نص كلمة بعنوان: القراءة الصحيحة لفريضة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر

نص كلمة بعنوان: القراءة الصحيحة لفريضة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر

عدد الزوار: 444

2014-01-31

 

النبي (ص) رحمة للعالمين

 الحديث عن النبي (ص) حديثٌ عن مسيرة كون هي الأرض والسماء في عالم الدنيا وهي الجنة بكل أبعادها فيما تعنيه كلمة الرضوان في عالم الآخرة ﴿و رِضوان مِنَ الله اَكبَرُ[1] النبي (ص) بُعث هادياً ومبشراً وهُدي رحمة كبرى في مجتمع فيه من التناقضات الشيءُ الكثير رفع لواء الهداية وبشّر بالسعادة وأخذ بيد الأمة ما استطاع إلى ما أراد أن يوصل إليه. من حوله كوكبةٌ لها ثقلها في الميزان على رأس الكوكبة عليٌ عليه السلام هذا بالنسبة للمدد الأرضي؛ أما المدد السماوي فيكفي أنه يضاف إلى الله فيقال محمد عبده ورسوله .كان المجتمع يحتاج إلى هداية لشدّة ما كان فيه من الإركاس في عوالم الظلمة والجهالة، السلاح الأمضى؛ اما الكلمة أو السيف أو هما معاً كانت الكلمة مقدمة والكلمة بما تعطي من معاني ومداليل لها سعتها وامتداداتها في الآفاق لذلك ﴿كَلِمَةُ الله هِي العُليا﴾[2] المسافر بهذه الكلمة هو النبي الأعظم محمد (ص) ﴿كُنتُم خَيرَ اُمَّةٍ اُخرِجَت لِلنّاسِ تَأمُرونَ بِالمَعروفِ و تَنهَونَ عَنِ المُنكَرِ و تُؤمِنونَ بِالله[3] هذه الصفة التي حصّلت لها أو تحصلت على تجسد لها ولا أقل في حيات النبي وما ضر أن تكون هنا أو هناك بعض الهنات التي سرعان ما ترتب عليها اثر وتفرع عنها فروع بعد غياب الحبيب المصطفى (ص).

اهمية ودور الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

واحدٌ من أهم بل أشرف وأقدس الفروع التي اعتنى بها الإسلام طوال مسيرته وحيث أنه يحظى بسمة الفرعية الدينية فمعنى ذلك أنه لا يمكن رفع اليد عنه في أي زمن وفي أي مكان مهما كانت صفة القضية شدةً وضعفاً لذلك نهض الأولياء والصالحون بهذا الفرع وقدموه على سائر الفروع والحق في ذلك؛ لأنه متى ما غاب هذا الفرع عن واقعنا انهارت الكثير من فروع الاسلام؛ يعني لا صلاة ولا صيام ولا حج ولا خمس ولا زكاة ولا جهاد ولا ولاء ولا براءة وكل هذه الفروع الدينية مرتبطة ارتباطاً أصيلاً بهذا الفرع لذلك ضحى سيد الشهداء رضوان الله تعالى بنفسه الطاهرة المطهرة من أجل أن يبقى هذا الفرع يعيش حيويته وحركته في وسط الأمة: «وإنما خرجت لطلب الاصلاح في أمة جدي صلى الله عليه وآله أريد أن آمر بالمعروف وأنهى عن المنكر»[4] أن الإمام الحسين لم يقل: انما خرجت من أجل أن أصلي، من أجل أن أصوم؛ لأن هذا متحصل لكن الأمر بالمعروف هو الأساس في كل ذلك.

الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ينقسم إلى قسمين: واجبٌ ومستحب؛

الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الواجب؛

ما ارتبط بالأمر الواجب اتصف بصفة الوجوب في دائرة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أو دخل في آفاق الحرمة فالنهي عنه أيضاً يكون مستوجباً للاتصاف بصفة الوجوب وهذا الوجوب هو وجوب كفائي لا عيني بمعنى انه لو قام به جماعة سقط عن الآخرين، وربما البعض لا يتعاطى مع هذه النتيجة على ما ينبغي أن يتم التعاطي معها بمعنى ان نفرّط في مستوجبات هذا الفرع بناءاً على الاتكالية على أن جماعة قد قاموا بهذا التكليف لذلك ربما لبّس هذا الامر حتى على جماعة عاشوا في زمن الإمام الحسين بن علي بن فاطمة بنت النبي محمد (ص) ونلمس هذا حتى في واقعنا المعاش اذ يتنازل البعض منا عن تعاطي هذا الفرع بناءاً واتكالاً على أن شريحة من المجتمع قد نهضت بتكاليف هذا الأمر فلنقل رجال الدين مثلا، وكأن البعض يثني مسؤوليته من هذا الفرع؛ لأن هناك طبقة من رجال الدين تنهض بهذه المسؤولية، النتيجة ان هذا الكلام لا صحة له لماذا؟ لأن رجل الدين مهما أوتي من قوة ومهما أوتي من علم ومهما أوتي من قابلية ومقبولية عند الغير يبقى في ضمن حدود دائرة ضيقة فلا يعني ذلك أن القيام بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في هذه المساحة قد اسقطت التكليف عن الآخرين في المساحات الأخرى، لذلك كان من المتعيّن على الإنسان المؤمن، المسلم أن يشخّص حدود التكليف الذي على أساس منه يكون ملزماً أو لا يكون ملزماً.

الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر المستحب؛

ثم القسم الثاني وهو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر على انه ذلك الفرع إلا انه يتنزل إلى مرحلة الاستحباب كما لو كان المأمور به أمراً مستحباً كمن يأمر بصلاة الليل، بدفع الصدقة، بالتعاون بين المؤمنين، بنشر روح المحبة في الآفاق وفي الأسر او الدعوة لزيارة الإمام الحسين أو المشاركة في مجالس الدعاء أو أو... هذه الأمور مستحبة الدعوة لها والتوفيق للدعوة لها يبقى في حدود دائرة المستحب هذا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر البعض ربما أيضاً لا يحدد ما يمكن أن ترفع الراية فيه وما يمكن أن تطرح الراية فيه لذلك يتلبس هذا الكثير من الناس هذا الأمر.

معرفة المعروف والمنكر وتشخيصهما

الأمر الأول هو معرفة المعروف تشخيص المعروف ومعرفة المنكر وتشخيص المنكر البعض منا يخلط من حيث المصاديق في الخارج وهذا الخلط المصداقي يوجد وقوع الإنسان المكلف الذي يرغب ان يخلص ذمته من غائلة هذا التكليف في المحذور يعني هو يتصور انه يبني ويصلح في حين هو يفسد وهذا في مرده يرد الى هذا الجانب ألا وهو عدم القدرة على التمييز بين المواضيع الخارجية بل ربما بعض من الناس تسبب في نفرت المؤمنين من دائرة الدين والالتزام بناءا على أنه حمله ما لم يتحمل. تصور الآمر والناهي ان هنالك منكراً فأراد ان ينهى عنه بينما الواقع ان هذا الامر لا يتصف بصفة المنكرية، او تصور هذا الانسان ان هذا الامر واجب لذلك يندفع في الحد عليه بينما في الواقع هو لم يكن كذلك وهذا له مصاديق كثيرة لا اريد ان اقف عليه كثيرا لكن اذكر أمثلة بسيطة لكي اقرب المعنى: مثلا يدخل عليك شاب وهو حليق اللحية بناء الشخص عندما تلتبس عليه الامور ان هنالك منكرا ولا بد من النهي عنه، اولاً عليك ان تبحث عن حيثيات الموضوع لماذا عمد هذا الانسان لحلق لحيته ربما كانت من اجل وصية من طبيب، او ربما يكون يعيش حالة من التستر وما الى ذلك، ربما يكون يعمل في جهة عسكرية من نظمها وانتظامها حلق اللحية ولا مناص له من ذلك. لكن البعض يتسرع وفي اللحظة الاولى يريد ان يدخل في جزئيات الجزئيات ويستخدم الامر بالمعروف العنيف والمنفر للطرف المقابل اذ لو تريّض وتأنى لانكشف وتبين له الامر وأمّن محبة الطرف الآخر وأخذ بيده الى الجادة.

قصة قصيرة وهادفة

انقل لكم قصة قصيرة ولطيفة مهمة وهادفة؛ في زمن الدولة العثمانية في العراق وتحديداً في زمن آية الله العظمى السيد محمد كاظم اليزدي كان قائمقام النجف يترد على بيت المرجعية السيد محمد كاظم اليزدي الذي كان المرجع العام تقريبا مع الشيخ الآخوند فتردده الى منزله وهو حليق اللحية ومفتول الشوارب كان ملفتاً للنظر، في يوم من الايام كان احد المعممين جالساً في ذلك المجلس ورأى هذا الشخص بهذه الهيئة، فاراد ان يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر (عجباً! أليس المرجع جالس بجنبك؟ دع المرجع يقوم بمسؤولياته ودوره!) فهذا المعمم الذي كان جالساً بجانب المرجع نزل في ذلك الرجل اي القائمقام الذي كان في لباسه المدني العادي وفي تصوره انه يقوّم هذا الانحراف الظاهري فانتهى المطلب على انه نعته بنعوت كثيرة مثل من حلق لحيته تشبه بكذا وكذا... (بالمناسبة ان اليهود لحيتهم طويلة) فهذا الرجل طبعا لملم الامور ولم يتحدث بشيء ولم يرتب أي ردة فعل فالسيد محمد كاظم اليزدي (رحمه الله) التفت الى هذا الرجل المعمم الجالس الى جانبه وبعد ان وضع يده على كريمته المقدسة فقال له: يا فلان! (هل وقفتم على المقصود؟) بعد فترة من الزمن وفي يوم من الايام كان هناك استعراض عسكري في داخل مدينة النجف في ذلك الزمن كان قائد المسيرة العسكرية هو هذا الشخص حليق اللحية الذي كان جالس بجانب السيد كاظم اليزدي رضوان الله تعالى عليه فابصر الشيخ من بعيد فخرج من الطابور العسكري وجاء الى ذلك الشيخ وضربه على رقبته وقال له: هل فهمت ما يقول السيد المرجع؟ .

تشخيص الموضوع وتشخيص المصداق شيء مهم لا يمكن ان تكون مثل هكذا أمور بدون تأني وتريّض بل يتحتم على الإنسان المؤمن ان يتريّض في هذه الأمور حتى يتبيّن له الأمر بعد ذلك يقوم بما يلزمه، بل اكثر من ذلك حتى بعض السلوكيات التي هي في ظاهرها يبدو الانحراف كتصرف بسيط قد يصدر من بعض الاشخاص، فنتصور ان الدنيا قد قامت ولم تقعد! لا أبداً، اذا ما اردنا ان نعالج مشكلة ما فإنها لا تعالج بالسب واللعن والرمي بالحجارة وما إلى ذلك من الأمور الفظة الغليظة هذه ليست أساليب النبوة، النبي (ص) في امره بالمعروف ونهيه عن المنكر كان كالطبيب الدوار بطبه، فيجب علينا ايضا عندما نريد ان نأمر بالمعروف وننهى عن المنكر ان نشخص الامر أولاً أي نشخّص المرض، سعته وعمقه، خطره على الشخص، على المجتمع بل على الامة بعد ذلك نندفع في سبيل اصلاح ذلك الوضع.

احتمال التأثير

 الامر الآخر، احتمال التأثير شرط مهم اذا كان الامر بالمعروف والنهي عن المنكر لا يغير شيء ولا يسوقه نحو الافضل يسقط الامر بالمعروف والنهي عن المنكر وهنا نضع اليد على الجروح، البعض يقول: لماذا رجال الدين لا يقومون بدورهم؟ هنا ايضا تبدأ مرحلة تشخيص المصداق وعدم تشخيص المصداق كيف؟ الرجل الذي ربما شخّص ان الامر بالمعروف والنهي عن المنكر مع زيد من الناس او مع الجهة الفلانية او الجماعة الفلانية لا تجدي نفعاً لذلك تخلى عن هذه المسؤولية تفتح الابواب من الجهة الثانية يقول: انظروا كيف هذا الذي هو رجل دين لا يأمر بالمعروف ولا ينهى عن المنكر اولاً من الذي قال بان الامر بالمعروف والنهي عن المنكر هي وظيفة رجل الدين على نحو الحصر؟ رجل الدين بقدر ما هو مطالب ايضا سائر ابناء الأمة هم مطالبون، احيانا اكثر من ذلك قد يكون رجل الدين هو الموضوع للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من قبل عامة الناس كما ان له الامر بالمعروف والنهي عن المنكر طبعاً المنكر في وسط الأمة كذلك ايضا للامة ان تعي لهذا وتفعّل هذا الفرع في وسط رجال الدين على فرض انهم اوجدوا ارباك أو شيء من هذا القبيل في وسط الأمة المنكر ليس بالضرورة ان يرتكب الانسان الفحشاء الذائعة البينة، المنكر منكر، الكذب منكر الربا منكر شق صف الجماعة الواحدة منكر وما الى ذلك من الامور... يعني ليس المنكر ان هذا الشخص لا يصلي فهو منكر الاب في بيته عليه ان يفّعل هذا، الابناء في بيتهم ايضا عليهم ان يفعلوا الدور، فقد يكون أحيانا الأب يحتاج الى من يأمره بالمعروف وينهاه عن المنكر واحيانا العكس فالمسؤولية ليست محصورة في هذا الجانب فربما ان رجل الدين شخّص بان التكليف قد سقط عنه في هذا المورد لكن انا أتي واقول لا والله هذا تكليفه وأبدا بمهاجمته! انت من خلال كلامك ارتكبت منكرا وتحتاج الى ناهي ينهاك عن هذا المنكر لان ليس لديك مبرر شرعي لمهاجمة رجل الدين و هذه واحدة من الاشكاليات الموجودة.

العلم باصرار مرتكب المنكر وتارك الواجب

 الامر الآخر هو ان يعلم الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر علما قطعيا ان مرتكب المنكر وتارك الواجب مصر على ذلك الامر واما اذا كان مثلا عابر سبيل حصلت له خطيئة ولم يطلع عليها أحد فهذا الامر يختلف عن اولئك المصرين على ارتكاب المنكرات او ترك الواجبات فالأحكام هنا تختلف، لدينا أحكام ثانوية تسقط الاحكام الوجوبية ترفع مسئولية التكليف في هذا المورد هو ظاهر بيّن للمكلف المؤاتي للفعل بينما هو معم علي انا كإنسان ارغب بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر اذا اخذ الاصرار على ذلك الفعل لا حينئذ يكون ممن يغادر مساحة اداء الواجب هنا يفعّل دور الامر بالمعروف والنهي عن المنكر ايضا هنالك عدم ترتب ضرر او مفسدة على حركة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر متى تترتب هذه؟ تترتب على فرض ان الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر لا يحمل صفة العلم فيما يتحدث به من موضوع الامر والنهي ويفترض اذا ما كان الموضوع مشخصاً تشخيصاً تاماً ودقيقاً واسقط عليه الامر والنهي ان يؤتي ثمراً طيباً لا أن يؤتي ثمراً فاسداً لأن النتيجة تتبع اخس المقدمتين فمتى ما تمت المقدمات حينئذ النتيجة حسنة ومرضية وموصلة الى هدف.

الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ايضا له مراتب احيانا يحصل عندنا الخلط بين هذه المراتب لذلك تأتي النتيجة عكسية سلبية لا توصلنا الى ما هو المطلوب من تشريع هذا الفرع المقدس الذي طالنا واكدت عليه الشريعة المقدسة وفعّلته قولا والروايات في ذلك كالسيل العرم وايضا الممارسة العملية الذي تجسدت من النبي (ص) مروراً بكوكبة الإمامة ختماً بالخلف الباقي من آل محمد عليهم السلام. 

اظهار الاستياء

 احد هذه المراتب هي اظهار حالة الاستياء امام الانسان المرتكب للمنكر او متخلي عن اداء الامر الواجب، ولا يمكن لاحد ان يزكي نفسه على الاخرين؛ لان الجميع لا يحظى بعصمة اللهم الأمور تتفاوت فيما بين الناس شدةً وضعفاً فقد تأتي الكثرة من طرف ولا تأتي بالكثرة نفسها من الطرف الآخر، فإظهار حالة الاستياء وعدم الارتياح من الانسان المرتكب هذا يعتبر ضرب من ضروب الامر بالمعروف والنهي عن المنكر وبه يتقرب الانسان الى الله سبحانه وتعالى لكن حتى اظهار حالة الاستياء لا تستدعي ما هو الموجود اليوم في الساحة من القطيعة بين الارحام والتمزيق للمجتمعات وعدم المصافحة والمدابرة الحاصلة بين الاخ وأخيه والصديق وصديقه وابناء المجتمع وابناء هذه القرية وتلك وابناء هذه المدينة وتلك وكذلك هذه ليست من مصاديق هذا الاستياء، اظهار الاستياء حالة في مورد معين ثم يغادرها الانسان، رأيت زيد من الناس يرتكب هذه الخطيئة فاظهرت له حالة من عدم الارتياح ليس معناها الاصرار على حالة عدم الارتياح حتى قيام الساعة! لا ابدا، اذا كان اظهار حالة من عدم الارتياح والاستياء قد ادى الغرض فبها ونعمة واذا لم يؤدي الغرض سقط عنك التكليف لانك في الفرض امرت بالمعروف واظهرت حالة من الاستياء هذه المرحلة الأولى، المرحلة الثانية المرحلة القولية وهذا السلاح هو أمضى سلاح استخدمه النبي محمد (ص) القرآن صريح وواضح والآية ايضا امتدحت الامة لانها تامر بالمعروف وتنهى عن المنكر، القرآن في الآية التي استفتحت بها امتدح الامة المسلمة؛ لانها رفعت هذا اللواء ولانها فعّلته في وسطها لذلك وصلت الى ما وصلت اليه.

القراءة الصحيحة لفريضة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر

 القرآن مملوء بالآيات المحشدة في هذا الجانب والروايات كذلك من الكثرة بما كان، امامك هذه الأصول الاربعة الكافي والتهذيب ومن لا يحضره الفقيه وجوامع الأحاديث كثيرة من البحار ووسائل الشيعة والوافي و... هي كثيرة فيها الآلاف من الروايات تصب بهذا الجانب تأصّل وتفرّع وتقسّم وتطرح وما الى غير ذلك نحن مشكلتنا ايها الاحبة صحيح نؤمن بمحمد (ص) رسول الله، صحيح نؤمن بالاسلام رسالة، صحيح نؤمن بالقرآن كدستور، نؤمن بأهل البيت عليهم السلام أئمة وقادة وان طاعتهم والامتثال اليهم مفروض على آحاد الأمة، لكن حين العمل حين المباشرة نرى ان المسافة بعيدة لماذا؛ لان قراءتنا قليلة وعلى فرض اننا قرأنا لا نفعّل هذه القراءة كواقع في داخلنا ولا منبسط على المجتمع ما بين ايدينا وهذه اشكالية مهمة ويلزم الالتفات اليها.

 القول قد يكون من الخطيب قد يكون من امام الجماعة قد يكون منك باعتبارك رب الأسرة قد يكون من الابن قد يكون من رئيس الدائرة او...  كل هؤلاء يمكن ان يذهبوا بهذا الدور بل جميع من يؤمن بشريعة النبي (ص) عليه أن يفعّل ولو بهذا الجانب ولكن أيضاً قدوته في ذلك النبي الأعظم ﴿ لَقَد كانَ لَكُم فى رَسولِ الله اُسوَةٌ حَسَنَةٌ[5] ماذا كانت حركة الرسول مع الامة تصوروا مثال بسيط انقله لكم؛ النبي دخل مكة فاتحا لواء الحمد في يد علي عليه السلام «اليوم يوم المرحمة» لما دخل النبي مكة من الابطح مكة كما تعلمون ناهضت النبي في أكثر من موطن كسرت رباعية النبي، آذت النبي في أكثر من موطن وموطن أي شيء تتصوره الذهنية القرشية وقتها ان النبي دخل منتقما بل ليس فقط اصحاب مكة بل حتى بعض الذين كانوا في ركب النبي وفي ركب الفتح عندما اندفع احدهم بالراية من الأبطح أيضاً يريد أن يدخل مكة متقدما قال: «اليوم يوم الملحمة اليوم تسبى الحرمة»! فقال له النبي (ص): مه! ارجع وقال لعلي عليه السلام يا علي ارفع راية الحمد ونادي بنداء الحمد: «اليوم يوم المرحمة اليوم تحمى الحرما: ثم قوله المعروف عند الكعبة: «اذهبوا فانتم الطلقاء»[6] اذا لماذا لم ينتقم النبي منهم؟ لماذا لم يعذب احدا؟ لماذا لم يصلب احداً؟ لأنه الرحمة الكبرى المهداة من قبل الله سبحانه وتعالى؛ ولأن الأمر بالمعروف إلى الآن بعد لم يأخذ موقعه، اذ الأمة لحد ذلك اليوم لم تدخل الاسلام لكن عندما وجدوا سعة في صدر النبي، لما رأوا صدقية الرسالة، لما رأوا آفاق الرحمة في ذات النبي (ص) فحينئذ كما يقول القرآن الكريم: ﴿و رَاَيتَ النّاسَ يَدخُلونَ فى دينِ الله اَفواجا[7] دخلوا في دين الله افواجا حينئذ بدأت مرحلة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، أما الانكار بالضرب ومع شديد الأسف أقول مع شديد الأسف بدأت بعض الممارسات في تقويم الاخطاء في دائرة المنكرات أو ترك الواجبات على حساب الضرب. مرحلة الاستياء يقوم بها المكلف مرحلة الأمر والنهي بالقول يقوم بها المكلف مطلق المكلف؛ أي إنسان لا فرق بين عالم او غير عالم، كبير صغير، رجل مرأة، لكن مرحلة الضرب هذه مشروطة بحكم الحاكم الشرعي ليس من حق أي إنسان أن يقوم بهذه العملية لكن مع شديد الأسف كما قلت لكم هناك بعض المظاهر الناتئة والمحسوبة بدأت توجد لها أرضية في وسط المجتمع طبعا هذا الامر لا يجوز، ليس من حق اكبر عمامة كانت ما لم تكن تحت مضلة الحاكم الشرعي أن تجري حد شرعي، ليس من حقهم، شخص غريب من بلد من البلدان لتصرف خاطئ او سيئ يلزمونه ويجرونه ويجلدونه! بأي حق يقومون بهذه الاعمال؟ أو بإحدى القرى مسكوا باحد الشباب وحلقوا شعره! من انتم حتى تقومون بهذه الاعمال؟ من الذي اعطاكم هذه الولاية؟ الولاية للفقيه الجامع للشرائط الذي تجتمع فيه الشروط بحيث يصبح حجة على آحاد الأمة ليس أي إنسان، كونه يمتلك قوة وعنده مجموعة يقوم بما تهوى به نفسه. تكليفك في تلك الحالة ان تؤمر بالتي هي أحسن. أنا اقول هذا الكلام وأنا مسؤول عنه: بانه لا يوجد مثل شبابنا اليوم ولا يوجد أطيب واطهر وأحسن منهم.

 لكن علينا أن نستوعب هذا الشباب بقلوب مفتوحة بنفسيات منشرحة زمن التعند والتعنت، زمن الدعوشة، زمن الرجعية الصرفة ولى وانتهى، شبابنا انفتح على العالم من حوله علينا أن ننفتح معهم كي ينفتحوا علينا حتى نصل الى نتيجة مرضية تدخل السرور على قلب النبي الأعظم الذي نعيش في ذكرى مولده الشريف، أما إذا فقط نعيش في حالة من المسافات البعيدة بيننا وبين جيل الشباب النتيجة؛ اذهب وابحث عنهم ولا تجدهم. اليوم الشباب الطيب يأتي الى المسجد والى الحسينية ويشارك معك في كل مصيبة عليك ان تخرج شيء من وجودك شيء من كينونتك حتى تستبصر، عندها ستصل بهم الى مدارج الكمال قد طوّلنا عليكم لكن رواية واحدة اقرأها، في حديث عن النبي (ص) انه قال: «إذا أمتي تواكلت الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فليأذنوا بوقاع من اللَّه تعالى»[8]

وقفة قصيرة حول فرحة الزهراء عليها السلام

قضية بسيطة جداً هي فرحة الزهراء سلام الله عليها وهي ممارسة كانت من القديم والى اليوم يتم التعاطي مع هذه المناسبة، هناك مجموعة من المؤمنين وعلى رأسهم سيدنا القائد حفظه الله تعالى صارت عندهم توجيه لهذه الحالة من الممارسة وارادوا ان يفتحوا آفاق أوسع للأمة ـ لا ان يرفعوا يدهم عن المناسبة ـ فتم التركيز على تتويج الحجة عليه السلام في هذا اليوم. صاح البعض أن هذه بدعة! هل أن تتويج الحجة بدعة لماذا؟ اذا كان هذا الامر بدعة فلماذا النبي (ص) يوم الغدير فعل هذا؟ النبي محمد (ص) توّج الامام علي عليه السلام بالإمامة. يقولون: لماذا الإمام الحسن لم يتوج؟! لماذا الإمام الحسين لم يتوج؟! لم يتوّجوا لان ظروف الأمة كانت تختلف في تلك الفترة كان بني امية وبني العباس وما ادراك ما بني امية وبني العباس! اليوم اصبح عندنا مجال لان نحي الأمر، هل احياء هذا الأمر بدعة؟ طيب نحن نريد ان نتكلم ونتحدث كما ترغبون انتم بالتكلم، فحينما تتكلمون الامور طيبة وطبيعية، لكن نحن عندما نريد ان نتكلم لا الامور سوف تختلف!

انظروا الى بعض الممارسات الخاطئة التي ينبغي الأمر والنهي عنها، في احد الأيام بعد صلاة الفجر كنت خارجا من الجامع احد الشباب يمشي بجانبي اعطاني جواله وقال: سيدنا انظر! مع اني اتحاشى ان انظر الى ما في الجوال لكن هذه ضرورة (انظروا كيف ان الإنسان عندما يريد ان يوظّف اهل البيت لأغراض سيئة وقد لا يكون هذا الامر بعيداً بان تكون هناك ايادي دخيلة علينا خارج نسيجنا لان اهلنا لم يربونا على مثل هكذا تصرفات بذيئة والتي تحط من مقامات أهل البيت)، رسالة تبريك بمناسبة فرحة الزهراء تعلمون ما هي؟ كانت صورة للعضو التناسلي للرجل مكتوب تحته: نبارك لكم فرحة الزهراء!!! بعد كل هذا ايضا يأتي أحداً ويقول لماذا تتكلمون وتنتقدون؟ نتكلم لانكم تجاوزتم الحدود، دعوا الفرحة في حدودها، استبشروا خيرا، اشعلوا الشموع، تبادلوا الحلوى والتهاني والتبريكات فيما هو مؤمّن له الضابط الشرعي عن مدرسة محمد وآل محمد (ص) النبي (ص) يقول: «إذا أمتي تواكلت الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فليأذنوا بوقاع من اللَّه تعالى». يقول: لماذا اليوم وصلنا الى هذا الحالة؟ وصلنا اليها لان الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر معطل وإذا تحرك فانه على حساب المجاملة فيجب ان نندفع الى ما هو الافضل وفقنا الله واياكم. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.