نص كلمة بعنوان:أبعاد الرسالة المحمدية
قال الله العزيز في كتابه الكريم ﴿الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَدًا إِلَّا اللهَ وَكَفَى بِاللهِ حَسِيبًا﴾[2]
وقال أيضا: ﴿طه * مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآَنَ لِتَشْقَى﴾[3]
وقال الامام المعصوم(ع): سمعت جدي رسول الله (ص) يقول: «خلقت من نور الله (عز وجل)، وخلق أهل بيتي من نوري، وخلق محبوهم من نورهم، وسائر الخلق في النار»[4]
قبسات محمدية
النبي الأعظم (ص) هو النور الذي اشرق من السموات العلى ليعيد الاشراق من الأرض إلى السماء، محمد هو النور من النور الأول الذي انبجست منه سائر الأنوار محمد (ص) ولد في مكة، وكما تعلمون ان مكة وقتها كانت نقيض بين الثقافات ونقيض بين حالات صراع كان يلف جميع جوانبها، بأنوار النبي (ص) بدأت مكة تستشرف مستقبلها، وليدٌ في بيت هاشم، وليد في بيت عبد المطلب، وليد لم تقم النساء عن مثله، هو محمدٌ هو محمدٌ هو محمد (ص) ولد النبي (ص) وأخذ نصيبه من العمر كما أرادت السماء ثم أمر بأن يصدع بالرسالة عرض رسالته من على الصفا وهو يمم البيت الحرام، المكّيون من حوله مريدٌ اظهر إرادته ومريدٌ أخفى إيمانه وقومٌ متربصون بين هذا المثلث كانت أصداء حنجرة النبي (ص) تتردد الأمين يتنزل من السماء على قلب الحبيب المصطفى محمد الأمة والمجتمع من حوله يستشرفون الآتي النبي (ص) يلتفت ذات اليمين تارة وذات الشمال أخرى يرمي ببصره أقصى القوم يقرأ في آحادهم ما يمكن ان يرتب الآثار عليه عليٌ إلى جانبه كفالة أبي طالب تكلأه، امرأة نذرت نفسها للرسالة والمعتقد يعني ذلك ان من يمثل المجتمع في أبعاده شكل حضوره، الحضور في أعلى المستويات لو اننا دخلنا في قراءة للتاريخ افتراضية وقلنا ان النبي صدع بأمر الرسالة ولم يكن لكفالة أبي طالب نصيب ما عسى ان ينتهي بالنبي الحال ولو لم تكن خديجة إلى جانبه بما تمتلك من رصيد مالي لا يستغني عنه النبي والمصلح والمغيّر ما عسى ان تنتهي الأمور بالنبي ولو أننا جردنا حركة الرسالة المتمثلة في نبينا الأعظم (ص) عن علي ما عسى ان يكون الحال كيف ولو افترضنا ان هذه الأبعاد الثلاثة المجتمعة لم تكن حول النبي (ص) ما عسى ان يكون الحال لذلك لولا أربعة لما وصلت إلينا الرسالة: أموال خديجة، كفالة أبي طالب، سيف علي، وبلاغ النبي محمد (ص) بلاغ النبي.
توأمية القول مع الفعل
لم يكن محصورا في الجانب القولي والخطاب المرسل وإنما كان يحدث وراء كل قول فعل ليوجد حالةً من المطابقة والاستقرار في ذهنية المتلقي، وما كان يأمر بشيء إلا وكان هو أول من يمتثل به، وهذه الخصوصية التي نحتاجها اليوم، أيها الأحبة الكلام كثير والمتحدثون كثر لكن قضية المطابقة هي التي نبحث عنها، أيها الأحبة ما الفائدة أن ادعو الى الخلق الكريم ولكني لا أمتثل به؟ ما الفائدة في ان استحضر النصوص الواحد يتبع الآخر ولكن ليس لها في حيز التطبيق نصيب، رسالة النبي قولٌ وفعل مطابقة واقعية في كل الأمور صغرت أم كبرت وما أحرى بنا أيها الأحبة وكم هو من الحري بنا أيها الأحبة في هذه الليلة ان نجدد عهدا وميثاقا مع صاحب الرسالة في ذكرى مولده وإمام المذهب في ذكرى مولده ان نوجد حالة من المطابقة في حياتنا اليومية مع أبناءنا مع أسرتنا مع المجتمع الذي نتحرك بين جنباته في انفتاحاتنا مع المجتمعات من حولنا، أيها الأحبة المجتمع الذي ينغلق على نفسه ولا يريد لنفسه إلا هذا لا يتزحزح من مكانه قيد أنملة، نحن في زمن سريع الوتيرة يتطلب منا ان نعد الأجندة التي على أساس منها أيها الأحبة أيها المحمديون أيها الجعفريون على مستوى الحدث ان وقفنا سوف يتحرك الآخر ويندفع وان تحركنا ببطء فلن ندرك من تقدم علينا فلا مناص من ان نتحرك بنفس السرعة التي يتحرك بها الآخر مع زيادة حتى نضمن ان نصل إلى الهدف قبل ان يصل إليه الآخر.
قراءة النبي (ص) السماوية والارضية
أيها الأحبة للنبي قراءتان القراءة الأولى هي قراءة السماء والقراءة الثانية هي قراءة الأرض ما ارتبط بالسماء نحن لا نصل إلى ما كان عليه النبي (ص)، فالعصمة التكوينية لها دورها وهذا ما لا نمتلك فيه تقديما ولا تأخيرا، لكن المنهج الأرضي، السلوك الأرضي روح التعامل التي بنا النبي الأعظم محمد (ص) منهجه من خلالها مع أبناء مجتمعه، النبي (ص) لم يضع ميزانه بالتعامل مع المتلقي على أساس من الانتماء القبلي أو على أساس من الرصيد المالي والوجاهتي وإنما تحرك على أساس ميزان حق لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ألا وهو ميزان التقوى ﴿إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقَاكُمْ﴾[5] ليس فيها غنى وليس فيها وجاهة وليس فيها قبلية وليس فيها اعتبارات إلا ما اعتبرته السماء من التقوى، أيها الأحبة وعن هذه القاعدة تفرعت فروعٌ كثيرة استشهد بواحدة منها؛ حيث قال رسول الله (ص): «إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه»[6] هذا تفسير للتقوى المكافأة في الدين المكافأة في خلق النبي المكافأة فيما يعكسه الإنسان عن نفسه من واقعية مجسدة لمعطيات الرسالة التي جاء بها النبي محمد (ص)
رسالة النبي لا تحد بمكان وزمان
رسالة النبي التي أرادها هي رسالةٌ تمثل مشروعا لرسالة خاتمة سماوية على أساس متين يحمل في داخله القدرة على التجدد هنالك من يسعى أيها الأحبة لان يحصر دائرة الإسلام في بعد زمني أو يريد له ان يحصر في بعد مكاني لذلك بلينا حتى في استنباطاتنا الفقهية ونحن أبناء هذا اليوم بهذين الضاغطين اللذين اذهبا الكثير من مصالحنا متى ما جردت عملية الاستنباط من بعدها الزماني والمكاني تخلفنا إلى الوراء وقبعنا في أحسن التقادير كما واقعنا وهذا ما لا نقبله لأنفسنا ان كنا ندعي أننا من أتباع رسالة النبي (ص) رسالته لا تحد بمكان اسمه مكة او المدينة ولا بزمان عاش هو فيه صلوات الله وسلامه عليه وإنما لها القدرة على التجدد والانعكاس من ظرف الزمان ومن ظرف المكان.
البعد السياسي للرسالة
الأمر الثاني تأصيل القواعد الأساسية من اجل الحفاظ على عوامل عدم الانحراف في وسط المجتمع الرسالي، أيها المؤمنون أيها الموالون أيها السائرون على نهج النبي (ص) عندما جاءت الرسالة تكفلت السماء بحفظها ولعل قائل يقول: إذن لماذا هذه الانحرافات بين بعض الصفوف من الجماعات في وسط الأمة؟ الجواب: الإسلام هو الإسلام من حيث أصوله وقواعده هو الإسلام وهو محفوظ أما الممارسة التي طرأ عليها التغيير لنسأل من أنفسنا أيها الأحبة: كم نقرأ من القرآن وهو الدستور والقوام والعمود الفقري للرسالة؟ كم نقرأ من القرآن في يومنا المتشكل من خلال ليله ونهاره؟ هل نقرأ جزءا واحدا؟ اقل أو أكثر؟ من لا يقرأ لا يتدبر ومن لا يتدبر لا يستنتج ومن لا يستنتج لا يعمل ومن يعمل خارج حدود هذه الدائرة لا يطابق ومن لا يطابق ضاع عمله كما هو موجود في بدايات المسائل في الرسائل العملية أيها الأحبة النبي جاء بالرسالة وأعطاها القدرة على الحب في مصدرها اما في الممارسة فالإنسان وما هو عليه من الارتباط واقع هنالك أمر آخر تأصيل البعد السياسي في إدارة شئون الأمة تحت عنوان الدولة الإسلامية قبل ان يأتي النبي (ص) كانت مكة تعيش نظاما قبليا القوي يبسط نفوذه على الآخرين السلطة سلطة القوي المجتمع بين أحرار، قطاع وما إلى، وحالة من الاستبداد اشارت إليها الزهراء سلام الله عليها في خطبتها وبين طبقة أخرى كادحة مستعبدة مسترقة مذلة، جاء النبي (ص) بالرسالة واوجد حالة من المقاربة هذا الأمر لا يكمل ما لم تكن هنا لكم ثمة إدارة سياسية تشرف على الموضوع ونحن أيها الأحبة إذا نقرأ بتمعن في صفحات التاريخ سوف نجد ان هذا الملف الذي له بالغ الأهمية ملفا معطلا لم تفتح دفتاه وإنما بقي مغلقا وإذا اقترب منه احد الأعلام في منتهى الحرج والحذر والخوف والحيطة أيها الأحبة قبل نصف قرن من الزمن كنا نعيش خارج حدود الثوابت في الكثير من مساراتنا أن فتحنا من خلال ما قدمته المرجعية الواعية المرجعية التي تعيش الإسلام في مصدريته كما أريد له ان يكون لذلك تهجت الأمة منذ نصف قرن الكثير من المفردات وتقدمت في مشوارها الذي لم يكن مهيئا لها طيلة قرون انصرفت وما نعيشه اليوم أيها الأحبة من نهضة إيمانية وفكرية وثقافية وشعائرية صدقوني لو لم يحصل ما حصل قبل نصف قرن من الزمن من خلال بحث في المكاسب المحرمة بين من خلاله ما للولاية من اثر في تفجير حركة الامة لما وصلنا إلى ما وصلنا إليه رغم ان العقبات كثيرة، لكن السيد (رضوان الله تعالى على روحه المقدسة) استطاع ان يمسك بزمام المبادرة ويقود السفينة حيث أراد لها ان ترسو.
الحاجة الى المنهجية والمثل الاخلاقية والانفتاح
أيها الأحبة حياتنا تحتاج إلى منهجية عملية مدروسة بدقة وعناية رافداها الكتاب والسنة لكن على أساس من الوعي على أساس من قابلية الانفتاح على الآخر وان ابتعد عنا في بعض مستخرجاته ومستنبطاته أيها الأحبة لم يكن النبي إقصائي فعلينا ان لا نكون إقصائيين ولم يكن النبي فضا غليظا ولوكان كذلك لانفضت الأمة من منطوق القرآني من حوله، علينا ان نكون ممن لا يحمل هذه الصفة السيئة علينا ان نحمل خلق النبي (ص) واشراقة الصادق (ع) على أصحابه وعلى الأمة من حوله ارجعوا إلى كتب التراجم والرجال اقرؤوا حال من تردد على مجلس الإمام الصادق ونحن نعيش ذكراه هل كانوا يمثلون طيفا واحدا ولونا واحدا أم كان ثمة ألوان طيف تتمازج فيما بينها تلتف حول محور هو ذلك الينبوع الصافي الذي يفرغ عن السماء بواسطة من محمد الى محمد (ص) حتى لا أطيل عليكم الوقت محدود أيها الأحبة نحن في مرحلة مفصلية اما ان نكون أو لا نكون إذا أردنا ان نكون فعلينا ان نتسلح بسلاح العلم والثقافة والانفتاح وقبول الآخر وترك المساحة الكافية للنقص، إذا تخلينا عن واحد من هذه المحاور صدقوني لم نتقدم سوف نتخلف كثيرا، ومن يرضى لنفسه ان يتذيل سلما؟ نحن أتباع مدرسة لا ترضى لنفسها إلا ان تكون لها الصدارة لكنها الصدارة المبنية على الأسس والقواعد الأصيلة لا بعض الأمور التي ربما تحدث حالة من العرقلة من النبي نأخذ قدوتنا وفي النبي لنا قدوة ومن الصادق (ع) نأخذ رمزا نأخذ بأيدينا أعاد الله علينا وعليكم المناسبة جمعنا الله وإياكم اشكر الأخوة القائمين لإتاحتهم الفرصة لي، جمعنا الله وإياكم على حب محمد وآل محمد والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.