اشراقات عن الزهراء سلام الله عليها

الزهراء سلام الله عليها نسمة من عالم القدس استقرت في صلب النبي الاعظم (ص) حتى حان الوقت الذي من خلاله تجسدت في العالم الخارجي لتشرق بانوارها عامة بذلك جميع جوانب البسيطة.

الحديث عن الزهراء سلام الله عليها حديث عن العظمة، حديث عن امرأة هي الاكمل بين نساء البشر، لو جمعت الاسماء ثم مزجتها وانتزعت من بينها اسما يكفيك عن سائر الاسماء فلن يكون ذلك الاسم الا اسم الزهراء بنت النبي محمد.

الزهراء سلام الله عليها عظيمة في مبدئ سرها الاول في عالم الانوار، وعظيمة وهي في صلب النبي (ص)، وعظيمة عندما تحولت الى ذلكم الرحم الطاهر المتمثل في خديجة الكبرى سلام الله عليها، ايضا هي امرأة استثنائية لذلك حظيت بهذه الخاصية ان تكون مستودعا لهذه النطفة الطاهرة، ثم الزهراء سلام الله عليها عظيمة في نفسها منذ البدء وحتى الخاتمة، الزهراء سلام الله عليها عظيمة وهي البنت، وعظيمة وهي الزوجة، وعظيمة وهي الام.

الزهراء سلام الله عليها قبسة من نور، الزهراء سلام الله عليها فيها مظهر للعبادة الحقة المستجمعة لجميع الشرائط، في الزهراء سلام الله عليها مظهر لأدق معطيات العلم والمعرفة وهي واحدة من حملة اسرار النبوة والامامة جمعا وهو ما لم يتفق لامرأة قبلها ولم يكون الى ذلك لمرأة بعدها.

فالزهراء استثقت من النبي الاكرم ومن الوصي المكرم من علي ومحمد لذلك هي العالمة، وهي المحدثة، وهي الفهمة، وهي المفهمة، وهي المفسرة للقرآن الكريم، والحاملة للفُتيى.

الزهراء سلام الله عليها كمال في عبادتها، الكل منا يتعبد ويتضرع من اجل خلاص وفكاك رقبته من النار، لكن الزهراء سلام الله عليها تتعبد لخلاص رقاب شيعتها من النار وهذه خاصية افتراق لو فتشت عنها في صدور البشر فلن تهتدي الا الى ما كان مستقرا قي قلب الحبيبة الطاهرة الزهراء بنت محمد (ص).

عندما نقول الزهراء عظيمة وهي بنت فهي تؤنس امها وهي في بطنها وخديجة القائلة وهي الصادقة كانت تؤنسني وكانت الزهراء سلام الله عليها تؤنس امها من خلال ما تحدثه من التسبيح والتقديس للذات المطلقة ونحن لو فتشنا ايضا عن امرأة تحمل هذه الخاصية فلن نعثر عليها فيمن تقدم ولا من تعقب. [راجع: الامالي للشيخ الصدوق، المجلس السابع والثمانون الحديث الاول]

الزهراء سلام الله عليها عظيمة وهي بنت يدلل على ذلك كثير من النصوص سطرها علماء العامة ناهيك مما وصل الينا من منابعنا الخاصة عن ائمتنا المعصومين سلام الله عليهم وبالمناسبة لم يرو العامة احاديث في شأن امرأة كما رووها بحق فاطمة بنت النبي الاعظم محمد صلى الله عليه وآله.

من الطبيعي ان تحشد الروايات في الزهراء من قبل الخاصة لكن من غير الطبيعي جدا ان تحشد الروايات ممن لا يعتقدون بخصوصيتها، اذن هو الدليل القاطع والبرهان الساطع الذي لا يعترضه شيء على انها فرضت وجودا على الغير وهي في عالم المرحلة الاولى من السنين.

زواج النور من النور

الزهراء سلام الله عليها عظيمة وهي زوجة، اما زوجة لمن؟ زوجة لسيد الاوصياء، زوجة للخليفة بالحق، زوجة لعلي عليه السلام والذي لو لم يكن لما كان لها كفؤ على وجه الارض [الخصائص الفاطمية للشيخ الكجوري، ج1، ص514 نقلا عن كتاب فردوس الاخبار للديلمي، ج3، ص373] هناك روايات يرويها العامة قبل الخاصة تقول بانها خطبت من الاول وردّ بأمر السماء، وخطبت من الثاني وردّ بامر من السماء وخطبت ايضا من عبدالرحمن بن عوف وردّ من السماء وجاء علي عليه السلام، وجلس بين يدي النبي (ص) جلسة حياء رأسه بين ركبتيه بعد ان دفعه جماعة من الاصحاب ممن اخفقوا وممن يتحركوا في فلكهم هلا خطبت من محمد ابنته وقد تقدم اليه من تقدم ولا ندري لان علامات الاستفهام تفرض واقعها على الحراك من اوله. [راجع: جواهر المطالب في مناقب الامام علي عليه السلام، ص 150]

بالنتيجة النبي (ص) يبتدأ علي يا علي ارفع رأسك وقل ما في نفسك يا علي السماء تامرني ان ازوج النور من النور ان ازوج ابنتي فاطمة منك يا علي. هذه الخاصية في تشكيل الاسرة منذ اليوم الاول بامضاء من السماء قبل ان ياتي الامر فيها من ابيها (ص).

في نص آخر ما كنت لاسبق فيها امر ربي واذا بالامين جبرائيل بين يدي النبي وعلي وهو يأمر النبي في ان يزوج فاطمة من علي مقام عظيم جليل علي كفؤ فاطمة وفاطمة كفؤ لعلي، فاطمة امانة في يد علي عليه السلام بقول النبي هذه وديعتي عندك الله الله في الامانة استرعها. [راجع: الوافي، ج 3، ص 747]

هذه الكلمات من النبي فيها تشفيرات خاصة لا يفهمها الا علي وقتها ومع مرور الايام تكشف ما وراء تلك التشفيرات وانتم اعلم بها مني.

أيها الاحبة في بيت فيه نور علي، في بيت فيه نور فاطمة اشرق الكوكب الدري الاول متمثلا في ابي محمد الحسن المجتبى ثم اشفع بالكوكب الدري الثاني متمثلا في السبط الثاني الشهيد بكربلاء ثم اكتمل العقد بميلاد السيدة الحوراء زينب سلام الله عليها هذه الانسانة العظيمة.

في هذا البيت« كانت السعادة الزهراء تقيم الكثير من المراسيم مع ابنائها لتقدم من خلال ذلك درسا للامة ولتتهجى الامة المفردات الاولى في بناء الاسرة والتعاطي مع الابناء كي يشقوا طريقهم سليما طاهرا طيبا نقيا الى نهاية المطاف.

الزهراء سلام الله عليها بقيت لها صفحة واحدة وهي الصفحة المفصلية والاكثر اشراقا من حيث التجسد الخارجي ألا وهي الايام القلائل التي عاشتها بعد النبي (ص) فيها الكثير من دروس الجهاد والرفض في وجه سلطة لم تسلّم لها طوال الايام التي كانت فيها بل وحتى علي عليه السلام، لم يعط والزهراء موجودة على وجه الارض الطاعة مطلقاً.

لا اريد ان ادخل في هذه الورقة الاخيرة لان فيها من المأساة الشيء الكثير ونحن كنا وما زلنا وسنبقى نعيش في دائرة احزانهم لان الاحزان والمآسي اكثر من الافراح، حينئذ علينا ان لا نستقطع هذه المفردة المتاحة لنا في ان نعيش الزهراء سلام الله عليها فرحتها.

ايها الاحبة الزهراء تنتظرنا لا نحن الذين ننتظر ذلك اليوم الذي نلتقي فيه مع المشهد النوراني الذي تشرق فيه انوار فاطمة سلام الله عليها بين يدي العرش وانما هي التي تنتظرنا وهي التي تلتقطنا بين اهل المحشر كما يلتقط الطير الحب الجيد من الردي [راجع: بحار الانوار، ج 8، ص 52].

 ايها الاحبة وخصوصا الابناء علينا ان نكون حبا جيدا، علينا ان نؤمن الاسباب التي تصير منا حبا جيداً ليسهل على الزهراء سلام الله عليها ان تلتقطنا في ذلك المحشر. اسأل من الله سبحانه وتعالى ان يعيد المناسبة علينا جميعا وان يشفع الزهراء فينا.

هذه مقطوعة قصيرة جدا كتبتها قبل صلاة الظهر تشرفت بقراءتها في الصلاة اليوم. وهذه المقطوعة سوف اقرأها، وهي قصيرة جدا، عبارة عن ست ابيات فقط: اسميتها صلوات فاطمية.

اقول:

عندما ابدأ وردي قانتا               ارفع الصوت باعلى الصلوات

واذا دارت على رأسي ضحىً  مشرعات الغيب جددت الصلاة

واذا خفت الذي احذره         انزع الخوف باحلى الصلوات

واذا املت فوزا دائما                  اجعل الاسباب بعد الصلوات

هكذا علمني خير الورى             افضل الاعمال فضل الصلوات

لان افضل الاعمال في ميزان المؤمن يوم القيامة كما في الحديث الشريف الصلاة على محمد وآل محمد [راجع اصول الكافي، ج 2، ص 494]

فاذا قيل لنا في موقف               ولدت بنت الهدى فهي الصلاة