نص كلمة بعنوان :الإمام العسكري (ع) والتمهيد لزمن الغيبة

نص كلمة بعنوان :الإمام العسكري (ع) والتمهيد لزمن الغيبة

عدد الزوار: 1519

2017-01-09

في مسجد العباس بالمطيرفي ليلة الثلاثاء 1438/4/4هـ

بسم الله الرحمن الرحيم

وصلى الله على اشرف المرسلين محمد وآله الطيبين الطاهرين ثم اللعن الدائم المؤبد على أعدائهم أعداء الدين

رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي * وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي * وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسَانِي * يَفْقَهُوا قَوْلِي﴾[1]

اللهم وفقنا للعلم والعمل الصالح واجعل نيتنا خالصة لوجهك الكريم يا رب العالمين

الامام العسكري (ع) وتهيئة الشيعة لغيبة المعصوم (ع)

نحن على مقربة من ذكرى ميلاد الكوكب الحادي عشر من كوكبة الإمامة، الإمام الحسن العسكري (ع)، حياة الإمام العسكري (ع) فيها الكثير من الدروس والكثير من المراحل، ولعل ابرز ما قام به الإمام العسكري (ع) هو نقل أتباع مدرسة أهل البيت عليهم السلام من عالم حضور المعصوم فيما بينهم إلى عالم الغيبة للمعصوم (ع) عنهم، وهذا الأمر ليس بالسهل اليسير، إذ ان اتباع مدرسة اهل البيت عليهم السلام الفوا المعصوم في أوساطهم، من زمن الرسول الاعظم (ص) عندما كان بينهم وبعدما انتقل النبي الاعظم (ص) الى جوار ربه، كان الامام علي (ع) هو الامام والخليفة والوصي من بعده في امورهم الدينية وفي امورهم الدنيوية بل في مختلف القضايا التي يعيشونها، كانوا يلوذون بحصنه (ع)، وبعدما استشهد الامام علي (ع) مظلوما في محراب صلاته، قام الامام الحسن (ع) ونهض بالمسؤولية، ثم جاء الامام الحسين (ع) وهكذا الكوكبة النيرة.. بالتالي كان الامام (ع) في وسط شيعته، يصلون خلفه، يترددون عليه، يأخذون الأحكام منه، الامام العسكري (ع) الواسطة بين عالم الحضور وعالم الغيبة، وهذه المرحلة حساسة وخطرة جداً خصوصا ان الإمام الحجة (ع) لم يتم الإعلان عن ولادته كما تم الإعلان عن ولادة باقي الائمة المعصومين عليهم السلام من قبله بناءا على مقتضيات يجهلها الناس وتعلمها السماء، بلغها النبي لعلي وعليٌ للحسن ومنه الى الحسين عليهم السلام وهكذا حتى الإمام العسكري (ع) بانه يولد من صلب الامام الحسن العسكري (ع) الامام المهدي (ع) وله غيبتان وهكذا الامر.. اذن المسؤولية وملف النقلة بيد الامام العسكري (ع) قد لا اذهب بعيدا مع هذا المحور او هذه المرحلة وان كان يعنينا وهو في منتهى الاهمية باعتبار ان الامام المفترض الطاعة علينا اليوم هو الخلف الباقي من آل محمد (ع) وهو حيٌ، غاية ما في الامر لا نستطيع ان نتصل به بالمباشرة ونأخذ عنه عن تشخيص وانه هو، ومن ادعى ذلك فكذبوه كما في الروايات[2].

كيفية انتفاع الناس بالإمام الحجة (ع) في زمن الغيبة

هذا هو شأن الغيبة الكبرى، نعم مدده، لطفه ،عنايته بنا موجودة، عيناً كالشمس اذا غيبتها السحاب، الشمس في أيام الشتاء او في بعض الدول التي تستحوذ الغيوم سماؤها، هم لا يرون الشمس لكن لا يعني عدم وجود الشمس وعدم الاستفادة منها، الامام المهدي (ع) كذلك في غيبته هو موجود غاية ما في الامر لا نتصل به، لكن الطافه تصل الينا، عنايته تشملنا، كثير من المواطن الانسان عندما يراجع نفسه يجد انه لو لم يكن ذلك اللطف وتلك العناية ربما لم يتخلص من كثير من المواقف والصعوبات.

مناسبات أهل البيت عليهم السلام محطات للتزود

نحن نجتمع ونحتفل للأئمة ونقيم مراسم الاحتفال في ذكريات مواليدهم وهو من قبيل الاستجابة لنداء السماء: ﴿ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ﴾[3] أو ﴿وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللهِ﴾[4] ولا شك ان من اشرف ايام الله هي الايام التي اشرقت فيها انوار محمد وآل محمد (ص)، ميلاد المعصوم (ع) كله بركة وعطاء، لكن لا يكفي ان نجتمع ونتبادل التهاني وهو حق ومطلوب، بل علينا ان نستفيد من ذكر المواليد والشهادة لهم والتي هي عبارة عن محطات نتوقف عندها، ننزل فيها، نستفيد من معينها، علينا ان ننهل قدر الامكان، ميراث اهل البيت، عطاء اهل البيت، زاد اهل البيت عليهم السلام الى اليوم نحن لم نأخذ منه الا القليل القليل؛ يعني قطرة من بحر، وليسأل كل واحد من نفسه ويقول: ذكرى ولادة الامام الحسن العسكري (ع) على الابواب، هل اعددت نفسي ان أقرأ الامام الحسن (ع) من خلال ما كتب عنه؟ فضلا عن ذلك حتى مناسبات الاحتفاء بذكرياتهم في السنتين الاخيرتين باتت تشكل رقما تراجعيا مخيفا، لم تعد كما كانت عليه في السنوات السابقة، بل ان بعض المناطق وكما ينقلون لنا بعض رجال الدين اكثر من سنة لا يقيمون فيها مراسم واحتفالات! تسال ما هو السبب؟ لماذا؟ اين يكمن الخلل؟

مجالسنا لابد ان لا تخلوا من آية قرآنية أو حديث شريف

ايها الاحبة، لابد للإنسان ان لا يتصور بانه منزه من الاخطاء وخال من الخلل وله عصمة،‌ لأنه متى ما رضي الانسان عن نفسه وحصلت له القناعة التامة بان ما يصدر منه من قول أو فعل هو في منتهى الصحة والاتقان يعني ذلك انه بدأ في خط تراجعي مخيف نتائجه مخيفة، فحياة الائمة عليهم السلام فيها الدروس، على الاقل أحاول أن اقرأ حديث من مدرسة الامام العسكري (ع) كي استفيد ويستفيد الاخرون، لو قرأ الانسان حديث عن اهل البيت عليهم السلام في محفل في بيته مثلا وجعل منه نبراس يهتدي به، او في استراحة من الاستراحات التي يقطع فيها الساعات ولا أقول هي من ساعات المعصية ولكن بالتالي هي ليست من الساعات التي نكتسب من ورائها الشيء الكثير، لا في ثقافتنا ولا في سلوكنا ولا... وان انور ما تتنور به المجالس واقدس ما يتردد في المجالس هو اما ان يكون آية من كتاب الله أو رواية عن محمد وآل محمد صلوات الله عليهم.

الجار السوء عند الامام العسكري (ع)

رواية اذكرها عن الامام العسكري (ع) وأمر عليها سريعا، يقول الامام الحسن العسكري (ع): «من الفواقر التي تقصم الظهر جار إن رأى حسنة أطفأها وإن رأى سيئة أفشاها»[5]

من الفواقر التي تقصم الظهر جار إن رأى حسنة أطفأها، يعني جارك يرى انك تمد يد العون الى الآخرين، لكن لا يذيع ذلك، يشاهد انك تقوم بعمل حسن لطيف فيه منفعة له وللمجتمع من حوله الا انه يحاول ان يغطي، يرى جاره قد اسعف مؤمن، أو ساعد شخص او قام بأمر من هذه الأمور الحسنة الجميلة، أو قام بمشروع خيري، الا انه يحاول التقليل من أهمية هذه الاعمال بل يقوم بالتثبيط بحجة ان هذا المشروع ليس وراءه نتيجة وأنه فاشل و... في حين ينبغي له ان يعمل في اذاعة الجميل الحسن.

وإن رأى سيئة أفشاها؛ في بعض الاحيان يخرج الانسان من بيته مشدوه البال لقضية ما ولم يلتفت الى من حوله ويمر به جاره فيسلم عليه ولم ينتبه هو كي يرد السلام عليه، حينها ستقع الكارثة، يبدأ هذا بالكلام وحمله على محمل السوء في حين ينبغي له ان يحمله على محمل حسن، او حصلت خطيئة او شيء من هذا القبيل، فقبل ان يصل الى المربع الثاني يرى القضية امامه تتلقاه بتفاصيل إضافية وكأنما هذا الجار جعل رقيب سوء على جاره والعياذ بالله، وإن رأى سيئة أفشاها؛ السيئة خطيئة والخطيئة تحصل احيانا عن قصد وترصد و تعمد واحيانا لا هي خطيئة لكن لم تأتي عن قصد، فتراه لا يتستر عليها، هو يتستر على الحسنة لكن السيئة يتكفل بإذاعتها بشتى الوسائل وبجميع وسائل التواصل الاجتماعي وكأنما استأجره شخص كي يقوم بنشرها، يخرج من حسينية ويدخل في حسينية ويتكلم فيها، وأنا أقول لكم في بعض الأحيان بعض الناس لو يجلس في بيته قد يكون اكثر اجرا من ذهابه الى الحسينية يعني ليس من المعلوم ان ذهابه الى الحسينية يكون اكثر ثوابا! وهذه ليست دعوى لعدم الذهاب الى الحسينيات، بل بالعكس في الحسينيات خير كثير وثواب ومنفعة، لكن اذا هو يخرج من بيته ويذهب الى الحسينية حتى يلتقي بفلان ويتحدث معه عن فلان شخص الذي فعل الفعل الفلاني! هذا الشخص يجلس في بيته افضل له واحسن له واثوب له وانجى له من النار والعياذ بالله فلابد ان نلتفت لهذا الشيء، أما بالنسبة الى مسالة لقمة الحلال واثرها ان شاء الله على شرط الحيات في الاسبوع القادم سوف نتحدث عنها، وهذا الاسبوع لأنه صادف مع قرب ميلاد الامام الحسن العسكري (ع) فلزم ان ننور قلوبنا بذكره الشريف والصلاة على محمد وآل محمد.