نص كلمة بعنوان :التعاطي الصحيح مع الثورة الرقمية

نص كلمة بعنوان :التعاطي الصحيح مع الثورة الرقمية

عدد الزوار: 339

2013-10-22

حسين مني وانا من حسين [كامل الزيارات، ص 52]

أنشودة تتردد على لسان كل انسان عاش الامام الحسين عليه السلام رمزا وإماما القرون يطوي بعضها بعضا، لكن الحسين عليه السلام، يبقى الاقدر على طي تلك القرون، لان الامام الحسين عليه السلام، يعني فيما يعنيه السماء بكل تجلياتها اذا ما اردنا ان نقرأ مسيرة الانبياء في حلومهم وفي واقعهم وفي حراكهم وفي تضحياتهم فلا مرآة صافية قادرة على أن تعكس لنا ذلك الاشراق الا ما تجسد في الحسين بن علي.

الامام الحسين عليه السلام، قاسم مشترك بين نور النبوة ونور الامامة. من النبوة استقى العلم والهدى والصبر والاستقامة ومن الامامة استقى ما لا يوفيه ابواب الدنيا اذا ما شرعت كي تؤمن قراءة صحيحة لواحدة من مفردات الحسين التي شفرها بقطرات من منحره الشريف.

الحديث عن الامام الحسين عليه السلام، حديث بكل معالم الخير حديث عن الامام الحسين عليه السلام، حديث عن كل معالم المأساة اذا ما مزجنا بين هذين العنصرين وسرنا في ركب خط له الطريق الحسين عليه السلام، سنبدأ بحسين ونتوقف عند حسين لننتهي عند الحسين بن فاطمة بنت النبي محمد (صلوات الله عليهم).

كثيرة هي الثورات التي اجتاحت واقع الامم، لكن ثورة بين تلك الحركات هي التي بقي بريقها وبقي سناها وبقيت القبسة اذا ما اراد ان يثور ثائر ان يأخذ من قبسها. الامام الحسين عليه السلام، اوجد ضمانة وفعل الضمانة ووصل الى ما اراد.

دور السيدة زينب عليها السلام المحوري في واقعة الطف

اصحاب النظر القاصر والقراءة المنقوصة يقرأون في خروج الامام الحسين عليه السلام، ومعه فخر المخدرات زينب أنه عرض النصف الآخر من المجتمع الى الكثير من المخاطر، لكن ما أن انطويت صفحة كربلاء على صعيد كربلاء في يوم عاشوراء في تلك الايقونة التي مزيج حبرها من تلك النحور الطاهرة دم من غلي آخر من فقير من عبد وآخر من حر لسيد وآخر من رجل وآخر من امرأة من شاب ثم من كهل ثم من شيب، حبر لو جمعت عناصره من اي محبرة لن تجدها الا في كربلاء من الحسين وآل الحسين واصحاب الحسين.

لكن ايضا ما كان ليكتب لهذا الحبر اللاهوتي المتجسد في عالم الناسوت اسمه الحسين واصحاب الحسين وآل الحسين لو لم تكن زينب سلام الله عليها حاضرة زينب سلام الله عليها لو اردنا والعناوين عندما تقال ينبغي ان لا نقف عند تكونها المادي والهيأوي كما يقول ارباب اللغة، وانما علينا ان نغادر هذا الافق الضيق لنسبر الغور ونغوص في اوسع الاعماق هذه من شيم الكبار.

اذا اردنا ان نقول فزينب اول اعلامية عرفها الاسلام وبامتياز ويتعذر على أي انسانة تأتي بعدها ان تنهض بما نهضت به زينب سلام الله عليها فهي الصحفية المدونة وهي الوزيرة التي تسير الحراك من حولها وهي الخطيبة التي لا تفرغ الا عن لسان ابيها لسان الاصنع الباب الى مدينة الرسالة زينب من علي كعلي من النبي محمد، صلى الله عليهم أجمعين.

 

ماضي و حاضر ومستقبل موقع «لبيك يا حسين»

وهذه الشبكة الطيبة المباركة التي تعرفت على القائمين عليها منذ ايامها الاولى. ربما قرأت فيها الشيء الكثير ولست اهلاً كي اقيم مسيرة طوت صفحة وعقد من الزمن لان ذلك يتعذر علي لاسباب كثيرة:

الاول؛ منها اني لست من المتابعين الجيدين لهذا القادم الذي يقدم اجلّ الخدمات في هذا الزمن.

الامر الثاني؛ إن ما قامت به الشبكة هو من الطول والعرض من الكم والكيف من الكثرة بمكان بحيث يتعذر على مثلي ان يقف على جميع مفرداته.

المهم في الامر أن الاحبة أخذوا قبساً من زينب اضاءوا طريقهم به وتمثل بحركتها سلام الله عليها واذا لم تتربع زينب سلام الله عليها في عقول الاحبة القائمين على هذا الصرح الشامخ لما استطاع ان يصلوا الى ما وصلوا اليه، مع علمي ان مجموعة من العقبات والعوائق قد أعترضت الطريق.

أيها الاحبة انا دائما اراهن على ان من السهل والسهل جدا تحقيق الانتصار، ان يصبح الانسان عملاقا، من السهل والسهل جدا ان يكون رمزا حيث دائرة ضيقة فيما هو اوسع اسهل من ذلك الكثير.

لكن الاهم ان يحافظ الانسان على ما في يده وان يحافظ على مقام التقدم وان لا يقبل نفسه بالتراجع ولو بالخطوات اليسيرة.

زينب سلام الله عليها من امها كامها الزهراء التي قارعت اعتى من وصل الى ما وصل، زينب سلام الله عليها اطلقت صرخة مدوية في وجه سلطان ارعن لا يعرف الخير من الشر بل هو الشر بكل مكوناته وتجزءاته.

لكن زينب سلام الله عليها لم يرهبها الموقف, وانما ارهبت من اراد ان يوجد من الموقف بأن يتسبب في الارهاب لها.

زينب سلام الله عليها عاشت الحدث واوصلته بامانة، غادرت بالحركة واستطاعت ان تصل بها الى ما اريد لها.

أما البعد الاعلامي في نهضة الامام الحسين عليه السلام، فقد ابتدأ قبل ما يقرب من اربعة قرون من الزمن. واليوم تواصلون المسيرة، المسيرة التي يدفع كل واحد منا اليها الامانة الثقيلة الملقاة على عاتق كل واحد منا، نتفنن في سبيل الوصول بها والمحافظة عليها ولكن لكل واحد منا طريقته ومنهاجه واسلوبه وآلياته.

الامام الحسين عليه السلام، تحرك على صعيدين:

صعيد الاعلام وصعيد التضحية ولا يمكن ان نقلل من قيمة أي واحد منهما لصالح الآخر.

الامام الحسين عليه السلام، اطلق ثورته الاعلامية المواكبة لحركته من يثرب ثم في مكة وتصاعدت وتيرة البيان والخطاب الرسالي حتى الذهاب الى كربلاء في آخر لحظة من لحظات حياته.

الامام الحسين عليه السلام، ذلك الانسان الذي لم يهاب الموت ولم يخش الموت وانما رأى في الموت حياة لمن يأتي بعده، لذلك تلذذ عندما اراد ان يصل الى ذلك المقام.

الامام الحسين عليه السلام، ايضا في الجانب الآخر وهو جانب التضحية، واضح بيّن لا غبار عليه، الامام الحسين تحرك وكم هو جميل ان نقرأ ذلك الموروث الكبير.

 

الحسين عليه السلام عبرة و عبرة

أيها الاحبة، عشنا عاشوراء والآن في ذكرى الاربعين من عاشوراء ميراث الامام الحسين عليه السلام، ليس الدم فقط، وانما وراء الدم بل قبل الدم ووراء الدم هنالك مجموعة من البيانات التي تشكل تراثاً ضخماً في سبيل الرساليين الذين يشهدون تغييرا في الواقع.

الامام الحسين عليه السلام، مع شديد الاسف هذا الجانب من حياته لم ننهل منه كما ينبغي ان ننهل من معينه، ولننصف انفسنا، بل من خطبائنا واذا كان هل يمكن ان يكون هذا العدد مقنع وكافي كم هي المنابر التي طرقت بيانات الامام الحسين عليه السلام، في عدة جوانب طرق ابوابها ولكن نحن لم نسمع، بل نحن نجرجر الى الدمعة والعقرة ولكن تغلق علينا باب التفكير والعبرة لصالح من؟ اربعة عشرة قرن من الزمن ليس الا ثمة شذرات بين قرن وقرن تطفوا هنا ويراد لها ايضاً الا تطفوا ولكن بالصبر والقبس الحسيني، يتأتى لها ما يتأتى، كما هو الحال في سيد الامة في قروننا التي عشناها ودعنا قرننا واستلمنا قرن جديد هو السيد الامام رضوان الله تعالى عليه الذي تربع الامام الحسين في داخله استطاع ان يفجر الوضع من حوله.

الامام رضوان الله تعالى عليه جدد مسيرة وجسد واقعا.

الخطاب الثاني هو الخطاب المسند للامام زين العابدين عليه السلام، وفيه الحجة علينا بناءا على الرواية التي تقول ان الامام زين العابدين كان عليلا في كربلاء وهو النص الذي لا اتفق معه كثيرا وليس المقام مقام استدلال عليه، ولكن الامام علي بن الحسين عليه السلام، شارك الشهيد في معركته ثم جرح والسماء لطفها لا ينقطع عن الكون استمرار الامامة من الحسين الى زين العابدين يحتم ان يبقى الامام زين العابدين بعد واقعة الطف ولكن كان عليلا في الاصابة التي اصيب بها.

والسيد العلامة المحقق الجلالي ممن يذهب الى هذا الجانب وقد اشبع الموضوع بحثا في كتابه عن زين العابدين عليه السلام، الذي بظني ان لم تخني الذاكرة طبع من قبل جامعة المدرسين في قم المقدسة قبل اكثر من خمس وعشرين سنة.

بالنتيجة الامام زين العابدين عليه السلام، لم تقعد به العلة في ان يمارس هذا الدور، دور الاعلام في كربلاء للامام الحسين عليه السلام اكثر من موقف واكثر من خطاب واكثر من اشراقة، ايضا الامام الحسين عليه السلام، نحن لا نقرأه فيما لو اتيح أن نقرأ الامام زين العابدين الا من خلال دمع يجريه عندما يدخل الى السوق ليشتري زاد لبيته قوامه شيء من اللحم ليسأل من قصاب هنا وقصاب هناك.

وانا لا اقلل من رسالية الموقف، ولكن انا لا ارغب في ان يختصر ويحدد الامام زين العابدين عليه السلام، في حدود هذه الزاوية الضيقة لان متى ما اختصرناه، فقد اختصرنا السماء بكله. ثم هنالك خطاب توظيفي آخر وهو الذي نهضت فيه زينب سلام الله عليها وما ادراك ما لزينب سلام الله عليها، زينب سلام الله عليها ثورة بكل ما تحمل الكلمة من معنى. إذا قلنا ثورة عاشورة ثورة كربلاء ثورة الحسين، فهنالك ثورة في الجانب الآخر هي ثورة زينب سلام الله عليها زينب التي تمردت على الموروث البائس والقراءة غير المنصفة وغير المستنطقة لمعطيات النص الصادر عن النبي الاعظم (ص).

ومما يسوء ان تجد عندما تتتبع بعض النصوص قد قطعتها الايدي تقطيعا مما اكسب النص او بخس النص حقه من قبيل «العلم فريضة على كل مسلم» حال ان النص فيه «مسلمة» وعلى هذا فقس ما سواه,

لذلك عانى المسلمون الشيء الكثير من التخلف جراء ما عمدت الايدي لتقطيع روايات اهل البيت عليه السلام، زينب سلام الله عليها ثورة تجنيدية في يثرب وثورة استنهاض في مكة وثورة تضحية في الطف وثورة صمود في الكوفة وثورة انقلاب في الشام ثم الرجوع الى المدينة بموروث اسمه كربلاء فلا كربلاء بلا زينب كما ان لا زينب بلا كربلاء.

روافد الموروث الادبي

ثم جاءت هنالك مساحة اخرى وهي مساحة الادب، الادب بكل معانيه بنثره ونضمه بنضمه المرسل وبنضمه المقيد، أريد أن أقول الحر والعمود هذا الجانب ايضا له اسهاماته الجليلة والكبيرة وهي التي حضنت لنا المشهد في اروع ما يمكن ان يتخيل متخيلوه ولكن لم يكن تخيلا ساذجا وانما تخيلا وراءه رافدان.

الرافد الاول: لا عذب الله امي انها شربت ٭٭٭ حب الوصي وغذتنيه باللبن [راجع بحار الانوار، ج 104، ص 115]

 هذا الغذاء الروحي الخاص المشفع المقدس هو الذي يدفع شعرائنا كي يحلقوا ويرسموا لنا الخيال الواقعي لا الخيال الوهمي هذا من جانب وهو جانب مهم بطبيعة الحال.

الجانب الثاني الموروث الذي نتلقفه منذ نعومة اظفارنا ونحن نتنقل صغارا من حسينية الى حسينية ومن مكان الى مكان يذكر فيه محمد وآل محمد (صلوات الله عليهم).

ولو فتشتت عن موروث ادبي على وجه الارض وهو مهما سمى وحلق وارتفع هو دون ان يصل الى مخمص قدم، من مدرسة ادب كان الباعث الاول فيه والاخير الامام الحسين بن علي عليه السلام.

التعاطي الصحيح مع الثورة الرقمية

الامر الخامس وهو الاخير الثورة الرقمية التي باتت تجتاح العالم وهنا ربما يطول بنا الحديث ولكن ساختصر جدا جدا:

اولا انا اُكثر في كل محب موال نذر نفسه لان يكون واحدا من الادلاء على مآذن العظمة فيهم عليهم الصلاة والسلام هذا من جانب. الجانب الثاني انا اُكثر في كل انسان لبى النداء الذي صدر من الامام الحسين عليه السلام، هل من ناصر ينصرنا هل من ذاب يذب عنا. [راجع: بحار الانوار: ج 45، ص 46]

ربما تكون النصرة في جانبها المادي تقدم في مشهدها في كربلاء ولكن الذاب عنا يفترض ان يكون له مساحة طويلة والامتداد الذي لا نهاية لها انتم ممن استجاب للحسين عليه السلام، في ندائه وان فصل بيننا وبين الحسين اربعة عشرة قرن من الزمن هذا الحضور، هذا التواجد لعقد من الزمن شعاركم الحسين، هدفكم الحسين، حركتكم من اجل الحسين بدءاً وانتهاءاً، ومرورا بمرحلة صوت لا يطفئ انشاء الله. دفع الله كيد الاعداء عنكم وحفظكم الله اين ما كنتم وكيف ما كنتم وحيث ما تحركتم واين ما ذهبتم اسأل من الله ان ينفع بكم كما نفع بكم فيما مضى وان يديم النفع على الجميع.

هنالك اشارة بسيطة اود الاشارة اليها وهي؛ علينا ان نتعالى عن الصغائر مهما كانت اذا كنا نقرأ في انفسنا كبارا، لان الكبار في انفسهم لا يصغرون مهما كانت العقبات أسأل من الله سبحانه وتعالى ان ياخذ بايديكم، ان يسدد خطاكم، ان يكحل النظر لكل واحد منا ومنكم بالنظر الى شرف الوجه الاقدس المقدس للخلف الباقي من آل محمد وآل محمد.