نص كلمة بعنوان:الزهراء قدوة المرأة الصالحة
بسم الله الرحمن الرحيم
وصلى الله وسلم على اشرف أنبياءه ورسله حبيب اله العالمين أبي القاسم محمد وآله الطيبين الطاهرين ثم اللعن الدائم المؤبد على أعدائهم أعداء الدين
﴿رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي * وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي * وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسَانِي * يَفْقَهُوا قَوْلِي﴾[1]
اللهم وفقنا للعلم والعمل الصالح واجعل نيتنا خالصة لوجهك الكريم يا رب العالمين
بارك الله لنا ولكم الميلاد السعيد للسيدة الزهراء سلام الله عليها وأعاد الله علينا وعليكم المناسبة ونحن وانتم وعموم المسلمين والإنسانية في حال احسن مما هي عليه.
قبل البدء نتشرف بتلاوة رواية عن الامام الصادق من آل محمد عليهم الصلاة والسلام حيث قال: «كان النبي صلى الله عليه وآله يكثر تقبيل فاطمة عليها السلام، فعاتبته على ذلك عايشة، فقالت: يا رسول الله إنك لتكثر تقبيل فاطمة! فقال لها: إنه لما عرج بي إلى السماء مر بي جبرئيل على شجرة طوبى فناولني من ثمرها فأكلته ، فحول الله ذلك ماء إلى ظهري، فلما أن هبطت إلى الأرض واقعت خديجة فحملت بفاطمة، فما قبلتها إلا وجدت رائحة شجرة طوبى منها»[2]
التكوّن الالهي المتميز للزهراء سلام الله عليها وبعض خصوصياته
من المتفق عليه أن تكوّن الزهراء سلام الله عليها يختلف تماماً عن تكوّن غيرها من نساء الأرض، تكاد الروايات المروية عن أهل البيت عليهم السلام أن تصل إلى حد التواتر وان لم يكن لفظيا فلا اقل منه معنويا، وأما عند العامة فان بعض النصوص ترشد إلى هذا المعنى وتشترك مع مرويات أهل البيت عليهم السلام، لان للزهراء تميز
خصوصية الزهراء بعد ولادتها
الزهراء سلام الله عليها لها من الخصوصية بعد الولادة أنها شرّفت بأن تكون في حضن النبوة، وهذا الموقع يعطي الزهراء سلام الله عليها تقدما على نظيراتها من النساء كيف لا وهي تتقلب في أحضان الوحي، قريبة من واسطته المقدسة اعني بذلك الجانب الملائكي الذي يتمثل في أمين الوحي جبرائيل الواسطة بين السماء وبين النبي صلى الله عليه وآله وسلم، السيدة الزهراء سلام الله عليها بين عظمة التكوين وعظم المسؤولية قامة تطاول السماء لا يشق لها غبارٌ في موطن من المواطن، النصوص صريحة على ذلك بل ومتواترةٌ فيما يرجع إلى الجانب التكويني للزهراء سلام الله عليها.
العطاء الميداني للزهراء سلام الله عليها
عطاؤها الميداني الواسع أيضا يقدم الزهراء سلام الله عليها على النساء كافة، في مكة كانت الزهراء سلام الله عليها تملأ مساحة الفراغ التي خلفتها أم المؤمنين خديجة بعد وفاتها، النبي (ص) عاش يتيما ثم حظي بعناية خاصة من عمه الكفيل مؤمن قريش أبي طالب، اتسعت الدائرة مع خديجة أول امرأة أعلنت إسلامها، غياب عم النبي (ص)، غياب أم المؤمنين مما لا شك فيه خلّف وراءه شرخا واسعاً، الزهراء سلام الله عليها بلطفها، بكمالها، بجلالها، بأدبها، بقيمومتها استطاعت أن تردم هذه الهوة، النبي صلى الله عليه وآله وسلم عندما يقول عن الزهراء أنها «أم أبيها»[3] يعني ما يقول، لأنه لا يقول إلا عن وحي ولا يفعل إلا في دائرة الوحي ولا يختار جانب الصمت إلا في مساحات الوحي هذا معتقد المسلمين كافة إلا النزر اليسير ممن يذهب إلى التفصيل ما قبل النبوة وما بعدها أو ما بعد النبوة فيما يتعلق بالتشريع وما لا يكون كذلك، لكن للنبي (ص) خصوصيته، من هنا جاء قوله وفعله وصمته بمثابة التشريع أي تقريره بمثابة التشريع، في مكة كثيرة هي الحوادث التي كان يرجع النبي صلى الله عليه وآله وسلم وهو مثلوم الفؤاد مكسور الخاطر، وكان الدم ينزف من جوانبه، الا ان الزهراء كانت تستقبله، تضمد جراحه وتمسح الدم عنه، الزهراء سلام الله عليها اختير لها أن تكون بهذه المثابة من التكوين الخاص لتحمل هذه المسؤولية العظيمة، لان النبي صلى الله عليه وآله وسلم حيث هو يحكي الكمال لابد وان يكون من يقترب منه في مقام لابد وان يكون قابلا للفيوضات حتى تستقيم المسيرة، أما إذا تخلف هذا العنصر ولو في فترة من الفترات مما لا شك فيه فأن الخلل سوف ينفذ وعندما ينفذ يتشعب وعندما يتشعب يحدث حالة من التعقيد في طريق المسيرة الرسالية، في المدينة المنورة الأمور تختلف تماماً عنها في مكة، في مكة كان التأسيس والتأصيل لثوابت الدين، وكانت العداوة مباشرة على ارض واحدة، تحت سماء واحد، في مكان واحد، وكانت الحيثيات القبلية لها أثرها وإسقاطها، في المدينة المنورة الأمور تختلف، طول المعارك تحسم لصالح النبي (ص) وهي بدر أعطت انعطافة حادة لم تكن الانعطافة لينة وإنما حادة في وجه المشركين تولد اندفاعاً في الاتجاه الآخر للمسلمين اشرأبت أعناقهم بعد بدر الأوضاع في المدينة بدأت تأخذ أكثر من اتجاه واتجاه ما لا شك فيه أن الإسقاط سيتوجه إلى بيت النبي (ص) نفسه وان الآثار سوف تنجر إلى دائرة بيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
زواجها من امير المؤمنين (ع)
الزهراء في كنف أبيها في المدينة المنورة حدث له قيمته عند السماء قبل أن يكون عند أهل الأرض الا وهو اقتران فاطمة بعلي (ع) هذا الزواج الذي خططت له السماء وتدخلت في تنفيذه، ما كنت لأسبق فيها أمر ربي النبي صلى الله عليه وآله وسلم يقول إذن الاقتران كان في السماء قبل أن يكون في الأرض أي محمد! الله يأمرك أن تزوج النور من النور[4] خصائص، اما على الأرض فقد كان زواجها سلام الله عليها يمثل مهرجانا قل نظيره في المدينة المنورة المتصدرين لملء فراغ خديجة سلام الله عليها في ليلة زفاف ابنتها الحوراء الإنسية الزهراء الزكية سلام الله عليها هنّ أمهات المؤمنين زوجات النبي صلى الله عليه وآله وسلم، التاريخ ينقل لنا مجموعة من المقاطع الشعرية التي أنشأنها وانشدنها أمهات المؤمنين فرحا وابتهاجا باقتران النور من النور، نور فاطمة بنور علي (ع) نساء الأنصار نساء المهاجرين.
أهمية القراءة الشمولية للزهراء سلام الله عليها
أيضاً كانت لها وقفة ووقفة مهمة لكن مع شديد الأسف نحن عندما نقرأ لا نقرأ للزهراء سلام الله عليها إلا جانب المأساة وهو جانب لا يمكن أن نقلل من قيمته وخطورته وما ترتب عليه من الآثار بعد ذلك، لكن أن نستغرق بكلنا في هذا الجانب على حساب الجوانب الأخرى التي كلها إشراق، وكلها عطاء، وكلها اضاءات على مسار الطريق الذي تسير عليه المرأة إذا أخذناها كأول وبالذات للوحدة السنخية في الأمور مع حفظ الفارق غير أن الزهراء سلام الله عليها في أقوالها وأفعالها وصمتها أيضاً ينبغي ان يقرأه الإنسان المسلم لا فرق في ذلك أن يكون رجلاً أو أن تكون امرأة، لان عطائها لم يأتي من اجل جانب خاص إلا فيما خصص به أو فيه، الزهراء سلام الله عليها مع الرسول كانت يتيمة من جهة الأم، أغدق عليها حناناً أراد النبي صلى الله عليه وآله وسلم للزهراء أن تبقى معززةً مكرمة مدلّلة لكن الأمة أبت إلا أن تدير ظهرها، النبي صلى الله عليه وآله وسلم فيما خطط ورسم في ذلك وقعت المأساة، القضية بما هي هي وقعت بإجماع الفريقين، مصادر بالعشرات من الفريقين تقول بأن القضية قد حدثت والمأساة قد وقعت والتجاوز قد حصل، لكن على أي كيف، بأي صورة هذا ما يختلف فيه الباحثون والدارسون والمتحدثون وكلٌ يدلو بدلوه أما على نحو الاتكاء على نحو المصدرية أي نكون نحن والمصدر، أو لا يكون كذلك وهنا تكمن الطامة الكبرى التي فيها سوق المزايدات ومساحة الإفراط والتفريط فيما يتم تداوله وتعاطيه في مثل هذه القضية.
القراءة المتقنة للتاريخ والابتعاد عن التخبط
حال الزهراء مع الإمام علي (ع) حالٌ خاص عليٌ وجد نفسه في فاطمة، لان فاطمة سلام الله عليها ملأت جميع الأجواء من حول علي (ع)، كان الإمام علي (ع) قد تزوج بعدة زوجات، قيل تسع وقيل ثلاثة عشر، لكن لم تجتمع واحدة مع فاطمة واجتمعن النسوة بعد ذلك، كما هو الحال بالنسبة للنبي (ص) وخديجة أم الزهراء، السيدة خديجة تفردت ومن جاء بعدها دخل في حساب الشركة وتعدد الزوجات، الزهراء أنجبت لعلي (ع) الإمام الحسن والحسين وزينب سلام الله عليها والسقط المحسن، وما زاد على ذلك فهو محل خلاف مثلا هل ان أم كلثوم ولدت من الزهراء أم لم تولد وعلى هذا تترتب كثير من مراحل قراءة التاريخ بناءا على السرد التاريخي الذي يقدم لنا كثير من القضايا التي لا أساس لها حال أننا نتعاطاها على نحو المسلمات، مثلا نحن نقرأ أو يطرق أسماعنا أن ثمة خال لخديجة كان يلي أمورها وكان يتقلب في مشروع تجارتها! حال أن هذه الشخصية وهمية لا أساس لها، مختلقة صنعها التاريخ، حال أننا نسوق هذه القضية سوق المسلمات، كذلك في قضية بنات خديجة، وان لها مثلاً غير الزهراء بنات وكان قد تزوج بها فلان! حال ان التاريخ الصحيح لا يؤمن هذه القضية أصلاً، او في مسألة ربائب النبي (ص) وهل كانت توجد ربائب للنبي (ص) أو لا، فهي محل كلام طويل عريض، أو هل ان خديجة كانت متزوجة قبل النبي (ص) أو لم تكن، أيضاً محل خلاف وإن كان الاصح أنها لم تقترن بأحد من رجالات العرب إلا النبي الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم على اصح التحقيقات وكثير من علمائنا اجهد نفسه في هذا الجانب لكن مع شديد الأسف ثقافاتنا تبنى على أساس من السمع ولا تبنى على أساس من القراءة ولا أعني كل قراءة وإنما القراءة الواعية المتأنية التي يغربل من خلالها الدليل النص حتى يخلص الإنسان إلى نتيجة مُرضية لكل الأطراف، مُرضية لنفسه ومُرضية للطرف المقابل، أحياناً قد لا يقتنع الطرف المقابل بما تشيّد من دليل لكن يحترم هذه الوقفة منك لأنك بنيت على دليل، على العكس من ذلك عندما تكون الأمور في دائرة التخديش الأعمى وغير مبنية على أسس وليس لها قواعد، بعد غياب النبي صلى الله عليه وآله وسلم بقيت الزهراء مع علي (ع) في مدة ليست طويلة، قيل لمدة أربعين يوم ثم ارتحلت، وقيل خمس وسبعين يوم، وقيل خمسة وتسعين يوم، ابعد الروايات تقول ستة أشهر، يعني بقيت بعد أبيها النبي الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم ستة أشهر تجرعت فيها من الغصص والمحن والمصائب الشيء الكثير هذه المسالة أيضاً تحتم علينا أن لا نكون اندفاعيين في الحكم لمن اقترب من مساحتها له أو عليه وأنا عندما أتكلم فانني اتكلم بالمطلق ولا أضع يدي على مصداق في الخارج.
لابدية الاختصار على المفاهيم والابتعاد عن المصاديق
أيها الأحبة التفتوا إلى هذه القضية عندما يتخلى الإنسان المتحدث عن مساحات المفاهيم إلى مساحات المصاديق يعني ذلك فيما يعنيه أن البضاعة رخيصة، عندما نشخصن ونجعل الإسقاط على ما تمت شخصنته ونبتعد عن عالم المفاهيم الواسعة القابلة لاستيعاب أكثر عدد ممكن من المصاديق الخارجية هذه الاشكالية التي نحوم داخل دائرتها وما ندفعه من ضرائب في الفترات المتأخرة هو وليد هذه الحالة من عدم الوقوف عند حدود ومكونات البحث ما يطرح دائما هو في عالم المفاهيم، أقمنا الدليل ووصلنا إلى النتيجة أو لم يتسنى لنا ذلك بالنتيجة نبقى نحن في دائرة المفاهيم، هناك قضايا عامة نتحدر بها ونجعل لها صيغة من الإضافة للذات هنا أو هناك معنى ذلك أن البضاعة في أيدينا جد رخيصة وأخذت جانب الصراع أكثر منه جانب الإضاءة والإنارة والاستفادة.
سعة دائرة عطاء الزهراء سلام الله عليها
السيدة الزهراء سلام الله عليها هي القدوة الصالحة للمرأة الإنسانة، أيها الأحبة المرأة في مراحل ثلاث؛ المرأة التي نشترك معها في وحدة المذهب، المرأة التي نشترك معها في وحدة الدين، المرأة التي نشترك معها في الإنسانية، الزهراء سلام الله عليها عندما نقترب من مساحتها رغم أنها تشكلت وتكونت على نحو خاص إلا أنها تبقى الحوراء الإنسية يعني البعد الإنساني يبقى له أثره في مراحل التكوين والتشكل، الزهراء سلام الله عليها إنسانة وعطاؤها من اجل الإنسان بما هو هو، عندما ندخل الزهراء سلام الله عليها في مساحة الدين فقط نضيّق من دائرتها الواسعة ونحجّم من دورها الكبير الذي نهضت به، البعض يستغرق في مسالة فدك ليقلل من حجم القيمة التي أرادت الزهراء أن تنهض بها، الزهراء حملت مسؤولية الدفاع عن الإمامة التي هي الأمانة بالمعنى الخاص عندما نستغرق في جانب معين يترك أثره الواضح والبين في الاتجاه الآخر، الزهراء سلام الله عليها بمساحة الكون لا أنها بمساحة الأرض فقط ولذلك لها عوالمها العلوية ولها عوالمها السفلية، العوالم العلوية مربوطة بجانب الغيب المستور علينا، نعم نحن اليوم غرورنا العلمي أو الفكري أو الثقافي أو التفلسفي أحياناً يدخلنا في دائرة استنطاق الغيب على ان يكون الغيب وفق مقاساتنا نحن، ومن هنا بدأت حالة الضياع والشتات تسود الكثير من المربعات في أوساطنا نحن بالذات والقادم اخطر ما لم تحصل الالتفاتة والنهوض بأعباء المسؤولية ممن يناط بهم يفترض ان يقوموا بحدود مسؤولياتهم واعني ذلك من نذروا أنفسهم لهذه القضية وانتم اعرف بما اقول.
الزهراء سلام الله عليها بين الكرامات وحقيقة الذات
الزهراء سلام الله عليها عالميةٌ في عطائها في موروثها علينا ان لا نحجمها علينا ان لا نصادرها علينا ان لا نضيق من دائرتها فهي إنسانةٌ في بيتها وإنسانةٌ مع قومها وقبل هذا وذاك إنسانةٌ مع نفسها تتعامل في حدود الممكن ما أمكن الوصول إلى الهدف والغاية، كانت الزهراء سلام الله عليها تقدم الجمع قبل الطرح حال اننا نابى الا ان نجعل من القضية العكس من ذلك مع شديد الأسف، الزهراء سلام الله عليها بين الكرامات وحقيقة الذات مسافهٌ بين الأرض والسماء، لا كلام في ان للزهراء جاه ومقام عند الله سبحانه وتعالى لا يستغرب على أساس منه ان تصدر مجموعة من الكرامات تكريما وتجليلا وتعظيما لها وإبرازا لجانب العظمة أيضاً في ذاتها، لكن الكرامات في دائرتين دائرة الواقع ودائرة التصنيع، دائرة الواقع أئمتنا سلام الله عليهم واعني بذلك بيت العصمة والذي يشمل النبي (ص) والزهراء سلام الله عليهم جميعا لم يبعثوا ولم توكل شؤون الإمامة والريادة لهم على ان يقدموا منظومة من الكرامات في الخارج، بل على العكس من ذلك تماما، هم يأمرون الناس ان يتعاطوا مع المشهد وفق المعطيات الطبيعية، نعم إذا ضاقت الدروب بنا وأطبقت علينا لذنا، وقتها يحصل اللطف والتدخل الخفي، لكن ليس لكل الناس وفي كل القضايا وبجميع الأزمنة والأماكن وإنما في خصوصيات ولخصوصيات معينة، الزهراء سلام الله عليها في جانب الكرامة الحقيقية حتماً جزما جرت أمورها ولو لم يكن من كرامتها سلام الله عليها إلا أنها حظيت بان تكون بنت المعصوم سيد البشر (ص) وزوجة المعصوم الإمام علي (ع) وأم كوكبة الإمامة من الإمام الحسن مرورا بالكوكبة الطاهرة وانتهاءً بالخلف الباقي من آل محمد صلوات الله عليهم اجمعين لكفى، كرامتها في علمها، كرامتها في تربيتها، كرامتها في جهادها، كرامتها في صدق لهجتها، كرامتها في آدابها، كرامتها في تبتلها، كرامتها في حسن إدارتها لشؤون بيتها، كرامتها في حسن تعاملها مع نساء قومها، كرامتها ان خلفت وراءها منارا شامخا شاهدا حتى ينهي الله هذه الخليقة.
كيفية التعاطي مع المعاجز
أما الكرامات المصطنعة فحدث ولا حرج وفي الكثير من الأحايين تسيء لمقاماتهم أكثر مما تعطي إضافة ولا إضافة على ما هم عليه، لأنها رتب رتبهم الله فيها لا مزيد عليها، يتصور البعض من الناس او بعض الخطباء عندما يصعد على المنبر لكي يأخذ من الناس حالة من التجاوب على شكل صلاة او غير ذلك يأتي بمجموعة من القضايا والكرامات والمعاجز التي ليس لها من الواقع او في الواقع نصيب تماما وإنما هي صناعة محكمة حال عندما تدقق تتمعن تجد ان الثغرات تتسلل لتلك الكرامة المزعومة، ولا يقول شخص بان السيد لا يقول بوقوع المعجزات، لا المعاجز موجودة لكن لا تؤخذ الا بالطرق المعتبرة، بالأمور الوجدانية المحسوسة، اما ان يطلب مني ان اصدق فلان لأنه قال بالقضية الفلانية هذا إلغاء للعقل نحن نعتقد ان لهم الولاية العامة على ذرات الكون بما مكنهم الله سبحانه وتعالى لا يستطيع احد ان يزايد على ما نراه ونعتقده فيهم لكن لا يعني إننا لا نتحدث في نقد دعوى كرامة هنا او معجزة هناك وان شئت دونك بعض القنوات في الطرف الآخر التي تضع بعض الكرامات المصطنعة والمعاجز المصنعة وتأتي بمشرط التشريع وتبدي حالة الخلل وتظهر جانب السلب في مكون القصة المعبر عنها بالمعجزة، كرامتهم على الله سبحانه وتعالى وعند الله عظيمة وكبيرة، الزهراء ينبوع العلم الصافي الزهراء سلام الله عليها مدرسة الصبر الأجلى، الزهراء سلام الله عليها لغة عصرها وما بعده، الزهراء سلام الله عليها للناس كافة، كل محور من هذه يستدعي الكثير لكن اكتفي بما ذكرت فهرسة.
التأسي الحقيقي بالزهراء سلام الله عليها
وهنا وقفة سريعة أين المرأة اليوم من الزهراء سلام الله عليها، اينها من مدرسة الزهراء، من هدي الزهراء، من عطاء الزهراء، من ثبات الزهراء، ما من امرأة إلا وتبكي ولكن ماذا بعد وراء ذلك بعبارة وماذا بعد ان نبكي من اجل الثواب لا شك ان الثواب متحقق للروايات المتظافرة بل ربما يدعى التواتر أيضاً في هذا الجانب، البكاء لمصابها لكن البكاء ان لم يتحول إلى وسيلة تغيير، غسل من الداخل من اجل ان تصفو النفس لينطبع عليها الأجمل والأكمل وإلا فبضاعتنا تبقى في حدود ما هو المؤمل ما لم يدخل فيه أيضاً ما يفسده ويذهب به أدراج رياح، المرأة اليوم هرولة وراء الكماليات إلى درجة الإجهاز لأزواجهم ونحن في منعطف، نحتاج إلى وقفة نرتب الأوراق من خلالها، نبصر يومنا ونستشرف مستقبلنا، نحن اليوم ربما نعلم بما يجري لكن ما وراء اليوم لا نعلمه فعلينا ان نعد الأجندة من اجله، لنحظى ونرنوا ونحفظ ونروي.
تربية الاجيال، المسؤولية الاولى للمرأة المؤمنة
التخلي عن المسؤولية الأولى سمة اليوم للمرأة، وسمة واضحة بينة التخلي عن المسؤولية الأولى ألا وهي تربية الأجيال الصالحة المؤمنة الرسالية، اليوم قد تمشي معنا الأمور قليلا لكن في الآتي لا ندري إذا المرأة تترك بيتها من اجل وظيفة لأشهر متتابعة وأبناؤها في عهدة من لا تعيش ثقافةً البيت الذي هي فيه ما عسى ان يكون النتاج؟ المرأة التي لا يعنيها إلا أن تدخل في سباق وسجال مع زوجها أيهما اكبر رصيدا في البنك هل ينتظر منها أن تكون مجسمةً صغيرةً لتلك الذات الطاهرة المطهرة؟ الزهراء سلام الله عليها التي تجهد نفسها في سبيل ماذا أيها الأحبة؟ في سبيل ان تقدم نموذجاً كاملاً للنشء، الإمام الحسن والحسين إمامان معصومان تسيّرهما السماء رغم ذلك الزهراء سلام الله عليها تقوم بدور التربية ليكون ثمة نموذج كامل تسير الأسر وفق معطياته، كذلك نظم الحيات أيضاً يحتاج من المرأة الشيء الكثير فما الذي أعدته اليوم، ربما تدخل المرأة في دائرة الاستعراض لكن على حساب من؟ على حساب نفسها؟ أم على حساب زوجها؟ أم على حساب أبنائها ومجتمعها والأمة من ورائها؟ إذا غربت المرأة أو غرّبت المرأة أو غيّبت أو غابت المرأة عن دورها ومسؤوليتها الأولى ألا وهي تربية النشء وقتها اعتقد ان نجتمع وان نملأ المكان بما لذ وطاب لن يقدم ولن يؤخر، وإذا كنا لا نطمح في مجالس احتفالاتنا ومنتدياتنا إلا أن نستدر الصلاة هنا وفيها اجرٌ عظيم أو لنرفع الأصوات في ترديد جذوة هناك، أيها الأحبة ليس هذا هو المبلغ، المبلغ أن نتعرف على محمد وآل محمد صلوات الله عليهم اجمعين كما هم وان نسير على هديهم موروثنا ضخم ولكن ثمة خليط وخليط واضح بين الغث والسمين، التاريخ الأول يختلف عن التاريخ الثاني، وهكذا إتباعاً حتى التاريخ المعاصر ،كلكم يشهد اليوم تزوير التاريخ على كافة الأصعدة فكيف لا يكون الأمر كذلك إذا كانت الطاحونة اليوم تدور في اتجاه واحد كانت الطاحونة وقتها وفي قرنها الأول تدور في أكثر من اتجاهاً واتجاه، وفقنا الله وإياكم لكل خير والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.