ذلك العلم فارغا، وإنما بما يتقوم به العلم في الخارج إذا غاب غابت جميع المعالم التي رسمها ما لم تلتفت الأمم للحفاظ على آثاره ولكن يقبض العلم أو يَقبض العلم بقبض العلماء، عندما يموت العالم كأنما الموت قد وقع على العلم نفسه، لأنه غاب عن هذا الوجود وغابت معه تلك المدرسة التي أجهد نفسه في بنائها علميا، فكريا، معرفيا وهذا هو حال العلماء بطبيعة الحال، الحديث الشريف بعدها يقول: وإذا لم يبق عالم اتخذ الناس رؤساء جهالا، بعد ان يغيب العلماء الربانيون الذين بنوا أنفسهم كما ينبغي الأمة لابد لها من دليل، لابد لها من مرشد ما يستعاض به ذلك العالم هو من هو لا يمتلك من العلم إلا الصفة على نحو العنوان أما من حيث الواقع والجوهر فهو لا يتمتع بشيء من ذلك، فسألوهم فقالوا بغير علم، أي الذين اتخذوهم بعد غياب العلماء وهم الذين لا يتصفون بصفة العلم حقيقة، فسألوهم فقالوا بغير علم فضلوا وأضلوا، اي الناس لاذوا بهم وسالوا منهم، الا انهم اجابوا بغير علم فضلوا واضلوا.

الاغا ضياء نموذج العالم المخلص

 من القضايا التي تذكر، ان الآغا ضياء الدين العراقي رضوان الله تعالى عليه (وهو احد الأعلام الثلاثة في مدرسة الأصول) عندما توفي والده، لاذ الناس به وهو بعد في بداية مسيرته العلمية، بعد لم يصبح الآغا، آغا ضياء، فالقوا بكلّهم عليه، في مجلس أبيه تكلم احدهم فأجاب، فترحم احدُ العلماء على أبيه (يعني على أب الآغا ضياء)، قرأها الآغا رسالة أن هذا المكان لا ينبغي له أن يتصدى له إلا من يمتلك تلك الصفات التي تمتع بها أبوه، فشد رحله ويمم شطر النجف الاشرف لم يأخذه بريق المرجعية، لم يسيطر عليه ما يترتب على العنوان من آثار كالحواشي ،كالأموال التي تجبى والجاه الطويل العريض أبداً، أدار ظهره لمدينته ومسقط رأسه (مدينة أراك) وتوجه صوب النجف الاشرف، مدينة علم رسول الله (ص)، منارها في هذه المدينة المولى علي (ع)، في مدينة النجف الاشرف فتح الله عليه أبواب العلم حتى أصبح احد الأعلام الثلاثة الذين يشار إليهم بالبنان وتشد الرحال من اجل الأخذ منهم، السر ما هو كان؟ السر يكمن في انه صانع جهةً واحدة ولم يصانع سائر الجهات،[3] ارتباطه كان مع الله لا مع الناس، لا يعنيه ما كان الناس عليه لانهم بالنتيجة سوف يصلحون إن شاء الله، لان الهداية مفتوحة ولو بعد حين.

الشيخ محمد الهاجري والشيخ حسين الخليفة كوكبين نيرين في سماء الاحساء

هذه المنطقة أيضاً عشتم وعشنا شطرا من أعلامها من الكواكب التي أشرقت فيها هو آية الله المرحوم الشيخ محمد الهاجري وهو مجتهد مسلم الاجتهاد ورجل نأى بنفسه عن المشهد كثيرا وأن سلط الضوء عليه في آخر أيام حياته لكن كان ممن حضي بقسط من العلم وجعل من نفسه خادما للناس من حوله وهنا يسموا العالم، لكن إذا ترفع العالم على الناس هذه بداية النهاية، واما إذا تواضع لهم كانت بداية الرفعة والسمو، أنت لا تستطيع ان تجعل الناس يرفعوك، الناس إذا أرادوا أن يرتفعوا بك رفعوك وإذا ما أرادوا الأمر سوف يتغير تماما، لكن قبل هذا وذاك فليكن الامر مع الله، كذلك العم الشيخ حسين الخليفة رضوان الله تعالى عليه أيضاً كوكبٌ افل وغاب عن هذا الوجود الحسي المادي والشهودي الذي نعيشه لكن على ما كان عليه من روح سامية وعبادة منقطعة النظير وعلم إلا انك إذا ما جلست بين يديه لا يشعرك انه في هذا المقام الذي يسعى الكثير لأدنى مراتبه كي يشمخ بأنفه على الناس، بل هو كان قد قطع المراتب العالية رغم ذلك يتصاغر في نفسه، ويكبر في أعين الناس ولكنه يحاول أن تبقى هذه النفس التي هي رهينة بين يديه ضمن حدود دائرتها، اليوم الامر يختلف بالأمس الامر كان دقيقا لان أولئك عرفوا قدر أنفسهم ولما عرفوا قدر أنفسهم وصلوا وأوصلوا الناس معهم، لكن الساحة اليوم مضطربة هذا مشرق وذاك مغرب، إذا غاب العالم لم يبقى سوى الجاهل وإذا استفتي هذا الجاهل حينها سيفتي ومن غير تورع وهو ليس له من العلم نصيب، هنا تقطع المشكلة وهنا يكمن الخطر، فنسأل من الله سبحانه وتعالى أن يحفظ ما تبقّى من الكوكبة النيّرة في أوساطنا وهم بحمد الله كثر، يعني بالنتيجة لهم وجودهم، والمنطقة لم تُعدم من بعض الكواكب النيرة، نسأل من الله سبحانه وتعالى أن يطيل أعمارهم وان يمتعهم بالصحة والعافية وان يرزقنا من يواصل المسيرة بعدهم، من يحمل المسؤولية على كتفيه بروح الإخلاص في سبيل الحفاظ على الدين، في سبيل الحفاظ على المعتقد، في سبيل الحفاظ على وحدة المجتمع، في سبيل البقاء لحفظ المواقع الدينية التي نتردد عليها، لان في وجودهم نحفظ، نسال من الله سبحانه وتعالى أن يكتب لنا ولكم التوفيق، ان يرحم من مضى من علمائنا، وان يحفظ الباقين ويسدد خطاهم وان يجعلنا وإياكم ممن يستفيد من فيض علومهم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.