نص كلمة بعنوان:المراجع واحدة من فيوضات الإمام الحجة في زمن الغيبة.(3)
بسم الله الرحمن الرحيم
وصلى الله وسلم على اشرف الأنبياء والمرسلين حبيب اله العالمين أبي القاسم وآله الطيبين الطاهرين ثم اللعن الدائم المؤبد على أعدائهم أعداء الدين
﴿رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي * وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي * وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسَانِي * يَفْقَهُوا قَوْلِي﴾[1]
اللهم وفقنا للعلم والعمل الصالح واجعل نيتنا خالصة لوجهك الكريم يا رب العالمين
قال الله في كتابه العزيز ﴿اِنَّما يَخشَى اللهَ مِن عِبادِهِ العُلَماء﴾[2]
وقال رسول الله (ص): «العلماء أمناء رسل...»[3]
تتمة الحديث حول دور العلماء في بناء المجتمع
كان الكلام فيما مضى حول ما للعالم من دور مؤثر في بناء المجتمع علميا وسلوكيا وعباديا وقلنا ما من حقبة من الزمن إلا ونجد للعلماء بصماتهم الواضحة على تلك الحقب تطرقنا وتشرفنا بذكر أسماء بعض الأعلام ممن مضوا كالشيخ المفيد، السيد المرتضى، الشيخ الطوسي، العلامة الحلي وجماعة آخرون ولو استطردنا وراء هذا لطالت بين أيدينا القائمة وصعب علينا استعراضها فالاستفادة من مكامن القوة والعظمة في شخصية هؤلاء.
علماء الاحساء وما خلفوه من بصمات
لكن ربما يسال البعض منا ما هو نصيب علماء هذه المنطقة من هذه البصمات، هل خلف الماضون وراءهم ما يدلل على وجودهم؟ وهل العلماء الذين بين ظهرانينا نعيشهم ويعيشوننا أيضاً سيخلفون وراءهم ما يدلل على وجودهم في حقبة من الزمن؟ من الطبيعي ان الإنسان متى ما توجه صوب المطلق وبذل جهده كما ينبغي ولم تنحرف به بوصلته عن الهدف حتى النهاية كما كان في الماضين فهو مهيئ للمعاصرين، غاية ما في الأمر يحتاج هذا إلى الشيء الكثير من الجهد، لأن أوضاع الحيات ومتطلباتها في السابق لم تكن كما هي عليه اليوم حيث ان المجتمعات تقدمت في علومها، في معارفها، في آدابها، في حاجياتها حتى ان صيغة السؤال في الماضي لم تعد موجودة اليوم وإنما أخذت بعداً أعمق مما كانت عليه وهو يدلل على الخطوات التي خطاها المجتمع تقدما في علومه ومعارفه وهذا يعزى بطبيعة الحال للمكتسبات العامة التي هي شرع بين الناس قاطبة وما يقوم به العلماء من دور هام ومؤثر في هذا الجانب.
نبذة عن أوائل علماء الاحساء
أول علماء هذه المنطقة هو رشيد الهجري رضوان الله تعالى عليه وكان عالم بالبلايا والمنايا[4]، يعني لديه شطرٌ من العلوم اللادنية التي تلقاها بالواسطة من خلال المولى علي (ع) عن النبي الأعظم (ص) عن الله تعالى، يضاف إلى ذلك عبد الله بن جبلة وهو عالمٌ وهو أول من وضع أصول علم التاريخ في مدرسة الإسلام وهو من أبناء هذه المنطقة غاية ما في الأمر لم يحظى رشيد الهجري ولا ابن جبلة بما ينبغي، حتى تصل إلينا معالم هذه الشخصية وتلك على ما تتفردان به من الخصوصية، ثم جاء بعدهم آل صوحان (صعصة بن صوحان وزيد بن صوحان) العبديين هؤلاء أيضاً من أبناء هذه المنطقة أبناء الأحساء من بني عبد القيس وهؤلاء لهم أيضاً بصماتهم على وجه التاريخ مزجوها بالحبر والدم بين يدي الامام علي (ع) ضحى العبديون بأرواحهم في سبيل أن تبقى شجرة الإسلام وارفة الضل وكذلك حبروا ودونوا شطرا من الأحاديث التي تلقوها من الامام علي (ع) عن النبي الأعظم محمد (ص).
المحدث والاصولي الشيخ ابن أبي جمهور الأحسائي (رحمة الله تعالى)
الشيخ ابن أبي جمهور الأحسائي رحمة الله تعالى على روحه الطاهرة علمٌ في فنين المعقول والمنقول وقل ما يتفق لعالم أن يجمع بين هذين الفنين بين هذين العلمين ويمضي بهما سجحاً يعني يمكن أن يدرس الإنسان ويمسك بطرف وبطرف آخر من العلم الثاني لكن أن يكون متبحراً ويكون صاحب نظر هذا ما يستدعي إلى التأمل والتوقف، الشيخ رضوان الله تعالى عليه ألّف الكثير لكن لم يرفع يده عن جانب الكم وهو الهدف الأسمى عند الكتاب والباحثين والمحققين، فلقد كان محدثاً وقد كان أصولياً.
احمد بن زين الدين الأحسائي (رحمة الله تعالى)
ثم الشيخ الأوحد احمد بن زين الدين الأحسائي رضوان الله تعالى عليه ابن الأحساء، عندما يذكر تحضر الأحساء بكل كينونتها وهو ابن هذه القرية ويحق كما يحق للأحسائي أن يفتخر بالألف والام استغراقاً إن هذه الشخصية من بلده فمن باب أولى أن يفتخر ابناء هذه القرية بهذا العلم، الشيخ الأوحد مدرسة كلٌ تقرب إليها بصلة، غاية ما في الأمر القراءات تختلف جراء المشارب التي نهل منها أولئك القراء، للشخصيات للأحداث، للعلوم انعكاسها بالطبيعة يكون مباشرة على الشخصية التي تم تسليط الضوء عليها احمد بن زين الدين وما أدراك وما احمد بن زين الدين وكفى.
السيد هاشم السلمان وأبو خمسين ...
ثم أعلامٌ تلت تلك الكوكبة في مقدمتهم الجد المقدس السيد هاشم السلمان رضوان الله تعالى على روحه المقدسة وهو علمٌ ومرجعٌ وصاحب نظر، أضاف للحوزة في الأحساء الشيء الكثير واستطاع في الظرف الزمني الذي عاشه أن يربي الكثير من التلامذة والذي كان كل واحد منهم يمثل قامة مستقلة بنفسه، وكذلك الشيخ موسى أبو خمسين، والشيخ محمد حسين أبو خمسين وغيرهم ... أعلامٌ أعطوا الكثير.
أهمية صيانة ميراث العلماء
اما اليوم فان هذه الأمانة ملقاة على عاتق كل إنسان ينتمي إلى هذه المدرسة وإلى هذه الحوزة في أن يكون صائنا لميراث من مضى في علمهم، في أخلاقهم، في أدبهم، في خدمتهم لمجتمعهم، في إخلاصهم مع الله سبحانه وتعالى هذه قضية مهمة لابد ان تتوفر للطالب هذه العناصر الموصلة إليها كهدف، مجرد أن نجمع مجموعة من المصطلحات هذا لن ينفع ولن تذهب بنا بعيدا ما لم نعمر الروح من الداخل، الرسول الاعظم محمد (ص) يقول: «إنكم لن تسعوا الناس بأموالكم، فسعوهم بأخلاقكم»[5] الناس لا يطلبون من رجال الدين الأموال وإنما يطلبون منهم العلم، يطلبون منهم الخلُق الكريم، يطلبون منهم التبسط في الدواوين، يطلبون منهم السعي في خدمة المؤمنين هذا هو المطلوب، والمفروض ان يذيب الإنسان العالم نفسه في سبيل مجتمعه لا أن يذوّب مجتمعه في سبيل مصلحته الشخصية، أنا عندما أصل لما أصل إليه فان هذا أمر الله، لان الله سبحانه وتعالى إذا أراد أن يرفع إنساناً لو اجتمع الجن والإنس على خفض مقامه لما استطاعوا، ولو أراد الله بإنسان ـ لا قدّر الله ـ أن يخفضه عما هو عليه لو اجتمع الجن والإنس على رفع مقامه لما استطاعوا، فعلى الإنسان أن يعين نفسه في سبيل الوصول، لكن لابد ان تكون البضاعة مع الله سبحانه وتعالى. رضوان الله على من مضى من أعلامنا وحفظ الله الموجودين ونحن نستظل بظلهم ونستنير بهديهم ونقتبس من علومهم، نسأل من الله سبحانه وتعالى أن يوفقنا وإياكم لكل خير، وان يتغمد من مضى من شيعة أمير المؤمنين سيما الشهداء برحمته، لارواحهم جميعا الفاتحة مع الصلوات.