نص كلمة بعنوان:المرأة المعاصرة والزهراء القدوة

نص كلمة بعنوان:المرأة المعاصرة والزهراء القدوة

عدد الزوار: 1490

2016-04-13

كلمة في جمع من المؤمنين

بسم الله الرحمن الرحيم

وصلى الله على نبيه محمد وآله الطيبين الطاهرين ثم اللعن الدائم المؤبد على أعدائهم أعداء الدين

﴿رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي * وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي * وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسَانِي * يَفْقَهُوا قَوْلِي﴾[1]

اللهم وفقنا للعلم والعمل الصالح واجعل نيتنا خالصة لوجهك الكريم يا رب العالمين

﴿اِنّا اَعطَينـٰكَ الكَوثَر ٭ فَصَلِّ لِرَبِّكَ وانحَر ٭ اِنَّ شانِئَكَ هُوَ الاَبتَر﴾[2]

بارك الله لنا ولكم ذكرى المولد السعيد لبضعة النبي الاكرم (ص) الزهراء المرضية سلام الله عليها، واعاد الله المناسبة علينا وعليكم ونحن وانتم وعموم المؤمنين اينما كانوا في احسن حال رزقنا الله واياكم شرف الوصول الى عتبتها الطاهرة في المدينة المنورة والشفاعة على يديها في يوم الورود.

الرسول الكريم (ص) وإظهار حبه للزهراء سلام الله عليها

الحديث عن الزهراء سلام الله عليها حديث مترام الاطرف لا يستطيع متحدث ان يلم باحد اطرافه ناهيك ان يقف على جميع الاطراف، قفصات من هنا وهناك لعلنا نستفيد منها، حيات الزهراء سلام الله عليها بمثابة مدرسة اذا جد واجتهد الانسان فيها خلص الى نتائج قد رسم الطرق الموصلة اليها، بالجهد تفل الصعاب، وبالجهد يصل الانسان الي المراد ولا وصول لغاية ومراد الا عن طريق بذل الجهود على ان تكون متواصلة، في الرواية عن النبي (ص): دخلت عايشة على رسول الله وهو يقبل فاطمة، ظاهرة تقبيل النبي (ص) للزهراء سلام الله عليها كانت ترسم معالم بصمة خاصة تستوجب لفت الانظار من حولها، سواء اولئك الذين عاشوها وهذا النص يقدم لنا السيناريو الواضح البين وفق ابعاده الثلاثة في القضية او لمن جاء يفتش في كتب الحديث عند العامة والخاصة، ترتسم امامه هذه البصمة الواضحة والبينة واكثر من ذلك عندما نجتمع نحن جميعا لنقلب بعض الاروارق او نستمع لبعض المفردات نجد ان هذا الشيء يلزمنا ويمسك بايدينا تقول الرواية: دخلت عائشة على رسول الله (ص) وهو يقبل فاطمة، وهذه لم تكن المرة الاولى ولم تكن المرة الاخيرة، فقالت له: أتحبها يا رسول الله؟ صيغة السؤال تطرح اكثر من استفهام واستفهام لكن لا اعتقد ان ما يستوجب الوقوف عند واحدة من هذه الاستفهامات كثيرة، لانها تفك شفرتها بنفسها.

السبب من وراء اصرار النبي (ص) على‌ تقبيل الزهراء سلام الله عليها

قال (ص) أما والله لو علمت حبي لها لازددت لها حبا، قدّم القسم، ثم عقّب بكشف ما في المكنون ما وراء العبارة اتحبها قال أما والله لو علمت حبي لها لازددت لها حبا، هذه المفردة ايضا فيها شفرات يقف على سرها من يستنطقها، من يركب سفينة التدبر لا سفينة القراءة السردية او السماع الذي لا يتصف بسمة التركيز وهذه واحدة من الاشكاليات التي نعانيها في حياتنا نحن الذين محسوبين على مدرستهم عليهم الصلاة والسلام، اننا ربما نقرا ولكن لا نتدبر لا نتامل، نستمع في مجالسنا كثير لكن لا نركز واذا ما ركزنا لا نستعين بالآخر كي نستفيد معلومة مضافة لما توصلنا اليه حين توقفنا وتدقيقنا وبحثنا، فالرسول (ص) يصف لأم المؤمنين عائشة الحالة التي تستوجب هذا الوضع من اصرار التقبيل للزهراء سلام الله عليها، ربما يكون الامر خفيا وربما لا يكون الامر كذلك وربما سياق الرواية يساعد على الثاني دون الاول.

بعض مجريات العروج النبوي المقدس

 قال النبي (ص): انه لما عرج بي إلى السماء الرابعة، وهنا وقفة بسيطة حول العروج اقول فيها: هل كان العروج من الارض الى السماء الرابعة دفعيا ام تدريجيا؟ بمعنى توقف في السماء الاولى والثانية والثالثة ثم توقف بصفة تحمل الاستمرارية اكثر او الفترة الاطول مما حصل في حضوره في السماوات الثلاث، بعض الروايات تقول انه توقف في السماء الاولى ثم الثانية ثم الثالثة بعدها اطال توقفه في الرابعة، بعض الروايات الاخرى تقول انه عرج الى السماء الرابعة يعني لم يتوقف في السموات الاولى، انه لما عرج بي إلى السماء الرابعة اذن جبرئيل وأقام ميكائيل، ملكان تكفلا هذا الجانب، ثم قيل لي اذن يا محمد، فقلت: أتقدم وأنت بحضرتي يا جبرئيل؟ عندما اذن جبرائيل واقام ميكائيل دعى جبرائيل النبي (ص) كي يؤم الصلاة، فالنبي (ص) اجاب جبرائيل قائلاً: أتقدم وأنت بحضرتي يا جبرئيل؟ فقال له جبرائيل (ع): نعم ان الله عز وجل فضل أنبيائه المرسلين على ملائكته المقربين، مراتب خاصة للانبياء على نحو التفرد، وفضلك أنت خاصة، فدنوت فصليت باهل السماء الرابعة ثم التفت عن يميني، هنا لنلتفت الى هذا المعطي: فإذا أنا بإبراهيم (ع) في روضة من رياض الجنة وقد اكتنفها جماعة من الملائكة، يعني جمع من الملائكة يحيطون بتلك الجنة، وفيها ابراهيم ابو الانبياء (ع) ثم أني صرت إلى السماء الخامسة، بعد ان انهى هذا الفصل في رحلته السماوية، ومنها الى السادسة، يعني في السماء الخامسة يبدو انه لم يحصل توقف، ومنها إلى السادسة فنوديت يا محمد نعم الأب أبوك إبراهيم، الذي كان في السماء الرابعة، هنا العلماء ايضا يقولون ما هو السر في ان يكون النداء والتنبيه على ان ابراهيم الذي تجاوز مرحلته في الرابعة ما هو السر بين النبي (ص) وبين ابراهيم (ع) فيقولون انه توجد خصال مشتركة لا تتفق الا في النبي (ص) وفي ابراهيم من الانبياء، وهذا الكلام طويل عريض لكن احاول قدر الامكان ان اختصره.

التكوّن الالهي الخاص للزهراء سلام الله عليها

 يا محمد نعم الاب ابوك ابراهيم ونعم الأخ أخوك علي (ع) اي ان الامام علي (ع) كان معهم في السماء السادسة، فلما صرت إلى الحجب أخذ جبرئيل (ع) بيدي فأدخلني الجنة فإذا أنا بشجرة من نور أصلها ملكان يطويان الحلل والحلي، فقلت حبيبي جبرئيل لمن هذه الشجرة؟ فقال هذه لأخيك علي بن أبي طالب وهذان الملكان يطويان له الحلى والحلل إلى يوم القيامة، ثم تقدمت أمامي، النبي (ص) يتحدث عن وضعه في عوالم الحجب، فإذا أنا برطب ألين من الزبد وأطيب رائحة من المسك وأحلى من العسل، يعني ليس من رطب الدنيا وانما رطب خاص من ثمار الجنة هذا مظهر من المظاهر في ذلك العالم من اجل حقيقة من الحقائق ما ينتظرنا يوم القيامة هو شيء من هذا، علي ان نكون على نهجهم، على ان نتمسك بحبلهم، على ان نجسد منهاجهم في حياتنا هذا الامر اذا سرنا به في الحياة ننال الشيء الكثير، فهو رطب لكن: ألين من الزبد وأطيب رائحة من المسك وأحلى من العسل، يعني استثنائي فيه الابعاد والاوصاف الثلاثة المطلوبة للثمرة، هذه الاوصاف التي ذكرها النبي (ص) لهذه الثمرة يريد ان يشير لما يترتب على اكلها من الاثر، طبعا ام المؤمنين عائشة كلها اصغاء وتوجه ما الذي سيكون من هذه المقدمة! هذه المقدمة الطويلة العريضة الذي اخذ النبي (ص) في سردها من عوالم الارض الى عوالم السماء ثم مقامات الحجب الخاصة، ما المراد في النهاية؟ فالنبي (ص) يقول: فأخذت رطبة فأكلتها فتحولت الرطبة نطفة في صلبي فلما ان هبطت إلى الأرض واقعت خديجة بفاطمة ففاطمة حوراء انسية، فالزهراء هي من النبي (ص)، اصل التكون من ذلك العالم يعني لم تكن من هذا الخليط الذي خلق منه اكثر البشر، بل هؤلاء خلقوا من تكوّن خاص جاء من عوالم خاصة وهم معدودون ولغايات خاصة، بعدها يقول: فإذا اشتقت إلى الجنة شممت رائحة فاطمة سلام الله عليها[3]، فمن الطبيعي مع هذه الجاذبية الكبيرة ان يتحقق هذا الشيء.

الزهراء لها ما لها ومنها ما هو اليها

الزهراء سلام الله عليها في تربيتها لها ما لها ومنها ما هو اليها يعني امران مهمان لابد وان نلتفت اليهما؛ لها ما لها، انها حظيت ان تكون في حضن النبي (ص) الذي هو اشرف انسان، اطهر انسان، اكمل انسان، شرّف الوجود فهذا مقام خاص ان تتقلب الزهراء سلام الله عليها بين يدي الحبيب المصطفى (ص) وفيه الشيء الكثير من الانعكاس على ذات فاطمة، واما منها واليها فمن هنا جاء الاول ومن هنا جاء الحديث النبوي الشريف الذي يقول فاطمة مني وانا من فاطمة[4] وايضا فاطمة ام ابيها[5] نقلها الفريقان. اما منها واليها فمن تربى على يديها وهما الحسن والحسين عليهما السلام، مدرستان خطان لكل خط خصائصه لتكون من خلال ذلك لهما الحجة علينا نحن الناس طبائع، ملكات، قدرات ما تستطيع عليه انت ربما لا يستطيع عليه الآخر.

كون الناس على مراتب واهمية حمل الآخرين على محمل الخير

الامام الصادق(ع) يقول لاحد اصحابه: «يا عبد العزيز إن الإيمان عشر درجات بمنزلة السلم يصعد منه مرقاة بعد مرقاة فلا يقولن صاحب الاثنين لصاحب الواحد لست على شيء حتى ينتهي إلى العاشرة فلا تسقط من هو دونك فيسقطك من هو فوقك وإذا رأيت من هو أسفل منك بدرجة فارفعه إليك برفق ولا تحملن عليه ما لا يطيق فتكسره فإن من كسر مؤمنا فعليه جبره»[6] ليس من الصحيح ان تقول لشخص ليس لديك قابلية او لا أشعر بانك تحمل شيء من المعرفة، لانه ربما تكون المساحة لا تساعد أو الظرف الزمني أو الظرف المكاني لا يساعد، ايها الاحبة! نحن في حياتنا وفي هذه الاوضاع التي نمر بها ربما انا أرى شيئا وألحظ شيئا لكن غيري لا يلحظه كما الحظه انا، ربما لديك الاستعداد ان تخطو خطوات للامام لكن انا احجم عنها على ان احملك على محمل الخير ويجب عليك ان تحملني ايضا على محمل الخير، اذا كان مسلكنا في الحياة ان نخطئ الآخر دائما وابدا هذا معناه بداية النهاية، بداية الشتات والضياع والاضمحلال والعدم في نهاية المطاف، لكن اذا التمسنا الاعذار يعني التمس الواحد العذر منا للآخر، مثلا طلبت من شخصا ما ان يقدم لي شيء من المساعدة في قضية من القضايا، الا انه اعتذر، حينها عليّ ان احمله على سبعين محمل من الخير في عدم قيامه بالمساعدة ربما هو يلحظ ما لا الحظه فلا ينبغي عليّ ان احطم جميع هذه المحامل الخيرة التي اراد لنا اهل البيت عليهم السلام ان نحمل الناس عليها ونتمسك بما يوسوس لنا الشيطان في داخلنا او ما تؤمنه لنا قراءاتنا الناقصة والغير الواعية والمكتملة لكل مهمات القضية، لابد ان نحمل اخانا على خير، لانه ما لا يحصل اليوم يحصل غد، ما لا يقوم به محمد اليوم يقوم به علي، هذه الحياة تستمر وتستقيم وتصل، نعم يختلف من يعمل عمن لا يعمل، او من يعلم عمن لا يعلم، يختلف الانسان الذي يقدم الكثير ربما تصل الى حالة من الجود او حالة من الايثار لكن هي مقامات، قد يكون الانسان كريم ولكن لا يستطيع ان يصل الى مقام الايثار بالتالي هذه هي مراتب، لكن في حياة اهل البيت عليهم السلام المسارات واضحة بينّة، الامام الحسن (ع) يرسم معالم مشهد الصلح، الهدنة، المحبة، التوافق هذا مسار، يأتي الامام الامام الحسين (ع) يحمل راية الاصلاح، هذا مسار في وسط الامة لكن لا ينبغي ان امسك جميع الامور، لان فلان احجم في قضية او لان فلان اندفع في قضية انا احاربه واقوم باستئصاله، اذا كان هذا الحال هو السيد بمواقفنا القضية سوف تذهب للبعيد حينها سنضيع في المستقبل.

الدروس المستوحاة من حياة الزهراء سلام الله عليها

منها واليها الحسن والحسين ما الذي علينا نحن ان نقرأه في حياتهم و ما هي الدروس التي نستطيع ان نستوحيها لتنعكس على سلوك ابناءنا، السيدة الزهراء سلام الله عليها كانت اذا همّ الامام الحسن والامام الحسين عليهما السلام بالذهاب الى المسجد كان للزهراء بصمة هذه البصمة ارادت منا ان نفك شفرتها وان نجعل منها واقعا يسير في حياتنا، الزهراء سلام الله عليها كانت اذا اراد الحسنين عليهما السلام الذهاب للصلاة خلف رسول الله (ص) كانت تلبسهما انظف ثيابهما، بالطبع كل ثيابهم نظيفة لكن الانظف بينهما متقدم، ترجل شعريهما، تقوم في تمشيط شعر الامام الحسن والحسين عليهما السلام، تلمسهما شيئا من الطيب، وان كانا هما اطيب من الطيب لكن حتى نحن نتعلم، لان القرآن يدعونا ويقول: ﴿يـٰبَنى ءادَمَ خُذوا زينَـتَكُم عِندَ كُلِّ مَسجِدٍ﴾[7] في الاماكن المشرفة المقدسة ينبغي ان نظهر فيها هذه الصورة، فعندما أريد ان اذهب الى حرم النبي (ص) رزقنا الله واياكم شرف الوصول الى عتبته الطاهرة او الى عتبة من عتبات المعصومين عليهم السلام ينبغي ان اعد نفسي اعدادا تاما لاني سوف ادخل في حضرة العظيم في الحرم المكي جبار السموات والارض، في المدينة المنورة سيد البشر سيد الانبياء والمرسلين فلابد ان استحضر الذوات، لا يصح ان أذهب وأنا ألبس ملابس لا تتناسب والمكان، لان الشخص اذا استدعي مثلا لقضية ما في دائرة معينة تراه يرتب وضعه قبل اللقاء‌ بساعات، وهو يريد ان يدخل الى انسان عادي! اما بالنسبة لبيوت الله فالامر يختلف، في الاماكن المقدسة الامر يختلف تماما فلابد للانسان أن ياخذ الحيطة في هذا الجانب.

اشارة الى بعض النقاط التربوية

تربية السماء للزهراء جرت على يدي النبي الاعظم محمد (ص) وهي ربت حسنا وحسينا على نهج السماء بواسطة النبي محمد (ص) فهناك نقاط ينبغي ان نتوقف عندها ومنها:

زرع القدوة الصالحة في ذهنية النشىء

اذا اردت لوليدك ان يصبح كبيرا اغرس في ذاته الشخصية الناضجة، القدوة الصالحة نحن اليوم ما هو الذي يخطر في ذهن ابناءنا عندما يصبحون في ذهن الاغلب الاعم الاكثر منهم هو التفكير باللاعب الفلاني أو... وانا لا اذهب الى الابعد.. فاللاعب الفلاني يكون قدوة هذا الابن، لاننا لم نغرس القدوة الحقة التي ينبغي ان تغرس منذ الايام الاولى في ذهنه، اليوم عندما نمسك على سبيل المثال باحد ونقول من قدوتك في الحياة افضل من فيهم يقول ابي، لان اللبنة الاولى لم توضع في مواضعها، القدوة التي ينبغي ان تتبادر لذهن النشء عندما يسال ان يقول: محمد وآل محمد، هذا من اين يتحصل؟ اذا كانت اسماءهم تستحضر في البيت دائما، سيرتهم تستحضر في البيت دائما، لفت النظر اليهم، ربط الصلة معهم في الامور تسير في هذا الاتجاه، بعضهم اليوم يشكل ويقول لماذا عندما تقوم تقول يا علي، او ترفع شيء تقول يا علي! هذا لون من الوان غرس القدوة وتثبيتها عند النشء.

المراقبة المدروسة والدقيقة

الامر الثاني الملاحظة والمراقبة اليوم الوضع مقلوب على بعضه لا تعرف من اين يتسرب الشيطان، وفي اي لباس يتلبس ابليس فيجب ان تكون عندي رقابة لا يكفي ان اهيئ الاموال لاولادي والبسهم احسن الملابس واقلدهم افضل السيارات.. هذا ليس هو المبلغ من الدنيا ناهيك عن الآخرة، هناك عوالم تنتظرنا اشرف واكمل واتم، اطال الله اعمار الجميع خصوصاً آبائنا الموجودين الله يعطيهم العافية ان شاء الله، فمسالة المراقبة شيء مهم لكن يجب ان لا ندخل مع ابنائنا في حالة من انعدام الثقة اراقبه لكن لا على مسلك التشكيك، لانه ما لم ازرع الثقة معه فان الامور سوف تذهب ادراج رياح، نقض الغرض يتحقق في الخارج فالملاحظة والمراقبة بمعنى تحسس لا تجسس، اي حركة غريبة، اي كلمة غريبة التقطها رتب الآثار عليها، لكن لا تفتش عنها، لا تحاول ان تباغت الولد في غرفته الخاصة لتطلع على ما يقوم به من الفعل هذا ليس من حقك، لانه يتسبب في عدم الثقة، كسر الجسور الممتدة بينك وبينه كأب وابن، بل لابد ان يكون الامر يدور حول دائرة لو حصل شيء في مرأى العين او مسمع الاذن حينها ترتب الآثار، لا ان أذهب الى‌ الشارع افتش عن أبني مع من يجالس وماذا قال وماذا فعل، لكن لو وقع شيء او وصل شيء ارتب الاثار عليه، فيجب ان لا نغفل هذا الامر ولا نرفع اليد عنه.

العقوبة المقننة

 الامر الثالث العقوبة المقننة المسيّجة بسياج الدين لا الضرب المبرح ولا كسر الاعضاء، لان هذا لا يولد الا النفرة ولا يخلق اجواء الاصلاح وانما يورث نارا لا تبقي ولا تذر، تبدا به وقد لا تنتهي باسرته وباهل بيته فلابد ان نلتفت، نعاقب، نحسسه باننا لسنا راضين عنه، الاب مثلا يعرض عن ابنه مدة يوم واحد يعني الولد يريد ان يكلم الاب، لكن الاب غير راضي عنه حينها ستصل الرسالة له بان ابيه غير راضي عن تصرف معين، حينها الولد سوف يأتي ويعتذر، لكن اذا هو من البداية‌ يستلمه ويصفعه في وجهه و.. لا تفكر بان الامور ستستقيم الامور ابدا، كل مدارس التربية تقول هذا الشيء، حياة ائمتنا، سيرة ائمتنا مع ابناءهم كانت هكذا وهو تعامل فريد من نوعه.

الاهتمام بالشعائر الالهية

الامر الاخير ممارسة العادات هذا شيء مهم نحن باعتبارنا محسوبين على مدرسة اهل البيت عليهم السلام، ما هي عاداتنا؟ هي وفيات ومواليد اهل البيت عليهم السلام فلابد ان نكثفها وان نشارك فيها وان نتسبب في احيائها ائمتنا يطلبون منا ويقولون لنا «تجلسون وتتحدثون؟ ... فأحيوا أمرنا، فرحم الله من أحيى أمرنا»[8] فهذه الممارسات عندما تتحول الى سلوك، الى ممارسة، الى عادة مالوفة ومانوسة حينها سترشد مجتمعاتنا، نحن اي شيء وصل الينا وما هو الشيء‌الذي جعلنا نكون في هذا الوضع الذي نحن فيه؟ لولا هذه الاعواد (المنبر)، لو ان اتباع مدرسة اهل البيت عليهم السلام لم يقدم لهم الامام الحسين (ع) هذه الاعواد المسمات باسمه «منبر الامام الحسين (ع)» لما وصل الينا الكثير، وربما ذهب الكثير من الناس الى مسارات هنا وهناك لكن عندما نجتمع ونحيي امرهم حينها ستستقيم الأمور، ولا يتصور شخص بان هذه اشياء مستجدة، بل ان ائمتنا غرسوها في وسط الامة، الامام زين العابدين في الشام وبعد كل هذه المسافة الطويلة التي سار بها الركب على النوق العجل، ركب بين ثكلى ويتيم، لكن وضع حجر الاساس وقال ليزيد: اتسمح لي ان اصعد هذه الاعواد! فهذا المنبر هو امتداد لذلك، هذا المكان الطيب المبارك بانوارهم عليهم الصلاة والسلام من خلال وجودكم وحضوركم فيه الامور ستستقيم ان شاء الله، الزهراء سلام الله عليها ام ابيها، الزهراء سلام الله عليها امنا جميعا، علينا ان نحياها لانها ستفتش عنا في يوم من الايام، فلو اننا لم نحسب عليها لما فتشت عنا، لان هناك كثير من لا تفتش عنهم يوم القيامة، بل تعرض وجهها عنهم كما اعرضت عن البعض في الدنيا، يوم القيامة ستفتش عني وعنك وعن المومنين وتلتقط شيعتها كما يلتقط الطير الحب الجيد من الحب الرديء فطوبى لمن نادته الزهراء باسمه فاجاب[9] .. نسال من الله سبحانه وتعالى ان يجمعنا واياكم على حبهم، ان ياخذ بايدينا وايديكم، ان يجعل هذا المحل عامرا ان شاء الله بفضل اهل البيت عليهم السلام وبوجودكم وحضوركم، ان ياخذ بايدي العاملين والقائمين والباذلين، نسال من الله سبحانه وتعالى ان يمد في اعمار شيبتنا وان يلبسهم الصحة والعافية كذلك الامهات ايضا ان يمد في اعمارهم، الاخوات ان يحفظهم وان يسدد خطاهم، ان يلبس المرضى منهم ثوب الصحة والعافية، وان يقسم لنا ولكم في الدنيا زيارة اهل البيت عليهم السلام في كل المكان، وفي الآخرة نيل الشفاعة على ايديهم. ان الله وملائكته يصلون على النبي يا ايها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما،‌ والسلام عليكم ورحمة‌ الله وبركاته.