نص كلمة بعنوان: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من أسباب تقدم المجتمعات
في الحديث الشريف عن النبي الأعظم (ص) انه قال: إذا أمتي تواكلت الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فليأذنوا بوقاع من الله تعالى[2]
دوائر الامر بالمعروف والنهي عن المنكر
بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فيما بين المسلمين وصل المسلمون إلى ما وصلوا إليه، حتى فتح الله على أيديهم أبواب المشرق والمغرب، دائرة المعروف دائرة المنكر بينهما تزاحم واضح، التكليف بالأمر التكليف في النهي بينهما تسابق في سبيل إقصاء المجتمع المسلم عن الوقوع في دائرة السلب المنكر، والدفع به إلى دائرة الإيجاب ألا وهو المعروف، المعروف دوائر تضيق وتتسع وربما تتضيّق بعد اتساع، الأمر موكول إلى الإنسان المسلم نفسه بقدر ما يبسط اليد في جانب المعروف تتسع دائرته بقدر ما يقبض اليد عنه تتضيّق والعكس صحيح، في جانب المنكر أيضاً الأمر كذلك عندما يطلق الإنسان نفسه من عقالها ويبسط اليد على اطلاقها تتسع دائرة المنكر، وعندما يقيد النفس، يلجم النفس، يقبض اليد تتضيّق دائرة المنكر اذن؛ الأمر موكول بطرفيه؛ الايجابي والسلبي إلى الإنسان نفسه، مبدأ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؛ هذا المفهوم المقدس، هذا التشريع الأقدس به تقام جميع الفروع الشرعية، التخلي عنه يعني ضياع جميع الفروع.
الاسرة الدائرة الصغيرة
جميع التكاليف بالأمر بالمعروف يتحرك الإنسان من دائرته الصغيرة، فإن نجح في ضبط الأمر داخل تلك الدائرة استطاع ان يتحرك في دائرة أوسع وإلا يبقى رهين تلك الدائرة على انه ربما أخفق ثم أخفق فضاع شيء من بين يديه ما هي الدائرة الصغيرة هي عبارة عن الأسرة، العائلة، البيت الإنسان مكلّف ان يأمر بالمعروف وينهى بالمنكر في بيته كما هو مكلف بالصلاة ،كما هو مكلف بالصوم، كما هو مكلف في الحج مع شديد الأسف الكثير من الناس وليس القليل منهم لا يلتفت إلى هذا التكليف كما ينبغي وإلا لو قام الإنسان بدوره في داخل البيت ولو على مستوى الصلوات يعني ثلاث مرات يمارس الإنسان دور الآمر والناهي في داخل بيته ما عسى ان يكون حال ذلك البيت؟ لكن إذا ما ألقى حبلها على غاربها وقال: أنا لا تعنيني هذه الامور! الشيء المهم هو انني أقدم لهؤلاء الزاد والملبس والمسكن ثم الكل يتعب على نفسه! منطق الكل يتعب على نفسه ليس هو منطق الإسلام، منطق الإسلام هو: كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته[3] والنص مطلق وغير مقيد لا بمكان (ببيت او غير بيت) و لا بزمان (اليوم او غداً) وإنما هو مفتوح يسير بامتداد الزمن يتسع باتساع الرقعة، البعض منا مع شديد الأسف في داخل بيته لا يمارس هذا التشريع بل التشريع معطل حتى أحياناً أنت تستطيع ان تتصيد بعض الأمور الملفتة للانتباه مثلا انت تسمع في البيت بعض العبائر النابية التي لا تليق ولا ينبغي ان يتربى عليها الفرد المسلم وتجد هذه العبارة تتردد بين الصغار في البيت من المسؤول للتصدي ولإصلاح هذا الامر؟ تسأل الأب عن هذا يقول لك: ما عسى بي ان افعل فهذه كلمات سمعها من زملائه او اصدقائه في المدرسة او من خارج البيت فأتى بها الى البيت! عجبا ماذا تكليفك أنت باعتبارك رب الاسرة؟ الولد والبنت في البيت ليس كالبهائم أهم ما يقدم لهم هو العلف! لا هؤلاء كرمهم الله ﴿و لَقَد كَرَّمنا بَنى ءادَمَ﴾[4] صحيح هذا اليوم هو طفل لكن هذا مبدؤه:
إن الغصون إذا قومتها اعتدلت *** ولا يلين إذا قومته الخشب[5]
فالملاك ملاك البذرة الأولى أين تريد ان تتجه بها، لذلك النبي (ص) اهتم كثيراً بالنشء حال ان النشء الذي كان بين يدي النبي كان معصوماً تكويناً، لكن يقدم للأمة درساً انظر كيف كان يتعامل النبي مع الإمام الحسن ومع الإمام الحسين عليهم السلام، حيث كان يأخذ بأيديهما إلى المسجد.
لنلقى نظرة سريعة حول الوضع في بعض المجتمعات، إذ لو ان الولد يقول لأبيه: اريد ان اذهب إلى المسجد أو أذهب إلى الحسينية الفلانية ماذا يفعل الاب؟ سوف يأتيه بألف وسيله وعذر كي يبعد ولده هذه الامر، لكن لو قال له الابن وطلب منه الذهاب الى جهة ثانية غير هذا الاتجاه فماذا يفعل الاب؟ او مثال ثاني: بسيط؛ إذا مر احد منا على أبنائه وهم في منامهم هل يتوقف ويمارس دوره، ام انه يمر عليهم مرّ الكرام؟ ولا يعنيه الأمر سواء صلوا او لم يصلوا.
يوم القيامة قد تعرض على الإنسان مجموعة من الجرائم كالنظر إلى المحرمات، ترتيب الآثار على ما نظر من المحرم و... يقول الإنسان: يا رب أنا لم اصنع هذا لماذا سجلت هذه الاعمال في دفتر اعمالي؟ يأتيه الجواب: انك مكنت الولد من هذا الشيء.
اتخاذ أسلوب الرفق واللين وتجنب الشدة والغلظة المنفرة مع الابناء
لنتأمل في تعاملنا مع أبناءنا ونرى هل يكفي ان نوفر للابناء الاجهزة الحديثة كالآيپد والايفون و... ونتركهم ولا يهمنا مراقبتهم؟ بطبيعة الحال لا نقصد من المراقبة المراقبة المنفرة بل نقصد المراقبة الصحيحة والتعامل الودي، الصديق لصديقه والمحب للمحبوب، وهذا الامر يعتبر احد المشاكل التي نعانيها. البعض منا عندما يريد ان يمارس الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يأخذ جانب الشدة والغلظة متصوراً بان الأمور لا تستقيم الا بهذا الاسلوب! طبعا هذا خطأ فادح، كم ابن ادار ظهره لأبيه وتلقفته أيادي السوء في الخارج جراء الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر غير الموفق، هذه مشكلة الأمور إذا ما أخذت باللين والرفق في بدايتها استقامت إذا تركناها ثم أردنا ان نقومها لا تستقيم معنا مهما كانت الشدة والغلبة، لان هناك مرحلة في سن الطفل وهي مرحلة البلوغ والنشاط الجسدي عالي الوتيرة والتوقد الذهني الحاد، الابن يبحث عمن يعيش معه هذا المناخ فيجب ان يوجّه كي يختار الصديق والزميل الذي يزينه كما تقول الرواية: فاصحب من إذا صحبته زانك[6] فتش دائماً عن الاخ وعن الصديق الذي عندما يقال فلان صاحبه انت ترفع رأسك لو قال لك الاب مع من قيامك، قعودك، ذهابك، إيابك، سفرك، درسك تقول له وبكل اعتزاز مع فلان ابن فلان، خاله فلان، عمه فلان من البيت الفلاني... وانظر الى صورة الانطباع على نفسية الأب، لكن لو لا سمح الله كانت الأمور بالعكس عندما يسأل الاب: من أي الرفقة اصطفيت من هذا المجتمع؟ تقول واحد من المنطقة الفلانية من المجموعة الكذائية... طيب لأجل أي شيء ولاجل أي حيثية اصطحبته؟ هل له توجّه دراسي؟ هل عنده تقدّم ام تفوّق او لا هو ما عنده سوى السب والفلتان من المدارس، او الانحدار ولا يهتم بهذه الامور وشخص بنى حياته على اللامبالاة وعدم الاهتمام بالواجبات! وحينما يسأل عن هذا يجيب وبكل برودة: في المستقبل عندما نكبر سنتوب! نقول له: هذا الفعل حرام! يقول: حينما نكبر سنتوب! وهل يوجد صك وضمان انه عندما تكبر ستتوب؟ نحن نرى اليوم ان هناك اناس وشباب ما كانت لديهم أي مشكلة الا انهم ذهبوا ولم يعودوا وانتم تنظرون الى ما حولكم ـ كالحادثة والنكبة التي حدثت لآل الشايب الله يجبر مصابهم إنشاء الله ـ لنأخذ الدروس لنأخذ العبر.
نسأل من الله سبحانه وتعالى ان يوفقنا وإياكم لكل خير وان يأخذ بأيدينا وان يجعلنا وإياكم من الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر بالرفق واللين وبالتحبيب لا بالتنفير وبسعة الصدر لا بضيقه، تقربوا للأبناء، تحببوا لهم، توددوا لهم، تعطفوا عليهم هؤلاء رؤوس اموالنا، هؤلاء بضاعة المستقبل، هؤلاء الذين نرفع بهم رؤوسنا ونكبر بهم في محافلنا، هؤلاء الذين نتقوى بهم على مصائب الدنيا في القادم من الأيام. نسأل من الله سبحانه ان يكتبنا وإياكم ممن تشمله الرحمة والهداية والمغفرة انه ولي ذلك. للمرحومة الحاجة العزيزة المباركة الموفقة واقعا لكل خير (ام عباس) رحم الله من يقرأ الفاتحة على روحها مع الصلوات.