نص كلمة بعنوان:الزهراء مدرسة مترامية الأطرف
بسم الله الرحمن الرحيم
وصلى الله وسلم على اشرف المرسلين محمد وآله الطيبين الطاهرين ثم اللعن الدائم المؤبد على اعدائهم اعداء الدين
﴿رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي * وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي * وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسَانِي * يَفْقَهُوا قَوْلِي﴾[1]
اللهم وفقنا للعلم والعمل الصالح واجعل نيتنا خالصة لوجهك الكريم يا رب العالمين
الزهراء (س) المرآة الصافية لحقائق البيت المحمدي (ص)
«فاطمه بضعة مني»[2]
مر علينا خلال الاسبوع الماضي ذكرى ميلاد البضعة الطاهره، الراضية المرضية، ام الحسنين الزهراء سلام الله عليها، السيدة الزهراء مدرسة مترامية الاطراف ومتعددة العناوين حيث ما اتجهت تجد ضالتك فيها، الزهراء سلام الله عليها مرآت صافية لحقائق البيت المحمدي (ص)، الزهراء سلام الله عليها من خلال تكونها الخاص الذي لم يتسنى لانثى قبلها ولا بعدها، حققت الامتياز والتميّز، فهي سيدة نساء العالمين من الاولين والاخرين، اصلا المقايسة بها في غير محلها، لان الكمال في أدق معانيه في الجانب الانثوي لا يتجلى ولا يتجسد الا في هذه الذات الطاهرة، كل النساء بل كل البشر تكوّنوا من هذا المعدن ومن هذا الكوكب، الا الزهراء سلام الله عليها تشكلت من ماء من الجنة، كما هو معطى الروايات[3]، الزهراء سلام الله عليها لها تفرد في علمها، ومما يحز في النفس انك لا تجد النصوص الكافية التي يرتب عليها الاثار عن طريقها على انها المراة الالصق برسول الله (ص) والاقرب الى رسول الله (ص)، الوحي تردد في مسامع امها وفي مسامعها، شاركت امها في سماع الوحي في مكة وانفردت في سماعه في المدينة المنورة عندما يهبط الامين جبرائيل على النبي محمد (ص) فهي تحتوي بين جنباتها العلوم اللادنية التي لا تتاتى لسائر الناس، يكفي انها تقلبت في حجر النبوة بعد ان تحدرت من صلبها، ابوها الرسول (ص) وكفى، عندما تقول: فاطمة بنت محمد! حينها لا تحتاج الى أب أو جد بعده، لانه الاشرف وان كانوا سلالة آبائه واجداده ايضا شرف في شرف، لكن النبي الاعظم (ص) له التميز والتفرد لما خصصته به السماء، انعكاس هذا الكمال على الزهراء سلام الله عليها ظاهر وبين،كل المظروفات تحتاج الى ظرف فان كان في الظرف قابلية والا كان مستعصي عليه الاحتواء، الزهراء سلام الله عليها لانها تكونت على نحو التخصيص والتخصص باتت موطن استقطاب لما كان يجري على لسان النبي الاعظم (ص) من آية أو رواية لكن دونك مجاميع الاحاديث ـ ومع شديد الاسف عند الفريقين ـ لا تجد فيها ما يغطي تلك المساحة الطويلة العريضة من القرب من مدرسة الوحي سواء كان القرآن الكريم أو السنة المطهرة أي الاحاديث الشريفة التي سمعتها بالمباشرة.
حقيقة مصحف فاطمة سلام الله عليها
لذلك جاء مصحف فاطمة، مصحف فاطمة كلام سمعته الزهراء سلام الله عليها وأملته على الامام علي (ع) وخطه الامام بيمينه، وهو احد الاسرار الخاصة التي يحتفظ به الخلف الباقي من آل محمد (ص)، البعض لانه لا يدرك المعطى يتمحل الطرق لنفي وجود مثل هذا الكتاب أو المصحف، في حين انه لا يوجد شيء نخجل منه مادام الدليل قائم عليه، نعم نحن لا نعرف كنه، لان الروايات لم تتعمق في هذا الجانب ولم تكشف المستور وحافظت عليه في دائرة السر وكثيرة هي الاسرار، ولذلك في الحديث هتك الله من هتك سترنا[4]، فالمصحف حقيقة علوم، نحن نسال ما وراء ذلك يعني الامر ليس بالهين، عندما يجلس الامام علي (ع) ويخط بيمينه ما تمليه الزهراء فهذا ليس بالشيء الهين.
كيفية التعاطي المطلوب مع روايات أهل البيت عليهم السلام
في بعض الأحيان تطرق اسماعنا بعض الروايات الشريفة، ومن ليس له نصيب ولا حظ من العلم بقواعد الرجال والحديث مباشرة وعندما لا تنسجم الرواية مع فكره أو ذوقه يقول عنها أنها رواية ضعيفة! وحينما تسأله عن خلفيات هذه الرواية من حيث الاسانيد و... فهو اصلا لا يستحضر حتى شخص واحد واسطة من اسانيد الرواية والذي نقل الحديث! ناهيك ان يقف على حقيقة ذلك الرجل، وهذا مؤشر خطر جدا، أي انسان مثقف أو مفكر أو غير ذلك له الحق في ان يبحر في مجالاته ولا يصادر هذا الحق منه، ولكن عندما يريد ان يلج الى هذه الدهاليز فلا يمكن له الدخول فيها الا من خلال مصباح كاشف، يسلط بعناية على المفردات وهذا لا يتاتى للانسان الا من خلال الدرس والبحث الجاد على نحو التخصص في مساحة الحديث سندا ودلالة، لكن مع الأسف اليوم نشاهد وبكل سهولة يأتي شخص ويضع رجل على رجل ويرفض الرواية! بدون ان يهتم بما بحثه مثلا المرجع الفلاني الذي بلغ ما بلغ من علم رجال كالسيد موسى الزنجاني الذي يعتبر اليوم خاتمة الرجاليين في وسط الحوزة العلمية، او السيد الخوئي رحمة الله تعالى عليه صاحب المعجم الرجالي الكبير، او العلامة التستري رحمة الله تعالى عليه.
الانفتاح على الابعاد المختلفة في شخصية الزهراء سلام الله عليها
فالزهراء سلام الله عليها استهكلناها في جانب الماساة حال انه من الاجدر بنا ان نحلق في فضاءاتها، الزهراء ليست فقط ماساة، الزهراء علم، ادب، عبادة، سلوك، تربية، جهاد كل هذه الابعاد في شخص فاطمة سلام الله عليها لكن نحن نغلق كل الابواب ونفتح باب المأساة فقط، نعم الاهتمام بالجانب المأساوي للزهراء سلام الله عليها فيه اجر، فيه ثواب، فيه تعرية للطرف الاخر ولكن ليست هذه القضية اولا واخيرا، القضية اكبر من ذلك لو عرفت الامة ما للزهراء سلام الله عليها من المكان كما ينبغي وبذلت الجهود متواصلة ومتعددة متنوعة الطرق لما آل الامر بالمراة اليوم كما آلت اليه.. اذهبوا الى المحاكم وانظروا ماذا يجري هناك! اذهبوا الى الاسواق وشاهدوا كيف اصبحت الدنيا! اكثر من ذلك اذهبوا الى الاماكن المقدسة وانظروا.. الغطاء دين، السقف دين لكن...
نسال من الله سبحانه وتعالى ان يبصرنا بعيوبنا وان يفتحنا على مدرسة الزهراء سلام الله عليها لنطرق ابواب المعرفة وفقنا الله واياكم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.